قدم إلى حلب قبل المائة فنزل في خارجها بمسجد محلة آغاجق مختفيا متسترا بالخمول مدة سنين لم يدخل البلدة ، إلى أن دخلها لرؤيا رآها ، وهي أن يدخلها وينزل بمسجد الأربعين ويتصدر للتسليك ، فلما وصل إلى المحل رأى أمارات رآها في رؤياه ، فقصد المسجد المذكور ونزله ونشر طريقته العلية النورية ، فإنه أول من دخل بها لهذه البلدة ، وجلس للتسليك وقراءة الأوراد وانتفع به خلائق لا يحصون ، من أجلّهم خليفته العارف محمود الدوركي.
وكانت وفاة صاحب الترجمة أوائل هذا القرن. وبالجملة فقد كان صاحب الترجمة أحد أفراد الدهر حالا وقالا ، نفعنا الله تعالى به آمين.
وهذه الطريقة العلية من أحد شعب طريق السادة النقشبندية منسوبة إلى العارف القطب أمير سلطان السيد محمد نور بخشي البخاري نفعنا الله تعالى به. ومشايخ هذه الطريقة العلية أصحاب السجادة في مدينة خلاط ، وإذا توفي خليفتهم بمكان خلّف خليفة ، وعلى الخليفة التوجه لخلاط للأستاذ وتجديد العهد على الأستاذ صاحب السجادة والحضور معهم في الأوراد والأذكار إلى أن يأذن له الأستاذ بالعود إلى محله فيعود ، وبعض الخلفاء يأتيه الإذن بالإقامة ويرسل له الإذن بقراءة الأوراد مع الأخوان وافتتاح الذكر وختمه وهو النادر ، وقد حصل ذلك في أيامنا للعارف محمد صالح أفندي كما ذكر في ترجمته.
وهذا المسجد معروف بمسجد الأربعين قبل نسبته للباب ، فإنه باب أربعين كان بابا للبلدة ، وسمي أربعين كما قال ابن شداد أنه خرج منه أربعون ألفا للجهاد فلم يعد منهم أحد. وقيل إنما سمي الباب باسم المسجد كان فيه أربعون من العباد يعبدون الله تعالى.
قال الحافظ أبوذر في تاريخه : كان في هذا المسجد أربعون محدثا يكتبون الأجزاء والطباق ويرحلون إلى الآفاق ويعودون بالأسانيد العوال وقد طوي هذا البساط. ا ه.
وأخبرت أنه دفن في تربة الجبيلة وقبره بالقرب من الجادة في داخل التربة.
وبعد وفاة المترجم ولي مشيخة التكية خليفته محمود الدوركي ، وتوفي سنة ١١٠٩ ودفن في تربة الجبيلة أيضا في الجبانة الصغيرة في أولها وقبره لازال موجودا.
وولي المشيخة بعده الشيخ أحمد ، وقد ترجمه المرادي فقال : أحمد الحلبي الشيخ البركة