شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي
المحقق: الدكتور عمر عبدالسلام تدمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٠
بسم اللهِ الرَّحمن الرَّحيم
سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
[مقتل زنكي]
في ربيع الآخر وثب ثلاثة من غلمان زنكي بن آقْسُنْقُز ، فقتلوه وهو يحاصر جِعْبَر ، فقام بأمر الموصل ابنه غازي ، وبحلب نور الدّين محمود (١).
[احتراق قصر المسترشد]
وفيها احترق قصر المسترشد الّذي بناه في البستان ، وكان فيه الخليفة ، فسلم ، وتصدّق بأموال (٢).
__________________
(١) انظر عن مقتل عماد الدين زنكي في : ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، وكتاب الروضتين ١ / ١١٧ ، ١١٨ ، والأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٥٥ ، وج ٣ ق ١ / ٩٥ ، ١١٤ ، والتاريخ الباهر ٧٣ ـ ٧٦ ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٠٩ ـ ١١٢ ، وزبدة الحلب ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٥ ، وبغية الطلب (المصوّر) ٨ / ٢١٣ أ ـ ٢١٤ ب ، و (المطبوع من التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) ٢٦٧ ، ومفرّج الكروب لابن واصل ١ / ٩٩ ـ ١٠٦ ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ٢٠٦ ، وتاريخ الزمان ، وله ١٥٩ ، والمنتظم ١٠ / ١١٩ و ١٢١ رقم ١٧٥ (١٨ / ٤٨ و ٥١ رقم ٤١٢٣) ، وآثار الأول في ترتيب الدول للعباسي ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٨٥ ، وديوان ابن منير الطرابلسي (بعنايتنا) ٣٣ ، ٣٧ ، ١٥١ ، ووفيات الأعيان ٢ / ٣٢٧ ـ ٣٢٩ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ١٨ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ١٤٧ ، ١٤٨ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١١٤ ، ١١٥ ، والعبر ٤ / ١١٢ ، ودول الإسلام ٢ / ٥٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٨٩ ـ ١٩١ رقم ١٢٣ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٦ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٠٧ ، ٤٠٨ ، والدرّة المضيّة ٥٤٦ ، ومرآة الجنان ٣ / ٢٧٤ ، والجوهر الثمين ١ / ٢٠٨ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٣٧ ، والوافي بالوفيات ١٤ / ٢٢١ ـ ٢٢٣ رقم ٣٠٠ ، والكواكب الدرّية ١١٩ ـ ١٢١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٢٨ ، والدارس في تاريخ المدارس ١ / ٦١٦ ، وأخبار الدول وآثار الأول للقرماني ٢٧٩ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٨٠ ، ٨١ (بتحقيقنا).
(٢) انظر عن احتراق قصر المسترشد في : المنتظم ١٠ / ١١٨ ، ١١٩ (١٨ / ٤٨) ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٨٦ ، ١٨٧ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٠ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٠٧.
[خلاف السلطان والخليفة حول دار الضرب]
وفي رجب قدم السّلطان مسعود ، وعمل دار ضرب ، فقبض الخليفة على الضّرّاب الّذي تسبّب في إقامة دار الضَّرب ، فنفذ الشَّحنة وقبض على حاجب الخليفة ، وأربعة من الخواصّ ، فغضب الخليفة ، وغلّق الجامع والمساجد ثلاثة أيّام ، ثمّ أطلق الضّرّاب ، فأطلقوا الحاجب ، وسكن الأمر (١).
[موت ابنة الخليفة]
ووقع حائط بالدّار على ابنة الخليفة ، وكانت تصلح للزّواج ، واشتدّ حزنهم عليها ، وجلسوا ثلاثة أيّام (٢).
[إبطال مكس حقّ البيع]
وفي ذي القعدة جلس ابن العبّاديّ الواعظ ، فحضر السّلطان مسعود ، فعرّض بذكر حقّ البيع ، وما جرى على النّاس ، ثمّ قال : يا سلطان العالم : أنت تهب في ليلة لمطرب بقدر هذا الّذي يوجد من المسلمين ، فاحسبني ذلك المطرب ، وهبه لي ، واجعله شكرا لله بما أنعم عليك! فأشار بيده : إنّي قد فعلت ، فارتفعت الضّجّة ، بالدّعاء له ، ونودي في البلد بإسقاطه ، وطيف بالألواح الّتي نقش عليها ترك المكوس في الأسواق ، وبين يديها الدّبادب والبوقات ، إلى أن أمر النّاصر لدين الله بقلع الألواح ، وقال : ما لنا حاجة بآثار الأعاجم (٣).
