تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

قالت : انتظري فإنّ أبا بكر آت ، فجاء أبو بكر فذكرت ذلك له.

فقال : أو تصلح له وهي ابنة أخيه؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنا أخوه وهو أخي وابنته تصلح لي.

قالت : وقام أبو بكر ، فقالت لي أمّ رومان : إنّ المطعم بن عديّ قد كان ذكرها على ابنه ، وو الله ما أخلف وعدا قطّ ، تعني أبا بكر.

قالت : فأتى أبو بكر المطعم فقال : ما تقول في أمر هذه الجارية.

قال : فأقبل على امرأته فقال لها : ما تقولين؟ فأقبلت على أبي بكر فقالت : لعلّنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تصبئه وتدخله في دينك.

فأقبل عليه أبو بكر فقال : ما تقول أنت؟ فقال : إنّها لتقول ما تسمع ، فقام أبو بكر وليس في نفسه من الموعد شيء ، فقال لها : قولي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فليأت ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فملكها ، قالت : ثمّ انطلقت إلى سودة بنت زمعة ، وأبوها شيخ كبير قد جلس عن الموسم فحيّيته بتحيّة أهل الجاهلية وقلت : أنعم صباحا ، قال : من أنت؟ قلت : خولة بنت حكيم ، فرحّب بي وقال ما شاء الله أن يقول ، قلت : محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب يذكر سودة بنت زمعة ، قال : كفؤ كريم ما ذا تقول صاحبتك؟ قلت : تحبّ ذلك ، قال : قولي له فليأت ، قالت : فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فملكها. قالت : وقدم عبد بن زمعة فجعل يحثو على رأسه التراب ، فقال بعد أن أسلّم : إنّي لسفيه يوم أحثو على رأسي التراب أن تزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سودة. إسناده حسن (١).

عرض نفسه صلى‌الله‌عليه‌وسلم على القبائل

قال إسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن

__________________

(١) رواه أحمد في المسند ٦ / ٢١٠ ـ ٢١١ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

٢٨١

جابر قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعرض نفسه على النّاس بالموقف فيقول : «هل من رجل يحملني إلى قومه ، فإنّ قريشا قد منعوني أن أبلّغ كلام ربّي». أخرجه أبو داود (١) ، عن محمد بن كثير ، عن إسرائيل ، وهو على شرط البخاري.

وقال موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في تلك السنين يعرض نفسه على قبائل العرب في كلّ موسم ، ويكلّم كلّ شريف قوم ، لا يسألهم مع ذلك إلّا أن يؤووه ويمنعوه ، ويقول :

لا أكره أحدا منكم على شيء ، من رضي منكم بالذي أدعوه إليه فذاك ، ومن كره لم أكرهه ، إنّما أريد أن تحرزوني (٢) ممّا يراد بي من القتل (٣) ، حتى أبلّغ رسالات ربّي ، وحتّى يقضي الله لي ولمن صحبني بما شاء ، فلم يقبله أحد ويقولون : قومه أعلم به ، أترون أنّ رجلا يصلحنا وقد أفسد قومه ، ولفظوه ، فكان ذلك ممّا ذخر (٤) الله للأنصار (٥).

وتوفّي أبو طالب ، وابتلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أشدّ ما كان ، فعمد لثقيف بالطّائف ، رجاء أن يؤووه ، فوجد ثلاثة نفر منهم ، هم سادة ثقيف : عبد ياليل ، وحبيب ، ومسعود بنو عمرو ، فعرض عليهم نفسه ، وشكا إليهم البلاء ، وما انتهك منه قومه.

فقال أحدهم : أنا أسرق أستار الكعبة إن كان الله بعثك قطّ.

__________________

(١) سنن أبي داود (٤٧٣٤) في كتاب السّنّة ، باب في القرآن ، وأخرجه ابن ماجة في المقدّمة (٢٠١) ، وأحمد في المسند ٣ / ٣٢٢ و ٣٣٩ و ٣٩٠ ، وابن سيد الناس في عيون الأثر ١ / ١٥٢.

(٢) هكذا في الأصل ، وفي دلائل النبوّة للبيهقي ، أي تحفظوني ، وفي نسخة دار الكتب المصرية «تجيروني».

(٣) في حاشية الأصل «الفتك».

(٤) في الأصل وغيره «دخر» بالدار المهملة ، والتصويب من دلائل النبوّة للبيهقي ، والدرر في اختصار المغازي والسّير لابن عبد البرّ. وفي مغازي عروة «أذخر».

(٥) في المغازي لعروة «للأنصار من البركة».

٢٨٢

وقال الآخر : أعجز على الله أن يرسل غيرك.

وقال الآخر : والله لا أكلّمك بعد مجلسك هذا ، والله لئن كنت رسول الله لأنت أعظم شرفا وحقّا من أن أكلّمك ، ولئن كنت تكذب على الله ، لأنت أشرّ من أن أكلّمك وتهزّأوا (١) به ، وأفشوا في قومهم الّذي راجعوه به ، وقعدوا له صفّين على طريقه ، فلمّا مرّ جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلّا رضخوهما بالحجارة وأدموا رجليه ، فخلص منهم وهما تسيلان الدماء ، فعمد إلى حائط من حوائطهم ، واستظلّ في ظلّ حبلة (٢) منه ، وهو مكروب موجع ، فإذا في الحائط عتبة بن ربيعة ، وشيبة أخوه ، فلمّا رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما ، فلمّا رأياه أرسلا إليه غلاما لهما يدعى عدّاسا ، وهو نصرانيّ من أهل نينوى ، معه عنب ، فلمّا جاء عدّاس ، قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أيّ أرض أنت يا عدّاس»؟ قال : من أهل نينوى ، فقال له النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مدينة الرجل الصّالح يونس بن متّى» (٣) فقال : وما يدريك من يونس بن متّى؟ قال : أنا رسول الله ، والله أخبرني خبر يونس» ، فلمّا أخبره خرّ عدّاس ساجدا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وجعل يقبّل قدميه وهما تسيلان الدّماء ، فلمّا أبصر عتبة ، وشيبة ما يصنع غلامهما سكتا ، فلمّا أتاهما قالا : ما شأنك سجدت لمحمد وقبّلت قدميه؟ قال : هذا رجل صالح ، أخبرني بشيء عرفته من شأن رسول بعثه الله إلينا يدعى يونس بن متّى ، فضحكا به ، وقالا : لا يفتنك عن نصرانيّتك ، فإنّه رجل خدّاع ، فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مكة (٤).

