تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

فلمّا تفرّقوا تلاقوا فتلاوموا لذلك ، فلمّا كان في اللّيلة الثالثة وأصبحوا جمعتهم الطّريق فتعاهدوا أن لا يعودوا ، ثم إنّ الأخنس بن شريق أتى أبا سفيان في بيته فقال : أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال : يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها ، وأعرف ما يراد بها ، فقال الأخنس : وأنا والّذي حلفت به ، ثم أتى أبا جهل فقال : ما رأيك؟ فقال : ما ذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشّرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا (١) على الرّكب ، وكنّا كفرسي رهان. قالوا : منّا نبيّ يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك (٢) هذه ، والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدّقه ، فقام الأخنس عنه (٣).

وقال يونس بن بكير ، عن هشام بن سعيد ، عن زيد بن أسلّم ، عن المغيرة بن شعبة قال : إنّ أول يوم عرفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّي أمشي أنا وأبو جهل ، إذ لقينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لأبي جهل : يا أبا الحكم هلمّ إلى الله وإلى رسوله ، أدعوك إلى الله ، فقال أبو جهل : يا محمد هل أنت منته عن سبّ آلهتنا ، هل تريد إلّا أن نشهد أن قد بلّغت ، فو الله لو أنّي أعلم أنّ ما تقول حقّ ما اتّبعتك ، فانصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأقبل عليّ فقال : والله إنّي لأعلم أنّ ما يقول حقّ ، ولكن بنو قصيّ قالوا : فينا الحجابة ، فقلنا : نعم ، فقالوا : فينا النّدوة ، قلنا : نعم ، ثم قالوا : فينا اللّواء ، فقلنا : نعم ، وقالوا : فينا السّقاية ، فقلنا : نعم ، ثم أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب قالوا : منّا نبيّ ، والله لا أفعل (٤).

__________________

(١) في السيرة «تحاذينا».

(٢) في السيرة «ندرك مثل هذه».

(٣) سيرة ابن هشام ٢ / ٦٦ ، دلائل النبوّة للبيهقي ١ / ٤٥٢ ، سيرة ابن كثير ١ / ٥٠٥ ، ٥٠٦ ، عيون الأثر ١ / ١١١ ، ١١٢.

(٤) دلائل النبوّة ١ / ٤٥٤ ، سيرة ابن كثير ١ / ٥٠٦ ، ٥٠٧.

١٦١

شعر ابى طالب في معاداة خصومه (١)

وقال ابن إسحاق (٢) : ثم إنّ قريشا وثبت كلّ قبيلة على من أسلّم منهم يعذّبونهم ويفتنونهم عن دينهم ، فمنع الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعمّه أبي طالب ، فقام أبو طالب فدعا بني هاشم وبني المطّلب إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقيام دونه ، فاجتمعوا إليه وقاموا معه ، إلّا ما كان من الخاسر أبي لهب ، فجعل أبو طالب يمدحهم ويذكر قديمهم ، ويذكر فضل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال في ذلك أشعارا ، ثم إنّه لما خشي دهماء العرب أن يركبوه مع قومه ، لمّا انتشر ذكره قال قصيدته التي منها :

ولما رأيت القوم لا ودّ فيهم (٣)

وقد قطعوا كلّ العرى والوسائل

وقد صارحونا بالعداوة والأذى

وقد طاوعوا أمر العدوّ المزايل

صبرت لهم نفسي بسمراء (٤) سمحة

وأبيض عضب من تراث المقاول (٥)

وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي (٦)

وأمسكت من أثوابه بالوصائل

أعوذ بربّ النّاس من كلّ طاعن

علينا بسوء أو ملحّ بباطل

وفيها يقول :

كذبتم وبيت الله نبزى (٧) محمدا

ولمّا نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

__________________

(١) العنوان من سيرة ابن هشام ٢ / ١٣.

(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ١٣.

(٣) في السير والمغازي «بينهم»

(٤) في السير والمغازي «بصفراء» والسمراء هي القناة أو الرمح.

(٥) هذا الشطر في السير :

وأبيض غضب من سيوف المقاول

(٦) في السير والمغازي «أسرتي» بدل «إخوتي».

(٧) نبزى : نغلب عليه ونسلبه.

١٦٢

وينهض قوم نحوكم غير عزل

يبيض حديث عهدها بالصّياقل (١)

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال (٢) اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلّاك من آل هاشم

فهم عنده في رحمة وفواضل

لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد

وإخوته دأب المحبّ المواصل

فمن مثله في النّاس أي مؤمّل

إذا قاسه الحكام عند التفاضل

حليم رشيد عادل غير طائش

يوالي إلها ليس عنه بغافل

فو الله لو لا أن أجيء بسبّة

تجرّ على أشياخنا في المحافل

لكنّا اتّبعناه على كلّ حالة

من الدّهر جدا غير قول التهازل

لقد علموا أنّ ابننا لا مكذّب

لدينا ولا يعنى بقول الأباطل

فأصبح فينا أحمد ذو (٣) أرومة

يقصّر عنها (٤) سورة المتطاول

حديث بنفسي دونه وفديته (٥)

ودافعت عنه بالذّرى والكلاكل (٦)

جزى (٧) الله عنّا عبد شمس ونوفلا

عقوبة شرّ عاجلا غير آجل (٨)

فلمّا انتشر ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين العرب ذكر بالمدينة ، ولم يكن حيّ من العرب أعلم بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ذكر ، وقبل أن يذكر من الأوس والخزرج ، وذلك لما كانوا يسمعون من الأحبار ، وكانوا حلفاء ، يعني اليهود

__________________

(١) البيت في السيرة.

وينهض قوم في الحديد إليكم

نهوض الرويا تحت ذات الصلاصل

(٢) ثمال : عماد وملجأ.

(٣) كذا في الأصل وفي (ع). وفي المنتفى لابن الملا «ذا» وفي السيرة لابن هشام ، وسيرة ابن كثير والمواهب اللدنيّة «في»

(٤) في السيرة «تقصّر عنه».

