تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

باب وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال أيّوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيتي ويومي وبين سحري ونحري ، وكان جبريل يعوّذه بدعاء إذا مرض ، فذهبت أدعو به ، فرفع بصره إلى السّماء وقال : «في الرّفيق الأعلى ، في الرفيق الأعلى» ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده جريدة رطبة ، فنظر إليها ، فظننت أنّ له بها حاجة ، فأخذتها فنفضتها (١) ودفعتها إليه ، فاستنّ بها أحسن (٢) ما كان مستنّا ، ثم ذهب (٣) يناولنيها ، فسقطت من يده ، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدّنيا. رواه البخاريّ هكذا (٤).

لم يسمعه ابن أبي مليكة ، من عائشة ، لأنّ عيسى بن يونس قال : عن عمر بن سعيد بن أبي حسين ، أخبرني ابن أبي مليكة ، أنّ ذكوان مولى

__________________

(١) هكذا في الأصل ، وصحيح البخاري. وفي نسخة دار الكتب (فمضغتها). وفي المنتفي لابن الملا (فنقعتها).

(٢) في الصحيح «كأحسن».

(٣) في الصحيح «ناولنيها».

(٤) في المغازي ٥ / ١٤٢ باب مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووفاته ، ورواه البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٤٩.

٥٦١

عائشة أخبره ، أنّ عائشة كانت تقول : إنّ من نعمة الله عليّ أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم توفّي في بيتي ، وفي يومي وبين سحري ونحري ، وأنّ الله جمع بين ريقي وريقه عند الموت ، دخل عليّ أخي بسواك وأنا مسندة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى صدري ، فرأيته ينظر إليه ، وقد عرفت أنّه السّواك ويألفه ، فقلت : آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم ، فليّنته له ، فأمرّه على فيه ، وبين يديه ركوة ـ أو علبة ـ فيها ماء ، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح وجهه ، ثمّ يقول : «لا إله إلّا الله ، إنّ للموت سكرات ، ثمّ نصب إصبعه اليمنى فجعل يقول «في الرفيق الأعلى ، في الرفيق الأعلى» حتى قبض ، ومالت يده. أخرجه البخاريّ (١).

وقال حمّاد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : قالت فاطمة : لمّا مات النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي تبكي «يا أبتاه من ربّه ما أدناه ، يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه ، يا أبتاه أجاب ربّا دعاه» ، قال : وقالت : يا أنس ، كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم التراب؟ (خ) (٢).

وقال يونس ، عن ابن إسحاق : حدّثني يحيي بن عبّاد ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بين سحري ونحري ، في بيتي وفي يومي ، لم أظلم فيه أحدا ، فمن سفاهة رأيي وحداثة سنّي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مات في حجري ، فأخذت وسادة فوسّدتها رأسه ووضعته من حجري ، ثم قمت مع النّساء أبكي وألتدم (٣). الالتدام : اللّطم.

وقال مرحوم بن عبد العزيز العطّار : ثنا أبو عمران الجوني ، عن يزيد

__________________

(١) في المغازي ٥ / ١٤١ ـ ١٤٢ باب مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووفاته. وانظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٥٩.

(٢) في المغازي ٥ / ١٤٤ ، وأحمد في المسند ٣ / ٢٠٤.

(٣) رواه أحمد في المسند ٦ / ٢٧٤ ، وابن هشام في السيرة ٤ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، والطبري في التاريخ ٣ / ١٩٩.

٥٦٢

ابن بابنوس (١) أنّه أتى عائشة ، فقالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا مرّ بحجرتي ألقى إليّ الكلمة يقرّ بها عيني ، فمرّ ولم يتكلّم ، فعصبت رأسي ونمت على فراشي ، فمرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ما لك»؟ قلت : رأسي ، فقال : «بل أنا وا رأساه ، أنا الّذي أشتكي رأسي» ، وذلك حين أخبره جبريل أنّه مقبوض ، فلبثت أيّاما ، ثمّ جيء به يحمل في كساء بين أربعة ، فأدخل عليّ ، فقال : يا عائشة أرسلي إلى النّسوة ، فلمّا جئن قال : «إنّي لا أستطيع أن أختلف بينكنّ ، فأذن لي فأكون في بيت عائشة ، قلن : نعم ، فرأيته يحمرّ وجهه ويعرق ، ولم أكن رأيت ميّتا قطّ ، فقال : «أقعديني» ، فأسندته إليّ ، ووضعت يدي عليه ، فقلب رأسه ، فرفعت يدي ، وظننت أنّه يريد أن يصيب من رأسي ، فوقعت من فيه نقطة (٢) باردة على ترقوتي أو صدري ، ثم مال فسقط على الفراش ، فسجّيته بثوب ، ولم أكن رأيت ميّتا قطّ ، فأعرف الموت بغيره ، فجاء عمر يستأذن ، ومعه المغيرة بن شعبة ، فأذنت لهما ، ومددت الحجاب ، فقال عمر : يا عائشة ما لنبيّ الله؟ قلت : غشي عليه منذ ساعة ، فكشف عن وجهه فقال : وا غمّاه ، إنّ هذا لهو الغمّ ، ثمّ غطّاه ، ولم يتكلّم المغيرة ، فلمّا بلغ عتبة الباب ، قال المغيرة : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يا عمر ، فقال : كذبت ، ما مات رسول الله ، ولا يموت حتّى يأمر بقتال المنافقين ، بل أنت تحوشك (٣) فتنة (٤).

فجاء أبو بكر فقال : ما لرسول الله؟ قلت : غشي عليه ، فكشف عن

__________________

(١) في الأصل بعض الحروف غير منقوط ، والتصويب من (تهذيب التهذيب ١١ / ٣١٦ رقم ٦٠٧) وانظر طبقات ابن سعد ٢ / ٢٦٧.