[حجّ الوزير ابن جهير]
وحجّ الوزير نظام الدّين بن جهير.
__________________
(١) انظر عن الخلاف حول دار الضرب في : المنتظم ١٠ / ١١٩ (١٨ / ٤٩) ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٠ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٠٧ ، وتاريخ الخلفاء ٤٣٨.
(٢) انظر عن موت ابنة الخليفة في : المنتظم ١٠ / ١١٩ ، ١٢٠ (١٨ / ٤٩) ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢١.
(٣) انظر عن إبطال المكس في : المنتظم ١٠ / ١١٩ ، ١٢٠ (١٨ / ٤٩ ، ٥٠) ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٨٨ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢١ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٠٧ ، وتاريخ الخلفاء ٤٣٨ ، ٤٣٩.
[حجّ المؤرّخ ابن الجوزي]
قال ابن الجوزيّ : وحججت أنا بالزّوجة والأطفال (١).
[ملك الفرنج طرابلس المغرب]
وفيها ، قال ابن الأثير (٢) : ملكت الفرنج طرابلس المغرب. جهّز الملك رجار صاحب صقلّيّة في البحر أسطولا كبيرا ، فسار يوما في ثالث المحرّم ، فخرج أهلها ، ودام الحرب ثلاثة أيّام ، فاتّفق أن أهلها اختلفوا ، وخلت الأسوار ، فنصبت الفرنج السّلالم ، وطلعوا وأخذوا البلد بالسّيف واستباحوه ، ثمّ نادوا بالأمان ، فظهر من سلم ، وعمّرتها الفرنج وحصّنوها (٣).
[مقتل زنكي]
وفيها قتل زنكي (٤).
[تسلّم صاحب دمشق بعلبكّ صلحا]
[وفيها] قصد صاحب دمشق بعلبكّ وحاصرها ، وبها نائب زنكيّ الأمير نجم الدّين أيّوب بن شاذي ، فسلّمها صلحا له ، وأقطعه خبزا بدمشق ، وملّكه عدّة قرى ، فانتقل إلى دمشق وسكنها (٥).
[فتوحات عبد المؤمن بالمغرب]
وفيها سار عبد المؤمن بجيوشه بعد أن افتتح فاس إلى مدينة سلا فأخذها ،
__________________
(١) انظر عن الحج في : المنتظم ١٠ / ١٢٠ (١٨ / ٥٠) ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٣ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٨٨.
(٢) في : الكامل في التاريخ ١١ / ١٠٨.
(٣) وانظر الخبر أيضا في : كتاب الروضتين ١ / ١٤٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ١٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٦ ، والعبر ٤ / ١١١ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٠٨ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢١ ، ومرآة الجنان ٣ / ٢٧٤ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٨٠ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ١٨١.
(٤) تقدّم الخبر مفصّلا قبل قليل.
(٥) ذيل تاريخ دمشق ٢٨٧ ، ٢٨٨ ، الكامل في التاريخ ١١ / ١١٨ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٦١ ، كتاب الروضتين ١ / ١٢٤ ، عيون التواريخ ١٢ / ٤٠٨ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢١ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٣٨ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٨٢.
ووحّدت مدينة سبتة ، فأمّنهم ، ثمّ سار إلى مرّاكش ، فنزل على جبل قريب منها ، وبها إسحاق بن عليّ بن يوسف بن تاشفين ، فحاصرها أحد عشر شهرا ، ثمّ أخذها عنوة بالسّيف في أوائل سنة اثنتين وأربعين ، واستوثق له الأمر ونزلها. وجاءه جماعة من وجوه الأندلسيّين وهو على مرّاكش باذلين له الطّاعة والبيعة ، ومعهم مكتوب كبير فيه أسماء جميع الّذين بايعوه من الأعيان. وقد شهد من حضر على من غاب. فأعجبه ذلك ، وشكر هجرتهم ، وجهّز معهم جيشا مع أبي حفص عمر بن صالح الصّنهاجيّ من كبار قوّاده ، فبادر إلى إشبيلية فنازلها ، ثم افتتحها بالسّيف.