(٥) في السيرة «وحميته».

(٦) الكلاكل : جمع كلكل وهو الصدر.

(٧) هذا البيت ورد في منتصف القصيدة تقريبا وليس في آخرها كما هنا.

(٨) القصيدة بطولها في سيرة ابن هشام ٢ / ١٣ ـ ١٦ ، وبعضها في السير والمغازي ١٥٦.

١٦٣

في بلادهم ، وكان أبو قيس بن الأسلت يحبّ قريشا ، وكان لهم صهرا ، وعنده أرنب بنت أسد بن عبد العزّى ، وكان يقيم بمكة السّنين بزوجته ، فقال :

أيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن

مغلغلة عنّي لؤيّ بن غالب

رسول امرئ قد راعه ذات بينكم

على النأي محزون بذلك ناصب

أعيذكم بالله من شرّ صنعكم

وشرّ تباغيكم ودسّ العقارب

متى تبعثوها ، تبعثوها ذميمة

هي الغول للأقصين أو للأقارب

أقيموا لنا دينا حنيفا ، فأنتم

لنا غاية قد نهتدي (١) بالذّوائب

فقوموا ، فصلّوا ربّكم ، وتمسّحوا (٢)

بأركان هذا البيت بين الأخاشب (٣)

فعندكم منه بلاء ومصدّق

غداة أبي يكسوم هادي الكتائب

فلمّا أتاكم نصر ذي العرش ردّهم (٤)

جنود المليك بين ساف وحاصب

فولّوا سراعا هاربين (٥) ولم يؤب

إلى أهله ملجيش (٦) غير عصائب (٧)

أبو يكسوم ملك أصحاب الفيل.

وقال ابن إسحاق (٨) : فحدّثني يحيى بن عروة بن الزّبير ، عن أبيه ،

__________________

(١) في السيرة «يهتدى».

(٢) في أخبار مكة «تعوّذوا» بدل «تمسّحوا».

(٣) الأخاشب تعني جبال مكة ومنى.

(٤) في أخبار مكة :

فلمّا أجازوا بطن نعمان ردّهم

(٥) في أخبار مكة «نادمين».

(٦) في السيرة «م الحبش» وفي أخبار مكة «بالجيش».

(٧) الأبيات أكثر من هنا في سيرة ابن هشام ٢ / ١٨ ، ١٩ ، وفي أخبار مكة للأزرقي ١ / ١٥٥ ورد أربعة أبيات فقط.

(٨) سيرة ابن هشام ٢ / ٣٣.

١٦٤

عن عبد الله بن عمرو قال : قلت له : ما أكثر ما رأيت ، أصابت قريش من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما كانوا يظهرون من عداوته؟ قال : حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قطّ ، قد سفّه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وفعل وفعل ، فطلع عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستلم الركن وطاف بالبيت ، فلما مرّ غمزوه ببعض القول ، فعرفت ذلك في وجهه ، فلمّا مرّ الثانية غمزوه ، فلمّا مرّ الثالثة غمزوه ، فوقف فقال : أتسمعون يا معشر قريش ، أما والّذي نفسي بيده جئتكم بالذّبح ، قال : فأخذت القوم كلمته حتى ما فيهم رجل إلّا كأنّ على رأسه طائرا واقع ، حتى إنّ أشدّهم فيه وطأة ليرفؤه (١) بأحسن ما يجد من القول ، حتى إنّه يقول : انصرف يا أبا القاسم ، فو الله ما كنت جهولا ، فانصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتّى إذا كان من الغد اجتمعوا في الحجر ، وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه ، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه ، فبينا هم في ذلك ، إذ طلع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، فأحاطوا به يقولون : أنت الّذي تقول كذا وكذا؟ فيقول : «نعم» ، فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه ، فقام أبو بكر دونهم يبكي ويقول : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) ثم انصرفوا عنه ، فحدّثني بعض آل أبي بكر ، أنّ أمّ كلثوم بنت أبي بكر قالت : لقد رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه ممّا جذبوه بلحيته ، وكان كثير الشّعر (٢).

إسلام أبي ذرّ (رضي‌الله‌عنه)

قال سليمان بن المغيرة : نا حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصّامت قال : قال أبو ذرّ : خرجنا من قومنا غفار ، وكانوا يحلّون الشهر الحرام (٣) ،

__________________

(١) أي يسكّنه ويرفق به ويدعو له. (النهاية).

(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ٣٣ ، ٣٤ ، دلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٥٢.

(٣) يفعلون فيه المنكرات.

١٦٥

فخرجت أنا وأخي أنيس وأمّنا ، فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال وهيئة فأكرمنا ، فحسدنا قومه ، فقالوا : إنّك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس ، فجاء خالنا فنثا (١) علينا ما قيل له فقلت له : أمّا ما مضى من معروفك ، فقد كدّرته ولا جماع لك فيما بعد ، فقرّبنا صرمتنا (٢) فاحتملنا عليها ، وتغطّى خالنا ثوبه ، فجعل يبكي ، فانطلقنا فنزلنا بحضرة مكة ، فنافر (٣) أنيس عن صرمتنا وعن مثلها ، فأتيا الكاهن فخيّر أنيسا (٤) فأتانا بصرمتنا ومثلها معها.

قال : وقد صلّيت يا بن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بثلاث سنين ، فقلت : لمن؟ قال لله ، قلت : فأين توجّه؟ قال : أتوجّه حيث يوجّهني الله (٥) أصلّي عشاء ، حتّى إذا كان من آخر اللّيل ألقيت كأنّي خفاء ـ يعني الثوب ـ حتى تعلوني الشمس.

فقال أنيس : إنّ لي حاجة بمكة فاكفني حتى آتيك ، فأتى مكة فراث ـ أي أبطأ ـ عليّ ، ثم أتاني (٦) فقلت ما حبسك (٧) قال : لقيت رجلا بمكة يزعم أنّ الله أرسله على دينك (٨) ، قلت : ما يقول النّاس؟.

