يقال بكفاية الإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة ، وعدم وجود مصرّح بالخلاف دليلا على فساد الصوم بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق ، مضافا إلى ما أشرنا إليه من كونه عرفا ملحقا بابتلاع ذلك الجسم الذي أثير منه الغبار.
(و) كيف كان فـ (الأظهر) في الغبار الغليظ (التحريم وفساد الصوم.)
وأمّا الغبار الرقيق الذي حاله في العرف حال البخار والدخان ، فالأظهر ـ وفاقا لما نسب إلى الأكثر (١) ـ عدم بطلان الصوم به ، كما أنّ هذا هو الأقوى في نظيريه ، أي : البخار والدخان ؛ للأصل.
مضافا إلى شهادة موثّقة عمرو بن سعيد المتقدّمة (٢) به ، مع استقرار السيرة على عدم التحفّظ عن شيء منها.
مع كون التكليف بالاجتناب عن البخار لمن يدخل في الحمّام ونحوه ، أو الدخان لمن يباشر الطبخ ونحوه ، أو مطلق الغبار لمن يرتكب كنس البيت ونحوه من الأفعال التي هي مثار الغبار ممّا قضت الضرورة بجواز ارتكابها للصائم ، تكليفا حرجيّا ، كما هو واضح ، فلا ينبغي الارتياب في جواز شيء من ذلك.
نعم ، قد يتأمّل في جواز تناول كلّ من هذه الأشياء وإيصاله إلى الجوف بابتلاعه وتجرّعه عند ملحوظيّته من حيث هو ، وتعلّق القصد إلى إيصاله إلى الجوف بعنوانه المخصوص به ، لا من حيث كونه هواء مشوبا
__________________
(١) لا يخفى أنّ المنسوب إلى الأكثر هو تقييد الغبار بالغليظ ، ولازمه عدم الإفساد في الرقيق. انظر : مدارك الأحكام ٦ : ٥٢ ، وكتاب الصوم للشيخ الأنصاري : ٥٧٢.
(٢) تقدّمت في صفحة ٣٩٦.