ودم وابق واسلم كلما هبت الصبا |
|
وذكّرت المضنى المشوق حبائبه |
ولا زلت محسود الجناب ولم تزل |
|
سهامك أهداف المكارم صائبه |
١٠٥٠ ـ عمر بن عبد القادر الأرمنازي المتوفى سنة ١١٤٨
عمر بن عبد القادر ، الشافعي الأرمنازي الأصل الحلبي المولد ، المقرىء الفرضي العالم العامل الفاضل الكامل.
ولد بحلب في سنة خمس ومائة وألف ، وكان والده ورعا صالحا وخطيبا وإماما بجامع قسطل الحرامي بحلب ، فنشأ ولده المترجم وقرأ القرآن على والده ، وقرأ الفقه والنحو وعلم الفرائض على جابر بن أحمد الحوراني وعبد اللطيف بن عبد القادر الزوائدي وبرع في ذلك ، وقرأ علم الميقات على مصطفى بن منصور الطبيب ، وأخذ الحديث عن محمد ابن عقيلة المكي حين قدومه إلى حلب ، وأخذ العربية والصرف والمعاني والبيان والأصول على عدة شيوخ.
وكان رأسا في كتابة الوثائق الشرعية بحيث إن شهود المحاكم عادوه لذلك وراموا منعه مرارا فلم يقدروا ، إلى أن قدم الفاضل الأديب حسين بن أحمد الشهير بالوهبي الرومي قاضيا لحلب ، فوصل إليه وثيقة إبراء بين ذميين بكتابة المترجم ، فلما رآها القاضي قال ما أبقى هذا الكاتب حيثية للمحكمة ، فوجد الكتّاب فرصة ووشوا به إلى القاضي وقالوا : إنه قد سد أبواب المحاكم وتعطل حالنا ، فأحضره القاضي وهدده بعد التوبيخ التام بقطع أصابعه إن كتب مرة أخرى وثيقة لأحد ، فحلف له على ذاك ثم قال للقاضي : يا سيدي أرجو من فضلكم أن تأمروا بتحرير تاريخ هذا التنبيه عليّ في السجل المحفوظ ، ربما تقفوا على وثيقة مقدمة فيصير معلومكم أنها إنما كتبت قبل أمركم بمعني ، وإلا فتذهب أصابعي ظلما ، فضحك القاضي وأعجبه وأمر له بالجلوس وهش له وبش وقال : يا شيخ ، أنت تحرم نفسك وتحرمنا المحصول ، فلو أخذت كثيرا كان أنفع لك ، ثم أسر إليه أن اضرب بكلامي الحائط واكتب ما شئت وخذ كثيرا ولا عليك من هؤلاء الجهلة يعني الكتّاب ، فخرج من عنده وامتنع من كتابة الوثائق ولم يغتر بكلام القاضي لأنه كان يتلون كالحرباء.
ثم إن صاحب الترجمة حفظ القرآن العظيم قبل وفاته بعامين أو ثلاثة ، وحفظ الشاطبية