قال : يقولون : إنّه شاعر وساحر ، وكاهن ، وكان أنيس أحد الشّعراء.

__________________

(١) نثا : أشاع وأفشى.

(٢) الصّرمة : القطعة من الإبل ، وتطلق أيضا على القطعة من الغنم.

(٣) نافر : قال أبو عبيد في شرحها : المنافرة المفاخرة والمحاكمة ، فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر ، ثم يتحاكمان إلى رجل ليحكم أيّهما خير وأعزّ نفرا ، وكانت هذه المفاخرة في الشعر أيّهما أشعر.

(٤) أي تراهن هو آخر أيّهما أفضل ، وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك ، فأيّهما كان أفضل أخذ الصرمتين. فتحاكما إلى الكاهن. فحكم بأنّ أنيسا أفضل.

(٥) في صحيح مسلّم «ربّي».

(٦) في صحيح مسلّم «جاء».

(٧) في صحيح مسلّم «صنعت».

(٨) «على دينك». لم ترد في صحيح مسلّم.

١٦٦

فقال : لقد سمعت قول الكهنة ، فما هو بقولهم ، ولقد وضعت قوله على أقراء الشّعر (١) ، فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنّه شعر ، وو الله إنّه لصادق ، وإنّهم لكاذبون.

قال : قلت له : هل أنت كافيني حتى أنطلق (٢) فأنظر؟ قال : نعم ، وكن من أهل مكة على حذر ، فإنّهم قد شنفوا (٣) له وتجهّموا ، فأتيت مكة ، فتضعّفت (٤) رجلا منهم ، فقلت : أين هذا الّذي تدعونه الصّابئ؟ قال : فأشار إلى الصّابئ ، قال : فمال عليّ أهل الوادي بكلّ مدرة وعظم ، حتى خررت مغشيّا عليّ ، فارتفعت حين ارتفعت ، كأنّي نصب أحمر (٥) ، فأتيت زمزم فشربت من مائها ، وغسلت عنّي الدّم ، ودخلت بين الكعبة وأستارها ، ولقد لبثت يا بن أخي ثلاثين من بين ليلة ويوم ، وما لي طعام إلّا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسّرت عكن بطني (٦) ، وما وجدت على كبدي سخفة جوع (٧). فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان (٨) ، قد ضرب الله على اصمخة (٩) أهل مكة ، فما يطوف بالبيت أحد غير امرأتين (١٠) ، فأتتا عليّ ، وهما تدعوان إسافا ونائلة ، فأتتا عليّ في طوافهما ، فقلت : أنكحا أحدهما الأخرى ، قال : فما تناهتا عن قولهما ـ وفي لفظ : فما ثناهما ذلك عمّا قالتا

__________________

(١) في الأصل «أقوال الشعراء» ، والتصحيح من صحيح مسلّم.

(٢) في صحيح مسلّم «أذهب».

(٣) شنفوا : أبغضوا.

(٤) أي نظرت إلى أضعفهم.

(٥) يعني كأنّه الصّم المحمّر من دم الذّبائح.

(٦) عكن بطني : بضم العين وفتح الكاف. جمع عكنة ، وهو الطيّ في البطن من السمن.

(٧) سخفة : بفتح السين وضمّها. وهي رقّة الجوع وضعفه وهزاله.

(٨) إضحيان : مضيئة. يقال ليلة إضحيان وإضحيانة ، وضحياء ويوم أضحيان.

(٩) وفي صحيح مسلّم «أسمختهم» والصاد أفصح وأشهر. والصّماخ هو الخرق الّذي في الأذن يفضي إلى الرأس.

(١٠) في صحيح مسلّم «امرأتين منهم تدعوان إسافا ونائلة».

١٦٧

ـ فأتتا عليّ فقلت : هن مثل الخشبة (١) ، غير أني لا أكني. فانطلقتا تولولان ، وتقولان : لو كان ها هنا أحد من أنفارنا. فاستقبلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، وهما هابطان من الجبل ، فقالا لهما : ما لكما؟.

قالتا : الصّابئ بين الكعبة وأستارها.

قالا : ما قال لكما؟

قالتا : قال لنا كلمة تملأ الفم (٢).

فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصاحبه ، فاستلم الحجر ، ثم طافا ، فلما قضى صلاته أتيته ، فكنت أوّل من حيّاه بتحيّة الإسلام.

فقال : «وعليك السلام ورحمة الله». ثم قال : «ممّن أنت»؟ قلت : من غفار ، فأهوى بيده فوضعها على جبينه ، فقلت في نفسي : كره أنّي انتميت إلى غفار ، فأهويت لآخذ بيده ، فقدعني (٣) صاحبه ، وكان أعلم به منّي ، ثم رفع رأسه فقال : متى كنت هاهنا؟

قلت : قد كنت هاهنا منذ ثلاثين ، بين ليلة ويوم.

قال : فمن كان يطعمك؟ قلت : ما كان لي طعام إلا ماء زمزم (٤) فقال : إنّها مباركة ، إنّها طعام طعم (٥) ، وشفاء سقم.

فقال أبو بكر : ائذن لي يا رسول الله في طعامه اللّيلة ، ففعل ، فانطلقا ، وانطلقت معهما ، حتى فتح أبو بكر بابا ، فجعل يقبض لنا من

__________________

(١) هن مثل الخشبة : الهن والهنة ، بتخفيف النون ، هو كناية عن كل شيء. وأكثر ما يستعمل كناية عن الفرج والذكر. فقال لهما أو مثل الخشبة في الفرج. وأراد بذلك سبّ إساف ونائلة وغيظ الكفّار بذلك.

(٢) أي عظيمة لا شيء أقبح منها.

(٣) قدعني : أي كفّني منعني.

(٤) أي ماء زمزم يشبعه كالطعام.

(٥) أي يشبع كالطعام.