وذكر اليسع بن حزم أنّ أهل مرّاكش مات منهم بالجوع أيّام الحصار نيّف على عشرين ومائة ألف. حدثنيه الدّافن لهم.
ولمّا أراد فتحها ، داخلت جيوش الرّوم الّذين بها أمانا ، فأدخلوه من باب أغمات ، فدخلها بالسّيف ، وضرب عنق إسحاق المذكور ، في عدّة من القوّاد.
قال اليسع : قتل ذلك اليوم ممّا صحّ عندي نيّف على السّبعين ألف رجل (١).
__________________
(١) المختصر في أخبار البشر ٣ / ١٩ ، مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٩٥ (حوادث سنة ٥٤٢ ه) ، عيون التواريخ ١٢ / ٤٠٨ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢٨١ ، الدرّة المضيّة ٥٤١.
سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة
[ولاية ابن هبيرة ديوان الزمام]
فيها ولي أبو المظفّر يحيى بن هبيرة ديوان الزّمان (١).
[مقتل بزبة شحنة أصبهان]
وفيها سار الأمير بزبة (٢) واستمال شحنة أصبهان ، وانضاف معه محمد شاه ، فأرسل السّلطان مسعود عساكر أذربيجان ، وكان بزبة في خمسة آلاف ، فالتقوا ، فكسرهم بزبة ، واشتغل جيشة بالنّهب ، فجاء في الحال مسعود بعد المصافّ في ألف فارس ، فحمل عليهم ، فتقنطر الفرس ببزبة ، فوقع وجيء به إلى مسعود ، فوسّطه ، وجيء برأسه فعلّق ببغداد (٣).
[وزارة عليّ بن صدقة]
وعزل أبو نصر جهير عن الوزارة بأبي القاسم عليّ بن صدقة ، شافهه بالولاية المقتفي ، وقرأ ابن الأنباريّ كاتب الإنشاء عهده (٤).
__________________
(١) الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢٢٥ ، المنتظم ١٠ / ١٢٤ (١٨ / ٥٥) ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٢٣ ، الفخري ٣١٢ ـ ٣١٥ ، مختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٣١ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٢٢.
(٢) في الكامل ١١ / ١١٩ «بوزابة» ، وفي ذيل تاريخ دمشق ٢٩٤ «بوزبه» ، وفي دول الإسلام ٢ / ٥٨ «بزاية» بالباء ، وهو بتحريف.
(٣) انظر عن مقتل بزبة في : المنتظم ١٠ / ١٢٠ (١٨ / ٥٥) ، والكامل في التاريخ ١١ / ١١٩ ، وذيل تاريخ دمشق ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ودول الإسلام ٢ / ٥٨ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٠١ ، ٢٠٢ ، وزبدة التواريخ ٢٢٥.
(٤) الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢٢٥ ، المنتظم ١٠ / ١٢٥ (١٨ / ٥٦) ، الفخري ٣١١ ، مختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٣١ ، خلاصة الذهب المسبوك ٢٧٦ ، مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٩٥.
[محاربة سلاركرد لابن دبيس]
وقدم سلاركرد على شحنكيّة بغداد ، وخرج بالعسكر لحرب عليّ بن دبيس ، فالتقوا ، ثمّ اندفع عليّ إلى ناحية واسط ، ثمّ عاد وملك الحلّة (١).
[مباشرة أبي ألوفا قضاء بغداد]
وباشر قضاء بغداد أبو ألوفا يحيى بن سعيد بن المرخّم في الدّست الكامل ، على عادة القاضي الهرويّ.
وكان أبو ألوفا بئس الحاكم ، يرتشي ويبطل الحقوق (٢).
[بروز ابن المستظهر إلى ظاهر بغداد]
وفي رمضان برز إسماعيل بن المستظهر أخو الخليفة من داره إلى ظاهر بغداد ، فبقي يومين ، وخرج متنكّرا ، على رأسه شكّة ، وبيده قدح ، على وجه التنزّه ، فانزعج البلد ، وخافوا أن يعود ويخرج عليهم ، وخاف هو أن يرجع إلى الدّار ، فاختفى عند قوم ، فأذنوا له ، فجاء أستاذ دار والحاجب وخدموه وردّوه (٣).
