شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي
المحقق: الدكتور عمر عبدالسلام تدمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٠٤
وقال همّام ، عن قتادة ، عن أنس : كان شعر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يضرب منكبيه (خ) (١).
وقال حميد ، عن أنس ، كان إلى أنصاف أذنيه. (م) (٢).
قلت : والجمع بينهما ممكن. وقال معمر ، عن ثابت ، عن أنس : كان إلى شحمة أذنيه. (د) في «السّنن» (٣).
وقال شعبة : نا أبو إسحاق قال : سمعت البراء يقول : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مربوعا ، بعيد ما بين المنكبين ، يبلغ شعره شحمة أذنيه ، عليه حلّة حمراء ، ما رأيت شيئا أحسن منه. متّفق عليه (٤).
وأخرجه (خ) (٥) من حديث إسرائيل ، ولفظه : ما رأيت أحدا من خلق الله في حلّة حمراء ، أحسن منه ، وإنّ جمّته تضرب قريبا من منكبيه.
وأخرجه (م) (٦) من حديث الثّوريّ ، ولفظه : شعر يضرب منكبيه ،
__________________
(١) أخرجه البخاري في اللباس ٧ / ٥٧ باب الجعد ، ومسلم (٢٣٣٧) في الفضائل ، باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والنسائي ٨ / ١٨٣ في الزينة ، باب اتخاذ الجمّة ، وابن سعد في الطبقات ، ١ / ٤٢٧.
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٣٨ / ٩٦) في الفضائل ، باب صفة شعر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٨ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٤ رقم ٨٤٩.
(٣) رواه أبو داود في كتاب الترجّل (٤١٨٥) باب ما جاء في الشعر ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٤) رواه البخاري في المناقب ٤ / ١٦٥ باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ومسلم (٢٣٣٧) في كتاب الفضائل ، باب في صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأبو داود في كتاب الترجّل (٤١٨٣) باب ما جاء في الشعر ، والترمذي في المناقب (٣٧١٤) باب رقم ٣٥ ما جاء في صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والنسائي ٨ / ١٨٣ في الزينة ، باب اتخاذ الجمّة ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤١٦ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٤١٦ ، والترمذي في الشمائل ٦ و ٤٥٠ والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٨.
(٥) في صحيحه ، كتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب الجعد ، وانظر أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٨.
(٦) في صحيحه (٢٣٣٧) كتاب الفضائل ، باب في صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وفيه : ليس بالطّويل ولا بالقصير.
وقال شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن نافع بن جبير قال : وصف لنا عليّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : كان كثير شعر الرأس رجله. إسناده حسن.
وقال عبد الرحمن بن أبي الزّناد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان شعر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فوق الوفرة (١) ، ودون الجمّة (٢). أخرجه أبو داود (٣). وإسناده حسن.
وقال ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قالت أمّ هانئ : قدم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم مكة قدمة ، وله أربع غدائر ، تعني ضفائر (٤). لم يدرك مجاهد أمّ هانئ. وقيل : سمع منها ، وذلك ممكن.
وقال إبراهيم بن سعد : نا ابن شهاب ، عن عبيد الله ، عن ابن عبّاس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحبّ موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء (٥). وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم ، وكان المشركون يفرّقون رءوسهم ، فسدل ناصيته ثم فرّق بعد. خ م. (٦).
وقال ربيعة الرأي : رأيت شعرا من شعر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإذا هو أحمر ،
__________________
(١) شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن.
(٢) الجمّة : من شعر الرأس ما سقط على المنكبين.
(٣) في سننه ، (٤١٨٧) كتاب الترجّل ، باب ما جاء في الشعر ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٩ ، والترمذي في اللباس ٣ / ١٤٦ رقم ١٨٠٨ باب ما جاء في الجمّة.
(٤) رواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٩ ، وابو داود (٤١٩١) في اللباس ، باب في الرجل يعقص شعره ، والترمذي.
(٥) كلمة «بشيء» ساقطة من الأصل ، والاستدراك من صحيح البخاري وغيره.
(٦) أخرجه البخاري في المناقب ٤ / ١٦٦ باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ومسلم (٢٣٣٦) في كتاب الفضائل ، باب في سدل النبيّ صلىاللهعليهوسلم شعره ، وفرقه.
فسألت ، فقيل : من الطّيب. أخرجه البخاريّ ومسلم (١).
وقال أيّوب ، عن ابن سيرين : سألت أنسا : أخضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : لم ير من الشّيب إلّا قليلا. أخرجاه ، وله طرق في الصحيح بمعناه عن أنس (٢).
وقال المثنّى بن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يختضب ، إنّما كان شمط (٣) عند العنفقة (٤) يسيرا ، وفي الصّدغين يسيرا ، وفي الرأس يسيرا (٥). أخرجه مسلم (٦).
وقال زهير بن معاوية وغيره ، عن أبي إسحاق ، عن (٧) أبي جحيفة : رأيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم هذه منه بيضاء ، ووضع زهير بعض أصابعه على عنفقته. أخرجه مسلم (٨) وأخرجه مسلم من حديث إسرائيل.
__________________
(١) البخاري ، في كتاب المناقب ٤ / ١٦٤ باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولم يخرّجه مسلم ، ورواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٧.
(٢) انظر ذلك في صحيح البخاري ٤ / ١٦٥ في المناقب ، باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وكتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب الجعد ، ومسلم (٢٣٤١ / ١٠١ و ١٠٢) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلىاللهعليهوسلم ، والنسائي ٨ / ١٤٠ في كتاب الزينة ، باب الخضاب بالصفرة ، وابن ماجة ٢ / ١١٩٨ في كتاب اللباس ، باب ٣٥ من ترك الخضاب ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣١.