(٢) في مسند أحمد ٦ / ٢١٩ وطبقات ابن سعد ٢ / ٢ / ٢٦١ «نطفة».

ويقال للماء الكثير والقليل «نطفة» وهو بالقليل أخصّ. (النهاية لابن الأثير). وانظر أنساب الأشراف ١ / ٥٦٣.

(٣) في حاشية الأصل «قلبك ١ / ٥٦٣».

(٤) زاد أحمد وابن سعد : «إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يموت حتى يفني الله عزوجل المنافقين».

٥٦٣

وجهه ، فوضع فمه بين عينيه ، ووضع يديه على صدغيه ثم قال : وا نبيّاه وا صفيّاه وا خليلاه ، وصدق الله ورسوله (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (١). (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٢) ، كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (٣) ، ثمّ غطّاه وخرج إلى النّاس فقال : أيّها النّاس ، هل مع أحد منكم عهد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قالوا : لا ، قال : من كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت ، ومن كان يعبد محمّدا فإنّ محمدا قد مات ، وقال : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (٤) الآيات.

فقال عمر : أفي كتاب الله هذا يا أبا بكر؟ قال : نعم ، قال عمر : هذا أبو بكر صاحب رسول الله في الغار ، وثاني اثنين فبايعوه ، فحينئذ بايعوه (٥).

رواه محمد بن أبي بكر المقدّميّ عنه. ورواه أحمد في «مسندة» (٦) بطوله عن بهز بن أسد ، عن حمّاد بن سلمة ، أنا أبو عمران الجوني ، فذكره بمعناه.

وقال عقيل ، عن الزّهريّ ، عن أبي سلمة ، أخبرتني عائشة أنّ أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسّنح حتى نزل ، فدخل المسجد فلم يكلّم النّاس حتى دخل عليّ ، فتيمّم (٧) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو مغشّى (٨) ببرد حبرة ،

__________________

(١) سورة الزمر ، الآية ٣٠.

(٢) سورة الأنبياء ، الآية ٣٤.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ١٨٥.

(٤) سورة الزمر ـ الآية ٣٠.

(٥) أنساب الأشراف ١ / ٥٦٢ ، ٥٦٣.

(٦) المسند ٦ / ٢١٩ ، ٢٢٠ وابن سعد في الطبقات ٢ / ٢٦٧ ، ٢٦٨ وانظر ٢ / ٢٦١ ، و ٢٦٥.

(٧) أي قصد.

(٨) في طبقات ابن سعد «مسجّى» وفي رواية للبخاريّ في الجنائز ٢ / ٧٠.

٥٦٤

فكشف عن وجهه ، ثمّ أكبّ عليه يقبّله ، ثمّ بكى ، ثم قال : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، والله لا يجمع الله عليك موتتين أبدا ، أمّا الموتة التي كتبت عليك فقد متّها (١). وحدّثني (٢) أبو سلمة ، عن ابن عبّاس ، أنّ أبا بكر خرج وعمر يكلّم النّاس فقال : اجلس يا عمر ، فأبى ، فقال : اجلس ، فأبى ، فتشهّد أبو بكر ، فأقبل النّاس إليه ، وتركوا عمر ، فقال أبو بكر : أمّا بعد ، فمن كان منكم يعبد محمّدا فإنّه قد مات ، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت ، قال الله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) (٣) الآية ، فكأنّ النّاس لم يعلموا أنّ الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر ، فتلقّاها منه النّاس كلّهم ، فما أسمع بشرا من النّاس إلّا يتلوها (٤). وأخبرني سعيد بن المسيّب أنّ عمر قال : والله ما هو إلّا أن سمعت أبا بكر تلاها ففرقت ، أو قال فعقرت (٥) حتّى ما تقلّني رجلاي ، وحتّى إنّي أهويت إلى الأرض ، وعرفت حين تلاها أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد مات. أخرجه البخاريّ (٦).

وقال يزيد بن الهاد : أخبرني عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن

__________________

(١) إلى هنا تنتهي رواية ابن سعد في الطبقات ٢ / ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، والنويري في نهاية الأرب ١٨ / ٣٨٥.

(٢) القائل هو الزهري كما في صحيح البخاري.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ١٤٤.

(٤) حتى هنا في الجنائز عند البخاري ٢ / ٧٠ ، ٧١ باب الدخول على الميّت ..

(٥) العقر بفتحتين : أن يفجأ الرحل الروع فيدهش ، فلا يستطيع أن يتقدّم أو يتأخر ، وقيل : لا تحمله قوائمه من الخوف ، على ما في (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى للمحبّ للطبري ص ١٩٠). وفي رواية (فعقرت) بضمّ العين ، أي هلكت ، على ما في (إرشاد السّاري ٥ / ١٤٣).

(٦) في الجنائز ٢ / ٧٠ ، ٧١ باب الدخول على الميّت بعد الموت .. ، وفي المغازي ٥ / ١٤٢ ، ١٤٣ باب مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووفاته ، والنسائي في الجنائز ٤ / ١١ باب تقبيل الميت ، وأحمد في المسند ٦ / ١١٧.

٥٦٥

عائشة قالت : توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين حاقنتي وذاقنتي (١) ، فلا أكره شدّة الموت لأحد أبدا ، بعد ما رأيت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. حديث صحيح (٢).

وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال : كان أسامة بن زيد قد تجهّز للغزو وخرج ثقله (٣) إلي الجرف (٤) فأقام تلك الأيام لوجع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان قد أمّره على جيش عامّتهم المهاجرون ، وفيهم عمر ، وأمره أن يغير على أهل مؤتة ، وعلى جانب فلسطين ، حيث أصيب أبوه زيد ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى جذع في المسجد ، يعني صبيحة الاثنين ، واجتمع المسلمون يسلّمون عليه ويدعون له بالعافية ، فدعا أسامة فقال : «أغد على بركة الله والنّصر والعافية» ، قال : بأبي أنت يا رسول الله ، قد أصبحت مفيقا ، وأرجو أن يكون الله قد شفاك ، فأذن لي أن أمكث حتى يشفيك الله ، فإن أنا خرجت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة من شأنك ، وأكره أن أسأل عنك النّاس ، فسكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يراجعه ، وقام فدخل بيت عائشة ، وهو يومها ، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة ، فقال : قد أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مفيقا ، وأرجو أن يكون الله قد شفاه ، ثم ركب أبو بكر فلحق بأهله بالسّنح ، وهنالك امرأته حبيبة بنت خارجة بن زيد الأنصاريّ ، وانقلبت كلّ امرأة من نساء النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بيتها ، وذلك يوم الاثنين.

ولما استقرّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببيت عائشة وعك أشدّ الوعك ، واجتمع إليه نساؤه ، واشتدّ وجعه ، فلم يزل بذلك حتّى زاغت الشمس ، وزعموا أنّه كان يغشى

__________________

(١) الحاقنة : الوهدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق. والذاقنة : الذقن.

(٢) رواه البخاري في المغازي ٥ / ١٤٠ باب مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووفاته ، والنسائي في الجنائز ٤ / ٦ ، ٧ باب شدّة الموت ، وأحمد في المسند ٦ / ٦٤ و ٧٧.

(٣) الثقل : بفتح الثاء والقاف.

(٤) الجرف : بضم الجيم ، وسكون الراء أو ضمّها. موضع قرب المدينة يعسكرون فيه إذا أرادوا الغزو.

٥٦٦

عليه ، ثمّ شخص بصره إلى السماء فيقول : «نعم في الرفيق الأعلى» ، وذكر الحديث ، إلى أن قال : فأرسلت عائشة إلى أبي بكر ، وأرسلت حفصة إلى عمر ، وأرسلت فاطمة إلى عليّ ، فلم يجتمعوا حتّى توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صدر عائشة ، وفي يومها يوم الاثنين ، وجزع النّاس ، وظنّ عامّتهم أنّه غير ميّت ، منهم من يقول : كيف يكون شهيدا علينا ونحن شهداء على النّاس ، فيموت ، ولم يظهر على النّاس ، ولكنّه رفع كما فعل بعيسى ابن مريم ، فأوعدوا من سمعوا يقول : إنّه قد مات ، ونادوا على الباب «لا تدفنوه فإنّه حيّ» ، وقام عمر يخطب النّاس ويوعد بالقتل والقطع ، ويقول : إنّه لم يمت وتوعّد المنافقين ، والنّاس قد ملئوا المسجد يبكون ويموجون ، حتى أقبل أبو بكر من السّنح (١).

وقال يونس بن بكير ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس ، عن أمّ سلمة قالت : وضعت يدي على صدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم مات ، فمرّ بي جمع آكل وأتوضّأ ، ما يذهب ريح المسك من يدي.

وقال ابن عون ، عن إبراهيم بن يزيد ـ هو التّيميّ ـ عن الأسود قال : قيل لعائشة : إنّهم يقولون إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوصى إلى عليّ ، وقد (٢) رأيته دعا بطست ليبول فيها ، وأنا مسندته إلى صدري ، فانحنث (٣) فمات ، ولم أشعر فيم يقول هؤلاء إنّه أوصى إلى عليّ. متّفق عليه (٤).

__________________

(١) انظر المغازي لعروة ٢٢٢ ، وفتح الباري ٨ / ١٤٤ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٢٧١ ، والبداية والنهاية لابن كثير ٥ / ٢٤٢.

(٢) في صحيح الإمام البخاري (قالت : ولقد رأيته).

(٣) أي استرخى ومال إلى أحد شقّيه.

(٤) أخرجه البخاري في المغازي ٥ / ١٤٣ باب مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووفاته ، وفي الوصايا ٣ / ١٨٦ أول الباب ، ومسلّم في الوصيّة (١٦٣٦) باب ترك الوصيّة لمن ليس له شيء يوصي فيه ، وابن ماجة في الجنائز (١٦٢٦) باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأحمد في المسند ٦ / ٣٢ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ٢٦٠ و ٢٦١.

٥٦٧

تاريخ وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال الثّوريّ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال لي أبو بكر ، أيّ يوم توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قلت : يوم الاثنين ، قال : إنّي أرجو أن أموت فيه ، فمات فيه.

وقال ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنش ، عن ابن عبّاس قال : ولد نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الاثنين ، ونبّئ يوم الإثنين ، وخرج من مكّة يوم الإثنين ، وفتح مكة يوم الإثنين ، ونزلت سورة المائدة يوم الاثنين (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١). وتوفّي يوم الإثنين (٢).

قد خولف في بعضه ، فإنّ عمر قال : نزلت (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) يوم عرفة ، يوم جمعة.

وكذلك قال عمّار بن أبي عمّار ، عن ابن عبّاس.

وقال موسى بن عقبة : توفّي يوم الإثنين حين زاغت الشمس لهلال شهر ربيع الأول (٣).

وقال سليمان التّيمي : توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اليوم العاشر من مرضه ، وذلك يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول. رواه معتمر ، عن أبيه.

وقال الواقديّ : ثنا أبو معشر ، عن محمد بن قيس قال : اشتكى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثة عشر يوما وتوفي يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة (٤).

