هذا ، مع إمكان أن يقال : إنّ انصرافه عن الدفعات المتباينة المستقلّة أيضا بدوي منشأه أنس الذهن ، وانسباقه إلى الشيء المستخرج من المعدن المجتمع عنده حتّى بلغ النصاب ، فانصرافه عن الدفعات إنّما هو من حيث عدم اجتماع محصّلها لديه ، وإلّا فلو فرض اجتماعه لديه وانضمام بعضه الى بعض ، يشكل دعوى انصراف النصّ عنه ، كما أنّه يشكل دعوى انصرافه الى ما استخرجه بالدفعات المتوالية غير المتخلّلة بالإعراض عند عدم اجتماع ما حصّله بها لديه ، كما لو اتّخذ الملاحة مكسبا ، فاستخرج من معدن الملح يوما فيوما على التدريج بمقدار ما يكفيه في مئونته وصرفه كذلك ، فإنّ قوله ـ عليهالسلام ـ : «ليس فيه شيء حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا» (١) منصرف عن مثل ذلك في بادئ الرأي ، ولكن انصرافه عنه بحسب الظاهر بدويّ ، ولذلك لم يلتفت إليه أحد من الأصحاب ، ولم يعتبر الاجتماع شرطا في وجوب الخمس ، فالقول بكفاية بلوغ المجموع النصاب مطلقا إن لم يكن أقوى فهو أحوط.
وهل يعتبر اتّحاد المعدن؟ قولان ، أظهرهما : الأوّل ، كما صرّح به شيخنا المرتضى (٢) ـ رحمهالله ـ وقوّاه في الجواهر (٣) ؛ لظهور الصحيحة المتقدّمة (٤) في المعدن الواحد.
وعن ظاهر غير واحد التوقّف في المسألة (٥).
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٣٨ / ٣٩١ ، الوسائل : الباب ٤ من أبواب ما يجب فيه الزكاة ، الحديث ١.
(٢) كتاب الخمس للشيخ الأنصاري : ٥٢٤.
(٣) جواهر الكلام ١٦ : ٢٠.
(٤) أي : صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر ، التي تقدمت في ص ٢٥.
(٥) كما في كتاب الخمس للشيخ الأنصاري : ٥٢٤.