(٣) عند مسلم «البياض».
(٤) العنفقة : الشعر الّذي في الشفة السفلى.
(٥) عند مسلم «نبذ» بدل «يسيرا».
(٦) في صحيحه (٢٣٤١ / ١٠٤) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٢.
(٧) في طبعة القدسي ٢ / ٢٩٧ «علي» ، وهو خطأ.
(٨) في صحيحه (٢٣٤٢) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣١ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٦ رقم ٨٥٦.
وقال (خ) (١) : نا عصام (٢) بن خالد ، نا حريز (٣) بن عثمان ، قلت لعبد الله بن بسر : (٤) أكان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم شيخا؟ قال : كان في عنفقته شعرات بيض (٥).
وقال شعبة وغيره ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة ، وذكر شمط النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : كان إذا ادّهن لم ير ، وإذا لم يدهن تبيّن. أخرجه (م) (٦).
وقال إسرائيل ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : كان قد شمط مقدّم رأسه ولحيته ، وإذا ادّهن ومشّطه لم يستبن. أخرجه (م) (٧).
وقال أبو حمزة السّكّري ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب القرشيّ قال : دخلنا على أمّ سلمة ، فأخرجت إلينا من شعر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإذا هو أحمر مصبوغ بالحنّاء والكتم (٨). صحيح أخرجه (خ) (٩) ولم يقل (بالحنّاء والكتم) من حديث سلّام بن أبي مطيع ، عن عثمان.
وقال إسرائيل ، عن عثمان بن موهب قال : كان عند أمّ سلمة جلجل
__________________
(١) في كتاب المناقب ٤ / ١٦٤ باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٢.
(٢) في نسخة دار الكتب «عاصم» وهو تحريف ، والتصحيح عن الأصل و (ع) وصحيح البخاري.
(٣) في إحدى النسخ «جرير» وهو تصحيف ، والتصحيح عن الأصل والبخاري.
(٤) في إحدى النسخ «بشر» وهو تصحيف ، والتصحيح عن البخاري.
(٥) رواه الطبري في تاريخه ٣ / ١٨١.
(٦) في صحيحه (٢٣٤٤) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٣.
(٧) في صحيحه (٢٣٤٤ / ١٠٩) بلفظ مقارب ، وهو أطول مما هنا ، في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٣.
(٨) الكتم : نبت في حمرة يخلط بالوسمة ويصبغ به الشعر. (النهاية لابن الأثير).
(٩) في كتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب ما يذكر في الشيب ، والمعرفة والتاريخ للفوسي ١ / ٢٨١ ، والطبري في تاريخه ٢٣ ـ ١٨ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٥ رقم ٨٥٥.
من فضّة ضخم ، فيه من شعر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فكان إذا أصاب إنسانا الحمّى ، بعث إليها فخضخضته فيه ، ثمّ ينضجع الرجل على وجهه ، قال : بعثني أهلي إليها فأخرجته ، فإذا هو هكذا ـ وأشار إسرائيل بثلاث أصابع ـ وكان فيه شعرات حمر. (خ) (١).
محمد بن أبان المستملي : ثنا بشر بن السّريّ ، ثنا أبان العطّار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، أنّ محمد بن عبد الله بن زيد حدّثه أنّ أباه شهد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في المنحر ، هو ورجل من الأنصار ، فقسم ضحايا بين أصحابه ، فلم يصبه شيء هو وصاحبه ، فحلق رسول الله رأسه في ثوبه ، وأعطاه إيّاه ، فقسم منه على رجال. وقلّم أظفاره ، فأعطاه صاحبه ، قال : فإنّه لمخضوب عندنا بالحنّاء والكتم ، يعني : الشّعر. هذا خبر مرسل (٢).
وقال شريك ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كان شيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحوا من عشرين شعرة ، رواه يحيى بن آدم ، عنه (٣).
وقال جعفر بن برقان : ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل قال : قدم أنس بن مالك المدينة ، وعمر بن عبد العزيز وال عليها ، فبعث إليه عمر ، وقال للرسول : سله هل خضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإنّي قد رأيت شعرا من شعره قد لوّن؟ فقال أنس : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان قد متّع بالسّواد ، ولو عددت ما أقبل عليّ من شيبة في رأسه ولحيته ، وما كنت أزيدهنّ على أحدى
__________________
(١) في كتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب ما يذكر في الشيب ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٧.
(٢) هذا الخبر ساقط من نسخة دار الكتب.
(٣) روى نحوه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٢ من طريق أنس بن عياض ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وعن أنس بن مالك ، وهو في المعرفة والتاريخ للفسوي ٣ / ٢٨٢ ، وروى الطبري نحوه في تاريخه ٣ / ١٨٢ من طريق معاذ بن معاذ ، عن حميد ، عن أنس.
عشرة شيبة ، وإنّما هذا الّذي لوّن من الطّيب الّذي كان يطيّب به شعر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهو الّذي غيّر لونه (١).
وقال أبو حمزة السّكّريّ ، عن عبد الملك بن عمير (٢) ، عن إياد بن لقيط ، عن أبي رمثة قال : أتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وعليه بردان أخضران ، وله شعر قد علاه الشّيب ، وشيبة أحمر مخضوب بالحنّاء (٣).