١٦٨

زبيب الطائف ، فكان ذلك أوّل طعام أكلته بها. قال فغبرت ما غبرت (١) ثم أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال :

إنّي (٢) قد وجّهت إلى (٣) أرض ذات نخل لا أحسبها (٤) إلا يثرب ، فهل أنت مبلّغ عنّي قومك لعلّ الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟ فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسا فقال لي : ما صنعت؟

قلت : صنعت أنّي أسلمت وصدّقت ، ثم أتينا أمّنا فقالت : ما بي رغبة عن دينكما ، فأسلمت ، ثم احتملنا حتى أتينا قومنا غفار ، فأسلّم نصفهم قبل أن يقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، وكان يؤمّهم خفاف بن إيماء بن رحضة (٥) الغفاريّ ، وكان سيّدهم يومئذ ، وقال بقيّتهم : إذا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسلمنا ، فقدم المدينة فأسلّم بقيّتهم. وجاءت أسلّم ، فقالوا : يا رسول الله إخواننا ، نسلّم على الّذي أسلموا عليه ، فأسلموا فقال : «غفار غفر الله لها ، وأسلّم سالمها الله» أخرجه مسلّم عن هدبة (٦) عن سليمان [بن المغيرة] (٧).

وفي الصّحيحين (٨) من حديث المثنّى بن سعيد ، عن أبي جمرة الضّبعيّ ، أنّ ابن عبّاس حدّثهم بإسلام أبي ذرّ قال : أرسلت أخي فرجع وقال : رأيت رجلا يأمر بالخير ، فلم يشفني ، فأتيت مكة ، فجعلت لا

__________________

(١) أي بقيت ما بقيت.

(٢) في صحيح مسلّم «إنه».

(٣) في صحيح مسلّم «لي».

(٤) في صحيح مسلّم «أراها».

(٥) في صحيح مسلّم ، وسير أعلام النبلاء «إيماء بن رحضة» دون ذكر لخفاف ،.

(٦) في صحيح مسلّم «هدّاب».

(٧) الإضافة من مسلّم ، رقم (٢٤٧٣) كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل أبي ذرّ ، رضي‌الله‌عنه ، وأخرجه أحمد في مسندة ٥ / ١٧٤ ، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢١٩ ـ ٢٢٢ ، وانظر سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٠ ـ ٥٣.

(٨) صحيح البخاري ٦ / ٤٠٠ و ٧ / ١٣٢ ـ ١٣٤ في المناقب ، باب إسلام أبي ذر ، ومسلّم (٢٤٧٤) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل أبي ذرّ رضي‌الله‌عنه ، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٢٤ ، ٢٢٥ والذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٣ ـ ٥٥ ، دلائل النبوة لأبي نعيم ١ / ٨٤ ـ ٨٦.

١٦٩

أعرفه ، وأشرب من زمزم ، فمرّ بي عليّ (١) فقال : كأنّك غريب ، قلت : نعم ، قال : انطلق إلى المنزل ، فانطلقت معه ، فلم أسأله ، فلمّا أصبحنا ، جئت المسجد ، ثمّ مرّ بي عليّ فقال : أما آن لك أن تعود؟ قلت : لا ، قال : ما أمرك؟ قلت : إن كتمت عليّ أخبرتك ، ثم قلت : بلغنا أنّه خرج نبيّ ، قال : قد رشدت فاتّبعني ، فأتينا النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : اعرض عليّ الإسلام ، فعرضه عليّ ، فأسلمت ، فقال : اكتم إسلامك وارجع إلى قومك ، قلت : والله لأصرخنّ بها بين أظهرهم ، فجاء إلى المسجد فقال : يا معاشر قريش أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، فقالوا : قوموا إلى هذا الصّابئ ، فقاموا ، فضربت لأموت ، فأدركني العبّاس فأكبّ عليّ وقال : تقتلون ، ويلكم رجلا من بني غفار ، ومتجركم وممرّكم على غفار ، فأطلقوا عنّي. ثم فعلت من الغد كذلك ، وأدركني العبّاس أيضا.

وقال النّضر بن محمد اليماميّ : ثنا عكرمة بن عمّار ، عن أبي زميل سماك بن الوليد ، عن مالك بن مرثد ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ قال : كنت ربع الإسلام ، أسلّم قبلي ثلاثة نفر ، أتيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : السّلام عليك يا رسول الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، فرأيت الاستبشار في وجهه (٢)

إسلام حمزه

وقال ابن إسحاق (٣) : حدّثني رجل من أسلّم ، وكان واعية ، أنّ أبا

__________________

(١) هو عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

(٢) في حاشية الأصل كتب «إسناد صحيح». وأخرجه الطبراني ٢ / ١٤٧ ، ١٤٨ رقم (١٦١٧) وفيه تكملة : «فقال : «من أنت؟» فقلت : أنا جندب رجل من بني غفار ، فكأنّه ارتدع وودّ أني كنت من قبيلة غير التي أنا منهم ، وذاك أني كنت من قبيلة يسرقون الحاج بمحاجن لهم».

وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٤٢ إلى قوله المذكور أعلاه ، وصحّحه على شرط مسلّم ، ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وفي سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٥.

(٣) سيرة ابن هشام ٢ / ٣٤ ، السير والمغازي ١٧١.

١٧٠

جهل مرّ (١) برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند الصّفا ، فآذاه وشتمه (٢) ، فلم يكلّمه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومولاة لعبد الله بن جدعان ، تسمع ، ثم انصرف عنه ، فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة ، فجلس معهم ، فلم يلبث حمزة بن عبد المطّلب أن أقبل متوشحا قوسه ، راجعا من قنص له ، وكان صاحب قنص (٣) وكان إذا رجع من قنصه بدأ بالطّواف بالكعبة ، وكان أعزّ فتى في قريش ، وأشدّه (٤) شكيمة (٥) ، فلما مرّ بالمولاة قالت له : يا أبا عمارة [لو رأيت] (٦) ما لقي ابن أخيك آنفا من أبي الحكم ، وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبّه (٧) وبلغ منه ، ولم يكلّمه محمد ، فاحتمل حمزة الغضب ، لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى مغذّا (٨) لأبي جهل ، فلمّا رآه جالسا في القوم أقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس ، فضربه بها ، فشجّه شجّة منكرة ، ثم قال : أتشتمه! فأنا على دينه أقول ما يقول ، فردّ عليّ ذلك إن استطعت ، فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل (٩) ، فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فو الله لقد سبت ابن أخيه سبّا قبيحا ، وتمّ حمزة على إسلامه (١٠) فلما أسلّم ،

__________________

(١) في السير «اعترض رسول».