[فتح نو الدين أرتاح]
وفيها سار نور الدّين محمود (٤) بن زنكيّ صاحب حلب يومئذ ففتح أرتاح (٥) ، وهي بقرب حلب ، استولت عليها الفرنج ، فأخذها عنوة. وأخذ ثلاثة حصون صغار للفرنج ، فهابته الفرنج ، وعرفوا أنّه كبس نطّاح مثل أبيه وأكثر (٦).
__________________
(١) انظر عن محاربة سلار بن دبيس في : المنتظم ١٠ / ١٢٥ (١٨ / ٥٦).
(٢) انظر عن مباشرة أبي الوفاء القضاء في : المنتظم ١٠ / ١٢٥ (١٨ / ٥٦) ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٨٧ (حوادث ٥٤١ ه).
(٣) انظر عن بروز ابن المستظهر في : المنتظم ١٠ / ١٢٦ (١٨ / ٥٧).
(٤) في الأصل : «نور الدين بن محمود» وهو وهم.
(٥) أرتاح : بالفتح ثم السكون ، وتاء فوقها نقطتان ، وألف وحاء مهملة ، اسم حصن منيع ، كان في العواصم من أعمال حلب. (معجم البلدان ١ / ١٤٠).
(٦) الكامل في التاريخ ١١ / ١٢٢ ، زبدة الحلب ٢ / ٢٩١ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ١٩ ، نهاية الأرب ٢٧ / ١٥٣ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٨٢ ، ٨٣ ، والروضتين ١ / ١٣٢ ، ١٣٣ ، العبر ٤ / ١١٤ ، دول الإسلام ٢ / ٥٨ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٩٥ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٧ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٣٨ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٢٨٠.
[أخذ غازي دارا وحصاره ماردين ووفاته]
وفيها سار أخوه غازي صاحب الموصل إلى ديار بكر ، فأخذ دارا وأخربها ونهبها ، ثمّ حاصر ماردين ، فصالحه حسام الدّين تمرتاش بن إيلغازيّ ، وزوّجه بابنته ، فلم يدخل بها ، ومرض ومات ، فتزوّجها أخوه قطب الدّين (١).
[الغلاء بإفريقية]
وفيها ، وفي السّنين الخمس الّتي قبلها ، وكان الغلاء المفرط بإفريقية ، وعظم البلاء بهم في هذا العام حتّى أكل بعضهم بعضا (٢).
[زواج نور الدين محمود]
وفيها تزوّج الملك نور الدّين بالخاتون ابنة الأتابك معين الدّين أنر ، وأرسلت إليه إلى حلب.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١١ / ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٣٩ (حوادث ٥٤٤ ه).
(٢) الكامل في التاريخ ١١ / ١٢٤ ، والعبر ٤ / ١١٤ ، مرآة الجنان ٣ / ٢٧٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٢٢ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ١٨٧.
سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة
[هزيمة الفرنج عند دمشق]
فيها جاءت من الفرنج ثلاثة ملوك إلى بيت المقدس ، وصلّوا صلاة الموت ، وردّوا على عكّا ، وفرّقوا في العساكر سبعمائة ألف دينار ، وعزموا على قصد الإسلام. وظنّ أهل دمشق أنّهم يقصدون قلعتين بقرب دمشق ، فلم يشعروا بهم في سادس ربيع الأوّل إلّا وقد صبّحوا دمشق في عشرة آلاف فارس ، وستّين ألف راجل ، فخرج المسلمون فقاتلوا ، فكانت الرّجّالة الّذين برزوا لقتالهم مائة وثلاثين ألفا ، والخيّالة طائفة كبيرة ، فقتل في سبيل الله نحو المائتين ، منهم الفقيه يوسف الفندلاويّ (١) ، والزّاهد عبد الرحمن الحلحوليّ (٢). فلمّا كان في اليوم الثّاني ، خرجوا أيضا ، واستشهد جماعة ، وقتلوا من الفرنج ما لا يحصى.
فلمّا كان في اليوم الخامس ، ووصل غازي بن أتابك زنكي في عشرين ألف فارس ، ووصل أخوه نور الدّين محمود إلى حماه رديف له. وكان في دمشق البكاء والتّضرّع وفرش الرّماد أيّاما ، وأخرج مصحف عثمان إلى وسط الجامع. وضجّ النّساء والأطفال مكشّفين الرّؤوس ، فأغاثهم الله.
