تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وقال همّام ، عن قتادة ، عن أنس : كان شعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يضرب منكبيه (خ) (١).

وقال حميد ، عن أنس ، كان إلى أنصاف أذنيه. (م) (٢).

قلت : والجمع بينهما ممكن. وقال معمر ، عن ثابت ، عن أنس : كان إلى شحمة أذنيه. (د) في «السّنن» (٣).

وقال شعبة : نا أبو إسحاق قال : سمعت البراء يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مربوعا ، بعيد ما بين المنكبين ، يبلغ شعره شحمة أذنيه ، عليه حلّة حمراء ، ما رأيت شيئا أحسن منه. متّفق عليه (٤).

وأخرجه (خ) (٥) من حديث إسرائيل ، ولفظه : ما رأيت أحدا من خلق الله في حلّة حمراء ، أحسن منه ، وإنّ جمّته تضرب قريبا من منكبيه.

وأخرجه (م) (٦) من حديث الثّوريّ ، ولفظه : شعر يضرب منكبيه ،

__________________

(١) أخرجه البخاري في اللباس ٧ / ٥٧ باب الجعد ، ومسلم (٢٣٣٧) في الفضائل ، باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والنسائي ٨ / ١٨٣ في الزينة ، باب اتخاذ الجمّة ، وابن سعد في الطبقات ، ١ / ٤٢٧.

(٢) أخرجه مسلم (٢٣٣٨ / ٩٦) في الفضائل ، باب صفة شعر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٨ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٤ رقم ٨٤٩.

(٣) رواه أبو داود في كتاب الترجّل (٤١٨٥) باب ما جاء في الشعر ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨.

(٤) رواه البخاري في المناقب ٤ / ١٦٥ باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومسلم (٢٣٣٧) في كتاب الفضائل ، باب في صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو داود في كتاب الترجّل (٤١٨٣) باب ما جاء في الشعر ، والترمذي في المناقب (٣٧١٤) باب رقم ٣٥ ما جاء في صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والنسائي ٨ / ١٨٣ في الزينة ، باب اتخاذ الجمّة ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤١٦ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٤١٦ ، والترمذي في الشمائل ٦ و ٤٥٠ والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٨.

(٥) في صحيحه ، كتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب الجعد ، وانظر أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٨.

(٦) في صحيحه (٢٣٣٧) كتاب الفضائل ، باب في صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٤٢١

وفيه : ليس بالطّويل ولا بالقصير.

وقال شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن نافع بن جبير قال : وصف لنا عليّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كان كثير شعر الرأس رجله. إسناده حسن.

وقال عبد الرحمن بن أبي الزّناد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان شعر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوق الوفرة (١) ، ودون الجمّة (٢). أخرجه أبو داود (٣). وإسناده حسن.

وقال ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قالت أمّ هانئ : قدم النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة قدمة ، وله أربع غدائر ، تعني ضفائر (٤). لم يدرك مجاهد أمّ هانئ. وقيل : سمع منها ، وذلك ممكن.

وقال إبراهيم بن سعد : نا ابن شهاب ، عن عبيد الله ، عن ابن عبّاس قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحبّ موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء (٥). وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم ، وكان المشركون يفرّقون رءوسهم ، فسدل ناصيته ثم فرّق بعد. خ م. (٦).

وقال ربيعة الرأي : رأيت شعرا من شعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإذا هو أحمر ،

__________________

(١) شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن.

(٢) الجمّة : من شعر الرأس ما سقط على المنكبين.

(٣) في سننه ، (٤١٨٧) كتاب الترجّل ، باب ما جاء في الشعر ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٩ ، والترمذي في اللباس ٣ / ١٤٦ رقم ١٨٠٨ باب ما جاء في الجمّة.

(٤) رواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٩ ، وابو داود (٤١٩١) في اللباس ، باب في الرجل يعقص شعره ، والترمذي.

(٥) كلمة «بشيء» ساقطة من الأصل ، والاستدراك من صحيح البخاري وغيره.

(٦) أخرجه البخاري في المناقب ٤ / ١٦٦ باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومسلم (٢٣٣٦) في كتاب الفضائل ، باب في سدل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم شعره ، وفرقه.

٤٢٢

فسألت ، فقيل : من الطّيب. أخرجه البخاريّ ومسلم (١).

وقال أيّوب ، عن ابن سيرين : سألت أنسا : أخضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال : لم ير من الشّيب إلّا قليلا. أخرجاه ، وله طرق في الصحيح بمعناه عن أنس (٢).

وقال المثنّى بن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يختضب ، إنّما كان شمط (٣) عند العنفقة (٤) يسيرا ، وفي الصّدغين يسيرا ، وفي الرأس يسيرا (٥). أخرجه مسلم (٦).

وقال زهير بن معاوية وغيره ، عن أبي إسحاق ، عن (٧) أبي جحيفة : رأيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه منه بيضاء ، ووضع زهير بعض أصابعه على عنفقته. أخرجه مسلم (٨) وأخرجه مسلم من حديث إسرائيل.

__________________

(١) البخاري ، في كتاب المناقب ٤ / ١٦٤ باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يخرّجه مسلم ، ورواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٧.

(٢) انظر ذلك في صحيح البخاري ٤ / ١٦٥ في المناقب ، باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب الجعد ، ومسلم (٢٣٤١ / ١٠١ و ١٠٢) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والنسائي ٨ / ١٤٠ في كتاب الزينة ، باب الخضاب بالصفرة ، وابن ماجة ٢ / ١١٩٨ في كتاب اللباس ، باب ٣٥ من ترك الخضاب ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣١.