وقال أبو نعيم : نا عبيد الله بن إياد بن لقيط ، حدّثني أبي عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا رأيته قال لي : هل تدري من هذا؟ قلت : لا ، قال : إنّ هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاقشعررت حين قال ذلك ، وكنت أظنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا لا يشبه النّاس ، فإذا هو بشر ذو وفرة بها ردع (٤) من حنّاء ، وعليه بردان أخضران (٥).
وقال عمرو بن محمد العنقزي : أنا ابن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يلبس النّعال السّبتيّة (٦) ، ويصفّر لحيته بالورس والزّعفران (٧).
وقال النّضر بن شميل : نا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزّهريّ ، عن
__________________
(١) روى عكرمة نحوه مختصرا. انظر : أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٣٩٦ رقم ٨٥٧.
(٢) «بن عمير» ساقطة من نسخة دار الكتب ، وهي مثبتة في الأصل.
(٣) أخرجه النسائي في اللباس ٨ / ٢٠٤ باب لبس الخضر من الثياب ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٢٨ من عدّة طرق. وانظر نهاية الأرب للنويري ٨ / ٢٨٥.
(٤) أي صبغ. وفي (ع) «رذع» وهو تحريف.
(٥) رواه أبو داود في كتاب الترجّل (٤٢٠٦) باب في الخضاب ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٨ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٨ و ٤٥٣.
(٦) أي التي لا شعر لها ، وهي نسبة للسّبت ، بكسر السين ، وهو جلود البقر المدبوغة.
(٧) رواه أبو داود في كتاب الترجّل (٤٢١٠) باب في الخضاب ، والنسائي في الزينة ٨ / ١٨٦ باب تصفير اللحية بالورس والزعفران ، وابن ماجة في كتاب اللباس (٣٦٢٦) باب الخضاب بالصفرة.
أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كأنّما صيغ من فضّة ، رجل الشّعر ، مفاض البطن (١) ، عظيم مشاش المنكبين (٢) ، يطأ بقدميه جميعا ، إذا أقبل أقبل جميعا ، وإذا أدبر أدبر جميعا (٣).
وقال جرير بن حازم ، عن قتادة ، عن أنس : كان صلىاللهعليهوسلم ضخم اليدين ، لم أر بعده مثله ، وفي لفظ : كان ضخم الكفّين والقدمين ، سائل العرق. أخرج البخاريّ بعضه (٤).
وقال معمر وغيره ، عن قتادة ، عن أنس : كان صلىاللهعليهوسلم شئن الكفّين والقدمين (٥).
وقال أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس ـ أو عن جابر بن عبد الله ، شكّ موسى بن إسماعيل فيه ـ عن أبي هلال ، أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان ضخم القدمين والكفّين ، لم أر بعده شبيها به صلىاللهعليهوسلم. أخرجهما البخاريّ (٦) تعليقا ، وهما صحيحان.
وقال شعبة ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس العقبين. قلت لسماك : ما ضليع الفم؟ قال : عظيم الفم ، قلت : ما أشكل العينين؟ قال : طويل شقّ العين ، قلت : ما منهوس العقب؟ قال : قليل لحم العقب. أخرجه مسلم (٧).
__________________
(١) أي مستوى البطن مع الصدر.
(٢) أي عظيم رءوس العظام ، على ما في (النهاية).
(٣) رواه ابن عساكر من حديث أطول في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣٢٠.
(٤) في صحيحه ٧ / ٥٨ كتاب اللباس ، باب الجعد.
(٥) أخرجه البخاري في كتاب اللباس ٧ / ٥٨ باب الجعد.
(٦) المصدر نفسه.
(٧) في صحيحه (٢٣٣٩) في كتاب الفضائل ، باب في صفة فم النبيّ صلىاللهعليهوسلم
وقال يزيد بن هارون : أنبأ عبد الله بن يزيد بن مقسم بن ضبّة : حدّثتني عمّتي سارة ، عن ميمونة بنت كردم قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة ، وهو على ناقة له ، وأنا مع أبي ، وبيد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم درّة كدرّة الكباث (١) ، فدنا منه أبي ، فأخذ بقدمه ، فأقرّ له رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قالت : فما نسيت طول إصبعه السّبّابة على سائر أصابعه (٢).
وقال عثمان بن عمر (٣) بن فارس : نا حرب بن سريج الخلقاني ، حدّثني رجل من بلعدويّة ، حدّثني جدّي قال : انطلقت إلى المدينة ، فرأيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فإذا رجل حسن الجسم ، عظيم الجبهة ، دقيق الأنف ، دقيق الحاجبين ، وإذا من لدن نحره إلى سرّته كالخيط الممدود شعره ، ورأيته بين طمرين (٤). فدنا منّي فقال : (السّلام عليك).
وقال المسعوديّ ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز ، وقاله شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، كلاهما عن نافع بن جبير ، واللّفظ لشريك قال : وصف لنا عليّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : كان لا قصير ولا طويل وكان يتكفّأ في مشيته (٥) كأنّما يمشي في صبب (٦) ـ ولفظ المسعوديّ : كأنّما ينحطّ من
__________________
= وعينيه وعقبيه ، وأخرجه الترمذي في المناقب (٣٧٢٦) باب ٤٤ وقال : هذا حديث حسن صحيح ، ورواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٨٠ ، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراويّ وآداب السامع (مخطوط المكتبة البلدية بالإسكندرية) ورقة ١٦١ ب ، وابن سعد ١ / ٤١٦ ، وابن كثير في الشمائل ٣٠ ، وقد مرّ الحديث مختصرا.