(٢) في السيرة والسير «ونال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له ، فلم يكلّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك».

(٣) في السيرة «صاحب قنص يرميه ، ويخرج له».

(٤) في السيرة «أشدّ» وفي السير «أشدها».

(٥) في السير «كان يومئذ مشركا على دين قومه».

(٦) «لو رأيت» ساقطة من الأصل ، والاستدراك من السيرة والسير وغيره.

(٧) في السير «شتمه» بدل «سبّه».

(٨) مسرعا ، واللفظ لم يرد في السيرة ، وفي السير فخرج سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت ، معدّا لأبي جهل أن يقع به».

(٩) في السير : «أبا جهل منه ، فقالوا : ما تراك يا حمزة إلّا قد صبأت؟ فقال حمزة : وما يمنعني منه وقد استبان لي منه ذلك ، وأنا أشهد أنه رسول الله ، وأن الّذي يقول حق ، فو الله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين».

(١٠) في السير «وعلى ما بايع عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قوله».

١٧١

عرفت قريش أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قد عزّ وامتنع ، وأنّ حمزة رضي‌الله‌عنه سيمنعه ، فكفّوا بعض الشّيء (١).

إسلام عمر عنه رضى الله

وقال عبد بن حميد وغيره : ثنا أبو عامر العقديّ ، ثنا خارجة بن عبد الله ابن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : اللهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ هذين الرجلين إليك ، بعمر بن الخطاب ، أو بأبي جهل بن هشام (٢). وروي نحوه عن عبيد الله بن دينار ، عن ابن عمر.

وقال مبارك بن فضالة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن ابن عبّاس ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : اللهمّ أعزّ الدّين بعمر (٣).

وقال عبد العزيز الأوسي : ثنا الماجشون بن أبي سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب خاصّة» (٤).

قال إسماعيل بن أبي خالد : ثنا قيس ، قال ابن مسعود : ما زلنا أعزّة

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢ / ٣٤ ، السير والمغازي ١٧١ ، ١٧٢ ، نهاية الأرب ١٦ / ٢٠٨ ، ٢٠٩ ، سيرة ابن كثير ١ / ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، عيون الأثر ١ / ١٠٤ ، ١٠٥ ، وانظر الطبقات لابن سعد ٣ / ٩ ، دلائل النبوّة للبيهقي ١ / ٤٥٩.

(٢) أخرجه الترمذي في المناقب (٣٧٦٤) باب مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، وأحمد في مسندة ٢ / ٩٥ ، وانظر طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٩ ، وابن الجوزي في مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ١٢ ، الباب ٦ في ذكر دعاء الرسول أن يعزّ الإسلام بعمر أو بأي جهل ، نهاية الأرب ١٦ / ٢٥٣ ، عيون الأثر ١ / ١٢٣.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٩ ، المستدرك للحاكم ٣ / ٨٣ وفيه لفظ «الإسلام» بدل «الدين» وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.

(٤) رواه ابن ماجة في سننه ١ / ٣٩ ، المقدّمة ، باب فضائل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (رقم ١٠٥) وقال في الزوائد : حديث عائشة ضعيف. فيه عبد الملك بن الماجشون ، ضعّفه بعض ، وذكره ابن حبّان في الثقات. وفيه مسلّم بن خالد الزنجي ، قال البخاري : منكر الحديث ، وضعّفه أبو حاتم والنسائي وغيرهم. ووثّقه ابن معين وابن حبّان. وانظر مجمع الزوائد ٩ / ٦٣ ، ٦٤.

١٧٢

منذ أسلّم عمر. أخرجه البخاري (١).

وقال أحمد في «مسندة» (٢) : نا أبو المغيرة ، ثنا صفوان ، ثنا شريح بن عبيد قال : قال عمر : خرجت أتعرّض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فوجدته قد سبقني إلى المسجد ، فقمت خلفه ، فاستفتح سورة الحاقّة فجعلت أعجب من تأليف القرآن ، فقلت : هذا والله شاعر ، كما قالت قريش ، فقرأ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ) (٣) الآيات ، فوقع في قلبي الإسلام كلّ موقع (٤).

وقال أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ، عن عبد الله ابن المؤمّل ، عن أبي الزّبير ، عن جابر ، قال : كان أوّل إسلام عمر أنّ عمر قال : ضرب أختي المخاض ليلا ، فخرجت من البيت ، فدخلت في أستار الكعبة في ليلة قرّة ، فجاء النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدخل الحجر ، وعليه تبّان (٥) ، فصلّى ما شاء الله ، ثم انصرف ، فسمعت شيئا لم أسمع مثله ، فخرج ، فأتّبعته فقال : «من هذا»؟ قلت : عمر ، قال : «يا عمر ما تدعني ليلا ولا نهارا» ، فخشيت أن يدعو عليّ فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله ، فقال : «يا عمر أسرّه». قلت : لا والّذي بعثك بالحقّ لأعلننّه ، كما أعلنت الشّرك (٦).

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ / ١٩٩ كتاب المناقب ، باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي‌الله‌عنه ، وأخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، وابن الجوزي في مناقب عمر ١٨ الباب الحادي عشر ، في ظهور الإسلام بإسلامه.

(٢) ج ١ / ١٧.

(٣) سورة الحاقّة ـ الآية ٤٠.

(٤) انظر الخبر بأطول مما هنا في أسد الغابة ، ومجمع الزوائد ٩ / ٩٢ ، عيون الأثر ١ / ١٢٥ ، صفة الصفوة ١ / ٢٦٨ ، ٢٦٩ وقد أخرج هذا الحديث : الطبراني في المعجم الأوسط ، ورجاله ثقات إلّا أن شريح بن عبيد لم يدرك عمر.