وكان مع الفرنج قسّيس ذو لحية بيضاء ، فركب حمارا ، وعلّق في حلقه الطّيب ، وفي يديه صليبين ، وقال للفرنج : أنا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق ، ولا يردّني أحد. فاجتمعوا حوله ، وأقبل يريد البلد ، فلمّا رآه المسلمون صدقت نيّتهم ، وحملوا عليه ، فقتلوه ، وقتلوا الحمار ، وأحرقوا الصّلبان ، وجاءت
__________________
(١) انظر ترجمة في هذا الجزء برقم (١٨٧) ، ذيل تاريخ دمشق ٢٩٨.
(٢) انظر ترجمته في هذا الجزء برقم (١٥٤) ، ذيل تاريخ دمشق ٢٩٨.
النّجدة المذكورة ، فهزم الله الفرنج ، وقتل منهم خلق (١).
[رواية ابن الأثير عن انهزام الفرنج]
قال ابن الأثير : (٢) سار ملك الألمان من بلاده في خلق كثير ، عازما على قصد الإسلام ، واجتمعت معه فرنج الشّام ، وسار إلى دمشق ، وفيها مجير الدين أبق بن محمد بن بوري ، وأتابكه معزّ الدّين أنر (٣) ، وهو الكلّ ، وكان عادلا ، عاقلا ، خيّرا ، استنجد بأولاد زنكيّ ، ورتّب أمور البلد ، وخرج بالنّاس إلى قتال الفرنج ، فقويت الفرنج ، وتقهقر المسلمون إلى البلد. ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر ، وأيقن النّاس بأنّه يملك البلد ، وجاءت عساكر سيف الدّين غازي ، ونزلوا حمص ، ففرح النّاس وأصبح معين الدّين يقول للفرنج الغرباء : إنّ ملك الشّرق قد حضر ، فإن رحلتم ، وإلّا سلّمت دمشق إليه ، وحينئذ تندمون.
وأرسل إلى فرنج الشّام يقول لهم : بأيّ عقل تساعدون هؤلاء الغرباء علينا ، وأنتم تعلمون أنّهم إنّ ملكوا أخذوا ما بأيديكم من البلاد السّاحليّة؟
وأنا إذا رأيت الضّعف عن حفظ البلد سلّمته إلى ابن زنكي ، وأنتم تعلمون أنّه إن ملك لا يبقى لكم معه مقام بالشّام.
فأجابوه إلى التّخلّي عن ملك الألمان ، وبذل لهم حصن بانياس ،
__________________
(١) انظر خبر الموقعة في : الكامل في التاريخ ١١ / ١٢٩ ـ ١٣١ ، والتاريخ الباهر ٨٨ ، ٨٩ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٢٩٧ ـ ٣٠٠ ، والمنتظم ١٠ / ١٣٠ ، ١٣١ (١٨ / ٦٣ ، ٦٤) ، وكتاب الروضتين ١ / ١٣٣ ـ ١٣٨ ، والاعتبار لابن منقذ ٩٤ ، ٩٥ ، ومفرّج الكروب ١ / ١١٢ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٧ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٠ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ١٥٠ ، ١٥١ ، وزبدة الحلب ٢ / ٢٩٢ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ١٦٢ ، ١٦٣ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٩٧ ـ ١٩٩ ، ودول الإسلام ٢ / ٥٨ ، ٥٩ ، والعبر ٤ / ١١٦ ـ ١١٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٧ ، ٤٨ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤١٦ ، ٤١٧ ، والدرّة المضيّة ٥٤٩ ، ٥٥٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، والكواكب الدرّية ١٢٦ ـ ١٢٨ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٨٧ ، ٨٨ ، وتاريخ الخلفاء ٤٣٩ ، والإعلام والتبيين للحريري ٢٥ ـ ٢٧.
(٢) في الكامل ١١ / ١٢٩ ـ ١٣١ ، والتاريخ الباهر ٨٨.
(٣) في الأصل بالزاي. ويرد في المصادر : «أنر» بالراء ، وسيأتي في التراجم «أنر» بالراء أيضا.
فاجتمعوا بملك الألمان ، وخوّفوه من عساكر الشّرق وكثرتها ، فرحل وعاد إلى بلاده ، وهي وراء القسطنطينيّة.
قلت : إنّما كان أجل قدومه لزيادة القدس ، فلمّا ترحّلوا سار نور الدّين محمود إلى حصن العزيمة ، وهو للفرنج ، فملكه. وكان في خدمته معين الدّولة أنر بعسكر دمشق.