(١) كذا في الأصل وطبعة القدسي ٢ / ٣٠٠ ، وفي مسند أحمد «الكتاب» وزاد : «فسمعت الأعراب والناس يقولون الطبطبية».
(٢) رواه أحمد في المسند ٦ / ٣٦٦ وهو طويل.
(٣) في ع (عمرو) ، وهو تحريف ، والمثبت عن الأصل ، وتهذيب التهذيب ٧ / ١٤٢.
(٤) الطمر : الثوب الخلق.
(٥) التكفّؤ : الميل في المشي إلى قدّام ، كما تتكفّأ السفينة في جريها.
(٦) الصبب : قريب من التكفّؤ.
صبب ـ لم أر قبله ولا بعده مثله. أخرجه النّسائيّ (١).
عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال : صلّى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بالبطحاء ، وقام النّاس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بهما وجوههم ، فأخذت يده فوضعتها على وجهي ، فإذا هي أبرد من الثّلج ، وأطيب ريحا من المسك. أخرجه البخاريّ تعليقا (٢).
وقال خالد بن عبد الله ، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قيل لعليّ انعت لنا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : كان لا قصير ولا طويل ، وهو إلى الطّول أقرب ، وكان شثن الكفّ والقدم ، في صدره مسربة ، كأنّ عرقه لؤلؤ ، إذا مشى تكفّأ كأنّما يمشي في صعد. وروى نحوه من وجه آخر عن عليّ (٣).
وقال حمّاد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : ما مسست بيدي ديباجا ولا حريرا ، ولا شيئا ألين من كفّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا شممت رائحة قطّ أطيب من ريح رسول الله صلىاللهعليهوسلم. أخرجه البخاريّ (٤).
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ثابت (٥).
وقال حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، فذكر مثله وزاد : كان
__________________
(١) أخرجه الترمذي في المناقب (٣٧١٨) باب رقم ٣٨ ما جاء في صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد ١ / ٤١١.
(٢) في المناقب ٤ / ١٦٥ باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤١٢ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣١٧.
(٤) في صحيحه ٤ / ١٦٧ في المناقب ، باب صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
(٥) في صحيح مسلم (٢٣٣٠) كتاب الفضائل ، باب طيب رائحة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولين مسّه ، والتبرّك بمسحه ، ورواه ابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ١٥٢ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٧.
رسول الله صلىاللهعليهوسلم أزهر اللون ، كأنّ عرقه اللّؤلؤ ، إذا مشى تكفّأ. أخرجه مسلم (١).
وقال شعبة ، عن يعلى بن عطاء : سمعت جابر بن يزيد بن الأسود ، عن أبيه قال : أتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو بمنى فقلت : ناولني يدك ، فناولنيها ، فإذا هي أبرد من الثّلج وأطيب ريحا من المسك (٢).
وقال سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال : دخل علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال عندنا ، فعرق وجاءت أمّي بقارورة ، فجعلت تسلت العرق ، فاستيقظ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا أمّ سليم ما هذا الّذي تصنعين»؟ قالت : هذا عرق نجعله لطيبنا ، وهو أطيب الطيّب. أخرجه مسلم (٣).
وقال وهيب : حدّثنا أيّوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس فذكره ، وفيه : وكان صلىاللهعليهوسلم كثير العرق. رواه مسلم (٤).
__________________
(١) في صحيحه (٢٣٣٠ / ٨٢) في كتاب الفضائل ، الباب نفسه ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٧.
(٢) رواه أحمد في المسند ٤ / ١٦١.
(٣) في صحيحه (٢٣٣١) كتاب الفضائل ، باب طيب عرق النبيّ صلىاللهعليهوسلم والتبرّك به.
(٤) في صحيحه (٢٣٣٢) كتاب الفضائل ، الباب نفسه.
خاتم النّبوّة
قال حاتم بن إسماعيل : نا الجعيد بن عبد الرحمن ، سمعت السّائب بن يزيد قال : ذهبت بي خالتي إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله إنّ ابن أختي وجع ، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ، ثمّ توضّأ فشربت من وضوئه ، ثم قمت خلف ظهره ، فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زرّ الحجلة (١). أخرجاه (٢) ، ووهم من قال : رزّ الحجلة ، وهو بيضها (٣).
وقال إسرائيل ، عن سماك ، سمع جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجهه مستديرا مثل الشمس والقمر ، ورأيت خاتم النّبوّة بين كتفيه مثل
__________________
(١) الحجلة : جمعها حجال ، وهي بيت كالقبّة لها أزرار كبار وعرى.
(٢) البخاري في المناقب ٤ / ١٦٣ باب خاتم النبوّة ، ومسلم (٢٣٤٥) في الفضائل ، باب إثبات خاتم النبوّة وصفته ، ومحلّه من جسده صلىاللهعليهوسلم ، والترمذي في المناقب (٣٧٢٣) باب ما جاء في خاتم النبوّة ، وقال : وفي الباب عن سلمان ، وقرّة بن إياس المزني ، وجابر بن سمرة ، وأبي رمثة ، وبريدة الأسلميّ ، وعبد الله بن سرجس ، وعمرو بن أخطب ، وأبي سعيد ، هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(٣) قال ذلك الترمذي في المناقب (٣٧٢٤) في حديثه عن سعيد بن يعقوب الطالقانيّ ، أخبرنا أيوب بن جابر ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة قال : «كان خاتم رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعني الّذي بين كتفيه غدّة حمراء مثل بيضة الحمامة». وقال : هذا حديث حسن صحيح.