(٣) عند مسلم «البياض».

(٤) العنفقة : الشعر الّذي في الشفة السفلى.

(٥) عند مسلم «نبذ» بدل «يسيرا».

(٦) في صحيحه (٢٣٤١ / ١٠٤) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٢.

(٧) في طبعة القدسي ٢ / ٢٩٧ «علي» ، وهو خطأ.

(٨) في صحيحه (٢٣٤٢) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣١ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٦ رقم ٨٥٦.

٤٢٣

وقال (خ) (١) : نا عصام (٢) بن خالد ، نا حريز (٣) بن عثمان ، قلت لعبد الله بن بسر : (٤) أكان النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيخا؟ قال : كان في عنفقته شعرات بيض (٥).

وقال شعبة وغيره ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة ، وذكر شمط النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : كان إذا ادّهن لم ير ، وإذا لم يدهن تبيّن. أخرجه (م) (٦).

وقال إسرائيل ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : كان قد شمط مقدّم رأسه ولحيته ، وإذا ادّهن ومشّطه لم يستبن. أخرجه (م) (٧).

وقال أبو حمزة السّكّري ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب القرشيّ قال : دخلنا على أمّ سلمة ، فأخرجت إلينا من شعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا هو أحمر مصبوغ بالحنّاء والكتم (٨). صحيح أخرجه (خ) (٩) ولم يقل (بالحنّاء والكتم) من حديث سلّام بن أبي مطيع ، عن عثمان.

وقال إسرائيل ، عن عثمان بن موهب قال : كان عند أمّ سلمة جلجل

__________________

(١) في كتاب المناقب ٤ / ١٦٤ باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٢.

(٢) في نسخة دار الكتب «عاصم» وهو تحريف ، والتصحيح عن الأصل و (ع) وصحيح البخاري.

(٣) في إحدى النسخ «جرير» وهو تصحيف ، والتصحيح عن الأصل والبخاري.

(٤) في إحدى النسخ «بشر» وهو تصحيف ، والتصحيح عن البخاري.

(٥) رواه الطبري في تاريخه ٣ / ١٨١.

(٦) في صحيحه (٢٣٤٤) في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٣.

(٧) في صحيحه (٢٣٤٤ / ١٠٩) بلفظ مقارب ، وهو أطول مما هنا ، في كتاب الفضائل ، باب شيبة صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد ١ / ٤٣٣.

(٨) الكتم : نبت في حمرة يخلط بالوسمة ويصبغ به الشعر. (النهاية لابن الأثير).

(٩) في كتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب ما يذكر في الشيب ، والمعرفة والتاريخ للفوسي ١ / ٢٨١ ، والطبري في تاريخه ٢٣ ـ ١٨ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٥ رقم ٨٥٥.

٤٢٤

من فضّة ضخم ، فيه من شعر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان إذا أصاب إنسانا الحمّى ، بعث إليها فخضخضته فيه ، ثمّ ينضجع الرجل على وجهه ، قال : بعثني أهلي إليها فأخرجته ، فإذا هو هكذا ـ وأشار إسرائيل بثلاث أصابع ـ وكان فيه شعرات حمر. (خ) (١).

محمد بن أبان المستملي : ثنا بشر بن السّريّ ، ثنا أبان العطّار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، أنّ محمد بن عبد الله بن زيد حدّثه أنّ أباه شهد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنحر ، هو ورجل من الأنصار ، فقسم ضحايا بين أصحابه ، فلم يصبه شيء هو وصاحبه ، فحلق رسول الله رأسه في ثوبه ، وأعطاه إيّاه ، فقسم منه على رجال. وقلّم أظفاره ، فأعطاه صاحبه ، قال : فإنّه لمخضوب عندنا بالحنّاء والكتم ، يعني : الشّعر. هذا خبر مرسل (٢).

وقال شريك ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كان شيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نحوا من عشرين شعرة ، رواه يحيى بن آدم ، عنه (٣).

وقال جعفر بن برقان : ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل قال : قدم أنس بن مالك المدينة ، وعمر بن عبد العزيز وال عليها ، فبعث إليه عمر ، وقال للرسول : سله هل خضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنّي قد رأيت شعرا من شعره قد لوّن؟ فقال أنس : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان قد متّع بالسّواد ، ولو عددت ما أقبل عليّ من شيبة في رأسه ولحيته ، وما كنت أزيدهنّ على أحدى

__________________

(١) في كتاب اللباس ٧ / ٥٧ باب ما يذكر في الشيب ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٧.

(٢) هذا الخبر ساقط من نسخة دار الكتب.

(٣) روى نحوه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٢ من طريق أنس بن عياض ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وعن أنس بن مالك ، وهو في المعرفة والتاريخ للفسوي ٣ / ٢٨٢ ، وروى الطبري نحوه في تاريخه ٣ / ١٨٢ من طريق معاذ بن معاذ ، عن حميد ، عن أنس.

٤٢٥

عشرة شيبة ، وإنّما هذا الّذي لوّن من الطّيب الّذي كان يطيّب به شعر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو الّذي غيّر لونه (١).

وقال أبو حمزة السّكّريّ ، عن عبد الملك بن عمير (٢) ، عن إياد بن لقيط ، عن أبي رمثة قال : أتيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه بردان أخضران ، وله شعر قد علاه الشّيب ، وشيبة أحمر مخضوب بالحنّاء (٣).