__________________

(١) سورة المائدة ـ الآية ٣.

(٢) انظر طبقات ابن سعد ٢ / ٢٧٤.

(٣) المغازي لعروة ٢٢٢ ، وفتح الباري ٨ / ١٤٤ و ١٤٦ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٥٦٩.

(٤) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٧٢.

٥٦٨

وذكر الطّبريّ ، عن ابن الكلبيّ ، وأبي مخنف (١) وفاته في ثاني ربيع الأول (٢).

وقال محمد بن إسحاق : توفّي لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، في اليوم الّذي قدم المدينة مهاجرا ، فاستكمل في هجرته عشر سنين كوامل (٣).

وقال الواقديّ ، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن عليّ ، عن أبيه ، عن جدّه قال : اشتكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر ، وتوفّي يوم الإثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول (٤). ويروى نحو هذا في وفاته ، عن عائشة ، وابن عبّاس إن صحّ ، وعليه اعتمد سعيد بن عفير ، ومحمد بن سعد الكاتب (٥) ، وغيرهما.

أخبرنا الخضر بن عبد الرحمن الأزدي ، أنا أبو محمد بن البنّ ، أنا جدّي ، أنا عليّ بن محمد الفقيه ، ثنا عبد الرحمن بن أبي نصر ، أنا عليّ بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عائذ ، ثنا الهيثم بن حميد ، أخبرني النّعمان ، عن مكحول قال : ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الإثنين ، وأوحي إليه يوم الإثنين ، وهاجر يوم الإثنين ، وتوفّي يوم الإثنين لاثنتين وستّين سنة وأشهر ، وكان له قبل أن يوحى إليه اثنتان وأربعون سنة ، واستخفى عشر سنين وهو يوحى إليه ، ثم هاجر إلى المدينة ، فمكث يقاتل عشر سنين ونصفا ، وكان الوحي إليه عشرين سنة ونصفا ، وتوفّي ، فمكث

__________________

(١) في (ع) ونسخة دار الكتب «أبو مخيف» ، والتصويب من تاريخ الطبري ، والقاموس المحيط.

(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٠.

(٣) تاريخ الطبري ٣ / ٢١٥.

(٤) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٧٢.

(٥) انظر الطبقات ٢ / ٢٧٢ ـ ٢٧٤.

٥٦٩

ثلاثة أيام لا يدفن ، يدخل النّاس عليه رسلا رسلا يصلّون عليه ، والنّساء مثل ذلك (١).

وطهّره الفضل بن العبّاس ، وعليّ بن أبي طالب ، وكان يناولهم العبّاس الماء ، وكفّن في ثلاثة رياط (٢) بيض يمانيّة ، فلمّا طهّر وكفّن دخل عليه النّاس في تلك الأيام الثلاثة يصلّون عليه عصبا عصبا (٣) ، تدخل العصبة فتصلّي عليه ويسلّمون ، لا يصفّون ولا يصلّي بين أيديهم مصلّ ، حتى فرغ من يريد ذلك ، ثم دفن ، فأنزله في القبر العبّاس وعليّ والفضل ، وقال عند ذلك رجل من الأنصار : أشركونا في موت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنّه قد أشركنا في حياته ، فنزل معهم في القبر وولي ذلك معهم (٤).

ورواه محمد بن شعيب بن شابور ، عن النّعمان. وعن عثمان بن محمد الأخنسيّ قال : توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الإثنين حين زاغت الشمس ، ودفن يوم الأربعاء (٥).

وعن عروة أنّه توفّي يوم الإثنين ، ودفن من آخر ليلة الأربعاء.

وعن الحسن قال : كان موته في شهر أيلول.

قلت : إذا تقرّر أنّ كلّ دور في ثلاث وثلاثين سنة كان في ستّمائة وستّين عاما عشرون دورا ، فإلى سنة ثلاث وسبعمائة من وقت موته أحد وعشرون دورا في ربيع الأول منها كان وقوع تشرين الأول وبعض أيلول في

__________________

(١) قارن آخره بسنن ابن ماجة (١٦٢٨) في الجنائز ، باب ذكر وفاته ودفنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) الريطة : كلّ ملاءة ليست بلفقين. وفي نسخة دار الكتب (رياض) بدلا من (رباط) وهو تحريف ، أو من تصحيف السمع بسبب الإملاء.

(٣) العصب : الجماعات ، على ما في (شرح السيرة النبويّة للخشني).

(٤) المسند لأحمد ٦ / ٢٦٤.

(٥) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٧٣.

٥٧٠

صفر ، وكان آب في المحرّم ، وكان أكثر تمّوز في ذي الحجّة فحجّة الوداع كانت في تمّوز.

وقال أبو اليمن بن عساكر وغيره : لا يمكن أن يكون موته يوم الإثنين من ربيع الأول إلّا يوم ثاني الشهر أو نحو ذلك ، فلا يتهيّأ أن يكون ثاني عشر الشهر للإجماع أنّ عرفة في حجّة الوداع كان يوم الجمعة ، فالمحرّم بيقين أوّله الجمعة أو السبت ، وصفر أوّله على هذا السبت أو الأحد أو الاثنين ، فدخل ربيع الأول الأحد ، وهو بعيد ، إذ يندر وقوع ثلاثة أشهر نواقص ، فترجّح أن يكون أوله الإثنين ، وجاز أن يكون الثلاثاء ، فإن كان استهلّ الإثنين فهو ما قال موسى بن عقبة من وفاته يوم الإثنين لهلال ربيع الأول ، فعلى هذا يكون الإثنين الثاني منه ثامنه ، وإن جوّزنا أنّ أوّله الثلاثاء فيوم الإثنين سابعه أو رابع عشره ، ولكن بقي بحث آخر : كان يوم عرفة الجمعة بمكّة ، فيحتمل أن يكون كان يوم عرفة بالمدينة يوم الخميس مثلا أو يوم السبت ، فيبني على حساب ذلك.

