والمنلا أسد وطبقتهم في الاشتغال على العلاء بن العماد والشيخ أبي الفتح الشبشيري وغيرهما ، وحضر دروس شيخ الإسلام الوالد. ورأيت في بعض مجاميع الطاراني أنه درس بعدة مدارس ، ومات عن تدريس القصاعية والوعظ بالعمارتين السليمانية والسليمية والبقعة في الجامع الأموي وغير ذلك من الجهات والجوالي. وأفتى على مذهب الإمام أبي حنيفة ، وكان يدرس في البيضاوي ، وأخذ عنه جمع كثير منهم التاج القطان والحسن البوريني والشمس الميداني والشيخ عبد الرحمن العمادي والشمس محمد الحادي وغيرهم.
وكان عالما متضلعا من علوم شتى ، إلا أن دعواه كانت أكبر من علمه. وكان يزعم أن من لم يقرأ عليه ويحضر درسه فليس بعالم. وكان كثير اللهج بذكر شيخه ابن الحنبلي المذكور والإطراء في الثناء عليه ، وإنما يقصد بذلك التميز على أقرانه والانفراد عنهم به. ثم ذكر في الخلاصة ما جرى بينه وبين الشيخ إسماعيل النابلسي والمنلا أسد وما جرى بينه وبين النجم الغزي وقد تقدم ذلك.
(ثم قال) : والحاصل أنه كان ضيق الخلق ، وأما علمه فمسلّم عند من يعرفه ، وإن طعن فيه طاعن فمن عداوة وحسد. وله أشعار كثيرة وقفت في بعض المجاميع على أبيات له كتبها إلى قاضي القضاة بالشام العلامة المولى علي بن إسرائيل المعروف بابن الحنائي ، وكان وقع له وهو قاض بدمشق أنه أخرج عن رجل بعض الوظائف ، فكتب الرجل محضرا في شأن نفسه واستكتب الأعيان ، فكتب له بعض من كان يظهر الصداقة والمودة للقاضي المذكور ، فبلغه ذلك فقال مضمنا :
لنا في الشام إخوان |
|
بظهر الغيب خوّان |
فأبدوا في الجفا شانا |
|
به وجه الصفا شانوا |
وظنوا أنهم ذهلوا |
|
وما غدروا وما خانوا |
ولما أن رأينا الذهل طبع الناس مذ كانوا |
||
صفحنا عن بني ذهل |
|
وقلنا القوم إخوان |
وأبيات الشمس هي هذه :
لسان العدا إن ساء فهو كليل |
|
قصير ولكن يوم ذاك طويل |
وأقلام من ناواك ضلت وأخطأت |
|
وليس لهم في ذا السبيل دليل |