على الأستاذ محمد بن مصطفى البصيري ، ثم شرح الشاطبية شرحا مختصرا أسماه «الإشارات العمرية في حل رموز الشاطبية» لكن أعجلته المنية عن إتمامه وتبييضه ، فبعد وفاته أتمه وبيضه المتقن عمر بن شاهين إمام الرضائية ، وهو شرح لطيف نافع للمبتدي ولاستحضار المنتهي.
وجرت للمترجم محنة عظيمة قبل وفاته وكانت سببا لمرضه الذي مات فيه ، وذلك أنه لما كان سنة سبع وأربعين بعد المائة صار غلاء وقلت الأقوات ، فتحركت العامة والرعاع يوما لينهبوا الخبز من الأفران ، فصادفوا خليل المداري دائرا على الأفران يقبض ثمن الطحين ، ورأوا معه دراهم كثيرة ، فطمعوا في أخذها ولحقوه ، فساق دابته فأدركوه عند جامع قسطل الحرامي ، فنزل عن الدابة ورام الدخول للجامع المزبور ليحتمي به ، فمنعه المؤذن والقيم وغيرهما ، وكان صاحب الترجمة أمرهم بمنعه خوفا أن يقتل في الجامع ، وأغلقوا باب الجامع في وجهه ، ففر نحو البرية فأدركوه هناك وقتلوه ولم يعلم له قاتل. وفي تلك الغضون قدم إلى حلب كافلا وحاكما الوزير أحمد بن برهان الشهير بالبولاد ، فاشتكى أولاد خليل المذكور على أهل المحلة عموما وعلى صاحب الترجمة والمؤذن والقيم خصوصا ، فاختفى صاحب الترجمة عند بعض أصحابه مدة والطلب بالتفحص الشديد عليه ، إلى أن قضيت القضية وأخذ المذكور جريمة كثيرة من أهل المحلة ، فظهر المترجم لكن أثر فيه الرعب بحيث إنه كان يمرض مدة ويبرأ مدة حتى دنا أجله.
وكانت وفاته في أوائل شعبان سنة ثمان وأربعين ومائة وألف ، ودفن بمقبرة جب النور رحمهالله تعالى. ا ه.
١٠٥١ ـ مصطفى بن محمد البتروني المتوفى سنة ١١٤٨
مصطفى بن محمد المعروف بابن بيري ، الحنفي الحلبي البتروني أخو عبد الرحمن الآتي.
وهذا هو الأديب الذي سقى رياض الطروس بمياه براعته ، فأنبت في الصحائف أزهار البلاغة والفصاحة واشتهر بالأدب النفيس.
قدم دمشق مرارا وخالط أربابها وأفاضلها واشتهر بينهم. وكان وحيد أقرانه في زمانه.
وترجمه السيد الأمين المحبي في ذيل نفحته وقال في وصفه : ماجد امتطى بأخمصه فرق