تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

فصل في معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

سوى ما مضى في غضون المغازي

قال حاتم بن إسماعيل ، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت قال : خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحيّ من الأنصار ، قبل أن يهلكوا ، فكان أوّل من لقينا أبو اليسر صاحب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه غلام له. فذكر الحديث ، ثم قال : حتى أتينا جابر بن عبد الله في مسجده فقال : سرنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتّى نزلنا واديا أفيح (١) فذهب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقضي حاجته واتّبعته بإداوة من ماء ، فنظر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم ير شيئا يستتر به ، وإذا شجرتان بشاطئ الوادي ، فانطلق النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى إحداهما ، فأخذ بغصن من أغصانها فقال : «انقادي عليّ بإذن الله» ، فانقادت معه كالبعير المخشوش (٢) الّذي يصانع قائده ، حتى أتى الشجرة الأخرى ، فأخذ بغصن من أغصانها فقال : «انقادي عليّ بإذن الله» ، فانقادت معه كذلك ، حتى إذا كان بالمنصف (٣) ، فيما بينهما ، لأم بينهما فقال :

__________________

(١) أي واسع.

(٢) هو الّذي جعل في أنفه الخشاش الّذي يشدّ به الزمام.

(٣) أي وسط الطريق (كما في شرح الشفا) وفي حاشية الأصل : نصف الطريق.

٣٤١

«التئما عليّ بإذن الله» ، فالتأمتا ، قال جابر : فخرجت أحضر (١) مخافة أن يحسّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقربي ـ يعني فيبتعد ـ فجلست أحدّث نفسي ، فحانت منّي لفتة ، فإذا أنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مقبل ، وإذا الشجرتان قد افترقتا ، فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقف وقفة فقال برأسه هكذا ، يمينا وشمالا ، ثمّ أقبل ، فلما انتهى إليّ قال : «يا جابر هل رأيت مقامي»؟ قلت : نعم يا رسول الله ، قال : فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كلّ واحدة غصنا فأقبل بهما ، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يسارك ، قال : فقمت فأخذت حجرا فكسرته وجشرته فانذلق (٢) لي ، فأتيت الشجرتين ، فقطعت من كلّ واحدة منهما غصنا ، ثم أقبلت أجرّهما ، حتى إذا قمت مقام النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري ، ثم لحقت فقلت : قد فعلت يا رسول الله فعمّ ذاك؟ قال : «إنّي مررت بقبرين يعذّبان ، فأحببت بشفاعتي أن يرفّه عنهما ما دام الغصنان رطبين».

ثم ذكر حديثا طويلا ، وفيه إعواز النّاس الماء ، وأنّه أتاه بيسير ماء فوضع يده فيه في قصعة ، قال : فرأيت الماء يتفوّر من بين أصابعه ، فاستقى منه النّاس حتى رووا. أخرجه مسلّم (٣).

وقال الأعمش وغيره ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : بينما نحن في سفر مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ حضرت الصّلاة ، وليس معنا ماء إلّا

__________________

(١) أي أعدوا وأجري. وفي المنتقى لابن الملا (فصرت أتأخّر) بدل (فخرجت أحضر) وهو يغاير ما في المصادر.

(٢) في حاشية الأصل : انذلق : صار له حدّ. وجشرته ـ بجيم ـ فلقته. وفي النهاية لابن الأثير في (باب الحاء) : حسرته ، يريد غصنا من أغصان الشجرة ، أي قشره بالحجر ، فانذلق : أي صار له حدّ يقطع.

(٣) صحيح مسلّم ، ٣٠٠٦ ، و ٣٠٠٧ و ٣٠٠٨ و ٣٠٠٩ و ٣٠١٠ و ٣٠١١ و ٣٠١٢ و ٣٠١٣ و ٣٠١٤ في الزهد ، باب حديث جابر الطويل وقصّة أبي اليسر ، ورواه مختصرا أبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٣٩.

٣٤٢

يسير ، فدعا بماء ، فصبّه في صحفة ، ووضع كفّه فيه ، فجعل الماء يتفجّر من بين أصابعه ، فأقبل النّاس فتوضّئوا وشربوا ، قال الأعمش : فحدّثت به سالم بن أبي الجعد فقال : حدّثنيه جابر ، فقلت لجابر : كم كنتم يومئذ؟ قال خمس عشرة مائة. أخرجه (خ) (١).

وقال عمرو بن مرّة ، وحصين بن عبد الرحمن ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر قال : كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر ، فأصابنا عطش ، فجهشنا (٢) إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فوضع يده في تور من ماء ، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه كأنّه العيون ، فقال : خذوا باسم الله ، فشربنا فوسعنا وكفانا ، ولو كنّا مائة ألف لكفانا ، قلت : كم كنتم؟ قال : ألفا وخمسمائة. صحيح (٣).

وقال حمّاد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد ، عن أبي رافع ، عن عمر بن الخطّاب ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان على الحجون (٤) لمّا آذاه المشركون ، فقال : «اللهمّ أرني اليوم آية لا أبالي من كذّبني بعدها» ، قال : فأمر فنادى شجرة ، فأقبلت تخدّ الأرض ، حتى انتهت إليه ، ثمّ أمرها فرجعت (٥).

وروى الأعمش نحوه ، عن أبي سفيان ، عن أنس ، وروى المبارك بن

__________________

(١) صحيح البخاري في الوضوء ١ / ٥٠ باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة ، وانظر جامع الأصول لابن الأثير ١١ / ٣٤٥ ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٤٤.

(٢) أي فزعنا.

(٣) رواه البخاري في الأنبياء ، باب علامات النبوّة في الإسلام ٤ / ١٧٠ ، وفي المغازي ، باب غزوة الحديبيّة ، وفي تفسير سورة الفتح ، باب (إذ يبايعونك تحت الشجرة) ، وفي الأشربة ، باب شرب البركة والماء المبارك ، ومسلّم ، رقم (١٨٥٦) في الإمارة ، باب استحباب مبايعة الإمام بجيش عند إرادة القتال ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٤٤.