بيضة الحمامة ، يشبه جسده. أخرجه مسلم (١).
وقال حمّاد بن زيد وغيره : نا عاصم الأحول ، عن عبد الله بن سرجس قال : درت خلف النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فنظرت إلى خاتم النّبوّة بين كتفيه عند نغض (٢) كتفه اليسرى. جمعا (٣) ، عليه خيلان كأمثال الثآليل. أخرجه مسلم أطول من هذا (٤).
وقال أبو داود الطّيالسيّ : ثنا قرّة بن خالد ، ثنا معاوية بن قرّة ، عن أبيه قال : أتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله أرني الخاتم : قال أدخل يدك ، فأدخلت يدي في جريانه (٥) ، فجعلت ألمس انظر إلى الخاتم ، فإذا هو على نغض كتفه مثل البيضة ، فما منعه ذاك أن جعل يدعو لي ، وإنّ يدي لفي جربانه. رواه يحيى بن أبي طالب ، عن أبي داود ، لكن قال : «مثل السّلعة» (٦).
قال عبيد الله بن إياد بن لقيط : حدّثني أبي ، عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فنظر إلى مثل السّلعة (٧) بين كتفيه ، فقال : يا رسول الله إنّي لأطبّ الرجال ، أفأعالجها لك؟ قال : «لا طبّبها الّذي خلقها». رواه الثّوريّ ، عن إياد بن لقيط ، وقال : «مثل التّفّاحة». وإسناده صحيح (٨).
__________________
(١) في صحيحه (٢٣٤٤) في الفضائل ، باب شيبة صلىاللهعليهوسلم ، والترمذي في الحديث السابق قبله ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٥ ، وابن سيّد الناس في عيون الأثر ٢ / ٣٢٨.
(٢) في صحيح مسلم «ناغض» وهو أعلى الكتف ، وقيل هو العظم الرقيق الّذي على طرفه ، وقيل ما يظهر منه عند التحرّك ، سمّي ناغضا لتحرّكه. (شرح مسلم).
(٣) أي على هيئة جمع الكف ، كما في شرح مسلم للنووي.
(٤) في الصحيح (٢٣٤٦) كتاب الفضائل ، باب إثبات خاتم النبوّة وصفته ومحلّه من جسده صلىاللهعليهوسلم ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٦ ، وابن سيّد الناس في عيون الأثر ٢ / ٣٢٨.
(٥) أي في جيب قميصه.
(٦) رواه أحمد في المسند ٣ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥ و ٥ / ٣٥.
(٧) غدّة بين الجلد واللحم.
(٨) رواه أحمد في المسند ٢ / ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٢٨ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٦ و ٤٢٧.
وقال مسلم بن إبراهيم : ثنا عبد الله بن ميسرة ، ثنا عتّاب ، سمعت أبا سعيد يقول : الخاتم الّذي بين كتفي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لحمة نابتة (١).
وقال قيس بن حفص الدّارميّ : ثنا مسلمة بن علقمة ، ثنا داود بن أبي هند ، عن سماك بن حرب ، عن سلامة العجليّ ، عن سلمان الفارسيّ قال : أتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فألقى إليّ رداءه وقال : انظر إلى ما أمرت به ، قال : فرأيت الخاتم بين كتفيه مثل بيضة الحمام. إسناده حسن (٢).
وقال الحميدي : ثنا يحيى بن سليم الطّائفيّ ، عن ابن خثيم (٣) ، عن سعيد بن أبي راشد قال : لقيت التّنوخيّ (٤) رسول هرقل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحمص ، وكان جارا لي شيخا كبيرا قد بلغ الفند (٥) أو قريبا ، فقلت : ألا تخبرني؟ قال : بلى ، قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم تبوك ، فانطلقت بكتاب هرقل ، حتى جئت تبوك ، فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتب على الماء ، فقال : «يا أخا تنوخ» ، فأقبلت أهوي حتى قمت بين يديه ، فحلّ حبوته عن ظهره ، ثمّ قال : «ها هنا امض لما أمرت به» فجلت في ظهره ، فإذا أنا
__________________
(١) هكذا في الأصل. وفي (ألوفا بأحوال المصطفى ص ٤١٠) : «بضعة ناشزة». ولعل صواب ما في الأصل : (ناتئة) كما يفهم من (دلائل النبوّة للبيهقي). وعند ابن كثير في الشمائل (نابتة) ، كالأصل.
(٢) أخرجه أحمد في المسند من حديث أطول ، من طريق أبي قرّة الكندي ، عن سلمان ٥ / ٤٣٨ و ٤٤٣ من حديث طويل في إسلام سلمان ، من طريق عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ، عن محمود بن لبيد ، عن عبد الله بن عباس ، عن سلمان ، والبيهقي في الدلائل.
(٣) هو عبد الله بن عثمان ، أبو خثيم. وفي المعرفة والتاريخ «خيثم» وهو تصحيف.
(٤) يقال له : أبو محمد المازني ابن السماك. (تهذيب التهذيب ٤ / ٢٦) في الحاشية.
(٥) الفند في الأصل : الكذب. ويقال للشيخ إذ هرم وردّ إلى أرذل العمر : قد أفند ، لأنّه يتكلّم بالمحرّف من الكلام عن سنن الصحّة. وأفنده الكبر : إذا أوقعه في الفند. (انظر النهاية لابن الأثير).
بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة (١) الضّخمة (٢).