__________________

(١) هكذا في الأصل ، ودلائل النبوّة للبيهقي ، وفي الدرر لابن عبد البر ، وغيره «هزءوا به» ، وفي مغازي عروة «وهم في ذلك يستهزءون ويسخرون».

(٢) أي كرمة.

(٣) كانت مدته في أول القرن الثامن قبل الميلاد. (تفسير التحرير والتنوير).

(٤) رواه عروة في المغازي ١١٧ ـ ١١٩ ، والبيهقي في دلائل النبوّة ١ / ٣٨٩ ـ ٣٩٢ ، وابن عبد البرّ ـ

٢٨٣

وقال يونس بن يزيد ، عن الزّهريّ : أخبرني عروة ، أنّ عائشة حدّثته ، أنّها قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هل أتى عليك يوم أشدّ عليك من يوم أحد؟ قال : «ما لقيت من قومك كان أشدّ منه ، يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثعالب (١) ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني ، فنظرت فإذا هو جبريل ، فناداني «إنّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك ، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم» ، ثمّ ناداني ملك الجبال فسلّم عليّ ، ثمّ قال : يا محمد إنّ الله قد سمع قول قومك ، وأنا ملك الجبال ، قد بعثني إليك ربّك لتأمرني بما شئت ، إن شئت أن أطبق (٢) عليهم الأخشبين (٣) ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أشرارهم (٤) ـ أو قال : من أصلابهم ـ من يعبد الله لا يشرك به شيئا. أخرجاه (٥).

وقال البكّائيّ ، عن ابن إسحاق : (٦) فحدّثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظيّ قال : لمّا انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الطّائف ، عمد إلى نفر من ثقيف ، وهم يومئذ سادتهم ، وهم إخوة ثلاثة : عبد ياليل بن

__________________

= في الدرر في اختصار المغازي والسير ٦٥ ، وانظر تاريخ الطبري ٢ / ٣٤٤ ـ ٣٤٦ ، وسيرة ابن هشام ٢ / ١٧٣ ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ١ / ١٠٣.

(١) موضع تلقاء مكة ، على يوم وليلة. (معجم البلدان).

(٢) في الأصل (يطبق). وفي نسخة دار الكتب (أطبقت). والتصحيح من صحيح البخاري.

(٣) هما جبلا مكة : أبو قبيس والأحمر ، وهو المشرف وجهه على قعيقعان. (حتى الجنّتين في تمييز نوعي المثنّيين).

(٤) في «ع» (أسرارهم).

(٥) أخرجه البخاري في بدء الخلق ٤ / ٨٣ باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدّم من ذنبه ، ومسلّم (١٧٩٥) في كتاب الجهاد والسير ، باب ما لقي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أذى المشركين والمنافقين ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة ١ / ٩٦.

(٦) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٢ ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ١ / ١٠٣.

٢٨٤

عمرو ، وأخواه مسعود ، وحبيب ، وعند أحدهم امرأة من قريش من جمح ، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله ، فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك ، وقال الآخر : أما وجد الله من يرسله غيرك؟ وقال الآخر : والله لا أكلّمك.

وذكره كما في حديث ابن شهاب ، وفيه زيادة وهي : فلمّا اطمأنّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فيما ذكر لي : «اللهمّ إليك أشكو ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وهواني على النّاس ، أرحم الراحمين ، أنت ربّ المستضعفين وأنت ربّي ، إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهّمني ، أو إلى عدوّ ملّكته أمري ، إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الكريم الّذي أشرقت له الظّلمات ، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك ، لك العتبى حتّى ترضى ولا حول ولا قوّة إلّا بك» (١).

وحدّثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبّاس ، سمعت ربيعة بن عبّاد يحدّث أبي قال : إنّي لغلام شابّ مع أبي بمنى ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقف على القبائل من العرب ، يقول : يا بني فلان إنّي رسول الله إليكم ، يأمركم أن تعبدوه لا تشركوا ، به شيئا ، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه ، وأن تؤمنوا وتصدّقوني وتمنعوني حتى أبيّن عن الله ما بعثني به ، قال : وخلفه رجل أحول وضيء ، له غديرتان ، عليه حلّة عدنيّة ، فإذا فرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قوله قال : يا بني فلان إنّ هذا إنّما يدعوكم إلى أن تسلخوا اللّات والعزّى وخلفاءكم من الحيّ من بني مالك بن أقيش ، إلى ما جاء به من البدعة والضّلالة ، فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه ، فقلت لأبي : من هذا؟ قال : هذا عمّه عبد العزّى أبو لهب (٢).

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٣ ـ ١٧٤ وانظر السير والمغازي ٢٣٢ ، نهاية الأرب للنويري ١٦ / ٣٠٣.

٢٨٥

وحدّثني ابن شهاب أنّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتى كندة في منازلهم ، وفيهم سيّد لهم يقال له مليح (١) ، فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم نفسه ، فأبوا عليه (٢).

وحدّثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين ، أنّه أتى كلبا في منازلهم ، إلى بطن منهم يقال له بنو عبد الله ، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه ، حتى إنّه ليقول : يا بني عبد الله إنّ الله قد أحسن اسم أبيكم ، فدعاهم إلى الله فلم يقبلوا (٣).

وحدّثني بعض أصحابنا أنّه أتى بني حنيفة في منازلهم ، ودعاهم إلى الله ، وعرض عليهم نفسه ، فلم يكن أحد من العرب أقبح ردّا منهم (٤).

وحدّثني الزّهريّ أنّه أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم نفسه ، فقال رجل منهم يقال له بيحرة (٥) بن فراس : والله لو أنّي أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ، ثم قال له : أرأيت إن تابعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال : «الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء» ، قال : أفتهدف نحورنا للعرب دونك ، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا ، لا حاجة لنا بأمرك ، فأبوا عليه (٦).

__________________

(١) هكذا في الأصل والسيرة وتاريخ الطبري ، وفي السير والمغازي «فليح».

(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٤ ، السير والمغازي ٢٣٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٤٩.

(٣) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٤ ، السير والمغازي ٢٣٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٤٩.

(٤) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٤٩.

(٥) في نسخة دار الكتب المصرية «سحرة» ، وفي (ع) «صخرة» ، والتصحيح من الأصل وتاريخ الطبري ونهاية الأرب للنويري.

(٦) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٥٠ ، نهاية الأرب ١٦ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

٢٨٦

حديث سويد بن الصّامت (١)

وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أشياخ من قومه قالوا : قدم سويد بن الصّامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجّا أو معتمرا ، وكان سويد يسمّيه قومه فيهم (الكامل) لسنّه وجلده وشعره ، فتصدّى (٢) له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودعاه إلى الله ، فقال سويد : فلعلّ الّذي معك مثل الّذي معي ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وما الّذي معك»؟ قال : مجلّة لقمان ، يعني حكمة لقمان ، قال : اعرضها ، فعرضها عليه ، فقال : «إنّ هذا الكلام حسن ، والّذي معي أفضل منه ، قرآن أنزله الله عليّ» ، فتلا عليه القرآن ، ودعاه إلى الإسلام ، فلم يبعد منه ، وقال : إنّ هذا لقول حسن ، ثم انصرف فقدم المدينة على قومه ، فلم يلبث أن قتلته الخزرج ، فكان رجال من قومه يقولون : إنّا لنرى أنّه قتل وهو مسلّم ، وكان قتله يوم بعاث (٣).

وقال البكّائيّ ، عن ابن إسحاق قال : وسويد الّذي يقول :

 ألا ربّ من تدعو صديقا ولو ترى

مقالته بالغيب ساءك ما يفري

مقالته كالشّهد ما كان شاهدا

وبالغيب مأثور على ثغرة النّحر

يسرّك باديه وتحت أديمه

تميمة (٤) غشّ تبتري عقب الظّهر

تبيّن لك العينان ما هو كاتم

من الغلّ والبغضاء بالنّظر الشّزر

فرشني بخير طالما قد بريتني

وخير الموالي يريش ولا يبري (٥)

__________________

(١) العنوان إضافة من سيرة ابن هشام.

(٢) في المنتقى لابن الملا «فعرض».

(٣) في سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٥ «قبل يوم بعاث» ، وفي تاريخ الطبري ٢ / ٣٥٢ ، ونهاية الأرب ١٦ / ٣٠٥ «قبل بعاث».

(٤) في السيرة «نميمة» بالنون.

(٥) الأبيات في سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٥ ، وهي في تاريخ الطبري ٢ / ٣٥١ مع اختلاف في الألفاظ ، وانظر سيرة ابن كثير ٢ / ١٧٣ ـ ١٧٤.

٢٨٧

حديث يوم بعاث (١)

قال يونس ، عن ابن إسحاق : حدّثني الحصين بن عبد الرحمن بن سعد ابن معاذ ، عن محمود بن لبيد قال : لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ، ومعه فتية من بني عبد الأشهل ، فيهم إياس بن معاذ ، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج ، سمع بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأتاهم فقال لهم : هل لكم إلى خير ممّا جئتم له؟ قالوا : وما ذاك؟ قال : أنا رسول الله بعثني الله إلى العباد ، ثم ذكر لهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، فقال إياس ، وكان غلاما حدثا : يا قوم هذا والله خير ممّا جئتم له ، فيأخذ أبو الحيسر حفنة من الحصباء (٢) ، فيضرب بها وجه إياس ، وقال : دعنا منك ، فلعمري لقد جئنا لغير هذا ، فسكت ، وقام النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنهم وانصرفوا إلى المدينة ، وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج ، ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك. قال محمود بن لبيد : فأخبرني من حضره من قومي أنّهم لم يزالوا يسمعونه يهلّل الله ويكبّره ويحمده ويسبّحه حتى مات ، وكانوا لا يشكّون أنّه مات مسلما. وقد كان استشعر منه (٣) الإسلام في ذلك المجلس ، حين سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما سمع (٤).

وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان يوم بعاث يوما قدّمه الله عزوجل لرسوله ، فقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، وقد افترق ملؤهم

__________________

(١) بعاث : بضم أوّله. موضع على ليلتين من المدينة. (مشارق الأنوار للقاضي عياض).

(٢) في هامش الأصل «البطحاء».

(٣) كذا في المنتقى لابن الملا ، وفي الأصل «من» ، وفي سيرة ابن هشام «كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس» وانظر تاريخ الطبري.

(٤) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣ ، نهاية الأرب للنويري ١٦ / ٣٠٥ وانظر عيون الأثر لابن سيّد الناس ١ / ١٥٥ ، وسيرة ابن كثير ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥.

٢٨٨

وقتلت سراتهم (١) ـ يعني وجرّحوا ـ قدّمه الله لرسوله في دخولهم في الإسلام (٢) أخرجه البخاري (٣).

