نأسو برؤياك ما أساء بنا |
|
لا يصلح الجرح غير مرهمه (١) |
فإن هذا الزمان محسنه |
|
كفّارة عن ذنوب مجرمه |
وقوله وأجاد :
وليل كأن الصبح فيه مآرب |
|
نؤمل أن تقضى وخلّ نصادقه |
وسافر في آخر عمره إلى حماة لرجاء عن له بها ، فرأى ليلة سيره كأنه يودع أهله ، فاستيقظ وهو ينشد :
قومي أحسني منك وداعي فما |
|
بعدك حسنى يا ابنة القوم |
وزوّدي جفنّي طيف الكرى |
|
فليس بعد اليوم من نوم |
فلما دخلها توفي ابن أميرها علي بن الأعوج واسمه روحي فقال :
لا تعجبوا أن سال دمعي دما |
|
واشتعلت نار تباريحي |
فلست من يبكي على غيره |
|
وإنما أبكي على روحي |
وبعد مدة توفي ، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وألف ، هكذا ذكر البديعي وفاته في السنة المذكورة. ثم رأيت في نسخة من ديوان ابن الجزري بخط بعض الدمشقيين ذكر أنه أخبره الأمير علي بن الأعوج أن الجزري مات بعد إنشاد البيتين المذكورين بثلاثة أيام ، ولم يقل بعدها شعرا ، وأن وفاته كانت في سنة أربع وثلاثين. وناقض أبو الوفا العرضي في وفاته فذكر أنها في سنة اثنتين وثلاثين ، ولست أدري أي المقولات أصح. وزاد العرضي أنه توفي غريبا بحماة كما توفي والده بالبصرة غريبا وعمره نحو الخمس والثلاثين ، ودفن بالتربة المعروفة بالعليليات. والجزري نسبة إلى جزيرة ابن عمر من بلاد الأكراد ، وبها كان أجداده ولهم فيها المكانة والجاه ، كما أشار إلى ذلك في بعض قصائده :
إن الجزيرة لا عدا جوديّها الغيث الهتون
خلقوا بها آباي آساد الشرى وهي العرين
ولهم بها البيت الموثل في قواعده المكين
__________________
(١) قبله كما في الريحانة :
فاسلم بدهر عصمت منه به |
|
وعش بعلياك عمر أعصمه |