باب جامع من صفاته صلىاللهعليهوسلم
قال عيسى بن يونس : ثنا عمر بن عبد الله مولى عفرة ، حدّثني إبراهيم بن محمد من ولد عليّ قال : كان عليّ رضياللهعنه إذا نعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لم يكن بالطويل الممغّط ولا القصير المتردّد ، كان ربعة من القوم ، ولم يكن بالجعد القطط ولا بالسّبط ، كان جعدا رجلا ، ولم يكن بالمطهّم ولا المكلثم ، وكان في وجهه تدوير ، أبيض مشربا حمرة ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار ، جليل المشاش والكتف ـ أو قال الكتد ـ أجرد ذا مسربة ، شثن الكفّين والقدمين ، إذا مشى تقلّع كأنّما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النّبوّة ، أجود النّاس كفّا وأجرأ النّاس صدرا ، وأصدقهم لهجة ، وأوفاهم بذمّة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبّه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله صلىاللهعليهوسلم (٣).
وقال أبو عبيد في (الغريب) : حدّثنيه أبو إسماعيل المؤدّب ، عن عمر مولى عفرة ، عن إبراهيم بن محمد بن الحنفيّة قال : كان عليّ إذ نعت ، فذكره.
__________________
(١) كذا في الأصل وطبعة القدسي ٢ / ٣١٠ ، وفي مسند أحمد «الحجمة» ، وكذلك في المعرفة والتاريخ.
(٢) رواه أحمد في المسند ٣ / ٤٤١ ـ ٤٤٢ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٧٧ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) رواه الترمذي في المناقب (٣٧١٨) باب ٣٨ ما جاء في صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قال : هذا حديث ليس إسناده بمتّصل ، ورواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٨٣ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٢٨ ـ ٢٩ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤١١ ـ ٤١٢ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣١٨ ، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ رقم ٨٣٦.
قوله : ليس بالطّويل الممغّط : يقول ليس بالبائن الطّول. ولا القصير المتردّد : يعني الّذي تردّد خلقه بعضه على بعض ، فهو مجتمع ليس بسبط الخلق ، يقول : ليس هو كذلك ولكنّه ربعة.
والمطهّم : قال الأصمعيّ : التّام كلّ شيء منه على حدّته ، فهو بارع الجمال. وقال غيره المكلثم : المدوّر الوجه ، يقول : ليس هو كذلك ولكنّه مسنون.
والدّعج : شدّة سواد العين.
والجليل المشاش : العظيم رءوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين.
والكتد : الكاهل وما يليه من الجسد.
وشثن الكفّين : يعني أنّها إلى الغلظ.
والصّبب : الانحدار.
والقطط : مثل شعر الحبشة.
والأزهر : الّذي يخالط بياضه شيء من الحمرة.
والأمهق : الشديد البياض.
وشبح الذراعين : يعني عبل الذّراعين عريضهما.
والمسربة : الشّعر المستدقّ ما بين اللّبّة إلى السّرّة.
وقال الأصمعيّ : التقلّع. المشي بقوّة.
وقال يعلى بن عبيد ، عن مجمّع بن يحيى الأنصاريّ ، عن عبد الله بن عمران ، عن رجل من الأنصار ، أنّه سأل عليّا ، عن نعت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : كان أبيض مشربا حمرة ، أدعج ، سبط الشّعر ، ذا وفرة ، دقيق المسربة ، كأنّ عنقه إبريق فضّة ، من لبّته إلى سرّته شعر ، يجري
كالقضيب ، ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره ، شثن الكفّ والقدم ، إذا مشى كأنّما ينحدر من صبب ، وإذا مشى كأنّما يتقلّع من صخر ، وإذا التفت التفت جميعا ، كأنّ عرقه اللّؤلؤ ، ولريح عرقه أطيب من المسك ، ليس بالطّويل ولا بالقصير ، ولا بالعاجز ولا اللّئيم ، لم أر قبله ولا بعده مثله (١).
قال البيهقي : أنا أبو عليّ الرّوذباريّ ، أنا عبد الله بن عمر بن شوذب ، أنا شعيب بن أيّوب الصّريفينيّ عنه ، وقال حفص بن عبد الله النّيسابوريّ : حدّثني إبراهيم بن طهمان ، عن حميد ، عن أنس قال : لم يكن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بالآدم ، ولا الأبيض الشديد البياض ، فوق الرّبعة ودون الطّويل ، كان من أحسن من رأيت من خلق الله تعالى ، وأطيبه ريحا وألينه كفّا ، كان يرسل شعره إلى أنصاف أذنيه ، وكان يتوكّأ إذا مشى (٢).
وقال معمر ، عن الزّهريّ قال : سئل أبو هريرة عن صفة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : كان أحسن النّاس صفة وأجملها ، كان ربعة إلى الطّول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدّين (٣) ، شديد سواد الشّعر ، أكحل العينين ، أهدب ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلّها ، ليس أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبه فكأنّه سبيكة فضّة ، وإذا ضحك يتلألأ ، لم أر قبله ولا بعده مثله. رواه عبد الرزاق عنه.
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤١٠ وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣١٧ ، والطبري في تاريخه ٣ / ١٧٩ والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٤ رقم ٨٤٨.
(٢) أخرج بعضه أبو داود في كتاب الأدب ٤ / ٢٦٦ رقم (٤٨٦٣) باب في هدي الرجل ، والترمذي في اللباس (١٨٠٧) باب ما جاء في الجمّة واتخاذ الشعر ، وقال : وفي الباب عن عائشة ، والبراء ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وأبي سعيد ، ووائل بن حجر ، وجابر ، وأم هانئ. وأضاف : حديث أنس حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه من حديث حميد.