(٥) سروال صغير.

(٦) مناقب عمر لابن الجوزي ١٥.

١٧٣

وقال محمد بن عبيد الله بن المنادي : ثنا إسحاق الأزرق ، ثنا القاسم ابن عثمان البصري ، عن أنس بن مالك قال : خرج عمر رضي‌الله‌عنه متقلّدا السيف ، فلقيه رجل من بني زهرة فقال له : أين تعمد يا عمر؟ قال : أريد أن أقتل محمدا ، قال : وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة ، وقد قتلت محمدا؟ فقال : ما أراك إلّا قد صبأت (١) ، قال : أفلا أدلّك على العجب ، (٢) إنّ ختنك (٣) وأختك قد صبأ (٤) وتركا دينك (٥). فمشى عمر (٦) فأتاهما ، وعندهما خبّاب ، فلما سمع بحسّ عمر توارى في البيت ، فدخل فقال : ما هذه الهينمة (٧)؟ وكانوا يقرءون «طه» (٨) ، قالا : ما عدا حديثا تحدّثناه بيننا ، قال : فلعلّكما قد صبأتما؟ فقال له ختنه : يا عمر (٩) إن كان الحقّ في غير دينك؟ فوثب عليه فوطئه وطئا شديدا ، فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها ، فنفحها نفحة بيده فدمّى وجهها ، فقالت وهي غضبى : وإن كان الحقّ في غير دينك إنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، فقال عمر : أعطوني الكتاب الّذي هو عندكم فأقرأه ، وكان عمر يقرأ الكتاب (١٠) ، فقالت أخته : إنّك رجس ، وإنّه لا يمسّه إلّا المطهّرون ، فقم فاغتسل أو توضّأ ، فقام فتوضّأ ، ثم أخذ الكتاب ، فقرأ (طه) حتى انتهى إلى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (١١) فقال

__________________

(١) في طبقات ابن سعد «صبوت وتركت دينك الّذي أنت عليه».

(٢) في الطبقات «العجب يا عمر».

(٣) أي صهرك زوج أختك.

(٤) في الطبقات «صبوا».

(٥) في الطبقات «الّذي أنت عليه».

(٦) في الطبقات «فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما».

(٧) في الطبقات «الهينمة التي سمعتها عندكم».

(٨) السورة رقم ٢٠.

(٩) في الطبقات «أرأيت يا عمر».

(١٠) في الطبقات «الكتب».

(١١) سورة طه ، الآية ١٤.

١٧٤

عمر : دلّوني (١) على محمد ، فلما سمع خبّاب قول عمر خرج فقال : أبشر يا عمر فإنّي أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لك ليلة الخميس : «اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام». وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أصل الدّار التي في أصل الصّفا. فانطلق عمر حتى أتى الدّار وعلى بابها حمزة ، وطلحة ، وناس (٢) ، فقال حمزة : هذا عمر ، إن يرد الله به خيرا يسلّم وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيّنا ، قال : والنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم داخل يوحى إليه ، فخرج حتى أتى عمر ، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : «ما (٣) أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنّكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة»؟ فهذا عمر «اللهمّ أعزّ الإسلام (٤) بعمر» فقال عمر : أشهد أنّ لا إله إلّا الله وأنّك عبد الله ورسوله.

وقد رواه يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، وقال فيه : زوج أخته سعيد بن زيد بن عمرو (٥).

وقال ابن عيينة ، عن عمرو ، عن ابن عمر قال : إنّي لعلى سطح ، فرأيت النّاس مجتمعين على رجل وهم يقولون : صبأ عمر ، فجاء العاص بن وائل عليه قباء ديباج فقال : إن كان عمر قد صبأ فمه (٦) أنا له جار ، قال : فتفرّق النّاس عنه قال : فعجبت من عزّه. أخرجه البخاريّ عن ابن المديني ، عنه (٧).

__________________

(١) في الأصل و (ع) «دلّوا». وفي غيرهما وفي الطبقات (دلّوني).

(٢) في طبقات ابن سعد «وأناس من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر قال حمزة».

(٣) في الطبقات «أما».

(٤) في الطبقات «الدين».

(٥) سيرة ابن هشام ٢ / ٩٥ ، ٩٦ ، السير والمغازي ١٨١ ـ ١٨٤ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٧ ـ ٢٦٩ واللفظ له ، نهاية الأرب ١٦ / ٢٥٣ ـ ٢٥٦ ، عيون الأثر ١ / ١٢٢ ، ١٢٣ ، دلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٨ ، صفة الصفوة ١ / ٢٦٩ ، ٢٧٠.

(٦) في صحيح البخاري «فما ذاك».

(٧) صحيح البخاري ٤ / ٢٤٢ باب إسلام عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، وأخرجه البيهقي في

١٧٥

قال البكّائي ، عن ابن إسحاق (١) حدّثني نافع ، عن ابن عمر قال : لما أسلم عمر قال : أيّ قريش أنقل للحديث؟ قيل : جميل بن معمر الجمحيّ ، فغدا عليه ، قال ابن عمر : وغدوت أتبع أثره وأنا غلام أعقل ، حتى جاءه فقال : أعلمت أنّي أسلمت؟ فو الله ما راجعه حتى قام يجرّ رداءه ، حتى قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ، ألا إنّ ابن الخطّاب قد صبأ ، قال يقول عمر من خلفه : كذب ، ولكنّي أسلمت ، وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ، ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم ، قال وطلح (٢) (فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول : افعلوا ما بدا لكم ، فأحلف بالله أن لو كنّا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم) (٣) أو تركتموها لنا ، فبينا هو على ذلك ، إذ أقبل شيخ عليه حلّة حبرة ، وقميص موشّى (٤) ، حتى وقف عليهم فقال : ما شأنكم؟ قالوا : صبأ عمر ، قال : فمه! رجل اختار لنفسه أمرا فما ذا تريدون! أترون بني كعب بن عديّ يسلمونه! خلّوا عنه ، قال : فو الله لكأنّما كانوا ثوبا كشط (٥) عنه ، فقلت لأبي بعد أن هاجر : يا أبه ، من الرجل الّذي زجر القوم عنك؟ قال العاص بن وائل.