ذكر

مبدإ خبر الأنصار والعقبة الأولى

قال أحمد بن المقدام العجليّ : ثنا هشام بن محمد الكلبيّ ، ثنا عبد الحميد بن أبي عبس بن جبر (٤) ، عن أبيه قال : سمعت قريش قائلا يقول في اللّيل على أبي قبيس :

فإن يسلم السّعدان يصبح محمد

بمكة لا يخشى خلاف المخالف

فلمّا أصبحوا قال أبو سفيان : من السّعدان؟ سعد بن بكر ، أو سعد بن تميم؟ (٥) فلمّا كان في الليلة الثانية سمعوا الهاتف يقول :

أبا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا

ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنّيا

على الله في الفردوس منية عارف

فإنّ ثواب الله للطالب الهدى

جنان من الفردوس ذات رفارف

فقال أبو سفيان : هو والله سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة (٦).

__________________

(١) عند البخاري «سرواتهم».

(٢) قال السمهودي في وفاء ألوفا ١ / ١٥٥ طبعة الآداب : «ومعناه أنه قتل فيه من أكابرهم من كان لا يؤمن أن يتكبّر ويأنف أن يدخل في الإسلام لتصلّبه في أمر الجاهلية ولشدّة شكيمته حتى لا يكون تحت حكم غيره».

(٣) في الصحيح ٤ / ٢٢١ في مناقب الأنصار ، باب مناقب الأنصار وقول الله عزوجل (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) ، و ٤ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨ باب أيام الجاهلية ، و ٤ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ باب مقدم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه المدينة ، ورواه أحمد في المسند ٦ / ٦١.

(٤) في الأصل «أبي عيسى بن خير» ، والتصحيح من الاستيعاب وتاريخ الطبري وتهذيب التهذيب.

(٥) في تاريخ الطبري «سعد بكر ، سعد تميم ، سعد هذيم».

(٦) تاريخ الطبري ٢ / ٣٨٠ ـ ٣٨١.

٢٨٩

وقال البكّائي ، عن ابن إسحاق : لمّا أراد الله إظهار دينه ، وإعزاز نبيّه (١) ، خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الموسم الّذي لقيه فيه الأنصار (٢) ، فعرض نفسه على القبائل (٣) ، كما كان يصنع (٤) ، فبينا هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج (٥) ، فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أشياخ من قومه ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا لقيهم قال : من أنتم؟ قالوا : نفر من الخزرج ، قال : أمن موالي يهود؟ قالوا : نعم ، قال : أفلا تجلسون أكلّمكم؟ قالوا : بلى ، فجلسوا معه ، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، وكان ممّا صنع الله به في الإسلام أنّ يهود كانوا معهم في بلادهم ، وكانوا أهل كتاب وعلم ، وكانوا [هم] (٦) أهل شرك وأوثان (٧) ، وكانوا قد غزوهم ببلادهم ، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا : إنّ نبيّنا مبعوث الآن ، قد أظلّ زمانه ، نتبعه ، فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فلمّا كلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أولئك النّفر ، ودعاهم إلى الله ، قال بعضهم لبعض : يا قوم تعلّموا والله إنّه للنّبيّ الّذي توعّدكم (٨) به يهود ، فلا تسبقنّكم إليه ، فأجابوه (٩) وأسلموا وقالوا : إنّا تركنا قومنا ، ولا قوم بينهم من العداوة والشرّ ما بينهم ، وعسى الله أن يجمعهم بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ، ونعرض عليهم الّذي أجبناك به (١٠) ، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعزّ منك ، ثم انصرفوا (١١).

__________________

(١) زاد ابن هشام «وإنجاز موعده له».

(٢) في السيرة «النفر من الأنصار».

(٣) في السيرة «قبائل العرب».

(٤) في السيرة زيادة «في كل موسم».

(٥) زاد في السيرة «أراد الله بهم خيرا».

(٦) إضافة من السيرة على الأصل.

(٧) في السيرة «وأصحاب أوثان».

(٨) هكذا في الأصل ، والسيرة ، ودلائل النبوّة. أو في الدرر لابن عبد البر «تهدّدكم».

(٩) في السيرة «فأجابوه فيما دعاهم إليه ، بأن صدّقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام».

(١٠) في السيرة «أجبناك إليه» ، وفي الدرر «أجبناك له».

(١١) في السيرة «ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم ، وقد آمنوا وصدّقوا».

٢٩٠

قال ابن إسحاق : (١) وهم فيما ذكر ستّة من الخزرج : أسعد بن زرارة ، وعوف بن عفراء ، ورافع بن مالك الزّرقيّ ، وقطبة بن عامر السّلميّ ، وعقبة بن عامر. رواه جرير بن حازم ، عن ابن إسحاق ، فقال بدل عقبة : معوّذ بن عفراء ، وجابر بن عبد الله أحد بني عديّ بن غنم (٢) ، فلمّا قدموا المدينة ذكروا لقومهم رسول الله ، ودعوهم إلى الإسلام ، وفشا فيهم ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا كان العام المقبل ، وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا ، فلقوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالعقبة ، وهي (العقبة الأولى) ، فبايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على بيعة النّساء ، وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب ، وهم أسعد بن زرارة ، وعوف ، ومعوّذ (٣) ابنا الحارث وهما ابنا عفراء ، وذكوان بن عبد قيس ، ورافع بن مالك ، وعبادة بن الصّامت ، ويزيد بن ثعلبة البلويّ ، وعبّاس بن عبادة بن نضلة ، وقطبة بن عامر ، وعقبة بن عامر ، وهم من الخزرج ، وأبو الهيثم بن التّيهان ، وعويم بن ساعدة ، وهما من الأوس (٤).

