أي : الحفظ والوصية ، وهذا وإن كان حسنا في بادئ الرأي ، موافقا لما تقتضيه القاعدة في مال الغائب ، كما صرّح به في السرائر ، حيث قال :إنّ هذا القول هو الذي يقتضيه الدين وأصول المذهب وأدلّة العقول وأدلّة الفقه وأدلّة الاحتياط ، وإليه نذهب ، وعليه يعوّل جميع محقّقي أصحابنا المحصّلين الباحثين عن مآخذ الشريعة وجهابذ الأدلّة ونقّاد الآثار بغير خلاف بينهم (١). انتهى.
ولكنه لدى التأمّل حاله حال الدفن في كونه تعريضا له للإضاعة والتلف ، وتصرّفا في مال الغير بما لم يعلم رضاه به ؛ لقضاء العادة بعدم وصوله إلى الإمام ـ عليهالسلام ـ ولو بحصوله في يد من يرى إباحته أو جواز صرفه في بعض المصارف ، فإبقاؤه عنده وعدم تمكين أرحامه وشيعته ومواليه عن الانتفاع به والتصرّف فيه أيضا نوع من التصرّف يحتاج جوازه إلى الرخصة فيه إمّا من مالكه أو من الشارع ، وهي غير ثابتة ، وإنّما يجوز ذلك في مال الغائب الذي يكون حفظه سببا عاديا لبقائه محفوظا لصاحبه حتى يصل إليه ، فيكون الحفظ له حينئذ إحسانا إليه ، بخلاف مثل المقام الذي لم تجر العادة بوصوله إليه ، وكون احتمال الوصول لدى العرف بمقتضى العادة من قبيل الأماني والآمال البعيدة.
والحاصل أنّ حفظ مال الإمام ـ عليهالسلام ـ برجاء وصوله إليه بواسطة ضعف الاحتمال ليس مندرجا في موضوع حفظ مال الغائب الذي قضت الأدلّة بجوازه أو وجوبه ، بل هو كغيره من التصرّفات التي لم يعلم جوازها لو لم ندّع القطع بعدمه.
(وقيل : يصرف حصته) عليهالسلام ـ (إلى الأصناف
__________________
(١) السرائر ١ : ٤٩٩.