(٤) الحجون : بفتح أوله وضمّ ثانيه. جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها. (معجم البلدان ٢ / ٢٢٥).

(٥) انظر دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٣٨.

٣٤٣

فضالة نحوا منه ، عن الحسن مرسلا.

وقال عبد الله بن عمر بن أبان : ثنا محمد بن فضيل (١) عن أبي حيّان ، عن عطاء ، عن ابن عمر قال : كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر ، فأقبل أعرابيّ ، فلما دنا منه قال : أين تريد؟ قال الأعرابيّ : إلى أهلي ، قال : هل لك إلى خير؟ قال : ما هو؟ قال تسلّم ، قال : هل من شاهد؟ قال : هذه الشجرة (٢) ، فدعاها فأقبلت تخدّ الأرض خدّا ، فقامت بين يديه ، فاستشهدها (٣) ثلاثا ، فشهدت له كما قال ، ثمّ رجعت إلى منبتها ، ورجع الأعرابيّ إلى قومه فقال : إن يتّبعوني آتك بهم ، وإلّا رجعت إليك فكنت معك. غريب جدّا ، وإسناده جيّد. أخرجه الدارميّ في «مسندة» (٤) عن محمد بن طريف ، عن ابن فضيل.

وقال شريك ، عن سماك ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عبّاس : جاء أعرابيّ إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : بم أعرف أنّك رسول الله؟ قال : «أرأيت لو دعوت هذا العذق من هذه النّخلة ، أتشهد أنّي رسول الله»؟ قال : نعم ، فدعاه ، فجعل ينزل من النّخلة حتى سقط في الأرض ، فجعل ينقز (٥) ، حتى أتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال له : «ارجع» ، فرجع حتّى عاد إلى مكانه ، فقال : أشهد أنّك رسول الله ، وآمن. رواه البخاريّ في «تاريخه» (٦) عن محمد بن سعيد بن الأصبهانيّ عنه.

__________________

(١) في المنتقى لابن الملا «فضل» وهو تصحيف ، والتصحيح من سنن الدارميّ.

(٢) في سنن الدارميّ «هذه السلمة» ، وهو شجر معروف ورقه القرظ الّذي يدبغ به. (النهاية لابن الأثير).

(٣) في الأصل «فاستشهد» والتصحيح من سنن الدارميّ.

(٤) سنن الدارميّ ١ / ١٠ في المقدّمة ، طبعة محمد أحمد دهمان.

(٥) أي يقفز.

(٦) التاريخ الكبير ١ / ٩٥ رقم ٢٥٨ ، وأخرجه الترمذيّ في المناقب رقم (٣٦٣٢) باب رقم ٩ وفي سنده شريك القاضي ، وفيه كلام ، ومع ذلك فقد قال الترمذيّ : هذا حديث حسن صحيح.

٣٤٤

وقال يونس بن بكير ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن أبي الزّبير ، عن جابر قال : خرج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحاجته ، وتبعته بالإداوة ، فإذا شجرتان بينهما أذرع فقال : «انطلق فقل لهذه الشجرة الحقي بصاحبتك حتّى أجلس خلفهما» ففعلت ، فرجعت حتى لحقت بصاحبتها ، فجلس خلفهما حتى قضى حاجته ، ثم رجعتا (١).

وقال أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عبّاس قال : أتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجل من بني عامر فقال : إنّي أطبّ النّاس ، فإن كان بك جنون داويتك ، فقال : «أتحبّ أن أريك آية»؟ قال : نعم ، قال : «فادع ذاك العذق» ، فدعاه ، فجاءه ينقز على ذنبه ، حتى قام بين يديه ، ثمّ قال : «ارجع» فرجع ، فقال : يا لعامر ، ما رأيت رجلا أسحر من هذا (٢).

أخبرنا عمر بن محمد وغيره ، قالوا : أنا عبد الله بن عمر ، أنا عبد الأوّل بن عيسى ، أنا عبد الرحمن بن محمد الدّاوديّ ، أنا عبد الله بن حمويه ، أنا عيسى بن عمر ، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند ، أنا عبيد الله بن موسى ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن أبي الزّبير ، عن جابر قال : خرجت مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر ، وكان لا يأتي البراز حتى يتغيّب فلا يرى ، فنزلنا بفلاة من الأرض ليس فيها شجر ولا علم ، فقال : «يا جابر اجعل في إداوتك ماء ثمّ انطلق بنا» ، قال : فانطلقنا حتى لا نرى ، فإذا هو بشجرتين بينهما أربعة أذرع ، فقال : «انطلق إلى هذه الشجرة فقل : يقول لك : الحقي بصاحبتك حتى أجلس (٣) خلفكما» ، فرجعت إليها ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خلفهما ، ثمّ رجعتا إلى مكانهما.

__________________

(١) انظر دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٣٨.

(٢) دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٣٩.

(٣) في المنتقى لابن الملا «يجلس».

٣٤٥

فركبنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بيننا كأنّما علينا الطّير تظلّنا ، فعرضت له امرأة معها صبيّ فقالت : يا رسول الله إنّ ابني هذا يأخذه الشيطان كلّ يوم ثلاث مرّات. فتناوله فجعله بينه وبين مقدّم الرّحل ثمّ قال : «أخس (١) عدوّ الله ، أنا رسول الله ، أخس عدوّ الله ، أنا رسول الله ، ثلاثا ، ثم دفعه إليها ، فلمّا قضينا سفرنا مررنا بذلك المكان ، فعرضت لنا المرأة معها صبيّها ومعها كبشان تسوقهما ، فقالت : يا رسول الله اقبل منّي هديّتي ، فو الّذي بعثك بالحقّ ما عاد إليه بعد ، فقال : «خذوا منها واحدا وردّوا عليها الآخر».

