٩١٧ ـ محمد بن عبد الله بن القطان المتوفى أواخر هذا القرن
محمد ابن القاضي علاء الدين (علي) بن عبد الله ، الحلبي المولد العشاري الأصل ، الشافعي ، المشهور كأبيه بابن القطان.
كان في أول أمره عند عمه الحاج محمو الشرايحي يكتب له أسماء من يتناول أسطال الأطعمة من عنده. ثم كان بمحكمة عمي الكمال الشافعي مع أبيه ، وهو يومئذ كاتب المحكمة يكتب له الوثايق فيرقم هو بها شهادته فينتفع بها إذا أريد منه أداؤها أسوة من كان بمحاكم القضاة الأربعة من العدول.
ثم لما زالت الدولة الجركسية وصار أبوه يكتب بعض الوثائق لا في محاكم القضاة الروميين ، بل في داره بإذن منهم ويحكم نيابة بفسوخ الأنكحة في مواضع الخلاف صار هو يقرأ المنهاج على البرهان العمادي مدة ، فلما توفي والده دخل إلى القاضي عبيد الله سبط ابن الفناري قاضي حلب وسعى في النيابة وكتابة الوثائق على ما كان عليه والده ، فولاه ، فحسن له بعض الناس أن يجلس بمحكمة جدي بمسجد النارنجة بجوار المصابغ ويتعاطى الأحكام الشرعية الخلافية والوفاقية ، فاستأذن وجلس وراجع الفروع وكتب الشروط واستفتي عند الاحتياج ، فمهر في صنعة القضاء ، وظهر له مزيد الذكاء ، وجمع أموالا عديدة ، وأنشأ عمائر جديدة ، كالعمارة التي وسع بها مزار ولي الله تعالى الشيخ يونس خارج باب المقام.
وثبت في منصبه مدة طولى ، غير أنه ساء خلقه ونفرت عنه قلوب الخصوم واتسع بطنه وانبسطت كفه. كأن يقول : أنا غير معصوم ، حتى قيل فيه ما قيل بعض قول من قيل :
تلطف مع الأخصام واستغن ذاكرا |
|
نوالا به أثرى أبوك وإحسانا |
لجدك وصف لو وصفت بقلبه * |
|
لكنت وحق الله عندي إنسانا |
ثم عزل مرات عن عدة شكايات وأخرجت فيه أحكام ، وأبى أن لا يكون من الحكام ، فاحتال وعاد على حسب ما أراد بعد أن اختفى مرارا ، حذرا عن أن يرى إضرارا. وطالما
__________________
(*) في در الحبب : بمثله.