وقال يونس وجماعة ، عن ابن إسحاق : حدّثني يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله اليزني ، عن أبي عبد الله الصّنابحيّ عبد الرحمن بن عسيلة ، حدّثني عبادة بن الصّامت قال : بايعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة العقبة

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٦ ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٠٤.

(٢) من أهل العلم بالسير من يجعل فيهم عبادة بن الصّامت ويسقط جابرا ، على ما في (عيون الأثر لابن سيّد الناس ١ / ١٥٦).

(٣) كذا في الأصل. وهو يوافق ما في (أسد الغابة ٤ / ٤٠٢) حيث قال : معوّذ بن عفراء ...

شهد العقبة أه. وبعض المراجع تذكر اسم (معاذ بن عفراء) في جريدة من شهد العقبة الأولى.

(٤) سيرة ابن هشام ٢ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٣٥٣ ـ ٣٥٦ ، وطبقات ابن سعد ١ / ٢٢٠ ، ودلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ١٦٩ ـ ١٧٣ ، والمغازي لعروة ١٢١ ـ ١٢٣ ، ونهاية الأرب للنويري ١٦ / ٣١٠ ـ ٣١١ ، الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر ، وعيون الأثر لابن سيد الناس ١ / ١٥٦.

٢٩١

الأولى ، ونحن اثنا عشر رجلا ، فبايعناه بيعة النساء (١) ، على أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف ، وذلك قبل أن تفترض الحرب ، فإن وفيتم بذلك فلكم الجنّة ، وإن غشيتم شيئا فأمركم إلى الله ، إن شاء غفر ، وإن شاء عذّب. أخرجاه عن قتيبة ، عن اللّيث ، عن يزيد بن أبي حبيب (٢).

أخبرنا الخضر بن عبد الرحمن ، وإسماعيل بن أبي عمرو قالا : أنا الحسن بن عليّ بن الحسين بن الحسن بن البنّ ، أنا جدّي أبو القاسم الحسين ، أنا أبو القاسم عليّ بن محمد بن عليّ بن أبي العلاء سنة تسع وسبعين وأربعمائة ، أنا عبد الرحمن بن عثمان المعدّل ، أنبأ عليّ بن يعقوب ، أنا أحمد بن إبراهيم القرشيّ ، أنا محمد بن عائذ ، أخبرني إسماعيل بن عيّاش ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة ، عن عبادة بن الصّامت (٣) قال : بايعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على السّمع والطّاعة في النشاط والكسل ، وعلى النّفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وعلى أن نقول في الله عزوجل ، لا تأخذنا فيه لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب ، فنمنعه ممّا نمنع

__________________

(١) في السيرة «على بيعة النساء».

(٢) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار ٤ / ٢٥١ باب وفود الأنصار إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة وبيعة العقبة ، وفي الأحكام ٨ / ١٢٥ باب بيعة النساء ، وفي الحدود ٨ / ١٨ باب توبة السارق ، وفي التوحيد ٨ / ١٩١ باب في المشيئة والإرادة وما تشاءون إلّا أن يشاء الله ، والنسائي في البيعة على الجهاد ٧ / ١٤٢ ، و ١٤٩ بيعة النساء ، والدارميّ في السير ١٦ ، وأحمد ٥ / ٣٢٣ ، وابن هشام في السيرة ٢ / ١٨٥ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٢٢٠ ، والطبري في تاريخه ٢ / ٣٥٦ ، والنويري في نهاية الأرب ١٦ / ٣١٣ ، وابن سيد الناس في عيون الأثر ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨.

(٣) رواه أحمد بهذا السند في مسندة ٥ / ٣٢٥.

٢٩٢

أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ، ولنا الجنّة. رواه زهير بن معاوية ، عن ابن خثيم ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة ، عن أبيه ، أنّ عبادة قال نحوه. (خالفه داود بن عبد الرحمن العطّار ويحيى بن سليم ، فرويا عن ابن خثيم هذا المتن بإسناد آخر ، وهو عن أبي الزّبير عن جابر. وسيأتي) (١).

وقال البكّائيّ ، عن ابن إسحاق : فلمّا انصرف القوم ، بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مصعب بن عمير العبدريّ يقرئهم القرآن ويفقّههم في الدّين ، فنزل على أسعد بن زرارة ، فحدّثني عاصم بن عمر أنّه كان يصلّي بهم ، وذلك أنّ الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمّه بعض.

قال ابن إسحاق : وكان يسمّى مصعب بالمدينة المقرئ (٢).

وحدّثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال : كنت قائد أبي حين ذهب بصره (٣) ، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة ، فسمع الأذان صلّى (٤) على أبي أمامة أسعد بن زرارة ، واستغفر له ، فقلت : يا أبّه ما لك إذا سمعت الأذان للجمعة صلّيت (٥) على أبي أمامة! قال : أي بنيّ ، كان أوّل من جمّع بنا بالمدينة في هزم (٦) من حرّة بني بياضة يقال له نقيع الخضمات ، قلت : وكم كنتم يومئذ؟ قال : أربعون رجلا (٧).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس موجودا في (ع) ولا في المنتقى لابن الملّا. وهو في الأصل فقط.

(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ١٨٥ ، المغازي لعروة ١٢٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٥٧ ، مجمع الزوائد ٦ / ٤٠ ـ ٤٢ ، دلائل النبوّة لأبي نعيم ١ / ١٠٥.

(٣) في دلائل النبوّة للبيهقي (كفّ بصره).

(٤) في (جامع الأصول لابن الأثير) : ترحّم لأسعد بن زرارة.

(٥) في المصدر نفسه : (ترحّمت).

(٦) في المصدر نفسه (في هزم النبيت من حرّة بني بياضة في نقيع يقال له : نقيع الخضمات). وعزاه ابن الأثير إلى أبي داود.