وعن مالك قال : بلغني أنّه توفّي يوم الإثنين ، ودفن يوم الثلاثاء (١).

باب عمر النّبيّ والخلف فيه

قال ربيعة ، عن أنس أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثه الله على رأس أربعين سنة ، فأقام بمكة عشرا وبالمدينة عشرا ، وتوفّي على رأس ستّين سنة. (خ. م) (٢).

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٧٤.

(٢) أخرجه البخاري في المناقب ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي المغازي د / ١٤٤ باب وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومسلّم في الفضائل (٢٣٤٧) باب في صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومبعثه وسنّه.

٥٧١

وقال عثمان بن زائدة ، عن الزّبير بن عديّ ، عن أنس قال : قبض النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وقبض أبو بكر وهو ابن ثلاث وستّين ، وقبض عمر وهو ابن ثلاث وستّين. رواه مسلّم (١).

قوله في الأول على رأس ستّين سنة ، على سبيل حذف الكسور القليلة ، لا على سبيل التحرير ، ومثله موجود في كثير من كلام العرب.

وقال عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم توفّي وهو ابن ثلاث وستّين سنة.

وقال زكريّا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال : توفّي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن ثلاث وستّين سنة. متّفق عليه (٢). ولمسلّم مثله من حديث أبي جمرة (٣) عن ابن عبّاس (٤).

وللبخاريّ (٥) مثله من حديث عكرمة ، عن ابن عبّاس.

وأمّا ما رواه هشيم قال : ثنا عليّ بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عبّاس قال : قبض النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن خمس وستّين سنة (٦).

__________________

(١) في الفضائل (٢٣٤٨) باب كم سنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم قبض.

(٢) رواه البخاري في المغازي ٥ / ١٤٤ ، ١٤٥ وفي المناقب ٤ / ١٦٣ باب وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ومسلّم في الفضائل (٢٣٤٩) باب كم سنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم قبض.

(٣) في (ع) «حمزة» وهو تصحيف ، والتصويب من صحيح مسلّم.

(٤) صحيح مسلّم ، في الفضائل (٣٥١) و (٢٣٥٣ / ١٢٢) باب كم سنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم قبض.

(٥) ما بين الرقمين ساقط من (ع) ورواه الترمذي في المناقب (٣٧٠٠) باب ما جاء في مبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وابن كم كان حين بعث ، وقال : هذا حديث حسن صحيح. وعن عبد الله بن عتبة أنّه توفّي وهو ابن ثلاث وستين. كما في (تاريخ خليفة بن خياط ١ / ٦٨) من طبعة دمشق.

(٦) رواه بلفظه الترمذي في المناقب (٣٧٠١) باب ما جاء في مبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وابن كم كان حين بعث ، من طريق محمد بن بشّار ، عن ابن أبي عديّ ، عن هشام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس. وقال : هكذا حدّثنا محمد بن بشّار. وروى عنه محمد بن إسماعيل (البخاري) مثل ذلك. ورواه الطبري ٣ / ٢١٦.

٥٧٢

فعليّ ضعيف الحديث (١) ولا سيما وقد خالفه غيره.

وقد قال شبابة : نا شعبة ، عن يونس بن عبيد ، عن عمّار مولى بني هاشم ، سمع ابن عبّاس يقول : توفّي وهو ابن خمس وستّين (٢).

وهذا حديث غريب لكن تقوّيه رواية هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ،

__________________

(١) هو : عليّ بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي ، أبو الحسن البصري. توفي سنة ١٣١ ه‍.

قال عنه ابن سعد : ولد وهو أعمى ، وكان كثير الحديث وفيه ضعف ولا يحتج به ، وقال صالح ابن أحمد عن أبيه : ليس بالقويّ وقد روى عنه الناس ، وقال أحمد : ليس بشيء ، وقال حنبل عن أحمد : ضعيف الحديث ، وقال معاوية بن صالح عن يحيى : ضعيف ، وقال عثمان الدارميّ عن يحيى : ليس بذاك القويّ ، وقال ابن أبي خيثمة عن يحيى : ضعيف في كل شيء أو في رواية عنه : ليس بذاك ، وفي رواية الدوري : ليس بحجّة ، وقال مرّة : ليس بشيء ، وقال مرّة : هو أحبّ إليّ من ابن عقيل ، وقال العجليّ : كان يتشيّع لا بأس به ، وقال مرّة يكتب حديثه وليس بالقويّ ، وقال يعقوب بن شيبة : ثقة صالح الحديث ، وإلى اللين ما هو ، وقال الجوزجاني : واهي الحديث ضعيف وفيه ميل عن الفصد لا يحتجّ بحديثه ، وقال أبو زرعة : ليس بقوي ، وقال أبو حاتم : ليس بقويّ يكتب حديثه ولا يحتجّ به ، وقال الترمذي : صدوق إلّا أنه ربّما رفع الشيء الّذي يوقفه غيره ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال ابن خزيمة : لا أحتجّ به لسوء حفظه ، وقال ابن عديّ : لم أر أحدا من البصريين وغيرهم امتنع من الرواية عنه ، وكان يغلو في التشيّع ، ومع ضعفه يكتب حديثه ، وقال الحاكم أبو أحمد : ليس بالمتين عندهم ، وقال الدارقطنيّ : أنا أقف فيه لا يزال عندي فيه لين ...

