وفيه : أنّ هذا التوقيت لا ينافي الاستيثاق ، بل يؤكّده إذا شرط أن يكون الثمن عين ما في ذمة الراهن لا ثمنا آخر لا يكون رهنا.
ولعلّ إطلاقهم منزّل على الصورة الأولى التي قد عرفت أنّه لا ينافي الاستيثاق ، إلّا أن يقال : إنّ التوقيت في الرهن كالتوقيت في الملك ممّا أجمعوا على بطلانه وإن لم يناف الاستيثاق ، ولكنه بعيد ، والله العالم.
مسألة : (إذا أذن المرتهن للراهن في البيع ورجع ، ثم اختلفا ، فقال المرتهن : رجعت قبل البيع ؛ وقال الراهن :) رجعت (بعده ، كان القول قول المرتهن) عند المشهور بين الأصحاب ، بل عن جامع المقاصد (١) نسبته إليهم ، مشعرا بدعوى الإجماع ، خصوصا مع قوله : إنّه ينبغي الوقوف معهم وإن كان الدليل يقتضي خلافه (ترجيحا لجانب الوثيقة) المستصحب بقاؤها إلى أن يعلم المزيل.
وليس لأنّ الإذن في البيع غير مسقط لها ، وإنّما المسقط لها البيع المأذون فيه ولم يثبت ؛ (إذ الدعويان متكافئان) يعني دعوى وقوع البيع قبل الرجوع ، وتحقّق الرجوع قبل زمان البيع ، وكلّ منهما خلاف الأصل ، فيتساقطان ، ويرجع إلى الأصول الآخر ، مثل : استصحاب الرهانة أو أصالة الفساد في البيع وغيرهما.
ولا يعارضه أصالة الصحة كما سنحقّقه إن شاء الله تعالى.
وتوضيح المقام : أنّه يعتبر في الحكم بصحة البيع من إحراز شرطه الذي هو إذن المرتهن ، فلا بدّ من إحراز اقترانه حال وقوعه بإذن المرتهن إمّا حقيقة ، كما لو علم ببقاء الإذن إلى زمان البيع وعدم رجوعه قبل
__________________
(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٢٥ : ٢٦٤ ، وراجع : جامع المقاصد ٥ : ١٦٣.