وبركنه المجد المتين وظله المجد المبين
ولنا بهم نسب على الدنيا له شرف ودين
ا ه
وترجمه العلامة الشيخ محمد العرضي في القسم الأول من كتابه الذي ترجم فيه ١٤ شاعرا من شعراء مصر وحلب والشام والحجاز فقال :
هو ثاني المتنبي أحمد بن الحسين ، وكلامه كما قيل نقش الفص وناظر العين.
قالوا خذ العين من كل فقلت لهم |
|
للعين فضل ولكن ناظر العين |
حرفين من ألف طومار مسودة |
|
وربما لم تجد في الألف حرفين |
له غرر ملح ودرر كلمات ، إذا فوفها بخطه تعدل أجنحة الطواويس وصدور البزاة. وكان إذا قصد جاوز حد الاقتصاد إلى الإبداع ، وإذا قطع الشعر قطع السعر بالثمن البخس من المبتاع. وله طريق واحدة يأتي فيها بالسحر الحلال ، وهي وصف السير وندب الأطلال. وبالجملة كان النيّر الأعظم من بين سيارة كواكب الشهباء بل الدنيا في العصر الأخير ، ولقد وقف بعده فلك الشعر فما أذن بالمسير. كان ظريف الخلق كريم الخلق ، يغلب عليه الصمت والسكون ، فهو كالبحر إذا لم تهجه الريح ساكن لكن أحشاءه منطوية على الدر المكنون. وله ديوان شعر تتهاداه أكف الرواه ، وتزدحم على رشف سلافه الآذان والشفاه ، ومع هذا لقد احتار في اختيار طريق يوصله إلى المعاش ، فما زال بين قص أجنحة وارتياش ، فتارة سافر إلى الروم ومدح الأستاذ القاسمي ، فأوصله إلى المولى كمال الدنيا والدين المعروف بابن طاش كبري وهو قاضي العسكر ، ولقيه بقصيدة نفث فيها بعقد سحره ونثر عقد درره الفريدة فضمن له نجح المقاصد ، إلا أنه حال بينه وبينها دهره أبو اليقظان وبخته الراقد ، فزحزح مخدومه عن قضاء العسكر سريعا ، فخجل صاحب الترجمة أن يلاقيه بعد ذلك وكر راجعا إلى حلب مرتبع شبابه وملعب أترابه ، وقنع من ظفره بإيابه ، فوجه العزم تلقاء حضرة بني سيفا بطرابلس وعلى بابهم إذ ذاك كل شاعر وكاتب ، فحكوا بذلك أيام الرشيد أو أيام ابن عباد الصاحب ، واختص منهم بالأمير محمد أمير عسكر الشعر بالاتفاق ، وسوقه عنده نافقة قائمة على ساق ، فارتفق بمديحه وارتزق ، حتى قضى الأمير نحبه ولقي ربه غريبا شهيدا بمدينة قونية في طريق الروم ، وأنشد المذكور فيه :
عجبت لسيف كيف يغمد في الثرى |
|
وكيف يوارى البحر في طيّة الكفن |