(٧) سيرة ابن هشام ٢ / ١٨٥.

٢٩٣

وقال موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب قال : فلمّا حضر الموسم حجّ نفر من الأنصار ، منهم معاذ بن عفراء ، وأسعد بن زرارة ، ورافع بن مالك ، وذكوان ، وعبادة بن الصّامت ، وأبو عبد الرحمن بن تغلب ، وأبو الهيثم بن التّيهان ، وعويم بن ساعدة. فأتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبرهم خبره ، وقرأ عليهم القرآن ، فأيقنوا به واطمأنّوا وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب ، فصدّقوه ، ثم قالوا : قد علمت الّذي كان بين الأوس والخزرج من سفك الدماء ، ونحن حراص على ما أرشدك الله به ، مجتهدون لك بالنّصيحة ، وإنّا نشير عليك برأينا ، فامكث على اسم الله حتى نرجع إلى قومنا فنذكر لهم شأنك ، وندعوهم إلى الله ، فلعلّ الله يصلح ذات بينهم ، ويجمع لهم أمرهم فنواعدك الموسم من قابل ، فرضي بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورجعوا إلى قومهم فدعوهم سرّا وتلوا عليهم القرآن ، حتّى قلّ دار من دور الأنصار إلّا قد أسلم فيها ناس ، ثم بعثوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذ بن عفراء ، ورافع بن مالك أن أبعث إلينا رجلا من قبلك يفقّهنا ، فبعث مصعب بن عمير ، فنزل في بني تميم على أسعد بن زرارة يدعو النّاس سرّا ، ويفشو فيهم الإسلام ويكثر ، ثم أقبل مصعب وأسعد ، فجلسا عند بئر بني مرق (١) ، وبعثا إلى رهط من الأنصار ، فأتوهما مستخفين ، فأخبر بذلك سعد بن معاذ ـ ويقول بعض النّاس : بل أسيد بن حضير ـ فأتاهم في لأمته معه الرّمح ، حتى وقف عليهم ، فقال لأبي أمامة أسعد : علام أتيتنا في دورنا بهذا الوحيد الغريب الطّريد ، يسفّه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم إليه ، لا أراك بعدها تسيء من جوارنا ، فقاموا ، ثم إنّهم عادوا مرّة أخرى لبئر بني مرق ، أو قريبا (٢) منها ، فذكروا لسعد بن معاذ الثانية فجاءهم ، فتواعدهم وعيدا دون وعيده الأول ، فقال له أسعد : يا بن خالة ، اسمع من قوله ، فإن سمعت حقّا فأجب إليه ،

__________________

(١) بئر مرق ـ ويحرّك ـ بالمدينة. (القاموس المحيط).

(٢) في المنتقى لابن الملا (قريب) وكلاهما صواب.

٢٩٤

وإن سمعت منكرا فاردده بأهدى منه ، فقال : ما ذا يقول؟ فقرأ عليه مصعب : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (١) فقال سعد : ما أسمع منكم إلّا ما أعرفه ، فرجع سعد وقد هداه الله ، ولم يظهر لهما إسلامه ، حتى رجع إلى قومه فدعا بني عبد الأشهل إلى الإسلام ، وأظهر لهم إسلامه وقال : من شكّ منهم فيه فليأت بأهدى منه ، فو الله لقد جاء أمر لتحزن منه الرقاب ، فأسلمت بنو عبد الأشهل عند إسلام سعد بن معاذ ، إلا من لا يذكر.

ثمّ إنّ بني النّجّار أخرجوا مصعب بن عمير ، واشتدّوا على أسعد ، فانتقل مصعب إلى سعد بن معاذ يدعو آمنا ويهدي الله به (٢). وأسلم عمرو بن الجموح ، وكسرت أصنامهم ، وكان المسلمون أعزّ من بالمدينة ، وكان مصعب أوّل من جمّع الجمعة بالمدينة ، ثم رجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. هكذا قال ابن شهاب : إنّ مصعبا أوّل من جمّع بالمدينة (٣).

وقال البكّائيّ ، عن ابن إسحاق : وحدّثني عبد الله بن المغيرة بن معيقيب ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، أنّ أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير ، يريد به دار بني عبد الأشهل ، ودار بني ظفر (٤) ، وكان سعد بن معاذ ابن خالة أسعد بن زرارة ، فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر ، وقالا على بئر مرق ، فاجتمع إليهما ناس ، وكان سعد وأسيد بن حضير سيّديّ بني عبد الأشهل ، فلمّا سمعا به قال سعد لأسيد : انطلق إلى هذين

__________________

(١) أول سورة الزخرف.

(٢) هنا زيادة في دلائل النبوّة لأبي نعيم ٢ / ١٠٩ : «حتى قلّ دار من دور الأنصار إلّا أسلم فيها أناس لا محالة ، وأسلم أشرافهم».

(٣) تقدّم قبل الآن أن أول من جمع هو أسعد بن زرارة. (انظر للتوفيق في ذلك : وفاء ألوفا للسمهودي ، وغيره). وانظر تاريخ الطبري ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٦٠ ، ونهاية الأرب للنويري ١٦ / ٣١٣.

(٤) قال البيهقي في دلائل النبوّة ٢ / ١٧٨ «وهي قرية لبني ظفر دون قرية بني عبد الأشهل».