وقال أبو نعيم : نا عبيد الله بن إياد بن لقيط ، حدّثني أبي عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا رأيته قال لي : هل تدري من هذا؟ قلت : لا ، قال : إنّ هذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاقشعررت حين قال ذلك ، وكنت أظنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا لا يشبه النّاس ، فإذا هو بشر ذو وفرة بها ردع (٤) من حنّاء ، وعليه بردان أخضران (٥).

وقال عمرو بن محمد العنقزي : أنا ابن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يلبس النّعال السّبتيّة (٦) ، ويصفّر لحيته بالورس والزّعفران (٧).

وقال النّضر بن شميل : نا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزّهريّ ، عن

__________________

(١) روى عكرمة نحوه مختصرا. انظر : أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٣٩٦ رقم ٨٥٧.

(٢) «بن عمير» ساقطة من نسخة دار الكتب ، وهي مثبتة في الأصل.

(٣) أخرجه النسائي في اللباس ٨ / ٢٠٤ باب لبس الخضر من الثياب ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٢٨ من عدّة طرق. وانظر نهاية الأرب للنويري ٨ / ٢٨٥.

(٤) أي صبغ. وفي (ع) «رذع» وهو تحريف.

(٥) رواه أبو داود في كتاب الترجّل (٤٢٠٦) باب في الخضاب ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٨ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٣٨ و ٤٥٣.

(٦) أي التي لا شعر لها ، وهي نسبة للسّبت ، بكسر السين ، وهو جلود البقر المدبوغة.

(٧) رواه أبو داود في كتاب الترجّل (٤٢١٠) باب في الخضاب ، والنسائي في الزينة ٨ / ١٨٦ باب تصفير اللحية بالورس والزعفران ، وابن ماجة في كتاب اللباس (٣٦٢٦) باب الخضاب بالصفرة.

٤٢٦

أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كأنّما صيغ من فضّة ، رجل الشّعر ، مفاض البطن (١) ، عظيم مشاش المنكبين (٢) ، يطأ بقدميه جميعا ، إذا أقبل أقبل جميعا ، وإذا أدبر أدبر جميعا (٣).

وقال جرير بن حازم ، عن قتادة ، عن أنس : كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضخم اليدين ، لم أر بعده مثله ، وفي لفظ : كان ضخم الكفّين والقدمين ، سائل العرق. أخرج البخاريّ بعضه (٤).

وقال معمر وغيره ، عن قتادة ، عن أنس : كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم شئن الكفّين والقدمين (٥).

وقال أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس ـ أو عن جابر بن عبد الله ، شكّ موسى بن إسماعيل فيه ـ عن أبي هلال ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان ضخم القدمين والكفّين ، لم أر بعده شبيها به صلى‌الله‌عليه‌وسلم. أخرجهما البخاريّ (٦) تعليقا ، وهما صحيحان.

وقال شعبة ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس العقبين. قلت لسماك : ما ضليع الفم؟ قال : عظيم الفم ، قلت : ما أشكل العينين؟ قال : طويل شقّ العين ، قلت : ما منهوس العقب؟ قال : قليل لحم العقب. أخرجه مسلم (٧).

__________________

(١) أي مستوى البطن مع الصدر.

(٢) أي عظيم رءوس العظام ، على ما في (النهاية).

(٣) رواه ابن عساكر من حديث أطول في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣٢٠.

(٤) في صحيحه ٧ / ٥٨ كتاب اللباس ، باب الجعد.

(٥) أخرجه البخاري في كتاب اللباس ٧ / ٥٨ باب الجعد.

(٦) المصدر نفسه.

(٧) في صحيحه (٢٣٣٩) في كتاب الفضائل ، باب في صفة فم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم

٤٢٧

وقال يزيد بن هارون : أنبأ عبد الله بن يزيد بن مقسم بن ضبّة : حدّثتني عمّتي سارة ، عن ميمونة بنت كردم قالت : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة ، وهو على ناقة له ، وأنا مع أبي ، وبيد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم درّة كدرّة الكباث (١) ، فدنا منه أبي ، فأخذ بقدمه ، فأقرّ له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قالت : فما نسيت طول إصبعه السّبّابة على سائر أصابعه (٢).

وقال عثمان بن عمر (٣) بن فارس : نا حرب بن سريج الخلقاني ، حدّثني رجل من بلعدويّة ، حدّثني جدّي قال : انطلقت إلى المدينة ، فرأيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا رجل حسن الجسم ، عظيم الجبهة ، دقيق الأنف ، دقيق الحاجبين ، وإذا من لدن نحره إلى سرّته كالخيط الممدود شعره ، ورأيته بين طمرين (٤). فدنا منّي فقال : (السّلام عليك).

وقال المسعوديّ ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز ، وقاله شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، كلاهما عن نافع بن جبير ، واللّفظ لشريك قال : وصف لنا عليّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كان لا قصير ولا طويل وكان يتكفّأ في مشيته (٥) كأنّما يمشي في صبب (٦) ـ ولفظ المسعوديّ : كأنّما ينحطّ من

__________________

= وعينيه وعقبيه ، وأخرجه الترمذي في المناقب (٣٧٢٦) باب ٤٤ وقال : هذا حديث حسن صحيح ، ورواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٨٠ ، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراويّ وآداب السامع (مخطوط المكتبة البلدية بالإسكندرية) ورقة ١٦١ ب ، وابن سعد ١ / ٤١٦ ، وابن كثير في الشمائل ٣٠ ، وقد مرّ الحديث مختصرا.