انظر عنه :

التاريخ لابن معين ٢ / ٤١٧ ، والطبقات لابن سعد ٧ / ٢٥٢ ، والتاريخ الكبير للبخاريّ ٦ / ٢٧٥ رقم (٢٣٨٩) ، وأحوال الرجال للجوزجانيّ ١١٤ رقم (١٨٥) ، والمعرفة والتاريخ للفسوي (انظر فهرس الأعلام ٣ / ٢٨٦) ، والضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٢٢٩ رقم (١٢٣١) ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٦ / ١٨٦ رقم (١٠٢١) ، والمجروحين لابن حبّان ٢ / ١٠٣ ، والكامل في الضعفاء لابن عديّ ٥ / ١٨٤٠ ، وميزان الاعتدال للذهبي ٣ / ١٢٧ رقم (٥٨٤٤) ، والكاشف له ٢ / ٢٤٨ رقم (٣٩٧٥) ، والمغني في الضعفاء له ٢ / ٤٤٧ رقم (٤٢٦٥) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر ٨ / ٣٢٢ ـ ٣٢٥ رقم (٥٤٤) ، وتقريب التهذيب له ٢ / ٣٧ رقم (٣٤٢).

(٢) رواه مسلّم في الفضائل (٢٣٥٣ / ١٢٢) باب كم أقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة والمدينة.

٥٧٣

عن دغفل بن حنظلة أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبض وهو ابن خمس وستّين (١).

وهو إسناد صحيح مع أنّ الحسن لم يعتمد على ما روي عن دغفل بل قال : توفّي وهو ابن ثلاث وستّين. قاله أشعث عنه.

وقال هشام بن حسّان عنه : توفّي ابن ستّين سنة (٢).

وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن جرير بن عبد الله ، عن معاوية قال : قبض النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن ثلاث وستّين ، وكذلك أبو بكر وعمر. أخرجه مسلّم (٣).

وكذلك قال سعيد بن المسيّب ، والشّعبيّ ، وأبو جعفر الباقر ، وغيرهم. وهو الصّحيح الّذي قطع به المحقّقون (٤). وقال قتادة : توفّي وهو ابن اثنتين وستّين سنة.

باب غسله وكفنه ودفنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال ابن إسحاق : حدّثني يحيى بن عبّاد بن عبد الله ، عن أبيه ، سمع عائشة تقول : لمّا أرادوا غسل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالوا : والله ما ندري أنجرّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم نغسله وعليه ثيابه ، فلمّا اختلفوا ألقى الله عليهم النّوم حتّى ما منهم رجل إلّا وذقنه في صدره ، ثمّ كلّمهم مكلّم من ناحية البيت لا يدرون من

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٢١٦.

(٢) في نسخة (ع) هنا زيادة هي : «وروى الثوريّ ، عن الحذّاء ، عن عمّار ، عن ابن عبّاس : قبض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو ابن خمس وستين سنة ، وروى بشر بن المفضّل ، عن حميد عن أنس : توفي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن خمس وستين. يحيى بن حمزة ، عن الأوزاعي ، عن ابن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن ابن عمر ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم توفي وهو ابن اثنتين وستين سنة وستة أشهر».

(٣) في الفضائل (٢٣٥٢) باب كم أقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة والمدينة.

(٤) قال ابن عبد البرّ في الاستيعاب ١ / ٤٠ «، والصحيح عندنا رواية من روى ثلاثا وستّين».

٥٧٤

هو : أن اغسلوا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه ثيابه ، فقاموا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغسّلوه وعليه قميص ، ويصبّون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم ، فكانت عائشة تقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسّله إلّا نساؤه. صحيح أخرجه أبو داود (١).

وقال أبو معاوية : ثنا يزيد بن عبد الله أبو بردة ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال : لمّا أخذوا في غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ناداهم مناد من الداخل «لا تخرجوا عن رسول الله قميصه» (٢).

وقال ابن فضيل ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث قال : غسّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّ ، وعليه قميصه ، وعلى يد عليّ رضي‌الله‌عنه خرقة يغسّله بها ، فأدخل يده تحت القميص وغسّله والقميص عليه. فيه ضعف (٣).

وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشّعبيّ أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم غسّله عليّ ، وأسامة ، والفضل بن العبّاس ، وأدخلوه قبره ، وكان عليّ يقول وهو يغسّله :

__________________

(١) في الجنائز (٣١٤١) باب في ستر الميت عند غسله ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٦٩ وأحمد في المسند. / ٢٦٧ ، والطبري في تاريخه ٣ / ٢١٢ ، وابن هشام في السيرة ٤ / ٢٦٣.

(٢) رواه ابن ماجة في الجنائز (١٤٦٦) باب ما جاء في غسل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولفظه : «لا تنزعوا» وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : إسناده ضعيف لضعف أبي بردة ، واسمه عمر بن يزيد التيمي ، وقول الحاكم : إن الحديث صحيح ، وأبو بردة هو يزيد بن عبد الله ـ وهم ، لما ذكره المزّي في الأطراف والتهذيب. وانظر طبقات ابن سعد ٢ / ٢٧٦ ، وأنساب الأشراف.

(٣) لضعف يزيد بن أبي زياد. وهو أبو عبد الله القرشي الهاشمي مولاهم الكوفي ، كان من أئمّة الشيعة الكبار ، وتوفي سنة ١٣٦ ه‍. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : ليس حديثه بذاك ، وقال مرة : ليس بالحافظ ، وقال عثمان الدارميّ ، عن ابن معين : ليس بالقويّ ، وقال أبو يعلى الموصلي عن ابن معين : ضعيف ، وقال العجليّ : جائز الحديث ، وكان بآخره يلقن ، وقال أبو زرعة : ليّن يكتب حديثه ولا يحتجّ به ، وقال أبو حاتم : ليس بالقويّ ، وقال الجوزجاني : سمعتهم يضعفون حديثه .. (انظر : تهذيب التهذيب لابن حجر ١١ / ٣٢٩ ـ ٣٣١ رقم ٦٣٠).

