الصوفية فصار كالفتوحات المكية ، افتتح شرح كل بيت بآية من كتاب الله تعالى.
ومدحه بعض شعراء عصره وأظنه سرور بن الحسين المتقدم كما ذكرته في ترجمة أحمد ابن محمد الكواكبي بقصيدة بديعة ، وإني أذكرها بتمامها على طولها لأنها من غرر القصائد ولندرة وجودها ، وقد توجّها بقوله :
وكتبت بها ممتدحا شيخ الإسلام وبركة الخاص والعام ومجتهد العصر في الأنام وحسنة الدهر والأيام الزيني عمر بن عبد الوهاب العرضي الشافعي في ذي القعدة سنة ١٠١٩ :
سقى عهد هند صيّب العهد يهرع |
|
وحيا حماها الجود يهمي ويهمع |
وجاد على أكنافها وابل الحيا |
|
يوشّي حواشيها برودا ويوشع |
ولا زال خفّاق الصبا في عراصها |
|
يطوف ويسعى في رباها ويرجع |
معاهد أنس كما بأفياء ظلها |
|
مرحت زمانا بالأوانس أرتع |
لبست بها من ريّق العيش حلة |
|
مطرّزة خضراء فيها التشعشع |
وغصن الصبا ريان بالزهر مزهر |
|
وماء المحيّا بالنضارة أروع |
وأيامنا بيض مع البيض تنقضي |
|
وعرف التداني فاح منه التضيع * |
وليلاتنا الغر اللواتي كأنها |
|
على جيد صفو الدهر عقد مرصّع |
ندير من اللذات راحة غبطة |
|
براحة أنس والخليّون هجّع |
بحيث ندامانا البدور وكأسنا |
|
جديد حديث فيه للنفس موقع |
رعى الله أيامي بها ورعى الهوى |
|
منازل ذات الخال للخال مجمع |
وقفت بها أستنطق الربع سائلا |
|
عن الجيرة الغادين أيّان أقلعوا |
وللريح في محو الرسوم تفنن |
|
وللبين في أعراصها الغرّ مصرع |
وللعين مدرار كتهتان ديمة |
|
لها من نزيح الدار سحّ ومدمع |
وللصبّ في الأحشاء نار ولوعة |
|
وللقلب من داء الغرام مصدّع |
وما حال دار غيّرتها يد الردى |
|
وأخرسها من بعد نطق مروّع |
ألا أيها الربع الخليّ من المها |
|
وليس به إلا مهاة تربّع |
تبدلت من أنس الجليس بوحشة |
|
وعوّضت عنه الوحش يحبو ويرتع |
__________________
(*) لعل الصواب : التضوّع.