نقل ما في المقنعة من نقل أقوال الأصحاب في المسألة ، وأنّ منهم من يسقط فرض إخراج الخمس لغيبة الإمام ؛ تعويلا على أخبار الرخصة ، ومنهم من يذهب إلى كنزه ؛ لما روى من أنّ الأرض يظهر كنوزها عند ظهور الإمام ـ عليهالسلام ـ ، وأنّه إذا قام دلّه الله على الكنوز ، فيأخذ من كلّ مكان ، ومنهم من يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على وجه الاستحباب ، ومنهم من يرى عزله لصاحب الأمر والوصية به ، قال ما لفظه المحكي عنه (١) : هذا القول ـ أي القول بالعزل ـ عندي أوضح ؛ لأنّ الخمس حق لصاحب لم يرسم فيه قبل غيبته حتى يجب الانتهاء إليه ، فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه ، والتمكّن من إيصاله إليه ، أو وجود من انتقل إليه الحق.
ثم نظّرها بالزكاة في عدم سقوطها ووجوب حفظها عند تعذّر إيصالها إلى المستحقّ ـ إلى أن قال ـ وإن ذهب ذاهب إلى ما ذكر في شطر الخمس الذي هو خالص للإمام ـ عليهالسلام ـ ، وجعل الشطر الآخر لأيتام آل محمد ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، وأبناء السبيل ومساكينهم على ما في القرآن لم يبعد إصابته الحقّ في ذلك ، بل كان على الصواب. انتهى.
وكيف كان ، فلا ينبغي الارتياب في ضعف هذين القولين على تقدير تحقّق قائل بهما ، بل بطلانهما ، فإنّ غيبة الإمام ـ عليهالسلام ـ لا تقتضي حرمان الباقين عن حقّهم الثابت بالكتاب والسنّة القطعية.
وما يوهمه بعض الأخبار المتقدّمة عند بيان مستحقّي الخمس من كون جميعه مخصوصا بالإمام ـ عليهالسلام ـ ، وهو يقوم بمئونة سائر الأصناف من ماله ، فقد عرفت في محلّه أنّه لا بدّ من تأويله بما لا ينافي استحقاق
__________________
(١) راجع : التهذيب ٤ : ١٤٧ و ١٤٨ ، والمقنعة : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.