وأخرجه ابن حبّان ، من حديث جرير بن حازم ، عن ابن إسحاق (٦).

__________________

= دلائل النبوّة ٢ / ٩ ، وابن الجوزي في مناقب عمر ١٥.

(١) سيرة ابن هشام ٢ / ٩٧ ، السير والمغازي ١٨٤ ، ١٨٥.

(٢) أي أعيا وتعب ، على ما في (النهاية) ، وفي السير والمغازي «بلح».

(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل فاستدركته من (ع) ونسخة دار الكتب وسيرة ابن هشام والسير والمغازي.

(٤) هكذا في الأصل ، والسيرة ، وفي السير والمغازي «قومسي» ولعلّه نسبة إلى قومس الكورة الكبيرة الواسعة المشتملة على مدن وقرى ومزارع في ذيل جبل طبرستان ، كما ذكر ياقوت في معجمه.

والحبرة : ضرب من برود اليمن.

(٥) في السير والمغازي «كشف».

(٦) سيرة ابن هشام ٢ / ٩٧ ، ٩٨ ، السير والمغازي ١٨٤ ، ١٨٥ ، نهاية الأرب ١٦ / ٢٥٦ ، ٢٥٧ عيون التواريخ ١ / ٧٧.

١٧٦

وقال إسحاق بن إبراهيم الحنينيّ (١) ، عن أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قال لنا عمر : كنت أشدّ النّاس على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبينا أنا في يوم حارّ بالهاجرة ، في بعض طريق (٢) مكة ، إذ لقيني رجل فقال : عجبا لك يا بن الخطّاب ، إنّك تزعم أنّك وأنّك ، وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك ، قلت : وما ذاك؟ قال : أختك قد أسلمت (٣) ، فرجعت مغضبا حتى قرعت الباب ، وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أسلم الرجل والرجلان ممّن لا شيء له ضمّهما إلى من في يده سعة فينالان من فضل طعامه ، وقد كان ضمّ إلى زوج أختي رجلين ، فلمّا قرعت الباب قيل : من هذا؟ قيل : عمر ، فتبادروا فاختفوا منّي ، وقد كانوا يقرءون صحيفة بين أيديهم تركوها أو نسوها ، فقامت أختي تفتح الباب ، فقلت : يا عدوّة نفسها ، أصبأت ، وضربتها بشيء في يدي على رأسها ، فسال الدم وبكت ، وقالت : يا بن الخطّاب ما كنت فاعلا فافعل فقد صبأت ، قال : ودخلت حتى جلست على السرير ، فنظرت إلى الصحيفة فقلت : ما هذا (٤) ناولينها ، قالت : لست من أهلها ، أنت لا تطهّر من الجنابة ، وهذا كتاب لا يمسّه إلّا المطهّرون ، فما زلت بها حتى ناولتنيها ، ففتحتها ، فإذا فيها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فكلّما مررت باسم من أسماء الله عزوجل ذعرت منه ، فألقيت الصحيفة ، ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها ، فإذا فيها (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٥) فذعرت ، فقرأت إلى (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله ، فخرجوا إليّ متبادرين وكبّروا ، وقالوا : أبشر فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا يوم الإثنين فقال :

__________________

(١) الحنيني : بضم الحاء وفتح النون وسكون الياء المثناة من تحتها. نسبة إلى الجدّ وهو حنين أو أبو الحنين. (اللباب ١ / ٣٩٨).

(٢) في عيون الأثر «طرق».

(٣) في عيون الأثر «صبت».

(٤) كذا في الأصل و (ع) ، وفي المنتقى لابن الملا (ما هذه) وفي عيون الأثر «ما هذا الكتاب».

(٥) سورة الحديد ، الآية ١.

١٧٧

«اللهمّ أعزّ دينك بأحبّ الرجلين إليك إمّا أبو جهل وإمّا عمر» ، ودلّوني على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيت بأسفل الصّفا ، فخرجت حتى قرعت الباب ، فقالوا : من؟ قلت : ابن الخطّاب ، وقد علموا شدّتي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فما اجتزأ أحد أن يفتح الباب ، حتى قال : «افتحوا له» (١) ففتحوا لي ، فأخذ رجلان بعضدي ، حتى أتيا بي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : خلّوا عنه ، ثم أخذ بمجامع قميصي وجذبني إليه ، ثم قال : «أسلّم يا بن الخطّاب ، اللهمّ اهده» فتشهّدت ، فكبّر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة ، وكانوا مستخفين ، فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب ويضرب إلّا رأيته ، ولا يصيبني من ذلك شيء ، فجئت خالي (٢) وكان شريفا ، فقرعت عليه الباب ، فقال : من هذا؟ قلت : ابن الخطّاب وقد صبأت (٣) قال : لا تفعل ، ثم دخل وأجاف الباب دوني. فقلت : ما هذا بشيء ، فذهبت إلى رجل من عظماء قريش ، فناديته ، فخرج إليّ ، فقلت مثل ما قال لخالي ، وقال لي مثل ما قال خالي ، فدخل وأجاف الباب دوني فقلت : ما هذا بشيء ، إنّ المسلمين يضربون وأنا لا أضرب ، فقال لي رجل : أتحبّ أن يعلم بإسلامك؟ قلت : نعم. قال : فإذا جلس النّاس في الحجر فأت فلانا ـ لرجل لم يكن يكتم السرّ ـ فقل له فيما بينك وبينه إنّي قد صبأت ، فإنّه قلّما يكتم السّر ، فجئت ، وقد اجتمع النّاس في الحجر ، فقلت فيما بيني وبينه : إنّي قد صبأت ، قال : أوقد فعلت؟ قلت : نعم ، فنادى بأعلى صوته : إنّ ابن الخطّاب قد صبأ ، فبادروا (٤) إليّ ، فما زلت أضربهم ويضربونني ، واجتمع عليّ النّاس ، قال

__________________

(١) في عيون الأثر زيادة «فإن يرد الله به خيرا يهده».

