ولم يزل المصريون مقبلين عليه في فصل الحكومات وحسم مادة الخصومات لمزيد عرفانه بدربة القضاء والتوريق وتوفيقه لرعاية شروط الوثائق أي توفيق مع طلاقة المحيا ولطف الملتقى لمن أقبل عليه وحياه.
تزوج بمصر بنت المقر المحيوي عبد القادر القصروي ناظر الجيوش المنصورة بالديار المصرية وسائر الممالك الإسلامية في آخر الدولة الجركسية ، فرزق منها ولدا سماه باسم جده لأمه ، فنشأ في كنفه مالكا لمباهج الجمال سالكا في مدارج الكمال ، فلما كان طاعون سنة خمسين وتسعمائة بعثته أمه إلى الطور حذرا مما هو في الكتاب مسطور ، فعادوا به إليها مطعونا ، وحق لها أن تقول :
قد كان ما خفت أن يكونا |
|
إنا إلى الله راجعونا |
وبقي والده جزعا لا يرى في الحياة مطمعا ، إلى أن توفي بمصر في رمضان سنة تسع وخمسين.
وكان لطيف المعاشرة جميل المذاكرة حلو العبارة حسن السفارة طري النغمة يكشف بتلاوته الغمة ، ومتى تلا في المحراب أتى فيه بالعجب العجاب ، كما وقع له بقبة خير بك كافل حلب التي أنشأها بجوار مزار سعد الله الأنصاري حتى أمر بقراءة المولد النبوي بها ، فأم به في العشائين وبباقي قضاة القضاة وأعيان حلب حتى فتن السامعين بتلاوته. وكان ينظم الشعر على قلة *.
٨٥١ ـ إبراهيم بن يوسف الحنبلي والد الرضي المتوفى سنة ٩٥٩
إبراهيم بن يوسف بن عبد الرحمن الشيخ برهان الدين أبو المقري ** ابن قاضي القضاة
__________________
(*) أورد له في در الحبب مقطوعتين اعتمادا على إحدى النسخ المخطوطة ، مطلع الأولى :
لا تقطعن نعمة أجريتها زمنا |
|
فلن تنال لدى إجرائها ضررا |
والثانية مما مدح بها بعض المصريين ، مطلعها :
قل عن لساني لمولى ما التقيت به |
|
إلا وسيف امتداحي فيه مجذوب |
ثم أورد المؤلف مقطوعة كتبها إليه في رثاء ولده المحيوي ، مطلعها :
كم وارد سكب الدموع وصادر |
|
لوفاة محيي الدين عبد القادر |
(**) في در الحبب : أبو القرى.