(١) كذا في الأصل وطبعة القدسي ٢ / ٣٠٠ ، وفي مسند أحمد «الكتاب» وزاد : «فسمعت الأعراب والناس يقولون الطبطبية».

(٢) رواه أحمد في المسند ٦ / ٣٦٦ وهو طويل.

(٣) في ع (عمرو) ، وهو تحريف ، والمثبت عن الأصل ، وتهذيب التهذيب ٧ / ١٤٢.

(٤) الطمر : الثوب الخلق.

(٥) التكفّؤ : الميل في المشي إلى قدّام ، كما تتكفّأ السفينة في جريها.

(٦) الصبب : قريب من التكفّؤ.

٤٢٨

صبب ـ لم أر قبله ولا بعده مثله. أخرجه النّسائيّ (١).

عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال : صلّى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالبطحاء ، وقام النّاس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بهما وجوههم ، فأخذت يده فوضعتها على وجهي ، فإذا هي أبرد من الثّلج ، وأطيب ريحا من المسك. أخرجه البخاريّ تعليقا (٢).

وقال خالد بن عبد الله ، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قيل لعليّ انعت لنا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : كان لا قصير ولا طويل ، وهو إلى الطّول أقرب ، وكان شثن الكفّ والقدم ، في صدره مسربة ، كأنّ عرقه لؤلؤ ، إذا مشى تكفّأ كأنّما يمشي في صعد. وروى نحوه من وجه آخر عن عليّ (٣).

وقال حمّاد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : ما مسست بيدي ديباجا ولا حريرا ، ولا شيئا ألين من كفّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا شممت رائحة قطّ أطيب من ريح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. أخرجه البخاريّ (٤).

وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ثابت (٥).

وقال حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، فذكر مثله وزاد : كان

__________________

(١) أخرجه الترمذي في المناقب (٣٧١٨) باب رقم ٣٨ ما جاء في صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد ١ / ٤١١.

(٢) في المناقب ٤ / ١٦٥ باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٣) رواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤١٢ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣١٧.

(٤) في صحيحه ٤ / ١٦٧ في المناقب ، باب صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٥) في صحيح مسلم (٢٣٣٠) كتاب الفضائل ، باب طيب رائحة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولين مسّه ، والتبرّك بمسحه ، ورواه ابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ١٥٢ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٧.

٤٢٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أزهر اللون ، كأنّ عرقه اللّؤلؤ ، إذا مشى تكفّأ. أخرجه مسلم (١).

وقال شعبة ، عن يعلى بن عطاء : سمعت جابر بن يزيد بن الأسود ، عن أبيه قال : أتيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بمنى فقلت : ناولني يدك ، فناولنيها ، فإذا هي أبرد من الثّلج وأطيب ريحا من المسك (٢).

وقال سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال : دخل علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال عندنا ، فعرق وجاءت أمّي بقارورة ، فجعلت تسلت العرق ، فاستيقظ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا أمّ سليم ما هذا الّذي تصنعين»؟ قالت : هذا عرق نجعله لطيبنا ، وهو أطيب الطيّب. أخرجه مسلم (٣).

وقال وهيب : حدّثنا أيّوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس فذكره ، وفيه : وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم كثير العرق. رواه مسلم (٤).

__________________

(١) في صحيحه (٢٣٣٠ / ٨٢) في كتاب الفضائل ، الباب نفسه ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٢ رقم ٨٣٧.

(٢) رواه أحمد في المسند ٤ / ١٦١.

(٣) في صحيحه (٢٣٣١) كتاب الفضائل ، باب طيب عرق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم والتبرّك به.

(٤) في صحيحه (٢٣٣٢) كتاب الفضائل ، الباب نفسه.

٤٣٠

خاتم النّبوّة

قال حاتم بن إسماعيل : نا الجعيد بن عبد الرحمن ، سمعت السّائب بن يزيد قال : ذهبت بي خالتي إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : يا رسول الله إنّ ابن أختي وجع ، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ، ثمّ توضّأ فشربت من وضوئه ، ثم قمت خلف ظهره ، فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زرّ الحجلة (١). أخرجاه (٢) ، ووهم من قال : رزّ الحجلة ، وهو بيضها (٣).

وقال إسرائيل ، عن سماك ، سمع جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجهه مستديرا مثل الشمس والقمر ، ورأيت خاتم النّبوّة بين كتفيه مثل

__________________

(١) الحجلة : جمعها حجال ، وهي بيت كالقبّة لها أزرار كبار وعرى.

(٢) البخاري في المناقب ٤ / ١٦٣ باب خاتم النبوّة ، ومسلم (٢٣٤٥) في الفضائل ، باب إثبات خاتم النبوّة وصفته ، ومحلّه من جسده صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والترمذي في المناقب (٣٧٢٣) باب ما جاء في خاتم النبوّة ، وقال : وفي الباب عن سلمان ، وقرّة بن إياس المزني ، وجابر بن سمرة ، وأبي رمثة ، وبريدة الأسلميّ ، وعبد الله بن سرجس ، وعمرو بن أخطب ، وأبي سعيد ، هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(٣) قال ذلك الترمذي في المناقب (٣٧٢٤) في حديثه عن سعيد بن يعقوب الطالقانيّ ، أخبرنا أيوب بن جابر ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة قال : «كان خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعني الّذي بين كتفيه غدّة حمراء مثل بيضة الحمامة». وقال : هذا حديث حسن صحيح.