قال : ثم سرنا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيننا كأنّما علينا الطّير تظلّنا ، فإذا جمل نادّ حتى إذا كان بين السّماطين خرّ ساجدا ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال على النّاس : من صاحب الجمل؟ فإذا فتية من الأنصار قالوا : هو لنا يا رسول الله ، قال : «فما شأنه» ، قالوا : استنينا (٢) عليه منذر عشرين سنة ، وكانت له شحيمة ، فأردنا أن ننحره فنقسمه بين غلماننا فانفلت منّا ، قال : «بيعونيه» ، قالوا : هو لك يا رسول الله. قال : «أمّا لي فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله» ، فقال المسلمون عند ذلك : يا رسول الله نحن أحقّ بالسّجود لك من البهائم ، قال : «لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ، ولو كان ذلك كان النّساء لأزواجهنّ».

رواه يونس بن بكير ، عن إسماعيل ، وعنده : «لا ينبغي لبشر أن يسجد لبشر» وهو أصحّ (٣).

__________________

(١) كذا في الأصل. وأصله (اخسأ) كما ورد في بعض الروايات ، قلبت الهمزة ألفا ، ثم حذفت ، لأنّ فعل الأمر يبنى على حذف حرف العلّة. وفي نسخة دار الكتب المصرية (احبس) ، والتصحيح من المراجع المشهورة ، وفي الدارميّ : اخسأ.

(٢) أي استقينا.

(٣) رواه الدارميّ في السنن ، في المقدّمة ١ / ١١ ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٣٧.

٣٤٦

وقد رواه بمعناه يونس بن بكير ، ووكيع ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن يعلى بن مرّة ، عن أبيه قال : سافرت مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرأيت منه أشياء : نزلنا منزلا فقال : «انطلق إلى هاتين الأشاءتين (١) فقل : إنّ رسول الله يقول لكما أن تجتمعا». وذكر الحديث (٢).

مرّة : هو ابن أبي مرّة. وقد رواه وكيع مرّة (٣) ، فقال فيه : عن يعلى بن مرّة قال : رأيت من النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عجبا. الحديث. قال البخاريّ : إنّما هو عن يعلى (٤) نفسه.

قلت : ورواه البيهقيّ (٥) من وجهين ، من حديث عطاء بن السّائب ، عن عبد الله بن حفص ، ومن حديث عمر بن عبد الله بن يعلي ، عن أبيه ، كلاهما عن يعلى نفسه (٦).

وقال مهديّ بن ميمون : أنبأ محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن عليّ ، عن عبد الله بن جعفر قال : أردفني

__________________

(١) أي النخلتين الصغيرتين.

(٢) أنظره في دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٣٨ و ١٣٩.

(٣) في الأصل و (ع) «رواه وكيع مرة» ، والعبارة عند أبي نعيم : «قال وكيع مرّة عن أبيه».

(٤) هو : يعلى بن مرّة ، أو يعلى بن سيابة ، وسيابة هي أمّه ، ويكنى أبا المرازم. صحابيّ شهد الحديبيّة وما بعدها. انظر عنه : التاريخ لابن معين ٢ / ٦٨٣ ، طبقات خليفة ٥٣ و ١٣١ و ١٨٢ ، التاريخ الكبير ٨ / ٤١٥ رقم ٣٥٤٠ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣٠٨ ، الاستيعاب ٣ / ٦٦٤ ، الجرح والتعديل ٩ / ٣٠١ رقم ١٢٩٤ و ١٢٩٥ و ١٢٩٦ ذكره ثلاث مرات ففرّق بين : يعلى بن سيابة ، ويعلى بن مرّة الثقفي ، ويعلى بن مرة أبي مرّة الكوفي ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٥٤ ، مشاهير علماء الأمصار ٤٥ رقم ٢٨٠ ، أسد الغابة ٥ / ١٢٩ ـ ١٣٥ وذكره مرتين ، الكاشف ٣ / ٢٥٩ رقم ٦٥٣٥ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٤٥٨ رقم ٩٨٣٩ ، الإصابة ٣ / ٦٦٩ رقم ٩٣٦٠ و ٩٣٦١ و ٩٣٦٢ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٤٠٤ و ٤٠٥ رقم ٧٨٢ و ٧٨٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٧٨ رقم ٤١١.

(٥) في دلائل النبوّة ٢ / ٢٣٢.

(٦) وأخرجه أحمد في المسند ٤ / ١٧٠ ـ ١٧١.

٣٤٧

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم خلفه ، فأسرّ إليّ حديثا لا أحدّث به أحدا ، وكان أحبّ ما استتر به لحاجته هدف أو حائش (١) نخل ، فدخل حائطا لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جمل ، فلمّا رأى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حنّ إليه وذرفت عيناه ، فأتاه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمسح ذفريه (٢) فسكن ، فقال : «من ربّ هذا الجمل»؟ فجاء فتى من الأنصار فقال : هو لي ، فقال : «ألا تتّقي الله في هذه البهيمة التي ملّكك الله إيّاها ، فإنّه شكا إليّ أنّك تجيعه وتدئبه» (٣). أخرج مسلّم (٤) منه إلى قوله «حائش نخل» (٥) ، وباقيه على شرط مسلّم.

وقال إسماعيل بن جعفر : ثنا عمرو بن أبي عمرو ، عن رجل من بني سلمة ـ ثقة ـ عن جابر بن عبد الله أنّ ناضحا لبعض بني سلمة اغتلم ، فصال عليهم وامتنع حتى عطشت نخله ، فانطلق إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاشتكى ذلك إليه ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم انطلق ، وذهب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم معه ، فلمّا بلغ باب النّخل قال : يا رسول الله لا تدخل ، قال : «ادخلوا لا بأس عليكم» ، فلمّا رآه الجمل أقبل يمشي واضعا رأسه حتى قام بين يديه ، فسجد ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ائتوا جملكم فاخطموه وارتحلوه ، ففعلوا وقالوا : سجد لك يا رسول الله حين رآك ، قال : «لا تقولوا ذلك لي ، لا تقولوا ما لم أبلغ ، فلعمري ما سجد لي ولكن سخّره الله لي» (٦).

وقال عفّان : نا حمّاد بن سلمة : سمعت شيخا من قيس يحدّث عن

__________________

(١) الحائش : النخل الملتفّ.

