الأمراء والوزراء وصيت في المال ، ذو كمال ورفعة. وهو الذي عمر جسر يغرا من ماله بعد موته ، فكان قدر المصروف عليه عشرة آلاف دينار سلطاني أوصى بها له. ومات بالوخم في عمارة الجسر اثنان ممن تولوها من بعده سوى جماعة من معماريته ماتوا بالوخم أيضا إلى أن انتهت عمارته. وعمر قبله جسر دركوش فصرف عليه ما يزيد على نصف ذلك ، وكان قد شرع فيه فوضع الجسر رجلا واحدة ، ثم بدا للمعمار أن يجعل الجسر في غير ذلك المكان فوق أو تحت ، فلم يخالفه ، وجدد على تلك الرجل مسجدا لله تعالى.
وأنشأ في محلة البياضة مسجدا وقسطلا تحتانيا سوى حياض له أخرى في محلات أخر ، ومكتبا فوق القسطل لتعليم الأطفال ، وجعل مكانه الذي كان يجتمع به الناس تكة صغرى يمد فيها بعد موته كل ليلة من وقفه سماط للفقراء من طلبة العلم وفقراء المحلة وغيرهم.
وعمر له مدفنا داخل باب المقام ملاصقا لجامع الطواشي بعد أن وسعه بما لا مزيد له ، وزاد في وقفه فصار جامعا عظيما.
ثم توفي ودفن في مدفنه هذا رحمة الله عليه سنة ست وأربعين وتسعماية ، ولم يخلف ولدا ذكرا ولكن ذكرا حسنا. وكان صديقنا رحمة الله عليه ا ه.
أقول : المسجد الذي ذكره هو في آخر محلة البياضة ، وهو مسجد صغير وله من الأوقاف أربعة دور وأربعة دكاكين ومخزن ، وهو تحت يد دائرة الأوقاف. والقسطل التحتاني هو أمام هذا المسجد ويعرف بقصطل الطويل لأنه ينزل إليه بدرجات كثيرة ، وهو معطل. وفي العام الماضي (أي سنة ١٣٤٣) بني في أول الدرجات جدار ووضع ثمة. حنفية يأتيها الماء من عين التل.
الكلام على جامع الطواشي وزاوية الجيّة :
قال أبوذر : هذا الجامع داخل باب المقام أنشأه جوهر العلائي الطواشي ، وهو مطل على خندق قديم داخل البلد الآن. وهذا الجامع لطيف وله خزانة خلف منبره ، فإذا قضيت صلاة الجمعة أدخل هذا المنبر إلى هذه الخزانة. وذكر لي أن واقفه كان قد أسسه خانا ، فمر به شخص فقال له : ماذا تبني هذا؟ فقال : خانا ، فقال : تبنيه لأولادك ، فاستيقظ الطواشي وبناه جامعا ، وفي قبلته انحراف.