٤٣١

بيضة الحمامة ، يشبه جسده. أخرجه مسلم (١).

وقال حمّاد بن زيد وغيره : نا عاصم الأحول ، عن عبد الله بن سرجس قال : درت خلف النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنظرت إلى خاتم النّبوّة بين كتفيه عند نغض (٢) كتفه اليسرى. جمعا (٣) ، عليه خيلان كأمثال الثآليل. أخرجه مسلم أطول من هذا (٤).

وقال أبو داود الطّيالسيّ : ثنا قرّة بن خالد ، ثنا معاوية بن قرّة ، عن أبيه قال : أتيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : يا رسول الله أرني الخاتم : قال أدخل يدك ، فأدخلت يدي في جريانه (٥) ، فجعلت ألمس انظر إلى الخاتم ، فإذا هو على نغض كتفه مثل البيضة ، فما منعه ذاك أن جعل يدعو لي ، وإنّ يدي لفي جربانه. رواه يحيى بن أبي طالب ، عن أبي داود ، لكن قال : «مثل السّلعة» (٦).

قال عبيد الله بن إياد بن لقيط : حدّثني أبي ، عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنظر إلى مثل السّلعة (٧) بين كتفيه ، فقال : يا رسول الله إنّي لأطبّ الرجال ، أفأعالجها لك؟ قال : «لا طبّبها الّذي خلقها». رواه الثّوريّ ، عن إياد بن لقيط ، وقال : «مثل التّفّاحة». وإسناده صحيح (٨).

__________________

(١) في صحيحه (٢٣٤٤) في الفضائل ، باب شيبة صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والترمذي في الحديث السابق قبله ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٥ ، وابن سيّد الناس في عيون الأثر ٢ / ٣٢٨.

(٢) في صحيح مسلم «ناغض» وهو أعلى الكتف ، وقيل هو العظم الرقيق الّذي على طرفه ، وقيل ما يظهر منه عند التحرّك ، سمّي ناغضا لتحرّكه. (شرح مسلم).

(٣) أي على هيئة جمع الكف ، كما في شرح مسلم للنووي.

(٤) في الصحيح (٢٣٤٦) كتاب الفضائل ، باب إثبات خاتم النبوّة وصفته ومحلّه من جسده صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٦ ، وابن سيّد الناس في عيون الأثر ٢ / ٣٢٨.

(٥) أي في جيب قميصه.

(٦) رواه أحمد في المسند ٣ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥ و ٥ / ٣٥.

(٧) غدّة بين الجلد واللحم.

(٨) رواه أحمد في المسند ٢ / ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٢٨ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤٢٦ و ٤٢٧.

٤٣٢

وقال مسلم بن إبراهيم : ثنا عبد الله بن ميسرة ، ثنا عتّاب ، سمعت أبا سعيد يقول : الخاتم الّذي بين كتفي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحمة نابتة (١).

وقال قيس بن حفص الدّارميّ : ثنا مسلمة بن علقمة ، ثنا داود بن أبي هند ، عن سماك بن حرب ، عن سلامة العجليّ ، عن سلمان الفارسيّ قال : أتيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فألقى إليّ رداءه وقال : انظر إلى ما أمرت به ، قال : فرأيت الخاتم بين كتفيه مثل بيضة الحمام. إسناده حسن (٢).

وقال الحميدي : ثنا يحيى بن سليم الطّائفيّ ، عن ابن خثيم (٣) ، عن سعيد بن أبي راشد قال : لقيت التّنوخيّ (٤) رسول هرقل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحمص ، وكان جارا لي شيخا كبيرا قد بلغ الفند (٥) أو قريبا ، فقلت : ألا تخبرني؟ قال : بلى ، قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تبوك ، فانطلقت بكتاب هرقل ، حتى جئت تبوك ، فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتب على الماء ، فقال : «يا أخا تنوخ» ، فأقبلت أهوي حتى قمت بين يديه ، فحلّ حبوته عن ظهره ، ثمّ قال : «ها هنا امض لما أمرت به» فجلت في ظهره ، فإذا أنا

__________________

(١) هكذا في الأصل. وفي (ألوفا بأحوال المصطفى ص ٤١٠) : «بضعة ناشزة». ولعل صواب ما في الأصل : (ناتئة) كما يفهم من (دلائل النبوّة للبيهقي). وعند ابن كثير في الشمائل (نابتة) ، كالأصل.

(٢) أخرجه أحمد في المسند من حديث أطول ، من طريق أبي قرّة الكندي ، عن سلمان ٥ / ٤٣٨ و ٤٤٣ من حديث طويل في إسلام سلمان ، من طريق عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ، عن محمود بن لبيد ، عن عبد الله بن عباس ، عن سلمان ، والبيهقي في الدلائل.

(٣) هو عبد الله بن عثمان ، أبو خثيم. وفي المعرفة والتاريخ «خيثم» وهو تصحيف.

(٤) يقال له : أبو محمد المازني ابن السماك. (تهذيب التهذيب ٤ / ٢٦) في الحاشية.

(٥) الفند في الأصل : الكذب. ويقال للشيخ إذ هرم وردّ إلى أرذل العمر : قد أفند ، لأنّه يتكلّم بالمحرّف من الكلام عن سنن الصحّة. وأفنده الكبر : إذا أوقعه في الفند. (انظر النهاية لابن الأثير).

٤٣٣

بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة (١) الضّخمة (٢).

