أحد ، وهذا إجماع قطعت به البراهين وأيدته العقول وشهدت به الفطر السليمة. وقد ألف الناس في ذلك ، وأحسن ما رأيته في كتاب «أعلام الموقعين» للفقيه الحافظ المعروف بابن قيم الجوزية ، وما سمعت بعضهم يقوله من عدم إمكان التلقي من فيض الرحمن والإدلاء بحجة الكتاب والسنة في هذا الزمان فواهي الحجة بعيد النجعة عن الحق متقول على الله تعالى محجر على فضله ، إذ كان الله سبحانه لا يزال يغرس في هذه الأمة غرسا يستعملهم في طاعته ، ويظهرهم على الحق ، وينفي بهم عن العلم تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، وكانت هذه الأمة كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره. وكان العلم والإيمان مكانهما من طلبهما وجدهما. وإن العلم للذين يستنبطونه منه لا للمقلدين الذين لم يستضيئوا بنور ولم يهتدوا بهدي. وما عني هذا الدين بمثل التأويل والتقليد ، وما أدري الفرق بين استنباط واحد للحكم من صحيفة أو كتاب يلوك صاحبه لسانه وتغلب عجمته ويكثر عثاره ويمسك خطؤه ويقل علمه ويبعد عن الخير زمنه ويضعف طريقه ، واستنباطه من كلم جوامع ووحي موحى وعصمة من خطأ لا ينزف بحره ولا يكدر دلوه ، مع سلامة الطريق وصحة النقل وقوة الضبط وقلة التحريف والإدخال فيه ما ليس منه ، إلا أن هذا صواب في اصطلاح خطأ ، وعلم في زمن جهل ، ووضع نافع في قانون فاسد. والناس بزمانهم أشبه وإلى ملكات المزاولة أميل والله الموفق ا ه.
٩٤١ ـ أبو الوفا بن محمد السعدي المتوفى سنة ١٠١٠
أبو الوفا بن محمد بن عمر السعدي الحلبي الشافعي المشهور بابن خليفة الزكي.
ذكره أبو الوفا العرضي في تاريخه «المعادن» وقال فيه : من أعيان المشايخ السعدية المنسوبة في الخلافة إلى الشيخ سعد الدين الجباوي ، خلّفه والده الشيخ محمد ، وخلف الشيخ محمد والده الشيخ عمر المدفونان في زاويتهم خارج باب النصر.
أما والده الشيخ محمد فلقد كان فاضلا كاملا صالحا صاحب كرامات. كان رجل يقال له عبد الرحمن بن الصلاح ذا ثروة ومال وعليه هيبة ووقار ، وكان يدخل في حلقة ذكر أبي الوفا بين أقوام عوام غالبهم بساتنة فلاحون وبعض جماعات من ذوي الهيئات ، فقلت له : ما السبب أنكم تدخلون في حلقة الذكر مع هؤلاء القوم؟ فقال : كنت شابا واقفا أنظر إلى فقراء والد الشيخ وفا وهو الشيخ محمد وأنا في ضميري أستهزىء بالذكر