توضيح المقام : أنّك قد عرفت أنّ ماهيّة الرهن يتوقّف تحقّقها على ثبوت شيء يحاذيها ، فلا يعقل أخذ الرهن على ما هو ثابت تحت يده من الأجنبي باحتمال أنّه سيسرقه ، فحينئذ نقول : الشيء الثابت عند الراهن إمّا أن يكون كلّيّا على ذمّته ـ أعني الدين ـ فلا إشكال في جواز أخذ الرهن عليه ، بل القدر المتيقّن من مشروعيته هو هذه الصورة ، وإمّا أن يكون عينا خارجية تحت يده حقيقة أو حكما بأن يكون ضمانها عليه ، وأمّا ضمان العقد أو درك المبيع فعلى فرض الالتزام بجواز أخذ الرهن عليه فلا بدّ من إرجاعه إلى أحد هذين القسمين ؛ لما ذكرنا من عدم معقوليّة أخذ الرهن على ما لا ارتباط به فعلا ، بأن لا يكون في ذمّته ، ولا تكون عينه تحت يده ، أو تكون خسارته عليه.
ثم العين الخارجية إمّا أن تكون مضمونة عليه أم لا.
أمّا ما لا يكون ضمانها عليه بأن كانت يده يد أمانة فلا إشكال ، بل لا خلاف في عدم صحة أخذ الرهن عليه ؛ ضرورة أنّ يد الأمين يد المالك ، فكما لا يجوز أخذ الرهن على ما هو تحت يده ، كذا لا يجوز أخذه على ما وضعه [عند] (١) غيره ، وسلّطه في حفظه.
ومجرّد كونه عنده لا يكون منشأ لجواز حبس ماله بحذائه ، مع أنّه لا حقّ له عليه بسببه.
وكونه مكلّفا بالأداء والردّ إليه لا يوجب ثبوت حقّ له عليه وضعا ، فليس في المقام عليه إلّا مجرّد الحكم التكليفي بفعل الأداء ، وهو لا يوجب جواز أخذ الرهن عليه ، وإلّا لجاز أخذ الرهن على جميع الأفعال الواجبة ، كالصلاة والصوم.
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.