وسدير ، وما كل واد فيه روضة وغدير. على أنه كانت تتيه به على سائر البقاع بقاع الشام ، ويفتخر به عصره على سائر الأيام ، فلا تزال تصدح ورق الفصاحة في ناديها ، وتسير الركبان بما فيه من المحاسن رائحها وغاديها ، وأقلام الفتوى مثمرة من شمس إفادة له ارتفعت ، فيا لها من قضب أثمرت بعد ما قطعت ، ونور فضله بادي ، وموائده ممدودة لكل حاضر وبادي.
كالشمس في كبد السماء ونورها |
|
يغشى البلاد مشارقا ومغاربا |
ولم يزل ثاويا في فلك السعادة ، حتى كسفت شمس حياته فلبس الدجى عليه حداده ، فمن نفحات أسراره ولمعات أنواره قوله للقاضي محب الدين وهو بمصر :
من يوم بينك كل طرف دامي |
|
لم تكتحل أجفانه بمنام |
لما رحلت ممتّعا بسلامة |
|
ومصاحبا للسعد والإكرام |
خلّفت بعدك كل خلّ هائما |
|
يجري الدموع حليف فرط غرام |
سكران من كأس الفراق معذبا |
|
يا صاح بالهجران والآلام |
يشدو بذكرك من نواك إذا رأى ال |
|
عشاق في ركب لكل مقام |
مولاي إنا قد تفرق شملنا |
|
وضياء نادينا انمحى بظلام |
قد كنت واسطة لعقد نظامنا |
|
حتى انفردت فحلّ عقد نظامي |
وضياء وجهك في النهار إذا بدا |
|
فالشمس تستر وجهها بغمام |
هذا وعبدك ضاع بعدك صبره |
|
فاسلم ودم في السعد والإنعام |
وعلى حماك من المحب تحية |
|
لا تنتهي وعليك ألف سلام |
وسقى الإله ديار مصر وأهلها |
|
أنواع سحب من يدك عظام |
لما حللت بها تضاحك نورها |
|
فرحا وبدّل نقصها بتمام |
لا زلت ترفل في ثياب سيادة |
|
وتجر ذيل العز فوق الهام |
ما نمق المشتاق طرس رسالة |
|
بحديث أشواق وبث غرام |
وقال المحبي في خلاصة الأثر : محمد بن القاسم الملقب شمس الدين بن المنقار الحلبي ثم الدمشقي الحنفي ، العالم البارع المناظر القوي الساعد في الفنون. كان من أعيان العلماء الكبار. ولد بحلب وبها نشأ ، ولازم الرضي بن الحنبلي وغيره ، ثم وصل إلى دمشق في سنة إحدى وستين وتسعمائة وتديرها ، ورافق الشيخ إسماعيل النابلسي والعماد الحنفي