باب جامع من صفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال عيسى بن يونس : ثنا عمر بن عبد الله مولى عفرة ، حدّثني إبراهيم بن محمد من ولد عليّ قال : كان عليّ رضي‌الله‌عنه إذا نعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لم يكن بالطويل الممغّط ولا القصير المتردّد ، كان ربعة من القوم ، ولم يكن بالجعد القطط ولا بالسّبط ، كان جعدا رجلا ، ولم يكن بالمطهّم ولا المكلثم ، وكان في وجهه تدوير ، أبيض مشربا حمرة ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار ، جليل المشاش والكتف ـ أو قال الكتد ـ أجرد ذا مسربة ، شثن الكفّين والقدمين ، إذا مشى تقلّع كأنّما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النّبوّة ، أجود النّاس كفّا وأجرأ النّاس صدرا ، وأصدقهم لهجة ، وأوفاهم بذمّة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبّه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣).

وقال أبو عبيد في (الغريب) : حدّثنيه أبو إسماعيل المؤدّب ، عن عمر مولى عفرة ، عن إبراهيم بن محمد بن الحنفيّة قال : كان عليّ إذ نعت ، فذكره.

__________________

(١) كذا في الأصل وطبعة القدسي ٢ / ٣١٠ ، وفي مسند أحمد «الحجمة» ، وكذلك في المعرفة والتاريخ.

(٢) رواه أحمد في المسند ٣ / ٤٤١ ـ ٤٤٢ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٧٧ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٢٧ ـ ٢٨.

(٣) رواه الترمذي في المناقب (٣٧١٨) باب ٣٨ ما جاء في صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : هذا حديث ليس إسناده بمتّصل ، ورواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٨٣ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٢٨ ـ ٢٩ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٤١١ ـ ٤١٢ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣١٨ ، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ رقم ٨٣٦.

٤٣٤

قوله : ليس بالطّويل الممغّط : يقول ليس بالبائن الطّول. ولا القصير المتردّد : يعني الّذي تردّد خلقه بعضه على بعض ، فهو مجتمع ليس بسبط الخلق ، يقول : ليس هو كذلك ولكنّه ربعة.

والمطهّم : قال الأصمعيّ : التّام كلّ شيء منه على حدّته ، فهو بارع الجمال. وقال غيره المكلثم : المدوّر الوجه ، يقول : ليس هو كذلك ولكنّه مسنون.

والدّعج : شدّة سواد العين.

والجليل المشاش : العظيم رءوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين.

والكتد : الكاهل وما يليه من الجسد.

وشثن الكفّين : يعني أنّها إلى الغلظ.

والصّبب : الانحدار.

والقطط : مثل شعر الحبشة.

والأزهر : الّذي يخالط بياضه شيء من الحمرة.

والأمهق : الشديد البياض.

وشبح الذراعين : يعني عبل الذّراعين عريضهما.

والمسربة : الشّعر المستدقّ ما بين اللّبّة إلى السّرّة.

وقال الأصمعيّ : التقلّع. المشي بقوّة.

وقال يعلى بن عبيد ، عن مجمّع بن يحيى الأنصاريّ ، عن عبد الله بن عمران ، عن رجل من الأنصار ، أنّه سأل عليّا ، عن نعت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كان أبيض مشربا حمرة ، أدعج ، سبط الشّعر ، ذا وفرة ، دقيق المسربة ، كأنّ عنقه إبريق فضّة ، من لبّته إلى سرّته شعر ، يجري

٤٣٥

كالقضيب ، ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره ، شثن الكفّ والقدم ، إذا مشى كأنّما ينحدر من صبب ، وإذا مشى كأنّما يتقلّع من صخر ، وإذا التفت التفت جميعا ، كأنّ عرقه اللّؤلؤ ، ولريح عرقه أطيب من المسك ، ليس بالطّويل ولا بالقصير ، ولا بالعاجز ولا اللّئيم ، لم أر قبله ولا بعده مثله (١).

قال البيهقي : أنا أبو عليّ الرّوذباريّ ، أنا عبد الله بن عمر بن شوذب ، أنا شعيب بن أيّوب الصّريفينيّ عنه ، وقال حفص بن عبد الله النّيسابوريّ : حدّثني إبراهيم بن طهمان ، عن حميد ، عن أنس قال : لم يكن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالآدم ، ولا الأبيض الشديد البياض ، فوق الرّبعة ودون الطّويل ، كان من أحسن من رأيت من خلق الله تعالى ، وأطيبه ريحا وألينه كفّا ، كان يرسل شعره إلى أنصاف أذنيه ، وكان يتوكّأ إذا مشى (٢).

وقال معمر ، عن الزّهريّ قال : سئل أبو هريرة عن صفة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كان أحسن النّاس صفة وأجملها ، كان ربعة إلى الطّول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدّين (٣) ، شديد سواد الشّعر ، أكحل العينين ، أهدب ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلّها ، ليس أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبه فكأنّه سبيكة فضّة ، وإذا ضحك يتلألأ ، لم أر قبله ولا بعده مثله. رواه عبد الرزاق عنه.

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات ١ / ٤١٠ وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣١٧ ، والطبري في تاريخه ٣ / ١٧٩ والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٣٩٤ رقم ٨٤٨.

(٢) أخرج بعضه أبو داود في كتاب الأدب ٤ / ٢٦٦ رقم (٤٨٦٣) باب في هدي الرجل ، والترمذي في اللباس (١٨٠٧) باب ما جاء في الجمّة واتخاذ الشعر ، وقال : وفي الباب عن عائشة ، والبراء ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وأبي سعيد ، ووائل بن حجر ، وجابر ، وأم هانئ. وأضاف : حديث أنس حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه من حديث حميد.

