به سنة ثمان وثلاثين ، فأعطي وظيفته فباشرها مباشرة لم ينقطع فيها أصلا إلا لمانع شرعي ، ولازم حجرته.
ثم تزوج فلازم منزله إلا في وقت الصلاة ، واعتقده كثير من أمراء الطائفة الرومية حتى صارت الفتوحات تنقل إليه.
ثم لما كان طاعون سنة اثنتين وستين مات له عدة بنين فحزن عليهم الحزن الشديد وصار يتشكى من فقدهم المديد ، وكذا من قولنج صار يعتريه وضعف قوة قد ألم به بعد ما كان عنده في زمن شبابه من القوة على لعب الرمح والدبوس وجرّقوس كانت له وزنها ستون رطلا واستعمال الملاعيب الشاقة عن إدمانات سابقة.
وكانت عنده بقية من القوة منذ صار إماما بالجامع المذكور ، فاتفق له أن كان بسطحه عملة أرادوا منذرته ، فطلبوا قوس المنذرة ، فأحضر إلى صحن الجامع المذكور ليرفع إليهم من طريق السطح ، فأخذه بيده وحذفه إليهم فلم يشعروا به إلا وهو عندهم.
ثم كانت وفاته سنة خمس وستين بحلب عن أزيد من ثمانين سنة رحمهالله تعالى.
٨٨٢ ـ علي بن يوسف كاتب الحرمين المتوفى سنة ٩٦٥
علي بن يوسف بن مراد الرومي الوديني الحنفي الصوفي الخلوتي ، المعروف بملا علي ، كاتب الحرمين.
ولد كما أخبرني بودين ، بكسر الواو والمهملة ، من بلاد روم إيلي سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة ، وكان يعرف فيها بابن مراد لكونه من طائفة بها يعرفون ببني مراد ، وفيها تسلك ولبس الخرقة ودخل الخلوة على أبيه وصار له ذوق لكلام القوم كالمثنوي الذي لمولانا جلال الدين البلخي ثم الرومي وغيره ، وسلسلته في الطريق كما ذكر لي تنتهي إلى خوجه علي أخي خوجه عمر الروشني.
ثم قدم حلب سنة تسع عشرة فحج ودخل القدس والقاهرة ودمشق وتولى بها على البيمارستان النوري. ثم مكث بحلب وصار كاتب الحرمين الشريفين بها من سنة تسع وعشرين وناظرهما البدر النصيبي ومن قبله وبعده. ورسخ في وظيفته هذه دهرا مطولا.