(٢) في حاشية الأصل (خاله أبو جهل) وكذلك في المنتقى لابن الملا والسيرة لابن هشام ، وهو أبو جهل بن هشام.

(٣) في الأصل «صبوت» في كل المواضع ، وفي (النهاية) : كانوا لا يهمزون فأبدلوا من الهمزة واوا.

(٤) في نسخة دار الكتب والمنتقى لابن الملّا (فثاروا إليّ).

١٧٨

خالي : ما هذه الجماعة؟ قيل : عمر قد صبأ ، فقام على الحجر ، فأشار بكمّه : ألا إنّي قد أجرت ابن أختي ، فتكشّفوا عنّي ، فكنت لا أشاء أن أرى رجلا من المسلمين يضرب ويضرب إلّا رأيته ، فقلت : ما هذا بشيء حتى يصيبني ما يصيب المسلمين ، فأتيت خالي فقلت : جوارك ردّ عليك ، فما زلت أضرب وأضرب حتى أعزّ الله الإسلام (١).

ويروى عن ابن عبّاس بإسناد ضعيف قال : سألت عمر ، لأيّ شيء سمّيت الفاروق؟ فقال : أسلّم حمزة قبلي بثلاثة أيام ، فخرجت إلى المسجد ، فأسرع أبو جهل إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يسبّه ، فأخبر حمزة ، فأخذ قوسه وجاء إلى المسجد ، إلى حلقة قريش التي فيها أبو جهل ، فاتّكأ على قوسه مقابل أبي جهل ، فنظر إليه ، فعرف أبو جهل الشّرّ في وجهه ، فقال : ما لك يا أبا عمارة؟ فرفع القوس فضرب بها أخدعيه (٢) ، فقطعه فسالت الدّماء ، فأصلحت ذلك قريش مخافة الشّرّ ، قال : ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مختف في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ، فانطلق حمزة فأسلّم ، وخرجت بعده بثلاثة أيام ، فإذا فلان المخزوميّ فقلت : أرغبت عن دين آبائك واتّبعت دين محمد؟ قال : إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقّا منّي ، قلت : ومن هو؟ قال : أختك وختنك ، فانطلقت فوجدت همهمة ، فدخلت فقلت : ما هذا؟ فما زال الكلام بيننا حتى أخذت برأس ختني فضربته وأدميته ، فقامت إليّ أختي فأخذت برأسي وقالت : قد كان ذلك على رغم أنفك ، فاستحييت حين رأيت الدّماء ، فجلست وقلت : أروني هذا الكتاب ، فقالت : إنّه لا يمسّه إلّا المطهّرون ، فقمت فاغتسلت ، فأخرجوا إليّ صحيفة فيها (بِسْمِ

__________________

(١) انظر الخبر بطوله في عيون الأثر ١ / ١٢٢ ـ ١٢٤ ، وأسد الغابة ٤ / ٥٤ ـ ٥٦ وانظر سيرة ابن هشام ٢ / ٩٨ ، مناقب عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه لابن الجوزي ١٣ ، ١٤.

(٢) الأخدعان : عرقان في جانبي العنق ، وهما شعبتان من الوريد ، وربما وقع المشرط على أحدهما فينزف صاحبه. كما في النهاية.

١٧٩

اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قلت : أسماء طيّبة طاهرة (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) (١) إلى قوله (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ، فتعظّمت في صدري ، وقلت : من هذا فرّت قريش ، فأسلمت ، وقلت : أين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قالت : فإنّه في دار الأرقم ، فأتيت فضربت الباب ، فاستجمع القوم ، فقال لهم حمزة : ما لكم؟ قالوا : عمر ، قال : وعمر! افتحوا له الباب ، فإن أقبل قبلنا منه ، وإن أدبر قتلناه ، فسمع ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج فتشهّد عمر ، فكبّر أهل الدّار تكبيرة سمعها أهل المسجد ، قلت : يا رسول الله ألسنا على الحقّ؟ قال : «بلى» ، فقلت : ففيم الاختفاء ، فخرجنا صفّين أنا في أحدهما ، وحمزة في الآخر ، حتى دخلنا المسجد ، فنظرت قريش إليّ وإلى حمزة ، فأصابتهم كآبة شديدة ، فسمّاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (الفاروق) يومئذ وفرق بين الحقّ والباطل (٢).

وقال الواقديّ : ثنا محمد بن عبد الله ، عن الزّهريّ ، عن ابن المسيّب قال : أسلّم عمر بعد أربعين رجلا وعشر نسوة ، فلمّا أسلّم ظهر الإسلام بمكة (٣).

وقال الواقديّ : ثنا معمر ، عن الزّهري أنّ عمر أسلّم بعد أن دخل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم دار الأرقم ، وبعد أربعين أو نيّف وأربعين من رجال ونساء ، فلما أسلّم أنزل جبريل فقال : يا محمد استبشر أهل السماء بإسلام عمر (٤).

__________________

(١) أوّل سورة طه.

(٢) مناقب عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه لابن الجوزي ١٢ / ١٣ و ١٩ ، صفة الصفوة ١ / ٢٧٢ ، ٣٧٣ ، دلائل النبوّة لأبي نعيم ١ / ٧٩ ، ٨٠ ، عيون التواريخ ١ / ٧٥ ـ ٧٧.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٩ ، صفة الصفوة ١ / ٢٧٣ ، أسد الغابة ٤ / ٥٣ ، نهاية الأرب ١٦ / ٢٥٦.

(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٩ ، مناقب عمر لابن الجوزي ١٨ ، صفة الصفوة ١ / ٢٧٤ ، نهاية الأرب ١٦ / ٢٥٦.

١٨٠