ألا قد جلا الجامي ببستان شرحه |
|
لكافية الإعراب كاس مدام |
فحافظ عليها تلق سعدا مؤبدا |
|
وخذ جامه واشرب بغير ملام |
ولما كان عيد الفطر سنة خمس بعد الألف تمرض الشيخ شمس الدين ، ولم يعهد له مرض بدمشق قبل ذلك ، وكان سبب مرضه أن شيخنا القاضي محب الدين كان يتأدب معه ويعظمه لسنه وجريا على عادته في التأدب مع أهل دمشق وإكرام كل منهم على حسب ما يليق به ، فكان شيخنا إذا اجتمع هو والشيخ شمس الدين يقدمه في المجلس ، فلما انتصر شيخنا القاضي محب الدين لنا بسبب تعنت الشيخ علينا وقع بينهما ، وكان كلما تعرض الشيخ شمس الدين لنا بادر شيخنا إلى الانتصار حتى بلغ شيخنا أذية الشيخ شمس الدين له ، فاجتمعا آخرا عند قاضي القضاة كمال الدين أفندي ابن طاشكبري قاضي دمشق ، فتقدم عليه شيخنا في المجلس ، فغضب ابن المنقار وقال له : أنت كنت سابقا تقدمني ، فلم تقدمت الآن؟ قال : تقدمت إلى مجلسي وكنت سابقا أوثرك بمقامي ، وكان الشيخ محمد بن الشيخ سعد الدين في المجلس ، فأخذ بيد الشيخ شمس الدين وأجلسه بينه وبين القاضي ، ثم بقي الشيخ شمس الدين على غيظه حتى مرض منه وجعل تتزايد به الأمراض حتى توفي عند غروب الشمس من يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شوال وصلي عليه من الغد هو والشيخ ولي الدين بن الكيال بالجامع الأموي بعد صلاة الظهر الأولى ، ودفن بمكان صغير به محراب قديم على الطريق الآخذ إلى السويقة المحروفة غربي تربة باب الصغير رحمهالله تعالى.
هذا ما ترجمه به النجم الغزي ، وهنا ترى أنه قد نال منه وحط من قدره ولم يذكره بما يستحقه شأن المتعاصرين إذا حصل بينهما نزاع في أمر ما ، ومما سننقله لك يتبين لك حقيقة ترجمته.
قال الشهاب الخفاجي في ريحانته : هو جواد في حلبة الأدب سابق ، مخلط مزيل (١) فاتق راتق ، وقد كانت تتجاذب الأخبار شمائل فضائله ، وتهتز الأغصان إذا هبت نسمات شمائله ، ومن طاب عرفه طاب من عرفه الشمم ، ومن كان غصنا في رياض المعاني هزه مرور النسم ، إلا أن شعره شعر العلماء ، وأدبه أدب الفقهاء ، وما كل قصر خورنق
__________________
(١) قوله مخلط مزيل يضرب للذي يخالط الأمور ويزايلها ثقة بعلمه واهتدائه إليها ا ه من المحبي.