الله إلى موسى : (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) ، فخرج موسى ببني إسرائيل ، ليقطع بهم البحر ، وجمع فرعون أصحابه ، وبعث في المدائن حاشرين ، وحشر الناس ، وقدم مقدّمته في ست مائة ألف ، وركب هو في ألف ألف ، وخرج كما حكى الله عزوجل : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ).
قال أبو جعفر عليهالسلام ، في قوله : (لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) يقول : عصبة قليلة (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) يقول : مؤدّون في الأداة ، وهو الشاكي في السّلاح وأمّا قوله : (وَمَقامٍ كَرِيمٍ) يقول : مساكن حسنة. وأمّا قوله : (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) يعني عند طلوع الشمس. وأمّا قوله : (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) يقول : سيكفين» (١).
فلمّا قرب موسى من البحر ، وقرب فرعون من موسى ، قال أصحاب موسى : (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) ، قال موسى : (كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) أي سينجيني : فدنا موسى عليهالسلام من البحر ، فقال له : انفلق ، فقال البحر له : استكبرت ـ يا موسى ـ أن تقول لي أنفلق (٢) لك ، ولم أعص الله طرفة عين ، وقد كان فيكم المعاصي؟ فقال له موسى : فاحذر أن تعصي الله وقد علمت أن آدم أخرج من الجنّة بمعصيته ، وإنّما إبليس لعن بمعصيته ، فقال البحر : ربّي عظيم ، مطاع أمره ، ولا ينبغي لشيء أن يعصيه.
فقام يوشع بن نون ، فقال لموسى : يا رسول الله ، ما أمرك ربّك؟ قال : بعبور البحر. فاقتحم يوشع فرسه في الماء ، فأوحى الله إلى موسى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) ، فضربه (فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) ، أي كالجبل العظيم ، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا ، فأخذ كل سبط منهم في طريق ،
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٢٢.
(٢) في «ط» : أنفرق انفرق ، وفي «ي» افترق افترق.