[ظهور الدولة الغوريّة]
وفيها كان أول ظهور الدّولة الغوريّة ، وحشدوا وجمعوا. وكان خروجهم في سنة سبع وأربعين (١).
[هرب رضوان وزير مصر ومقتله]
وفيها نقب الحبس رضوان (٢) ، الّذي كان وزير الحافظ صاحب مصر ، وهرب على خيل أعدّت له ، وعبر إلى الجيزة. وكان له في الحبس تسع سنين.
وقد كنّا ذكرنا أنّه هرب إلى الشّام ، ثمّ قدم مصر في جمع كبير ، فقاتل المصريّين على باب القاهرة وهزمهم ، وقتل خلقا منهم ، ودخل البلد ، فتفرّق جمعه ، وحبسه الحافظ عنده في القصر ، وجمع بينه وبين أهله ، وبقي إلى أن بعث الجيش يأتي من الصّعيد بجموع كثيرة ، وقاتل عسكر مصر عند. جامع ابن طولون فهزمهم ، ودخل القاهرة ، وأرسل إلى الحافظ يطلب منه رسم الوزارة عشرين ألف دينار ، فبعثها إليه ، ففرّقها ، وطلب زيادة ، فأرسل إليه عشرين ألف أخرى ، ثمّ عشرين ألف أخرى. وأخذ النّاس منه العطاء وتفرّقوا. وهيّأ الحافظ جمعا كبيرا من العبيد وبعثهم ، فأحاطوا به ، فقاتلهم مماليكه ساعة. وجاءته ضربة فقتل (٣). ولم يستوزر الحافظ أحدا من سنة ثلاث وثلاثين إلى أن مات.
__________________
(١) انظر بداية ظهور الغورية في : الكامل في التاريخ ١١ / ١٣٥.
(٢) هو : رضوان بن ولخشي.
(٣) أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٨٧ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢٨١.
[ظهور الدعوة النزاريّة بمصر]
قال سبط الجوزيّ (١) : فيها ظهور بمصر رجل من ولد نزار بن المستنصر يطلب الخلافة ، واجتمع معه خلق ، فجهّز إليه الحافظ العساكر ، والتقوا بالصّعيد ، فقتل جماعة ، ثمّ انهزم النّزاريّ ، وقتل ولده (٢).
[إبطال الأذان ب «حيّ على خير العمل» بحلب]
وفيها أمر نور الدّين بإبطال «حيّ على خير العمل» من الأذان بحلب ، فعظم ذلك على الإسماعيليّة والرّافضة الّذين بها (٣).
[فتنة خاصّبك السلطان مسعود]
وكان السّلطان مسعود قد مكّن خاصّبك من المملكة ، فأخذ يقبض على الأمراء ، فتغيّروا على مسعود وقالوا : إمّا نحن ، وإمّا خاصّبك ، فإنّه يحملك على قتلنا. وساروا يطلبون بغداد ، ومعهم محمد شاه ابن السّلطان محمود ، فانجفل النّاس واختبطوا ، وهرب الشّحنة إلى تكريت ، وقطع الجسر ، وبعث المقتضي ابن العبّاديّ الواعظ رسولا إليهم ، فأجابوا : نحن عبيد الخليفة وعبيد السّلطان ، وما فارقناه إلّا خوفا من خاصّبك ، فإنّه قد أفنى الأمراء ، فقتل عبد الرحمن بن طويرك ، وعبّاسا ، وبزبه (٤) ، وتتر ، وصلاح الدّين ، وما عن النّفس عوض. وما نحن بخوارج ولا عصاة ، وجئتنا لنصلح أمرنا مع السّلطان.
وكانوا : ألبقش ، وألدكز ، وقيمز (٥) ، وقرقوب (٦) ، وأخو طويرك (٧) ، وطرنطاي ،
__________________
(١) في مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٩٩.
(٢) ذيل تاريخ دمشق ٣٠٢ ، مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٩٩ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢٨٢.
(٣) ذيل تاريخ دمشق ٣٠١ ، كتاب الروضتين ١ / ١٤٧ ، مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٩٩ ، عيون التواريخ ١٢ / ٤١٨ و ٤٧٤ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢٨٢ ، زبدة الحلب ٢ / ٢٩٣ ، ٢٩٤.
(٤) في الأصل : «يزيد».
(٥) في الأصل : «منصر».