(٢) ذفرى البعير : أصل أذنه.

(٣) في الأصل و (ع) «تذيبه» ، والتصحيح من (النهاية لابن الأثير ، حيث قال : أي تكدّه وتتعبه).

(٤) صحيح مسلّم (٣٤٢) في كتاب الحيض ، باب ما يستتر به لقضاء الحاجة ، وأخرجه أبو داود.

(٢٥٤٩) في الجهاد ، باب ما يؤمر به من القيام على الدواب.

(٥) قال ابن أسماء في حديثه : يعني حائط نخل. (صحيح مسلّم ١ / ٢٦٩).

(٦) انظر دلائل النبوّة ٢ / ١٣٥ ـ ١٣٦.

٣٤٨

أبيه قال : جاء النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعندنا بكرة صعبة لا نقدر عليها ، فدنا منها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمسح ضرعها ، فحفل فاحتلب وشرب.

وفي الباب حديث عبد الله بن أبي أوفى ، تفرّد به فائد أبو الورقاء ، وهو ضعيف (١). وحديث لجابر آخر تفرّد به الأجلح ، عن الذّيّال بن حرملة عنه. أخرجه الدارميّ (٢) وغيره.

وقال يونس بن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن عائشة قالت : كان لأهل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحش ، فإذا خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعب وذهب وجاء. فإذا جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ربض فلم يترمرم (٣) ، ما دام رسول الله في البيت. صحيح (٤).

وقال أبو داود الطّيالسيّ : ثنا المسعوديّ ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه قال : كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر فدخل رجل غيضة فأخرج بيضة حمرة ، فجاءت الحمرة ترفرف على رأس النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه فقال : «أيّكم فجع هذه» ، فقال رجل : أنا أخذت بيضتها. فقال : «ردّه ردّه رحمة لها» (٥).

__________________

(١) انظر عنه : التاريخ لابن معين ٢ / ٤٧١ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٣٢ رقم ٥٩٦ ، التاريخ الصغير ٢٣ ، الضعفاء الصغير ٢٧٣ رقم ٢٩٩ ، الضعفاء والمتروكين للنسائي ٣٠١ رقم ٣٨٧ ، أحوال الرجال للجوزجانيّ ٧٨ رقم ١٠١ ، الجرح والتعديل ٧ / ٨٣ رقم ٤٧٥ ، الضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٤٦٠ ـ ٤٦١ رقم ١٥١٦ ، الضعفاء والمتروكين للدارقطنيّ ١٤١ رقم ٤٣٣ ، المجروحين لابن حبّان ٢ / ٢٠٣ ، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٦ / ٢٠٥٢ ، الكاشف ٢ / ٣٢٥ رقم ٤٥٠٧ ، المغني في الضعفاء ٢ / ٥٠٨ رقم ٤٨٨٧ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ رقم ٦٦٨٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، رقم ٤٧٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٧ رقم ٣.

(٢) في السنن.

(٣) أي سكن ولم يتحرّك. (النهاية لابن الأثير).

(٤) رواه الإمام أحمد في المسند ٦ / ١١٣ و ١٥٠ ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٣٥.

(٥) رواه أحمد ١ / ٤٠٤.

٣٤٩

عبد الرحمن لم يسمع من أبيه (١).

وقال أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاريّ : ثنا عليّ بن قادم ، أبا أبو العلاء خالد بن طهمان ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد قال : مرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بظبية مربوطة إلى خباء ، فقالت : يا رسول الله حلّني حتى أذهب فأرضع خشفي ، ثمّ أرجع ، فتربطني ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صيد قوم وربيطة قوم» ، قال : فأخذ عليها فحلفت له ، فحلّها ، فما مكثت إلّا قليلا حتى جاءت وقد نفضت ما في ضرعها ، فربطها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثمّ استوهبها منهم ، فوهبوها له ، فحلّها ، ثمّ قال : «لو تعلم البهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا أبدا» (٢). عليّ ، وأبو العلاء صدوقان ، وعطيّة فيه ضعف (٣). وقد روى نحوه عن زيد بن أرقم.

وقال القاسم بن الفضل الحدّانيّ (٤) عن أبي نضرة (٥) ، عن أبي سعيد

__________________

(١) قال ابن المديني في العلل : سمع من أبيه حديثين ، حديث الضبّ وحديث تأخير الوليد للصلاة. وقال أبو حاتم : سمع من أبيه وهو ثقة. وقال الحاكم : اتفق مشايخ أهل الحديث أنه لم يسمع من أبيه. (انظر : تهذيب التهذيب ٦ / ٢١٦).

(٢) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٣) هو عطيّة بن سعد العوفيّ. انظر عنه : طبقات خليفة ١٦٠ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، التاريخ الكبير ٧ / ٨ ، ٩ رقم ٣٥ ، التاريخ الصغير ١١٣ و ١٢٢ و ١٣٣ ، الضعفاء والمتروكين للنسائي ٣٠١ رقم ٣٨١ ، أحوال الرجال للجوزجانيّ ٥٦ رقم ٤٢ ، الضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٣٥٩ رقم ١٣٩٢ ، المجروحين لابن حبّان ٢ / ١٧٦ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣ رقم ٢١٢٥ ، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٥ / ٢٠٠٧ ، المغني في الضعفاء ٢ / ٤٣٦ رقم ٤١٣٩ ، الكاشف ٢ / ٢٣٥ رقم ٣٨٧٦ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٧٩ ـ ٨٠ رقم ٥٦٦٧ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢٤ ـ ٢٢٦ رقم ٤١٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٨.

(٤) الحدّاني : بضم الحاء وتشديد الدال المهملة. نسبة إلى حدّان ، وهم بطن من الأزد.

(اللباب لابن الأثير ١ / ٣٤٧).

(٥) في الأصل مهملة ، وفي نسخة دار الكتب «أبي بصرة» وهو تصحيف ، والتصويب من تهذيب التهذيب لابن حجر ، ٣٠٢ وهو المنذر بن مالك.