(٣) قال في حاشية الأصل : «الأسيل الخدّ : أن لا يكون مرتفع الوجنة».

٤٣٦

حديث أمّ معبد في صفة رسول الله (١) صلى‌الله‌عليه‌وسلم

(٢) وقال أبو هشام محمد بن سليمان بن الحكم بن أيّوب بن سليمان الكعبيّ الخزاعيّ : حدّثني عمّي أيّوب بن الحكم ، عن حزام بن هشام ، عن أبيه ، عن جدّه حبيش بن خالد ، الّذي قتل بالبطحاء يوم الفتح ، وهو أخو عاتكة ـ أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج من مكة (٣) هو وأبو بكر ، ومولى لأبي بكر عامر بن فهيرة ، ودليلهم عبد الله بن الأريقط اللّيثيّ ، فمرّوا على خيمتي أمّ معبد الخزاعيّة ، وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبّة ، ثمّ تسقي وتطعم ، فسألوها تمرا ولحما يشترونه منها ، فلم يصيبوا شيئا ، وكان القوم مرملين مسنتين (٤) ، فنظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى شاة في كسر الخيمة ، فقال : «ما هذه الشّاة يا أمّ

__________________

(١) العنوان أضفته على الأصل نقلا عن دلائل النبوّة للبيهقي. وأمّ معبد هي : عاتكة بنت خالد بن خليف الخزاعي ، وحديثها في : الطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ٢٣٠ وما بعدها ، و ٨ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٢٦٢ و ٣٩١ ، وسيرة ابن هشام ٢ / ٢٢٥ ، والمنتخب من كتاب ذيل المذيّل للطبري ٥٧٧ و ٥٨٠ وعنه ضبطت نصّ المؤلّف ، والمعرفة والتاريخ للفسوي ٣ / ٢٧٤ (أشار إليه دون ذكره) ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ١١٧ ـ ١١٩ ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ٣ / ٩ ـ ١١ ، ودلائل النبوّة للبيهقي ١ / ٢٢٨ ـ ٢٣٧ ، والاستيعاب لابن عبد البرّ ٤ / ٤٩٥ ـ ٤٩٨ ، والكامل في التاريخ لابن الأثير ٢ / ١٠٦ ، وتاريخ الرسل والملوك للطبري ٢ / ٣٨٠ ، والروض الأنف للسهيلي ٢ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ، وأسد الغابة لابن الأثير ٥ / ٤٩٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ١ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، وتهذيب الكمال للمزّي ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٣ ، ونهاية الأرب للنويري ١٦ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، والشمائل لابن كثير ٤٤ ـ ٤٩ ، والسيرة له ٢ / ٢٥٧ ـ ٢٦٣ ، وإمتاع الأسماع للمقريزي ١ / ٤٣ ، وعيون الأثر لابن سيّد الناس ١ / ١٨٩ ، والوافي بالوفيات للصفدي ١٦ / ٥٥٣ ـ ٥٥٦ ، والإصابة لابن حجر ٤ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨ ، والخصائص الكبرى للسيوطي ١ / ١٨٨ ، وتاريخ الخميس للدياربكري ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٧ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ٦ / ٥٥ ـ ٥٨ و ٨ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٢) كتب في حاشية الأصل هنا : «قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد».

(٣) في ذيل المذيل للطبري ٥٧٧ بعد «مكة» : «خرج منها مهاجرا إلى المدينة».

(٤) أي نفذ زادهم. وفي ذيل المذيّل : «قال أبو هشام : مشتين» ، قال الطبري : «وإنّما هو مسنتين».

٤٣٧

معبد»؟ قالت : شاة خلّفها الجهد عن الغنم ، فقال : «هل بها من لبن»؟ قالت : هي أجهد من ذلك ، قال : «أتأذنين أن أحلبها»؟ قالت : نعم بأبي وأمّي ، إنّ رأيت بها حلبا فاحلبها ، فدعا بها ، فمسح بيده ضرعها ، وسمّى الله ، ودعا لها في شاتها ، فتفاجّت (١) عليه (٢) ، ودرّت واجترّت ، ودعا بإناء يربض (٣) الرّهط ، فحلب (٤) ثجّا حتّى علاه البهاء ، ثمّ سقاها حتى رويت ، ثمّ سقى أصحابه حتى رووا ، ثمّ شرب آخرهم (٥). ثمّ حلب (٦) ثانيا بعد بدء ، حتّى ملأ الإناء ، ثمّ غادره عندها وبايعها ، وارتحلوا عنها.

فقلّما لبثت ، حتّى جاء زوجها أبو معبد ، يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا (٧) مخّهنّ قليل. فلمّا رأى أبو معبد اللّبن عجب ، وقال : من أين لك هذا يا أمّ معبد؟ والشاء (٨) عازب حيال (٩) ، ولا حلوب في البيت؟ قلت : لا والله ، إلّا أنّه مرّ بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا ، قال : صفيه لي (١٠).

قالت : رجل (١١) ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة (١٢) ، لم تزر به صعلة (١٣) ، وسيم قسيم (١٤) ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره

__________________

(١) تفاجّت : التفاج : المبالغة في تفريج ما بين الرجلين ، وهو من الفجّ الطريق.

(٢) «عليه» غير موجودة في (ع).

(٣) يربض : الإرباض : الإرواء.