٢٩٥

فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا ، فلو لا أسعد بن زرارة ابن خالتي كفيتك ذلك ، فأخذ أسيد حربته ، ثم أقبل إليهما ، فلمّا رآه أسعد قال : هذا سيّد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه ، قال مصعب : إن يجلس أكلّمه ، قال : فوقف عليهما فقال : ما جاء بكما إلينا تسفّهان ضعفاءنا ، واعتزلانا إن كان لكما بأنفسكما حاجة ، فقال له مصعب : أو تجلس فتسمع ، فإن رضيت أمرا قبلته ، وإن كرهته كفّ عنك ما تكره ، قال : أنصفت ، ثم ركّز حربته وجلس إليهما ، فكلّمه مصعب بالإسلام ، وقرأ عليه القرآن ، فقالا فيما بلغنا : والله لعرفنا في وجهه الإسلام ، قبل أن يتكلّم في إشراقه وتسهّله ، ثم قال : ما أحسن هذا وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدّين؟ قالا : تغتسل وتتطهّر وتطهّر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحقّ ، ثم تصلّي ، فقام فاغتسل وأسلم وركع ركعتين ثمّ قال لهما : إنّ ورائي رجلا إن اتّبعكما لم يتخلّف عنه من قومه أحد ، وسأرسله إليكما ، ثم انصرف إلى سعد بن معاذ وقومه ، وهم جلوس في ناديهم ، فلمّا رآه سعد مقبلا قال : أقسم بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الّذي ولّى به ، ثمّ قال له : ما فعلت؟ قال : كلّمت الرجلين ، فما رأيت بهما بأسا ، وقد نهيتهما (١) فقالا : نفعل (٢) ما أحببت ، وقد حدّثت أنّ بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد ليقتلوه ، وذلك أنّهم عرفوا أنّه ابن خالتك ليخفرونك ، فقام سعد مغضبا مبادرا متخوّفا ، فأخذ الحربة وقال : والله ما أراك أغنيت عنّا شيئا ، ثم خرج إليهما ، فلمّا رآهما سعد مطمئنّين عرف أنّ أسيدا إنّما أراد منه أن يسمع منهما ، فوقف عليهما متشتّما (٣). ثمّ قال لأسعد : يا أبا أمامة ، والله لو لا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت منّي هذا ، أتغشانا في دارينا بما نكره! وقد قال أسعد لمصعب : أي

__________________

(١) في الأصل و (ع) : تهيينهما. والتصحيح من نسخة دار الكتب والسيرة لابن هشام ٢ / ١٨٦.

(٢) في الأصل و (ع) : لا نفعل ما أحببت. وفي المنتقى لابن الملا : (لا نفعل إلّا ما أحببت).

(٣) في الأصل والمنتقى لابن الملّا : (متبسّما) والتصحيح من السيرة لابن هشام ٢ / ١٨٦.

٢٩٦

مصعب جاءك والله سيّد (١) من وراءه ، إن يتبعك لا يتخلّف عنك منهم اثنان ، فقال : أو تقعد فتسمع ، فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهت عزلنا عنك ما تكره ، قال : أنصفت ، فعرض عليه الإسلام ، وقرأ عليه القرآن ، فعرفنا في وجهه والله الإسلام قبل أن يتكلّم به ، لإشراقه وتسهّله.

ثم فعل كما عمل أسيد ، وأسلم ، وأخذ حربته ، وأقبل عائدا إلى نادي قومه ، ومعه أسيد ، فلمّا رآه قومه قالوا : نحلف بالله لقد رجع سعد إليكم بغير الوجه الّذي ذهب به من عندكم ، فقال : يا بني عبد الأشهل كيف تعرفون أمري فيكم؟ قالوا : سيّدنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة قال : فإنّ كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا ، فو الله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلّا مسلما ومسلمة ، ورجع مصعب وأسعد إلى منزلهما ، ولم تبق دار من دور الأنصار إلّا وفيها رجال ونساء مسلمون ، إلّا ما كان من دار بني أميّة بن زيد ، وخطمة ، ووائل ، وواقف ، وتلك أوس الله وهم من الأوس بن حارثة ، وذلك أنّه كان فيهم أبو قيس بن الأسلت ، وهو صيفي ، وكان شاعرا لهم وقائدا ، يستمعون منه ويطيعونه ، فوقف بهم عن الإسلام ، فلم يزل على ذلك حتى مضت أحد والخندق (٢).

العقبة الثانية

قال يحيى بن سليم الطّائفيّ ، وداود العطّار ـ وهذا لفظه ـ : ثنا ابن خثيم ، عن أبي الزّبير المكّي ، عن جابر بن عبد الله ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لبث عشر سنين يتبع الحاجّ في منازلهم في المواسم : مجنّة (٣) ، وعكاظ ،

__________________

(١) هنا اضطراب في المنتقى لابن الملا.

(٢) زاد ابن عبد البرّ في الدرر ١ / ١٦٠ ، وابن سيد الناس في عيون الأثر ١ / ١٦١ «ثم أسلموا كلّهم». وانظر الخبر في سيرة ابن هشام ٢ / ١٨٦ ـ ١٨٧.

(٣) مجنّة : بفتح الميم ويقال بالكسر. مكان على أميال من مكة. كما في حاشية الأصل.

