ولكنك عرفت في ما سبق أنّه بعد الغضّ عن إجمال الخمس ـ حيث إنّه إشارة إلى الخمس الذي وقع عنه السؤال ، فلعلّه كان قسما خاصّا ممّا يتعلّق بالمناكح ، كما يشعر به التعليل بطيب الولادة ـ أنّه لا يثبت إذن الإمام ـ عليهالسلام ـ ، الذي هو من الموضوعات الخارجية ، كإذن سائر الناس في التصرّف في أموالهم بمثل هذا التوقيع المعارض بغيره من التوقيعات وغيرها ممّا عرفت ، مع منافاته لما هو المعروف من حال وكلائه على ما نسب (١) إليهم من استقرار سيرتهم على قبض الأخماس.
واستدلّ لهذا القول أيضا : بأنّ تقسيم الخمس بين أربابه منصب للإمام ـ عليهالسلام ـ ؛ لأنّه هو الذي كان يقسّمه وهو غائب ، ولا دليل على جواز نيابة المالك أو غيره عنه في ذلك.
وفيه ما لا يخفى ، والذي يغلب على الظنّ أنّ عدّ هذا الكلام في عداد أدلّة القائلين بالإباحة غفلة ممّن تصدّى لنقل أدلّتهم ؛ إذ لا مناسبة بينه وبين القول بالإباحة ، بل هو يناسب القول بوجوب الحفظ.
وكيف كان ، ففيه : أنّ كون القسمة منصبا له إمّا من حيث الإمامة أو من حيث كونه من مقتضيات شركة المال بينه وبين سائر الأصناف لا يقتضي سقوط حق الباقين عند تعذّر قيام الإمام ـ عليهالسلام ـ بمنصبه واستيفاء حقّه ، فضلا عن أن يصير مباحا لغير مستحقّيه ، بل عليه إمّا نصب الغير في القيام بهذا المنصب أو سقوطه لدى التعذّر ، لا سقوط حقّ الباقين.
هذا كلّه مع الإغماض عمّا سنشير إليه من أنّ غاية ما ثبت بالأدلّة إنّما هو وجوب إيصال جميع الخمس إلى الإمام ـ عليهالسلام ـ ، لدى
__________________
(١) الناسب هو صاحب الجواهر فيها ١٦ : ١٦٣.