اليمن البتروني الحلبي ، مفتي الحنفية بحلب ، ويعرف بمفتي العقبة لسكناه في محلة العقبة.
كان قليل البضاعة في العلم ، وتولى الفتوى ولم يكن أهلا لها ، وسبب ذلك أن الشيخ فتح الله البيلوني كان كثير العداوة لأخي محمد الكبير وهو أبو الجود المقدم ذكره ، وكان البيلوني معتقد الوزير الأعظم نصوح باشا وشيخه ، واتفق أن محمدا صاحب الترجمة ذهب إلى الروم لطلب المعاش من قضاء أو غيره ، فأنزله البيلوني عنده وأكرمه وقال له : أقضي مآربك ، ثم بعد أيام قال له : قد شفعت لك عند الوزير الأعظم وأخذت لك منصبا جليلا ، ولا أعطيك الأوراق حتى تقطع البحر وأودعك إلى أسكدار وأسلمها لك ، ففعل ذلك ، فلما ودعه سلمه مكتوب الفتوى ، فامتنع وقال : أنا لست أهلا لذلك ، وهل يمكنني التصرف بها مع وجود أخي الشيخ أبي الجود؟ فقال له : إن لم تقبل أسعى على إهانتك ونفيك ، فلم يسعه إلا القبول. ولما دخل إلى أخيه قبّل أقدامه وعرض عليه هذا الأمر فقال : جعله الله مباركا ، وأنا أعلم أن هذا من مكر فتح الله ، فافعل ولا تخالف ، فإننا نخشى شره. ثم بعد لم يقبلها أبو الجود ، وتصرف بها مدة محمد ، ووجهت بعده لأخيهما أبي اليمن ، وكان أبو اليمن ومحمد بمنزلة الخدام عند أخيهما الكبير أبي الجود المذكور.
وكانت وفاة محمد في سنة اثنتين وأربعين وألف.
٩٦٣ ـ محمد الشهير بغلامك البوسنوي قاضي حلب المتوفى سنة ١٠٤٥
محمد الشهير بغلامك البوسنوي قاضي القضاة بحلب ، العالم المشهور صاحب الحاشية على الجامي ، وله حاشية على الزهراوين وأخرى على شرح القطب للشمسية ومثلها على شرح المفتاح للسيد.
وكان عالما متقشفا وفيه عجب وكبر ، وسافر من حلب وهو مولى وأقام مقامه السيد محمد بن النقيب ، ولما وصل إلى أسكدار تألم منه مصطفى باشا السلاحدار خوفا أن يبلغ خبر ظلم وكلائه في بلاد العرب فيحصل له ضرر ، فوبخه ثم سيّره إلى الحصار وأمره بلزوم الخلوة. ووجهت عنه حلب بعد أيام وشاع أنه أصيب بالنقرس.
(وحكى) أنه جاءه رسول من جانب السلاحدار المذكور ومعه بشارة بتوجيه قضاء قسطنطينية إليه ، فقال للرسول : قل له : (وجادت بوصل حيث لا ينفع الوصل) ، فلم