٥٧٥

بأبي وأمّي ، طبت حيّا وميّتا. مرسل جيّد (١).

وقال عبد الواحد بن زياد : ثنا معمر ، عن الزّهريّ ، عن سعيد بن المسيّب قال : قال عليّ ، غسّلت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذهبت انظر ما يكون من الميت فلم أر شيئا ، وكان طيّبا حيّا وميّتا (٢).

وولي دفنه وإجنانه دون النّاس أربعة : عليّ ، والعبّاس ، والفضل ، وصالح مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولحد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحدا ، ونصب عليه اللّبن نصبا (٣).

وقال عبد الصّمد بن النّعمان : ثنا أبو عمر كيسان ، عن مولاه يزيد بن بلال قال : سمعت عليّا رضي‌الله‌عنه يقول : أوصى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يغسّله أحد غيري ، فإنّه «لا يرى أحد عورتي إلّا طمست عيناه» قال عليّ : فكان العبّاس ، وأسامة ، يناولاني الماء ، وراء السّتر ، وما تناولت عضوا إلّا كأنّما يقلّبه معي ثلاثون رجلا ، حتّى فرغت من غسله (٤).

كيسان القصّار يروي عنه أيضا القاسم بن مالك ، وأسباط ، ومولاه كأنّه مجهول ، وهو ضعيف (٥).

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ٢٧٧ وله شاهد في سنن ابن ماجة ، (١٤٦٧) بكتاب الجنائز ، باب ما جاء في غسل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) أخرجه ابن سعد ٢ / ٢٨١ ، والطبري في تاريخه ٣ / ٢١٢ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٧١.

(٣) ابن سعد ١ / ٢٩٧ و ٢٩٨.

(٤) رواه ابن سعد في طبقاته ٢ / ٢٧٨.

(٥) انظر : التاريخ لابن معين ٢ / ٤٩٨ ، والتاريخ الكبير للبخاريّ ٧ / ٢٣٥ رقم ١٠٠٩ ، والضعفاء الكبير للعقيليّ ٤ / ١٣ رقم ١٥٦٧ ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٧ / ١٦٦ رقم ٩٤٣ ، والكامل في الضعفاء لابن عديّ ٦ / ٢١٠٠ ، وميزان الاعتدال للذهبي ٣ / ٤١٧ رقم ٦٩٨٤ وفيه طرف من الحديث ، والمغني في الضعفاء له ٢ / ٥٣٤ رقم ٥١١٥ ، وتهذيب التهذيب لابن حجر ٨ / ٤٥٤ رقم ٨٢٤ ، وتقريب التهذيب له ٢ / ١٣٧ رقم ٨٢.

٥٧٦

وقال أبو معشر ، عن محمد بن قيس قال : كان الّذي غسّل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّ ، والفضل بن عبّاس يصبّ عليه ، قال : فما كنّا نريد أن نرفع منه عضوا لنغسّله إلّا رفع لنا ، حتّى انتهينا إلى عورته فسمعنا من جانب البيت صوتا : «لا تكشفوا عن عورة نبيّكم». مرسل ضعيف.

وقال ابن جريج : سمعت أبا جعفر محمد بن عليّ يقول : غسّل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثا بالسّدر (١) ، وغسّل من بئر بقباء كان يشرب منها (٢).

وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحوليّة ، ليس فيها قميص ولا عمامة. متّفق عليه (٣). ولمسلّم فيه زيادة وهي : سحولية من كرسف (٤).

فأمّا الحلّة فإنّما شبّه على النّاس فيها أنّها اشتريت له حلّة ليكفّن فيها ، فتركت الحلّة ، فأخذها عبد الله بن أبي بكر فقال : لأحبسنّها لنفسي حتّى أكفّن فيها ، ثم قال : لو رضيها الله لنبيّه لكفّنه فيها ، فباعها وتصدّق بثمنها. رواه مسلّم (٥).

وروى عليّ بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة

__________________

(١) السّدر : ورق شجر النّبق.

(٢) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٨٠ ، أنساب الأشراف ١ / ٥٧٠.

(٣) رواه البخاري في الجنائز ٢ / ٧٥ باب الثياب البيض للكفن ، و ٢ / ٧٧ باب الكفن بغير قميص ، و ٢ / ١٠٦ باب موت يوم الاثنين ، ومسلّم في الجنائز (٩٤١) باب في كفن الميت ، والنسائي في الجنائز ٤ / ٣٦ باب كفن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن ماجة في الجنائز (١٤٧٠) باب ما جاء في كفن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومالك في الموطّأ ١٤٩ رقم (٥٢٣) في غسل الميت ، و (٥٢٤) ، وأحمد في المسند ٦ / ٤٠ و ٩٣ و ١١٨ و ١٣٢ و ١٦٥ و ٢٣١ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ٢٨٢ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٧١.

(٤) الكرسف : القطن. (الروض الأنف ٤ / ٢٧٦).

(٥) في الجنائز (٩٤١ / ٤٦) باب في كفن الميت ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٢٨٢.

٥٧٧

قالت : أدرج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حلّة يمانيّة ، ثمّ نزعت عنه ، وكفّن في ثلاثة أثواب (١).

وروى نحوه القاسم عن عائشة.

وأمّا ما روى شعيب ، عن الزّهريّ ، عن عليّ بن الحسين أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كفّن في ثلاثة أثواب أحدها برد حبرة (٢).