(٣) قال في حاشية الأصل : «الأسيل الخدّ : أن لا يكون مرتفع الوجنة».
حديث أمّ معبد في صفة رسول الله (١) صلىاللهعليهوسلم
(٢) وقال أبو هشام محمد بن سليمان بن الحكم بن أيّوب بن سليمان الكعبيّ الخزاعيّ : حدّثني عمّي أيّوب بن الحكم ، عن حزام بن هشام ، عن أبيه ، عن جدّه حبيش بن خالد ، الّذي قتل بالبطحاء يوم الفتح ، وهو أخو عاتكة ـ أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم خرج من مكة (٣) هو وأبو بكر ، ومولى لأبي بكر عامر بن فهيرة ، ودليلهم عبد الله بن الأريقط اللّيثيّ ، فمرّوا على خيمتي أمّ معبد الخزاعيّة ، وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبّة ، ثمّ تسقي وتطعم ، فسألوها تمرا ولحما يشترونه منها ، فلم يصيبوا شيئا ، وكان القوم مرملين مسنتين (٤) ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى شاة في كسر الخيمة ، فقال : «ما هذه الشّاة يا أمّ
__________________
(١) العنوان أضفته على الأصل نقلا عن دلائل النبوّة للبيهقي. وأمّ معبد هي : عاتكة بنت خالد بن خليف الخزاعي ، وحديثها في : الطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ٢٣٠ وما بعدها ، و ٨ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٢٦٢ و ٣٩١ ، وسيرة ابن هشام ٢ / ٢٢٥ ، والمنتخب من كتاب ذيل المذيّل للطبري ٥٧٧ و ٥٨٠ وعنه ضبطت نصّ المؤلّف ، والمعرفة والتاريخ للفسوي ٣ / ٢٧٤ (أشار إليه دون ذكره) ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ١١٧ ـ ١١٩ ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ٣ / ٩ ـ ١١ ، ودلائل النبوّة للبيهقي ١ / ٢٢٨ ـ ٢٣٧ ، والاستيعاب لابن عبد البرّ ٤ / ٤٩٥ ـ ٤٩٨ ، والكامل في التاريخ لابن الأثير ٢ / ١٠٦ ، وتاريخ الرسل والملوك للطبري ٢ / ٣٨٠ ، والروض الأنف للسهيلي ٢ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ، وأسد الغابة لابن الأثير ٥ / ٤٩٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ١ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، وتهذيب الكمال للمزّي ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٣ ، ونهاية الأرب للنويري ١٦ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، والشمائل لابن كثير ٤٤ ـ ٤٩ ، والسيرة له ٢ / ٢٥٧ ـ ٢٦٣ ، وإمتاع الأسماع للمقريزي ١ / ٤٣ ، وعيون الأثر لابن سيّد الناس ١ / ١٨٩ ، والوافي بالوفيات للصفدي ١٦ / ٥٥٣ ـ ٥٥٦ ، والإصابة لابن حجر ٤ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨ ، والخصائص الكبرى للسيوطي ١ / ١٨٨ ، وتاريخ الخميس للدياربكري ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٧ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ٦ / ٥٥ ـ ٥٨ و ٨ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(٢) كتب في حاشية الأصل هنا : «قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد».
(٣) في ذيل المذيل للطبري ٥٧٧ بعد «مكة» : «خرج منها مهاجرا إلى المدينة».
(٤) أي نفذ زادهم. وفي ذيل المذيّل : «قال أبو هشام : مشتين» ، قال الطبري : «وإنّما هو مسنتين».
معبد»؟ قالت : شاة خلّفها الجهد عن الغنم ، فقال : «هل بها من لبن»؟ قالت : هي أجهد من ذلك ، قال : «أتأذنين أن أحلبها»؟ قالت : نعم بأبي وأمّي ، إنّ رأيت بها حلبا فاحلبها ، فدعا بها ، فمسح بيده ضرعها ، وسمّى الله ، ودعا لها في شاتها ، فتفاجّت (١) عليه (٢) ، ودرّت واجترّت ، ودعا بإناء يربض (٣) الرّهط ، فحلب (٤) ثجّا حتّى علاه البهاء ، ثمّ سقاها حتى رويت ، ثمّ سقى أصحابه حتى رووا ، ثمّ شرب آخرهم (٥). ثمّ حلب (٦) ثانيا بعد بدء ، حتّى ملأ الإناء ، ثمّ غادره عندها وبايعها ، وارتحلوا عنها.
فقلّما لبثت ، حتّى جاء زوجها أبو معبد ، يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا (٧) مخّهنّ قليل. فلمّا رأى أبو معبد اللّبن عجب ، وقال : من أين لك هذا يا أمّ معبد؟ والشاء (٨) عازب حيال (٩) ، ولا حلوب في البيت؟ قلت : لا والله ، إلّا أنّه مرّ بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا ، قال : صفيه لي (١٠).
قالت : رجل (١١) ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة (١٢) ، لم تزر به صعلة (١٣) ، وسيم قسيم (١٤) ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره
__________________
(١) تفاجّت : التفاج : المبالغة في تفريج ما بين الرجلين ، وهو من الفجّ الطريق.
(٢) «عليه» غير موجودة في (ع).
(٣) يربض : الإرباض : الإرواء.
(٤) في المذيّل «فحلب فيه».
(٥) زاد في ذيل المذيّل ، ومجمع الزوائد : «ثم أراضوا».
(٦) في ذيل المذيّل «حلب فيه».