(٤) في المذيّل «فحلب فيه».

(٥) زاد في ذيل المذيّل ، ومجمع الزوائد : «ثم أراضوا».

(٦) في ذيل المذيّل «حلب فيه».

(٧) يتساوكن هزالا : يتمايلن من الضّعف.

(٨) في ذيل المذيّل «الشاة».

(٩) عازب حيال : أي بعيدة المرعى ، لا تأوي إلى المنزل إلّا في الليل. والحيال : جمع حائل ، وهي التي لم تحمل.

(١٠) في ذيل المذيّل «يا أمّ معبد».

(١١) في ذيل المذيّل «رأيت رجلا».

(١٢) في الذيل «نحلة».

(١٣) الصعلة : صغر الرأس. وفي الذيل «صقلة».

(١٤) القسام : الجمال. رجل مقسم الوجه ، وقسيم الوجه.

٤٣٨

وطف (١) ، وفي صوته صحل (٢) ، وفي عنقه سطع (٣) ، وفي لحيته كثافة ، أزجّ أقرن ، إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلّم سما وعلاه البهاء ، أجمل النّاس وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق ، فصل (٤) لا نزر ولا هذر ، كأنّ منطقه خرزات نظم يتحدّرن ، ربعة لا يائس من طول ، ولا تقتحمه (٥) عين من قصر ، غصن بين غصنين ، فهو انظر (٦) الثلاثة منظرا ، وأحسنهم قدرا ، له رفقاء يحفّون به ، إن قال أنصتوا (٧) لقوله ، وإنّ أمر تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابس ولا مفنّد (٨).

قال أبو معبد : فهذا والله صاحب قريش ، الّذي ذكر لنا من أمره (٩) ، ولقد هممت أن أصحبه ، ولأفعلنّ (١٠) إن وجدت إلى ذلك سبيلا.

وأصبح صوت بمكة عال (١١) ، يسمعون الصّوت ، ولا يدرون من صاحبه ، وهو يقول :

جزى الله ربّ الناس خير جزائه

رفيقين قالا خيمتي أم معبد

هما نزلاها بالهدى واهتدت به

فقد فاز من أمسى (١٢) رفيق محمد

__________________

(١) زاد في المذيّل : «قال أبو هشام : عطف». وهو طول الأشفار.

(٢) في الذيل : «صهل» قال الشيخ : «وهو خطأ وإنّما هو صحل ، بالحاء». وهو صوت فيه بحّة.

(٣) السطع : طول العنق.

(٤) فصل : أي منطقه وسط.

(٥) لا تقتحمه : أي لا تزدريه.

(٦) في الذيل «أنضر».

(٧) في الذيل «نصتوا لقوله. قال الطبري : وإنّما هو أنصتوا لقوله».

(٨) زاد في الذيل : «قال أبو هشام : ولا معتد ، وهو خطأ».

(٩) زاد في الذيل «ما ذكر بمكة».

(١٠) «ولأفعلنّ» ليست في الذيل.

(١١) في الذيل : «فأصبح صوت ببكة عاليا».

(١٢) في مجمع الزوائد «من أضحى».

٤٣٩

فيال قصيّ ما زوى الله عنكم

به من فعال (١) لا يجارى (٢) وسؤدد

ليهن بني كعب مكان (٣) فتاتهم

ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها

فإنّكم إن تسألوا الشّاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلّبت

عليه صريحا (٤) ضرّة الشّاة مزبد

فغادرها رهنا لديها لحالب

يردّدها في مصدر ثمّ مورد

فلمّا سمع بذلك حسّان بن ثابت (٥) شبّب يجاوب الهاتف ، فقال :

لقد خاب قوم زال عنهم نبيّهم

وقدّس من يسري إليهم ويغتدي

ترحّل عن قوم فضلّت عقولهم

وحلّ على قوم بنور مجدّد

هداهم به بعد الضّلالة ربّهم

وأرشدهم من يتبع (٦) الحقّ يرشد

وهل يستوي ضلّال قوم تسفّهوا

عمايتهم هاد به كلّ مهتدي (٧)

وقد نزلت منه على أهل يثرب

ركاب هدى حلّت عليهم بأسعد

نبيّ يرى ما لا يرى النّاس حوله

ويتلوا كتاب الله في كلّ مسجد (٨)

وإن قال في يوم مقالة غائب

فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد

ليهن أبا بكر سعادة جدّه

بصحبته من يسعد الله يسعد (٩)

قوله : (إذا مشى تكفّأ) يريد أنّه يميد في مشيته ، ويمشي في رفق غير مختال.

__________________

(١) الفعال : كسحاب. اسم الفعل الحسن ، والكرم ، (القاموس المحيط).

(٢) في الذيل «يجازى» ، وفي تهذيب تاريخ دمشق «تجازى».

(٣) في الذيل «مقام».

(٤) في النهاية «له بصريح ضرّة الشّاة مزبد» ، وفي الذيل «عليه صريح». وقال الطبري : «هكذا أنشدنيه أبو هشام ، وإنّما هو : فتحلّبت له بصريح ضرّة الشاة مزبد».

(٥) زاد في الذيل : «شاعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

(٦) في الذيل «يبتغ».

(٧) ورد هذا الشطر في الذيل هكذا : «عمّى وهداة يهتدون بمهتد».

(٨) زاد في الذيل : «قال الطبري : والّذي نرويه : «في كل مشهد».

(٩) انظر الأبيات في ديوان حسّان بن ثابت ، ص ٨٧.

٤٤٠