يقع في ذهنه لا محالة احتمال جواز تجديد نيّته من ذلك الحين ، فيسأل عن حكمه ، ولذا كثر السؤال عن مثله في الأخبار ، ولم يرد بمثل ذلك في سائر العبادات.
وكيف كان ، فلا يهمّنا إبداء الفارق بين الصوم وغيره بعد حرمة القياس ، وعدم قيام دليل يعتدّ به على توقّف ماهيّة الصوم على أزيد من القصد المزبور ، والمرجع في مثله البراءة عن الكلفة الزائدة كما حقّقناه في محلّه ، وقدّمنا شطرا وافيا لبيانه في نيّة الوضوء من كتاب الطهارة (١).
وأمّا ما دلّ على أنّه «لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل» (٢) فمخصوص بالواجب المعيّن للعامد نصّا وإجماعا كما عرفت ، فمقتضى الأصل في ما عداه : امتداد وقت نيّته إلى الغروب ، ولكن التزمنا بعدم جواز تأخيرها عن الزوال في الصوم الواجب ؛ لموثّقة عمّار وغيرها ممّا عرفت ، فليتأمّل.
(وقيل : يختصّ رمضان بجواز تقديم نيّته عليه ، ولو سها عند دخوله ، فصام ، كانت النيّة الأولى كافية.)
حكي هذا القول عن الشيخ في الخلاف والنهاية والمبسوط (٣) ، وقد عرفت في المبحث السابق صحّة هذا القول ، وعدم اختصاصه برمضان.
ولعلّ ما في كلام الشيخ من تخصيصه برمضان ؛ للجري مجرى العادة من عدم حصول العزم على سبيل الجزم في ما عداه غالبا قبل
__________________
(١) راجع : كتاب الطهارة : ٩٥ (الفصل الثالث : في كيفية الوضوء) الطبعة الحجرية.
(٢) سنن البيهقي : ٤ : ٢٠٢ بتفاوت.
(٣) حكاه العاملي في مدارك الأحكام ٦ : ٢٧ ، وراجع : الخلاف ٢ : ١٦٦ ، المسألة ٥ ، والنهاية : ١٥١ ـ ١٥٢ ، والمبسوط ١ : ٢٧٦.