ونفس المعنى في «تفسير القرآن» : ((وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) أي خلط البحرين ، وقيل : أرسل البحرين ، وقوله : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) العذب ، يسمى كل ماء عذب فراتا ، ويسمى كل ماء ملح بحرا ، و (أُجاجٌ) أي شديد الملوحة ، وقيل : مرّ ، وقوله : (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) اليبس بين البحرين والبرزخ هو الحاجز ، وقوله : (وَحِجْراً مَحْجُوراً) أي مانعا ممنوعا) (١).
ونحلل بعض المصطلحات القرآنية الواردة هنا مثل : مرج ، وأجاج ، وبرزخ من المعاجم :
ففي «لسان العرب» : (مرج ، مرج الدين والأمر اختلط واضطرب ، ومنه الهرج والمرج ، ويقال إنما يسكن المرج لأجل الهرج ، ازدواجا للكلام ... والمرج الخلط ومرج الله البحرين العذب والملح : خلطهما حتى التقيا) (٢).
ومعنى الأجاج ، من الأجة (والأجة الاختلاط وشدة الحر ، وقد ائتج النهار وتأج وتأجج ، وماء أجاج ، ملح مر) (٣).
وفي «مختار الصحاح» : (الأجيج تلهب النار ، وقد أجت تؤج أجيجا ، وأججها غيرها فتأججت وائتجت ، وماء أجاج أي ملح مر) (٤).
وأما البرزخ فهو : (البرزخ ما بين كل شيئين ، وفي الصحاح ، الحاجز بين الشيئين ، والبرزخ ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر من وقت الموت إلى البعث ، فمن مات فقد دخل البرزخ ... والبرزخ ما بين كل شيئين ، ومنه قيل للميت : هو في برزخ لأنه بين الدنيا والآخرة ... والبرازخ جمع برزخ ، وقوله تعالى : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) يعني حاجزا من قدرة الله سبحانه وتعالى ، وقيل : أي حاجز خفي) (٥).
يتّضح لنا من هذا العرض أن المقصود من قوله تعالى : (مَرَجَ) أي خلط ، و (بَرْزَخ) أي حاجزا ، ولزيادة الإيضاح نقول : إن كلمة البحر إذا أطلقت في لغة العرب ، تنصرف إلى البحر المعهود ذي الماء الكثيف المالح ، أما إن خصصت بقيد ، كقولنا : «بحر
__________________
(١) تفسير القرآن ، للإمام أبي مظفر السمعاني ، تحقيق ، ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس غنيم ، الرياض ، نشر دار الوطن ، الطبعة الأولى ١٤١٨ ه / ١٩٩٧ ، ٤ / ٢٦.
(٢) لسان العرب ، لابن منظور ، ٢ / ٣٦٤.
(٣) القاموس المحيط ، للفيروزآبادي ، ١ / ٢٢٩.
(٤) مختار الصحاح ، للرازي ، ١ / ٣.
(٥) لسان العرب ، لابن منظور ، ٣ / ٨.