بمحراب الأولى من الجامع الأموي ، ثم حضر الشيخ شرف الحكيم الخطيب فصلى وحضر الشيخ شمس الدين بذلك المشهد ، فلما فرغ الناس من الصلاة أخذ في الإنكار على شيخنا في صلاته وعطف في الإنكار عليه أنه علمني وقواني على الإفادة والتدريس والوعظ ، فاجتمع به شيخنا والفقير معه ، فلما تكلمنا ثارت العوام في الجادة حتى خرج من باب البريد من الجامع حافيا وهو بعمامة صغيرة غير عمامته المعتادة وهم يصيحون به وينكرون عليه بتحريك من الله تعالى ، ثم آل الأمر إلى الاجتماع معه في مجلس حافل عند قاضي القضاة مصطفى أفندي بن بسنان ، فقرئت الفاتحة بيننا ، ثم قال شيخنا القاضي محب الدين والشيخ العيثاوي : لانفض هذا المجلس حتى يمتحن الشيخ نجم الدين ، فدعي بتفسير البيضاوي فصار بيننا وبينه مناظرة عظيمة كانت الغلبة فيه والنصرة لنا عليه ، وألف في ذلك شيخنا الشيخ العيثاوي رسالة حافلة فيما وقع بيننا في ذلك المجلس ، وكان ذلك وقد ظهرت نجوم السماء نهارا لقوة الكسوف ، فقال بعض الناس مصراعا تجاذبه أفاضل ذلك الوقت وهو (وعند كسوف الشمس قد ظهر النجم) فسبكتها في أبيات هي :
بعام ثمان بعد تسعين حجة |
|
وتسعمىء * مرت جرى الأمر والحكم |
بأن حضر الشمس بن منقار الذي |
|
تحرى جدالا حين زايله الحزم |
وناظرنا يوم الكسوف فلم يطق |
|
لنا جدلا بل خانه الفكر والفهم |
فقيل وبعض القول لا شك حكمة |
|
وعند كسوف الشمس قد ظهر النجم |
ولو لا تلافي الله جل جلاله |
|
أصاب تلافا حين تابعه الرجم |
ولما سطع الحق وبان ، وانقطع المشار إليه في ذلك الميدان ، واعترف لنا بالفضل المبين ، وباستحقاق تدريس بأربعين ، وأنا في سن العشرين ، كان بعد ذلك إذا لا يمناه تلايم ، وإذا تركناه تماوج حباب حسده وتلاطم ، وكذلك كان حاله مع أكثر الناس ، وكانوا يتعبون في مداراته وهو على ما فيه سليما من الصبوات ناهضا إذا استنهض في المهمات ، لا يخل بالشفاعات عند الحكام ، وله جرأة عليهم وإقدام ، وكان يفتي الناس في الأحكام ، ويدرس الدروس الخاصة والدرس العام.
وكان له شعر ضعيف ، وبعضه مستحسن لطيف. ومن شعره في مدح شرح الكافية للجامي :
__________________
(*) في الأصل : وتسعمائة ، وبها يختل الوزن ، وفي خلاصة الأثر كما أثبتناه.