٣٥٠

الخدريّ قال : بينما راع يرعى بالحرّة ، إذ عرض ذئب لشاه ، فحال الراعي بين الذئب وبين الشاة ، فأقعى الذئب على ذنبه ، ثمّ قال للرّاعي : ألا تتّقي الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إليّ ، فقال الرّاعي : العجب من ذئب مقع على ذنبه يتكلّم بكلام الإنس! فقال الذّئب : ألا أحدّثك بأعجب منّي : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين الحرّتين يحدّث النّاس بأنباء ما قد سبق ، فساق الرّاعي شاة حتى أتى المدينة فزوّاها زاوية ، ثمّ دخل على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحدّثه بحديث الذّئب ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى النّاس فقال للرّاعي : قم فأخبرهم ، قال : فأخبر النّاس بما قال الذّئب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : صدق الراعي ، ألا إنّه من أشراط السّاعة كلام السّباع للإنس ، والّذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلّم السباع الإنس ، ويكلّم الرجل شراك نعله وعذبة سوطه ، ويخبره ، فخذه بما أحدث أهله بعده. أخرجه التّرمذيّ وقال : صحيح غريب (١).

وقال عبد الحميد بن بهرام ، ومعقل بن عبيد الله ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، أو عن أبي سعيد الخدريّ نحوه ، وهو حديث حسن صحيح الإسناد.

وقال سفيان بن حمزة : ثنا عبد الله بن عامر الأسلميّ ، عن ربيعة بن أوس ، عن أنس بن عمرو ، عن أهبان بن أوس ، أنّه كان في غنم له ، فكلّمه الذّئب ، فأتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلّم. قال البخاريّ : ليس إسناده بالقويّ (٢).

__________________

(١) الجامع الصحيح (٢٢٧٢) باب ١٧ في أبواب القدر ، باب ما جاء في كلام السباع. قال الترمذي : حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل ، والقاسم بن الفضل ثقة مأمون عند أهل الحديث ، وثّقه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ، ورواه أحمد في المسند ٢ / ٣٠٦ و ٣ / ٨٣ و ٨٨ و ٨٩ ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٣٢.

(٢) التاريخ الكبير ٢ / ٤٤ ـ ٤٥ رقم ١٦٣٣.

٣٥١

وقال يوسف بن عديّ ، ثنا جعفر بن جسر (١) ، أخبرني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيّب قال : قال ابن عمر : كان راع على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غنم له ، إذ جاء الذئب فأخذ شاة ، ووثب الراعي حتى انتزعها من فيه ، فقال له الذئب : أما تتّقي الله أن تمنعني طعمة أطعمنيها الله تنزعها منّي! وذكر الحديث (٢).

وقال منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : كنّا مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. (خ) (٣).

فصل في تسبيح الحصى في يده صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤)

وقال قريش بن أنس : ثنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزّهريّ ، عن رجل قال : سمعت أبا ذرّ يقول : لا أذكر عثمان إلّا بخير بعد شيء رأيته : كنت رجلا أتتبّع خلوات النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فرأيته وحده ، فجلست ، فجاء أبو بكر فسلّم وجلس ، ثمّ جاء عمر ، ثمّ عثمان ، وبين يدي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبع حصيات ، فأخذهنّ فوضعهنّ في كفّه ، فسبّحن ، حتى سمعت لهنّ حنينا كحنين النّحل ، ثمّ وضعهنّ فخرسن. ثم أخذهنّ فوضعهنّ في يد أبي بكر

__________________

(١) في نسخة دار الكتب «حشر» وهو تصحيف ، والتصحيح من : الجرح والتعديل ٢ / ٤٧٦ رقم ١٩٣٨ ، الضعفاء الكبير للعقيليّ ١ / ١٨٧ رقم ٢٣٢ ، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٢ / ٥٧٢ ـ ٥٧٤ ، المغني في الضعفاء ١ / ١٣٢ رقم ١١٣٦ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤ رقم ١٤٩٣ ، لسان الميزان ٢ / ١١١ ، ١١٢ ، رقم ٤٥٢.

قال ابن عديّ : ولجعفر مناكير ، وقال العقيلي : في حفظه اضطراب شديد كان يذهب إلى القدر وحدّث بمناكير ، وكذا قال الساجي. (اللسان).

(٢) رواه ابن عديّ في الكامل ٢ / ٥٧٣.

(٣) أخرجه البخاري من حديث أطول في المناقب ٤ / ١٧١ باب علامات النبوّة في الإسلام ، والدارميّ في المقدّمة ٥ ، وأحمد في المسند ١ / ٤٦٠.

(٤) العنوان إضافة على الأصل.

٣٥٢

فسبّحن ، ثم وضعهنّ فخرسن (١) ، ثم وضعهنّ في يد عمر فسبّحن ، ثمّ وضعهنّ في يد عثمان فسبّحن ، ثم وضعهنّ فخرسن ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هذه خلافة النبوّة» (٢).

صالح لم يكن حافظا (٣) ، والمحفوظ رواية شعيب بن أبي حمزة ، عن الزّهريّ قال : ذكر الوليد بن سويد أنّ رجلا من بني سليم كبير السّنّ ، كان ممّن أدرك أبا ذرّ بالرّبذة (٤) ذكر له ، فذكر هذا الحديث عن أبي ذرّ.

ويروى مثله عن جبير بن نفير ، وعن عاصم بن حميد ، عن أبي ذرّ. وجاء مثله عن أنس من وجهين منكرين (٥).

وقال عبد الواحد بن أيمن : حدّثني أبي ، عن جابر أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) هنا خرم في نسخة دار الكتب يزيد على السطر.

(٢) أخرجه خيثمة بن سليمان الاطرابلسي في فضائل الصحابة (ج ٣) بالسند المذكور ، انظر كتابنا «من حديث خيثمة بن سليمان القرشي الاطرابلسي» ـ ص ١٠٧ ـ ١٠٨ ، طبعة دار الكتاب العربيّ ، بيروت ١٤٠٠ ه‍ ـ. ١٩٨٠.

