السلطان سليم عن رفع قصته إليه تتضمن ذكر خشيته أن يقتله إذا مر به لما يتوهمه فيه من الميل مع أخيه السلطان بيازيد ، وكانت النار يومئذ بينهم موقدة والمقام الشريف عاضد للسلطان سليم ، وإنما كان هذا من المقام الشريف لمزيد حبه إياه ، حتى كان يقول : هو جان بلاطنا ، فيضيف اسمه إليه ، وهذا الاسم هو الذي اشتهر بين الناس وإن كان المرقوم في مهره جان بولاد.
وبعد عودته هذه أظهر أنه عرض أمر الكنيسة التي أحدثها فرنج اليهود ، فأعطي الفتوى بتخريبها وحكما بموجب ذلك ، فعرض على قاضي حلب فحضر هو ومن معه في ملأ من وجوه الناس إليها ، فإذا اليهود قطعوا حبال قناديلهم وكتموها ووضعوا بالكنسية آلات المنازل والدور لأنها كانت في الأصل دارا ، فأبقي بناؤها على حاله ، ففتش على قناديلها فإذا هم دسوها في مكان ، ومع هذا صاروا مصرين على إنكار كونها كنيسة ، فقامت في وجوههم البينة بأنها كنيسة محدثة ، فحكم القاضي بتخريبها ، فأحضر الأمير الفعالة فخربوها ، فأخذ نساؤهم في الدعاء بالويل والثبور ، وأخذ المسلمون في رفع الأصوات بالتكبير والتهليل ، فتم أمر التخريب بحمد الله تعالى وحمد الناس الأمير على ذلك. ثم ظهر على يده حكم بإلزام اليهود المجاورين للمسجد الكائن بمحلتهم ببيع بيوتهم المجاورين له للمسلمين.
الكلام على هذه الدار :
هذه الدار إحدى الدور العظام القديمة التي في حلب ، وهي في محلة بندرة الإسلام ، وكانت تعرف بدار ابن عبد السلام ، وقد آلت إلى الشيخ حسن أفندي الكواكبي مفتي حلب المتوفى سنة ١٢٢٩ فوقفها على ذريته. ثم توفي عن الشريفة هبة الله فآلت إلى ولدها الحاج حسن بك بن مصطفى بك إبراهيم باشا زاده ومنه إلى أولاده وأولاد أولاده وهي الآن بيدهم يسكنونها.
هذه الدار واسعة الصحن جدا ، وفيها جنينة ، وفي الصحن حوض كبير هو أكبر حوض في دور حلب ، طوله ٦٥ قدما وعرضه ٤٠ ، وتحته صهريج على قدر الحوض. وهناك إيوان عظيم الارتفاع هو بيت القصيد في هذه الدار ، ارتفاعه (١١٠) أقدام وعرضه بما فيه القبتان اللتان تكتنفانه (٧٠) قدما وطوله داخل الإيوان من الشمال إلى الجنوب (٣٣)