وروي نحو ذا عن مقسم ، عن ابن عبّاس ، فلعلّه قد اشتبه على من قال ذلك ، لكونه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أدرج في حلّة يمانيّة ، ثمّ نزعت عنه (٣).

وقال زكريّا عن الشّعبيّ قال : كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ثلاثة أثواب سحوليّة برود يمنيّة غلاظ : إزار ورداء ولفافة (٤).

وقال الحسن بن صالح بن حيّ ، عن هارون بن سعد ، عن أبي وائل قال : كان عند عليّ رضي‌الله‌عنه مسك فأوصى أن يحنّط به. وقال عليّ : هو فضل حنوط (٥) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٦).

ذكر الصّلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وقال ابن إسحاق : حدّثني الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبّاس ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : لمّا مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أدخل الرّجال فصلّوا عليه بغير إمام أرسالا حتّى فرغوا ، ثمّ أدخل النّساء فصلّين عليه ، ثمّ

__________________

(١) أخرجه مسلّم في الجنائز (٩٤١ / ٤٦).

(٢) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٨٤ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٦٢ ، والطبري ٣ / ٢١٢.

(٣) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٨٥.

(٤) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٨٥.

(٥) الحنوط : بفتح الحاء ، وهو طيب يخلط للميت خاصّة. (لسان العرب).

(٦) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٨٨.

٥٧٨

أدخل الصّبيان فصلّوا عليه ثم أدخل العبيد ، لم يؤمّهم أحد (١).

وقال الواقديّ : حدّثني موسى بن محمد بن إبراهيم التّيميّ ، قال : وجدت بخطّ أبي قال : لمّا كفّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووضع على سريره ، دخل أبو بكر ، وعمر ، ونفر من المهاجرين والأنصار فقالا : السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته ، وسلّم المهاجرون والأنصار كذلك ، ثم صفّوا صفوفا لا يؤمّهم أحد ، فقال أبو بكر وعمر وهما في الصّفّ الأوّل : اللهمّ إنّا نشهد أن قد بلّغ ما أنزل إليه ، ونصح لأمّته ، وجاهد في سبيل الله ، حتّى أعزّ الله دينه ، وتمّت كلمته ، وأومن به وحده لا شريك له ، فاجعلنا إلهنا ممّن يتّبع القول الّذي أنزل معه ، واجمع بيننا وبينه حتّى تعرّفه بنا وتعرّفنا به ، فإنّه كان بالمؤمنين رءوفا رحيما ، لا نبغي بالإيمان بدلا ، ولا نشتري به ثمنا أبدا ، فيقول النّاس : آمين آمين ، فيخرجون ويدخل آخرون ، حتّى صلّى عليه : الرجال ، ثمّ النّساء ، ثمّ الصّبيان. مرسل ضعيف لكنّه حسن المتن (٢).

وقال سلمة بن نبيط بن شريط (٣) ، عن أبيه ، عن سالم بن عبيد ـ وكان من أصحاب الصّفّة ـ قال : قالوا : هل ندفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأين يدفن؟ فقال أبو بكر : حيث قبضه الله ، فإنّه لم يقبض روحه إلّا في مكان طيّب ، فعلموا أنّه كما قال.

زاد بعضهم بعد سلمة «نعيم بن أبي هند» (٤).

وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق : حدّثني حسين بن عبد الله ،

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٨٩ ، وابن ماجة في الجنائز (١٦٢٨) باب ذكر وفاته ودفنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن هشام في السيرة ٤ / ٢٦٣.

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ٢٩٠ و ٢٩١ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٧٤.

(٣) في (ع) : «شريك» وهو تصحيف.

(٤) أخرج نحوه ابن ماجة في الجنائز (١٦٢٨) باب ذكر وفاته ودفنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من حديث ابن عباس ، وأخرجه ابن سعد في الطبقات من عدّة طرق ٢ / ٢٩٢ و ٢٩٣.

٥٧٩

عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : لمّا أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان أبو عبيدة بن الجرّاح يضرح (١) لأهل مكة ، وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة ، فأرسل العبّاس خلفهما رجلين وقال : اللهمّ خر لرسولك ، أيّهما جاء حفر له ، فجاء أبو طلحة فلحد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢).

وقال الواقديّ : ثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عثمان بن محمد الأخنسيّ ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع قال : لمّا توفّي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم اختلفوا في موضع قبره ، فقال قائل : في البقيع ، فقد كان يكثر الاستغفار لهم. وقال قائل : عند منبره ، وقال قائل : في مصلّاه ، فجاء أبو بكر فقال : إنّ عندي من هذا خبرا وعلما ، سمعت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما قبض نبيّ إلّا دفن حيث توفّي» (٣).

وقال ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيّب قال : عرضت عائشة على أبيها رؤيا ـ وكان من أعبر النّاس ـ قالت : رأيت : ثلاثة أقمار وقعن في حجرتي ، فقال : إن صدقت رؤياك دفن في بيتك من خير أهل الأرض ثلاثة ، فلمّا قبض النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : يا عائشة هذا خير أقمارك (٤).

وقال الواقديّ : حدّثني ابن أبي سبرة ، عن عبّاس بن عبد الله بن معبد ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : لمّا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم موضوعا

__________________

(١) في حاشية الأصل : «الضرح» : شقّ الأرض وسط القبر.

(٢) سيرة ابن هشام ٤ / ٢٦٣ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٢٩٥.

(٣) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، وانظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٦٣ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٥٧٣.

(٤) طبقات ابن سعد ٢ / ٢٩٣ ، أنساب الأشراف ١ / ٥٧٢ و ٥٧٣.

٥٨٠