(٧) يتساوكن هزالا : يتمايلن من الضّعف.
(٨) في ذيل المذيّل «الشاة».
(٩) عازب حيال : أي بعيدة المرعى ، لا تأوي إلى المنزل إلّا في الليل. والحيال : جمع حائل ، وهي التي لم تحمل.
(١٠) في ذيل المذيّل «يا أمّ معبد».
(١١) في ذيل المذيّل «رأيت رجلا».
(١٢) في الذيل «نحلة».
(١٣) الصعلة : صغر الرأس. وفي الذيل «صقلة».
(١٤) القسام : الجمال. رجل مقسم الوجه ، وقسيم الوجه.
وطف (١) ، وفي صوته صحل (٢) ، وفي عنقه سطع (٣) ، وفي لحيته كثافة ، أزجّ أقرن ، إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلّم سما وعلاه البهاء ، أجمل النّاس وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق ، فصل (٤) لا نزر ولا هذر ، كأنّ منطقه خرزات نظم يتحدّرن ، ربعة لا يائس من طول ، ولا تقتحمه (٥) عين من قصر ، غصن بين غصنين ، فهو انظر (٦) الثلاثة منظرا ، وأحسنهم قدرا ، له رفقاء يحفّون به ، إن قال أنصتوا (٧) لقوله ، وإنّ أمر تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابس ولا مفنّد (٨).
قال أبو معبد : فهذا والله صاحب قريش ، الّذي ذكر لنا من أمره (٩) ، ولقد هممت أن أصحبه ، ولأفعلنّ (١٠) إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
وأصبح صوت بمكة عال (١١) ، يسمعون الصّوت ، ولا يدرون من صاحبه ، وهو يقول :
جزى الله ربّ الناس خير جزائه |
|
رفيقين قالا خيمتي أم معبد |
هما نزلاها بالهدى واهتدت به |
|
فقد فاز من أمسى (١٢) رفيق محمد |
__________________
(١) زاد في المذيّل : «قال أبو هشام : عطف». وهو طول الأشفار.
(٢) في الذيل : «صهل» قال الشيخ : «وهو خطأ وإنّما هو صحل ، بالحاء». وهو صوت فيه بحّة.
(٣) السطع : طول العنق.
(٤) فصل : أي منطقه وسط.
(٥) لا تقتحمه : أي لا تزدريه.
(٦) في الذيل «أنضر».
(٧) في الذيل «نصتوا لقوله. قال الطبري : وإنّما هو أنصتوا لقوله».
(٨) زاد في الذيل : «قال أبو هشام : ولا معتد ، وهو خطأ».
(٩) زاد في الذيل «ما ذكر بمكة».
(١٠) «ولأفعلنّ» ليست في الذيل.
(١١) في الذيل : «فأصبح صوت ببكة عاليا».
(١٢) في مجمع الزوائد «من أضحى».
فيال قصيّ ما زوى الله عنكم |
|
به من فعال (١) لا يجارى (٢) وسؤدد |
ليهن بني كعب مكان (٣) فتاتهم |
|
ومقعدها للمؤمنين بمرصد |
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها |
|
فإنّكم إن تسألوا الشّاة تشهد |
دعاها بشاة حائل فتحلّبت |
|
عليه صريحا (٤) ضرّة الشّاة مزبد |
فغادرها رهنا لديها لحالب |
|
يردّدها في مصدر ثمّ مورد |
فلمّا سمع بذلك حسّان بن ثابت (٥) شبّب يجاوب الهاتف ، فقال :
لقد خاب قوم زال عنهم نبيّهم |
|
وقدّس من يسري إليهم ويغتدي |
ترحّل عن قوم فضلّت عقولهم |
|
وحلّ على قوم بنور مجدّد |
هداهم به بعد الضّلالة ربّهم |
|
وأرشدهم من يتبع (٦) الحقّ يرشد |
وهل يستوي ضلّال قوم تسفّهوا |
|
عمايتهم هاد به كلّ مهتدي (٧) |
وقد نزلت منه على أهل يثرب |
|
ركاب هدى حلّت عليهم بأسعد |
نبيّ يرى ما لا يرى النّاس حوله |
|
ويتلوا كتاب الله في كلّ مسجد (٨) |
وإن قال في يوم مقالة غائب |
|
فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد |
ليهن أبا بكر سعادة جدّه |
|
بصحبته من يسعد الله يسعد (٩) |
قوله : (إذا مشى تكفّأ) يريد أنّه يميد في مشيته ، ويمشي في رفق غير مختال.
__________________
(١) الفعال : كسحاب. اسم الفعل الحسن ، والكرم ، (القاموس المحيط).
(٢) في الذيل «يجازى» ، وفي تهذيب تاريخ دمشق «تجازى».
(٣) في الذيل «مقام».
(٤) في النهاية «له بصريح ضرّة الشّاة مزبد» ، وفي الذيل «عليه صريح». وقال الطبري : «هكذا أنشدنيه أبو هشام ، وإنّما هو : فتحلّبت له بصريح ضرّة الشاة مزبد».
(٥) زاد في الذيل : «شاعر رسول الله صلىاللهعليهوسلم».
(٦) في الذيل «يبتغ».
(٧) ورد هذا الشطر في الذيل هكذا : «عمّى وهداة يهتدون بمهتد».
(٨) زاد في الذيل : «قال الطبري : والّذي نرويه : «في كل مشهد».
(٩) انظر الأبيات في ديوان حسّان بن ثابت ، ص ٨٧.