من تركته أربعة آلاف دينار بمرسوم ورد على يد خاصكي ، فراجع خير بك في ذلك إلى أن أخذ نصفها وبقي في التركة مزيد.
ثم كان خير بك ذا صحبة أكيدة للشرفي ومعاشرة له في المجالس الخاصة واهتمام بشأنه والتفات إليه (كأنه يشتم فيه رائحة صاحبه الأقدم) *.
ثم إن الخواجكي الشرفي اتسع ماله وعظمت ثروته وقويت في السخاء والكرم رغبته ، وعلت في المهمات همته ، وأنشأ بستانا عظيما يضرب به المثل وقصرا شاهقا فيه تفصيل البناية الجاري في وقف المدرسة الشاذبختية بحلب ، حتى أخذ كثير من المتمولين في إنشاء بساتين وقصور فيها على نهج ما أنشأه أو فوقه ، لما رأوه من كمال ما أنشأه ولطافته ، وترك كل ما هو فيه من الدنيا واشتغل بمشارفة بستانه المذكور وعمل العمل فيه على وجه الإحكام لشأنه ، لو رأى به قذاة كاد يتلقاها بعينيه ، وتمتع كل التمتع بنهره وزهره وثمره. وأكثر من ترك مخالطة الناس ، فقد ذهب الناس الذين هم الناس كل الناس ، إلى أن توفي سنة ستين وتسعمائة ودفن بتربة قريبه الشيخ إبراهيم إلى جنبه.
ومن جمله خيراته النافعة له إن شاء الله تعالى في مماته تجديد عمارة المسجد الكائن بمحلته بالقرب من جقر قصطل بمال جزيل بذله في إتقانه وإحكام بنيانه.
٨٥٤ ـ محمد بن خليل بن قنبر المتوفى سنة ٩٦١
محمد بن خليل بن علي بن أحمد بن ناصر الدين بن قنبر علي ، الحلبي مولدا الفارسي محتدا الشافعي المعروف بابن قنبر.
كان واعظا وجيها في مواعظه مهولا محركا في وعظه لنشاط السامعين.
سمع الحديث وقرأه من الشيوخ وعليهم وأجيز له ، وشارك في العربية ، وكلف بجمع الكتب النفيسة وتحسين جلودها بالترميم والتبديل ، وعني بالضن بها إلا على من يأمنه عليها.
ولم يرغب في منصب سوى إمامة جامع الأمير حسين بن الميداني والتولية عليه ، وكان له السعي التام في مصالحه ومصالح أوقافه ، وربما أنفق في ذلك من ماله لأنه كان متمولا
__________________
(*) ما بين قوسين ساقط في الأصل.