(٣) قال ابن معين في التاريخ ٢ / ٢٦٢ : «ليس بشيء» ، قال البخاري في التاريخ الكبير ٤ / ٢٧٣ رقم ٢٧٧٨ : «ليّن. ليس بشيء» ، وقال الجوزجاني في أحوال الرجال ١١٣ رقم ١٨٢ :

«اتّهم في حديثه» ، وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٤ / ٣٩٤ ، ٣٩٥ رقم ٢٧٢٧ «ليّن الحديث ، وسئل أبو زرعة عنه فقال : ضعيف الحديث» ، وانظر عنه : الضعفاء الصغير للبخاريّ ١٦٤ ، والضعفاء والمتروكين للنسائي ٣٠٢ ، الضعفاء الكبير للعقيليّ ٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩ رقم ٧٢٢ ، المجروحين لابن حبّان ١ / ٣٦٨ ، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٤ / ١٣٨٢ ـ ١٣٨٣ ، الكاشف ٢ / ١٧ رقم ٢٣٤٧ ، المغني في الضعفاء ١ / ٣٠٢ رقم ٢٨١٤ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٢٨٨ رقم ٣٧٦٩ ، وطبقات ابن سعد ٧ / ٣٢ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٣٦٦ ، وسير أعلام النبلاء ٧ / ٣٠٣ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٢٥٧ رقم ٢٨٥ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٣٨٠ ، ٣٨١ رقم ٦٤٠ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٥٨.

(٤) الرّبذة : بالفتح ، من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز.

(معجم البلدان ٣ / ٢٤).

(٥) انظر فضائل الصحابة لخيثمة ٣ / ١٠٨ (في كتابنا من حديث خيثمة بن سليمان الأطرابلسي).

٣٥٣

كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة (١) أو إلى نخلة ، فقيل (٢) له : ألا نجعل لك منبرا؟ قال : «إن شئتم» ، فجعلوا له منبرا ، فلمّا كان يوم الجمعة ذهب (٣) إلى المنبر ، فصاحت النّخلة صياح الصّبيّ ، فنزل فضمّها (٤) إليه ، كانت تئنّ أنين الصّبيّ الّذي يسكّن قال : «كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذّكر عندها». (خ) (٥). ورواه جماعة عن جابر.

وقال أبو حفص بن العلاء المازنيّ ـ واسمه عمر ـ عن نافع ، عن عبد الله أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يخطب إلى جذع ، فلما وضع له المنبر حنّ إليه حتى أتاه فمسحه ، فسكن. أخرجه البخاريّ (٦) عن ابن مثنّى ، عن يحيى بن كثير ، عنه ، وهو من غرائب الصحيح.

وقال عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطّفيل بن أبيّ بن كعب ، عن أبيه : كان النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلّي إلى جذع ويخطب إليه ، فصنع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المنبر ، فلمّا جاوز النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك الجذع خار حتى تصدّع وانشقّ ، فنزل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا سمع صوت الجذع ، فمسحه بيده ، ثم رجع إلى المنبر ، فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي فكان عنده في بيته حتى بلي وأكلته الأرضة وعاد رفاتا. روي من وجهين عن ابن عقيل (٧).

مالك عن أبي الزّناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «هل ترون قبلي هاهنا ، فو الله ما يخفى عليّ ركوعكم ولا

__________________

(١) في نسخة دار الكتب المصرية «جذع شجرة».

(٢) عند البخاري «فقالت امرأة من الأنصار أو رجل : يا رسول الله ألا نجعل ..»

(٣) عند البخاري «رفع».

(٤) عند البخاري «فضمّه».

(٥) صحيح البخاري ٤ / ١٧٣ باب علامات النبوّة في الإسلام ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٤٢.

(٦) في الصحيح ٤ / ١٧٣ في باب علامات النبوّة في الإسلام.

(٧) انظر دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٤٢.

٣٥٤

سجودكم ، إنّي لأراكم وراء ظهري». متّفق عليه (١).

قال الشافعيّ : هذه كرامة من الله أبانه بها من خلقه.

وقال المختار بن فلفل ، عن أنس نحوه ، وفيه : «فإنّي أراكم من أمامي ومن خلفي ، وايم الّذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، قالوا يا رسول الله : وما رأيت؟ «قال : رأيت الجنّة والنّار». أخرجه مسلّم (٢).

وقال بشر بن بكر : ثنا الأوزاعيّ ، عن ابن شهاب ، أخبرني القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : دخل عليّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا مستترة بقرام (٣) فيه صورة ، فهتكه ثمّ قال : إنّ أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة الذين يشبّهون بخلق الله (٤).

قال الأوزاعيّ : قالت عائشة : أتاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببرنس فيه تمثال عقاب ، فوضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يده عليه فأذهبه الله. وهذه الزيادة منقطعة.

وقال عاصم عن زرّ ، عن عبد الله قال : كنت غلاما يافعا في غنم لعقبة بن أبي معيط (٥) أرعاها ، فأتى عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه أبو بكر فقال : يا غلام هل عندك لبن؟ قلت : نعم ولكن مؤتمن ، قال : فائتني بشاة لم ينز

__________________

(١) أخرجه البخاري ١ / ١٠٨ في كتاب الصلاة ، باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة ، وفيه لفظه «ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم» ، ومسلّم (٤٢٤) في كتاب الصلاة ، باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها.

(٢) صحيح مسلّم (٤٢٦) في كتاب الصلاة ، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما.

(٣) القرام : الستر من الصوف ، ذي ألوان فيه نقوش. (النهاية لابن الأثير ، والقاموس المحيط للفيروزآبادي).

(٤) أخرجه مسلّم (٢١٠٦ / ٩١) في كتاب اللباس والزينة ، باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه.

(٥) هو الّذي ضرب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنقه صبرا عند منصرفه من غزوة بدر ، وكان من الأسرى. انظر : المحبّر لابن حبيب ١٥٧ و ١٦١ و ٤٧٨ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦.