٢٩٧

ومنى ، يقول : من يؤويني وينصرني حتى أبلّغ رسالات ربّي وله الجنّة؟ فلا يجد ، حتى إنّ الرجل يرحل صاحبه من مضر أو اليمن ، فيأتيه قومه أو ذو رحمه يقولون : احذر فتى قريش لا يفتنك ، يمشي (١) بين رحالهم يدعوهم إلى الله ، يشيرون إليه بأصابعهم ، حتّى بعثنا الله له من يثرب ، فيأتيه الرجل منّا فيؤمن به ويقرئه القرآن ، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه ، حتى لم يبق دار من يثرب إلّا وفيها رهط يظهرون الإسلام ، ثم ائتمرنا واجتمعنا سبعين رجلا منّا ، فقلنا : حتّى متى نذر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يطوف في جبال مكة ويخاف ، فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم ، فواعدنا شعب العقبة ، فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين ، حتى توافينا عنده ، فقلنا يا رسول الله : علام نبايعك؟ قال : «على السمع والطاعة في النّشاط والكسل ، وعلى النّفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وعلى أن تقولوا في الله ، لا تأخذكم فيه لومة لائم ، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم يثرب ، تمنعوني ممّا تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، ولكم الجنّة» فقلنا (٢) نبايعه ، فأخذ بيده أسعد بن زرارة ، وهو أصغر السبعين ، إلّا أنا ، فقال : رويدا يا أهل يثرب ، إنّا لم نضرب إليه أكباد المطيّ إلّا ونحن نعلم أنّه رسول الله ، إنّ إخراجه اليوم مفارقة العرب كافّة ، وقتل خياركم ، وأن تعضّكم السيوف ، فإمّا أنتم قوم تصبرون على عضّ السيوف إذا مسّتكم ، وعلى قتل خياركم ، وعلى مفارقة العرب كافّة ، فخذوه وأجركم على الله ، وإمّا أنتم تخافون من أنفسكم خيفة (٣) ، فذروه فهو أعذر لكم عند الله. فقلنا : أمط يدك يا أسعد ، فو الله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها ، فقمنا إليه

__________________

(١) في المنتقى لابن الملا «فكان يمشي».

(٢) وفي مسند أحمد «فقمنا».

(٣) هكذا في الأصل ودلائل النبوّة للبيهقي (٢ / ١٨٢) ، ومسند أحمد. وفي ألوفا في أحوال المصطفى لابن الجوزي : (جبنة يعني جبنا).

٢٩٨

نبايعه رجلا رجلا ، يأخذ علينا شرطه (١) ، ويعطينا على ذلك الجنّة (٢).

زاد في وسطه يحيى بن سليم : فقال له عمّه العبّاس يا بن أخي لا أدري ما هذا القوم الذين جاءوك ، إنّي ذو معرفة بأهل يثرب ، قال : فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين ، فلمّا نظر العبّاس في وجوهنا ، قال : هؤلاء قوم لا أعرفهم هؤلاء أحداث ، فقلنا : علام نبايعك.

وقال أبو نعيم (٣) : ثنا زكريا ، عن الشّعبي قال : انطلق النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم معه عمّه العبّاس ، إلى السبعين من الأنصار ، عند العقبة تحت الشجرة ، قال : ليتكلّم متكلّمكم ولا يطيل الخطبة ، فإنّ عليكم من المشركين عينا ، فقال أسعد : سل يا محمد لربّك ما شئت ، ثمّ سل لنفسك ، ثمّ أخبرنا ما لنا على الله ، قال : أسألكم لربّي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تؤونا وتنصرونا وتمنعونا ممّا منعتم منه أنفسكم ، قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ، قال : لكم الجنّة ، قالوا : فلك ذلك.

ورواه أحمد بن حنبل (٤) ، عن يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة ، نا مجالد ، عن الشّعبيّ ، عن أبي مسعود الأنصاريّ بنحوه ، قال : وكان أبو مسعود أصغرهم سنّا.

وقال ابن بكير ، عن ابن إسحاق (٥) : حدّثني عاصم بن عمر ، وعبد الله بن أبي بكر ، أنّ العبّاس بن عبادة بن نضلة أخا بني سالم قال : يا

__________________

(١) في المسند «بشرطه العباس».

(٢) رواه أحمد في المسند ٣ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ وانظر الحديث أيضا ٣ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ، والبيهقي في دلائل النبوّة ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢.

(٣) في دلائل النبوّة ٢ / ١٠٩ في رواية أطول مما هنا.

(٤) في المسند ٤ / ١١٩.

(٥) سيرة ابن هشام ٢ / ١٩١.

٢٩٩

معشر الخزرج هل تدرون على ما تبايعون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ إنّكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود ، فإن كنتم ترون أنّها إذا أنهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا ، تركتموه وأسلمتموه ، فمن الآن ، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة ، وإن كنتم ترون أنّكم مستعلنون به وافون له ، فهو والله خير الدنيا والآخرة ، قال عاصم : فو الله ما قال العبّاس هذه المقالة إلّا ليشدّ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بها العقد.

وقال ابن أبي بكر : ما قالها إلّا ليؤخّر بها أمر القوم تلك اللّيلة ، ليشهد أمرهم عبد الله بن أبيّ ، فيكون أقوى ، قالوا : فما لنا بذلك يا رسول الله؟ قال : الجنّة ، قالوا : ابسط يدك ، وبايعوه ، فقال عبّاس بن عبادة : إن شئت لنميلنّ عليهم غدا بأسيافنا ، فقال : لم أؤمر بذلك.

وقال الزّهريّ : ورواه ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة (١) ، وقاله موسى بن عقبة ، وهذا لفظه : إنّ العام المقبل حجّ من الأنصار سبعون رجلا ، أربعون من ذوي أسنانهم وثلاثون من شبابهم ، أصغرهم أبو مسعود عقبة بن عمرو ، وجابر بن عبد الله ، فلقوه بالعقبة ، ومع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عمّه العبّاس ، فلمّا أخبرهم بما خصّه الله من النّبوّة والكرامة ، ودعاهم إلى الإسلام وإلى البيعة أجابوه وقالوا : اشترط علينا لربّك ولنفسك ما شئت ، فقال : أشترط لربّي أن لا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون منه أنفسكم وأموالكم. فلمّا طابت بذلك أنفسهم من الشرط أخذ عليهم العبّاس المواثيق لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالوفاء ، وعظّم العبّاس الّذي بينهم وبين رسول الله ، وذكر أنّ أمّ عبد المطّلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن عديّ بن النّجّار. وذكر الحديث بطوله.

قال عروة (٢) : فجميع من شهد العقبة من الأنصار سبعون رجلا وامرأة.

__________________

(١) في المغازي ١٢٥.

(٢) المغازي ١٢٦.

٣٠٠