تقرط سمعي بفرائدك ، وتملأ صدفة أذني بلآلي فوائدك ، من أدب أغزر مادة من الديم ، وأنشط للقلب من بوادر النعم. ولقد يعز علي أن ألفى بعيدا عنك ، متروك الذكر منك ، ولكن هو الدهر ، وعلاجه الصبر.
فصبرا على الأزمان في كل حالة |
|
فكم في ضمير الغيب سر محجّب |
وربما تخالج في صدري ، لرعونة أوجبها طلب ازدياد قدري ، أن يشرفني بمكاتبة ، ويؤهلني إلى مخاطبة ، جريا على معروفه المعروف ، وطمعا في اغتنام كرمه الموصوف ، حتى أباهي بكلمه الزمان ، وأجعلها حرز الأماني والأمان ، وأظنه يفعل ذلك متفضلا ، لا برح لكل إحسان موئلا. فكتب إليّ في الجواب :
نحن عفنا الشهباء شوقا إليكم |
|
هل لديكم بالشام شوق إلينا |
قد عجزتم عن أن ترونا لديكم |
|
وعجزنا عن أن نراكم لدينا |
حفظ الله عهد من حفظ |
|
العهد ووفّى به كما وفّينا |
اللهم جامع المحبين بعد البين ، ومعين القوي على ألم النوى وما جعل الله لرجل من قلبين ، أسألك بما أودعته في سرائر المخلصين من أسرار المحبة ، وأنبت في رياض صدورهم من المودة التي هي كحبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، فارع فرع الشجرة المحبية وأصلها ، وأفض عليها فواضلك التي كانوا أحق بها وأهلها ، واحفظ اللهم هاتيك الذات الزكية التي رؤيتها أجل الأماني ، ونوّر تلك الصفات التي إذا تليت تلقتها الأسماع كما تتلقى آيات المثاني. هذا وما الصب إلى الحبيب ، والمريض إلى الطبيب ، بأشوق مني إلى تلقي خبره ، واستماع ما يفتخر به الركبان من حسن أثره ، وما غرضي من عرض الأشواق ، التي ضاقت عنها صدور الأوراق ، إلا تأكيد لما يحيط به علمه المحترم ، وتشنيف لمسامع اليراع بذكر صفاته التي تطرب فيترنم بألطف نغم. ولقد كنت أتوقع زيارته لما قدم من البلدة النجرا ، فثنى عنان الإعراض وأجرى جواد الأنبرا.
وما هكذا كنا لقد كان بيننا |
|
معاملة عن غير هذا الجفا تنبي |
هذا وضمير الأخ أنور من أن يضيء * بمصباح الاعتذار ، وأعلم بصدق المحبة في حالتي
__________________
(*) في خلاصة الأثر : يستضيء.