٣٥٥

عليها الفحل ، فأتيته بعناق جذعة ، فاعتقلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثمّ دعا ومسح ضرعها حتى أنزلت ، فاحتلب في صحفة ، وسقى أبا بكر ، وشرب بعده ، ثم قال للضرع : اقلص ، فقلص فعاد كما كان ، ثم أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : علّمني من هذا القول ، فمسح رأسي وقال : إنّك غلام معلّم ، فأخذت عنه سبعين سورة ما نازعنيها بشر. إسناده حسن قويّ (١).

مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس قال : أبو طلحة لأمّ سليم : لقد سمعت صوت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضعيفا ، أعرف فيه الجوع ، فهل عندك من شيء؟ قالت : نعم ، فأخرجت أقراصا من شعير ، ثم أخذت خمارا لها فلفّته فيه ، ودسّته تحت ثوبي ، وأرسلتني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فوجدته جالسا في المسجد ومع النّاس ، فقمت عليهم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أرسلك أبو طلحة؟ قلت : نعم ، فقال لمن معه : قوموا ، قال : فانطلق وانطلقت بين أيديهم ، حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال : يا أمّ سليم قد جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالنّاس (٢) وليس عندنا ما نطعمهم ، فقالت : الله ورسوله أعلم ، قال : فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأقبل معه حتى دخل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هلمّي ما عندك يا أمّ سليم» ، فأتت بذلك الخبز ، فأمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ففتّ ، وعصرت عليه أمّ سليم عكّة (٣) لها فأدمته ، ثم قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما شاء الله أن يقول ، ثم قال : «ائذن لعشرة» ، فأذن لهم ، فأكلوا حتى شبعوا ، ثم خرجوا ، ثم قال : «ائذن

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٢٧٦ و ٤٦٢ ، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (بتحقيقنا) ٦٨ ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٦ / ١٦٥ وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ٢٤٦.

(٢) كلمة «بالناس» ساقطة من الأصل ، والاستدراك من صحيح البخاري ، وفي (ع) «وأصحابه» بدل «بالناس».

(٣) العكّة : بضم العين وتشديد الكاف : إناء من جلد يجعل فيه السمن غالبا. (فتح الباري ٦ / ٥٩٠).

٣٥٦

لعشرة» ، فأذن لهم ، فأكلوا حتى شبعوا ، فأكل القوم وشبعوا ، وهم سبعون أو ثمانون رجلا. متّفق عليه (١). وقد مرّ مثل هذا في غزوة الخندق من حديث جابر.

وقال سليمان التّيميّ ، عن أبي العلاء ، عن سمرة بن جندب ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتى بقصعة ، فيها طعام ، فتعاقبوها إلى الظّهر منذ غدوة ، يقوم قوم ويقعد آخرون ، فقال رجل لسمرة : هل كانت تمدّ (٢)؟ قال : فمن أيش (٣) تعجب؟ ما كانت تمدّ إلّا من ها هنا ، وأشار إلى السماء ، وأشار يزيد بن هارون إلى السماء. هذا حديث صحيح (٤).

وقال زيد بن الحباب ، عن الحسين بن واقد : حدّثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، أنّ سليمان أتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهديّة فقال : «لمن أنت»؟ قال لقوم ، قال : «فاطلب إليهم أن يكاتبوك» ، قال : فكاتبوني على كذا وكذا نخلة أغرسها لهم ، ويقوم عليها سلمان حتى تطعم ، قال فجاء النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغرس النّخل كلّه ، إلّا نخلة واحدة غرسها عمر ، فأطعم نخله من سنته إلّا تلك النّخلة ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من غرسها»؟ قالوا : عمر ، فغرسها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده ، فحملت من عامها. رواته ثقات (٥).

__________________

(١) أخرجه البخاري ٤ / ١٧٠ ـ ١٧١ في المناقب ، باب علامات النبوّة في الإسلام ، ومسلّم (٢٠٣٩) في كتاب الأشربة ، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ، ويتحقّقه تحقّقا تاما. والحديث طويل : وبعضه في دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٤٧ ، والترمذي (٣٧٠٩) ، ومثله أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣ عن وائلة بن الأسقع.

(٢) أي تمدّ بطعام. (انظر ألوفا بحقوق المصطفى ١ / ٢٨٠).

(٣) بمعنى «أيّ شيء» ، وهذه الصيغة مستعملة عند الشاميين ، قال بعضهم أنه لفظ مولّد. (انظر شفاء الغليل للخفاجي).

(٤) أخرجه الدارميّ في السنن ، المقدّمة ٩ ، والترمذي (٣٧٠٤) في المناقب.

(٥) رواه أحمد في المسند ٥ / ٣٥٤ وهو أطول مما هنا ، وفي فتح الباري ٦ / ٦٠٠. رواه الترمذي والنسائي.

٣٥٧

أخبرنا ابن أبي عمر ، وابن أبي الخير كتابة ، عن محمد بن أحمد وجماعة ، أنّ فاطمة بنت عبد الله أخبرتهم ، أنا ابن ريدة ، أنا الطّبرانّي ، ثنا الوليد بن حمّاد الرّملي ، ثنا عبد الله بن الفضل ، حدّثني أبي ، عن أبيه عاصم بن عمر ، عن أبيه ، عن جدّه قتادة بن النّعمان قال : أهدي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوس ، فدفعها إليّ يوم أحد ، فرميت بها بين يديه حتى اندقّت عن سيتها (١) ، ولم أزل عن مقامي نصب وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ألقى السهام بوجهي ، كلّما مال سهم منها إلى وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ميّلت رأسي لأقي وجهه (٢) ، فكان آخر سهم ندرت (٣) منه حدقتي على خدّي ، وافترق الجمع ، فأخذت حدقتي بكفّي ، فسعيت بها (٤) إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا رآها في كفّي دمعت عيناه فقال : «اللهمّ إنّ قتادة فدى (٥) وجه نبيّك بوجهه ، فاجعلها أحسن عينيه وأحدّهما نظرا» ، فكانت أحدّ عينيه نظرا. حديث غريب (٦) ، وروي من وجه آخر ذكرناه.

