وأمّا الثاني أيضا فممّا لا إشكال فيه من حيث الحكم ، أعني الجواز ، وإنّما الكلام في أنّه هل هي عارية أو ضمان أو شيء آخر.
وأمّا أصل الجواز : فالظاهر أنّه لا خلاف فيه ـ على ما ادّعاه غير واحد ـ بين الخاصة والعامة ، إلّا عن ابن سريج منهم وإن لم يعرف نقل الخلاف عنه أيضا صريحا.
وكيف كان ، فالظاهر انعقاد إجماع الخاصة على صحته ، وهو الحجّة.
مضافا إلى سلطنة الناس على أموالهم ، إذ ليس هذا إلّا كالإذن في بيعه وأداء دينه من ثمنه.
وأمّا الكلام في كونه عارية أو غيرها ، فالظاهر أنّه عارية ، وفاقا لما نسب (١) إلى علمائنا.
وقد يناقش في تسميته عارية : بوجوه :
منها : أنّ العارية عبارة عن إباحة المنافع مع بقاء العين ، والرهن ينافيها.
ومنها : أنّ الاستيثاق بها ليس من المنافع ، وإنّما هي فائدة تترتّب عليها ، ولا يعدّ مثلها منفعة ، فليس هذا عارية.
ومنها أنّ العارية تقتضي عدم الضمان مع أنّ الراهن ضامن في المقام.
ومنها : جواز العارية مع أنّ هذا ليس بجائز مطلقا ، بل للمرتهن منعه عن التصرّف فيه قبل الفكّ.
ويمكن دفعها ، أمّا الأولى (٢) : فبأنّ الرهنية لا تقتضي الخروج عن
__________________
(١) الناسب هو الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٢٥.
(٢) التأنيث باعتبار المناقشة.