عبد الرحمن البتروني ، وإلى ذكر شيخنا الأخ الوفائي مد الله ظل حياته ، وإلى ذكر صاحبنا المرحوم النجم الحلفاوي ، وإلى ذكر هذا العبد الفقير وذكر ما دار بيني وبينه وبين المذكورين من سلاف المساجلة ، وما أحرز من قصبات أقلامهم في برهان المناضلة. وقد كان في فيض البديهة وجودة القريحة مدرارا ، ولإنشاء الخطب ونظم القصائد المطولات مكثارا ، بحيث إنه لا يجف دويّه ، ولا يغيض أتيّه ، ولا يرد ما جادت به عليه قريحته من كل معنى جيدا كان أو زيّفا ، بعيدا كان أو قريبا ، ويصطاد بسبب ذلك ما بين الكركي والعندليب.
وقد ذكره الأستاذ العلامة الخفاجي في «خبايا الزوايا» وترجمه بأحد شيوخ الشعر بحلب ، وأنا مورد من كلماته ما وقع عليه اختياري ، وأنا استغفر الله مما جرى به القلم في غير طاعة الباري. فمن ذلك قوله من قصيدة مطلعها :
طارقات الردى علينا تحيف |
|
وطريق الهدى سريّ مخيف |
ومنها وهو معنى بديع :
نكرت حالة الأفاضل طرا |
|
لام فضل من شأنها التعريف |
وله من قصيدة تلقّى بها المولى شيخ الإسلام بالممالك العثمانية أسعد أفندي حين ألم بحلب قاصدا الحج :
لو سعد تفتازان حاول فضله |
|
يوما لقال الناس هذا أسعد |
ا ه
وترجمه الشهاب الخفاجي في «الريحانة» فقال : فاضل شاعر ناظم ناثر مكثر مسهب مطرب معجب ، رأيته بحلب يعاني حرفة الوراقة ، ويكتب للقضاة الوثائق التي شدت وثاقه ، وقد قيده الكبر ، وعاقه الدهر أبو العبر ، فحجل بين الغرائب والرغائب ، وقتل بيد فكره في الذروة والغارب ، وهو في مهد الخمول راقد ، فمرت به النوائب وهو على طريقها قاعد. وقد كان امتدحني بعدة قصائد ، منها قوله :
شهاب المعالي قد أضاءت به الشهبا |
|
وقد أطلعت من غر أفكاره الشهبا |
ومن قبل أخبار الثناء تواترت |
|
وقد ملأت أسماعنا لؤلؤا رطبا |
إلى أن قال :
على حلب لما قدمتم تبسمت |
|
ثغور مبانيها وتاهت بكم عجبا |