وقال حمّاد بن زيد : ثنا المهاجر مولى آل أبي بكرة ، عن أبي العالية ، عن أبي هريرة قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بتمرات ، فقلت : ادع لي فيهنّ بالبركة ، قال : فقبضهنّ (٧) ثمّ دعا فيهنّ بالبركة ، ثم قال : «خذهنّ

__________________

(١) السّية : ما عطف من طرفي القوس. وفي نسخة دار الكتب ، والمعجم الكبير للطبراني «سنتها» ، وفي (ع) «سنينها» ، وكلاهما تصحيف. انظر : المخصّص لابن سيده.

(٢) في المعجم الكبير «بلا رمي أرميه».

(٣) في المعجم «بدرت».

(٤) في المعجم «فسعيت بها في كفّي».

(٥) في المعجم «قد أوجه».

(٦) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٩ / ٨ و ٩ رقم ١٢ و ١٣ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٢٩٥ ، وابن سعد في الطبقات الكبرى ١ / ١٨٧ ـ ١٨٨ ، و ٣ / ٤٥٣ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٤ / ١٩٥ ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب ٣ / ٢٤٨ ـ ٢٥٠ ، وابن حجر في الإصابة ٣ / ٢٢٥ رقم ٧٠٧٦ ، وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٧٤.

(٧) لفظ الترمذي «فضمّهنّ».

٣٥٨

فاجعلهنّ في مزود (١) ، فإذا أردت أن تأخذ منهنّ ، فأدخل يدك ، فخذ ولا تنثرهنّ نثرا» قال : فحملت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله ، وكنّا نأكل ونطعم ، وكان المزود معلّقا بحقوي لا يفارق حقوي ، فلمّا قتل عثمان انقطع. أخرجه التّرمذيّ وقال : حسن غريب (٢).

وروي في «جزء الحفّار» من حديث أبي هريرة وفيه : فأخذت منه خمسين وسقا في سبيل الله ، وكان معلّقا خلف رحلي ، فوقع في زمان عثمان فذهب. وله طريق أخرى غريبة.

وقال معقل بن عبيد الله ، عن أبي الزّبير ، عن جابر ، أنّ رجلا أتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستطعمه ، فأطعمه شطر وسق شعير ، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته ومن ضيّفاه حتى كاله ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : «لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم» (٣).

وكانت أمّ مالك تهدي للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عكّة لها سمنا ، فيأتيها بنوها فيسألون الأدم ، وليس عندهم شيء ، فتعمد إلى الّذي كانت تهدي فيه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتجد فيه سمنا ، فما زال يقيم لها أدم بيتها حتى عصرته ، فأتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : «أعصرتيها»؟ قالت : نعم ، قال : لو تركتيها ما زال قائما. أخرجه مسلّم (٤).

وقال طلحة بن مصرّف ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسير. فنفدت أزواد القوم ، حتى همّ أحدهم بنحر بعض

__________________

(١) عند الترمذي «مزودك هذا أو في هذا المزود كلّما أردت».

(٢) سنن الترمذي ٥ / ٣٤٩ رقم (٣٩٢٨) في المناقب ، باب مناقب أبي هريرة رضي‌الله‌عنه.

(٣) في الأصل «وأقام لكم» ، وما أثبتناه عن صحيح مسلّم (٢٢٨١) في كتاب الفضائل ، باب معجزات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٤) في الصحيح (٢٢٨٠) في كتاب الفضائل في الباب المذكور قبله.

٣٥٩

حمائلهم ، فقال عمر : يا رسول الله لو جمعت ما بقي من الأزواد فدعوت الله عليها ، ففعل ، فجاء ذو البرّ ببرّه ، وذو التمر بتمره ، فدعا حتى إنّهم ملئوا أزوادهم ، فقال عند ذلك : «أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكّ فيهما إلّا دخل الجنّة». أخرجه مسلّم (١).

وروى نحوه وأطول منه المطّلب بن عبد الله بن حنطب ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرو الأنصاريّ ، عن أبيه ، وزاد : فما بقي في الجيش وعاء إلّا ملئوه (٢) وبقي مثله ، فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتّى بدت نواجذه وقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّي محمد رسول الله ، لا يلقى الله عبد مؤمن بها إلّا حجب عن النّار. رواه الأوزاعيّ عنه (٣).

وقال سلّم بن زرير : سمعت أبا رجاء العطارديّ (٤) يقول : ثنا عمران بن حصين أنّهم كانوا مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسير فأدلجوا ليلتهم ، حتى إذا كان في وجه الصّبح عرّسوا (٥) فغلبتهم أعينهم حتى ارتفعت الشمس ، فكان أوّل من استيقظ أبو بكر ، فاستيقظ عمر بعده ، فقعد أبو بكر عند رأسه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجعل يكبّر ويرفع صوته ، حتى يستيقظ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا استيقظ والشمس قد

__________________

(١) في الصحيح (٢٧) في كتاب الإيمان ، باب الدليل على أنّ من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا.

(٢) في صحيح ابن حبّان «مملوء».

(٣) رجاله ثقات ، أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٤١٨ من طريق علي بن إسحاق ، عن عبد الله بن المبارك ، عن الأوزاعي ، بهذا الإسناد ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ٢١١ رقم ٥٧٥ من طريق عبد الله بن العلاء ، عن الزهري ، والأوزاعي ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١ / ٢٠ وقال إنه في المعجم الأوسط للطبراني أيضا ، وقال : رجاله ثقات ، ورواه ابن حبّان في صحيحه ١ / ٣٨٧ رقم ٢٢١ بالسند المذكور هنا ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٦١٨ ـ ٦١٩ وصحّحه ووافقه الذهبي في تلخيصه.

(٤) في طبعة القدسي ٢ / ٢٥٣ «العطاري» وهو تصحيف ، والتصويب من (اللباب ٢ / ٣٤٥) والنسبة إلى عطارد ، واسم أبي رجاء : عمران بن تيم. (٢ / ٣٤٦).

(٥) التعريس : نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة.

٣٦٠