(٦) في المنتظم : «قرقوت» ، والمثبت يتفق مع الكامل ١١ / ١٣٢.
(٧) في الكامل ١١ / ١٣٢ : «وابن طغايرك».
وعليّ بن دبيس (١). ثمّ دخلوا بغداد ، فمدّوا أيديهم ، وأخذوا خاصّ السّلطان ، وأخذوا الغلّات ، فثار عليهم أهل باب الأزج (٢) وقاتلوهم ، فكتب الخليفة إلى مسعود ، فأجابه : قد برئت ذمّة أمير المؤمنين من العهد الّذي بيننا ، بأنّه لا يجنّد ، فيحتاط للمسلمين. فجنّد وأخرج السّرادقات ، وخندق ، وسدّ العقود ، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد ، وقسّطوا الأموال على محالّ الجانب الغربيّ وراحوا إلى دجيل وأخذوا الحريم والبنات ، وجاءوا بهنّ إلى الخيم.
ثمّ وقع القتال ، وقاتلت العامّة بالمقاليع ، وقتل جماعة ، فطلع إليهم الواعظ الغزنويّ فذمّهم وقال : لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا. واستنقذ منهم المواشي ، وساقها إلى البلد ، وقبض الخليفة على ابن صدقة ، وبقي الحصار أيّاما ، وخرج خلق من العوامّ بالسّلام الوافر ، وقاتلوا العسكر ، فاستجرّهم العسكر ، وانهزموا لهم ، ثمّ خرج عليهم كمين فهربوا ، وقتل من العامّة نحو الخمسمائة.
ثمّ جاءت الأمراء ، فرموا نفوسهم تحت التّاج وقالوا : لم يقع هذا بعلمنا ، وإنّما فعله أوباش لم نأمرهم. فلم يقبل عذرهم. فأقاموا إلى اللّيل وقالوا : نحن قيام على رءوسنا ، لا نبرح حتّى تعفي عن جرمنا.
فجاءهم الخادم يقول : قد عفا عنكم أمير المؤمنين فامضوا. ثمّ سار العسكر ، وذهب بعضهم إلى الحلّة ، وبعضهم طلب بلاده (٣).
[الغلاء والجوع]
ووقع الغلاء ، ومات بالجوع والعري أهل القرى ، ودخلوا بغداد يستعطون (٤).
__________________
(١) زاد ابن الجوزي : «وابن تتر في آخرين»
(٢) باب الأزج : بالتحريك ، محلّة معروفة ببغداد.
(٣) انظر عن فتنة خاصّ بك في : المنتظم ١٠ / ١٣١ ـ ١٣٣ (١٨ / ٦٤ ـ ٦٦) ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٣٢ ـ ١٣٤ ، وزبدة التواريخ ٢٢٥ ـ ٢٢٨ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٥١٤ ـ ٥١٦.
(٤) انظر عن الغلاء والجوع في : المنتظم ١٠ / ١٣٤ (١٨ / ٦٦) ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٣٧ ، وذيل تاريخ دمشق ٣٠٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٠ ، والعبر ٤ / ١١٨ ، ودول الإسلام ٢ / ٥٩ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٨ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٩٠.
[وفاة القاضي الزينبي]
ومات قاضي القضاة الزّينبيّ ، وقلّد مكانه أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عليّ بن الدّامغانيّ (١).
[دخول ملك صقلّيّة مدينة المهديّة]
وفيها الغلاء مستمر بإفريقية ، وجلا أكثر النّاس ووجد خلق في جزيرة صقلّيّة ، وعظم الوباء. فاغتنم الملعون رجار صاحب صقلّيّة هذه الشّدّة ، وجاء في مائتين وخمسين مركبا ، ونزل علي المهديّة ، فأرسل إلى صاحبها الحسين بن عليّ بن يحيى بن تميم بن باديس : إنّما جئت طالبا بثأر محمد بن رشيد صاحب فاس ، وردّه إلى فارس. وأنت فبيننا وبينك عهد إلى مدّة ، ونريد منك عسكرا يكون معنا.
فجمع الحسن الفقهاء والكبار وشاورهم ، فقالوا : نقابل عدوّنا ، فإنّ بلدنا حصين.
قال : أخاف أن ينزل البرّ ويحاصرنا برّا وبحرا ويمنعنا الميرة ، ولا يحلّ لي أن أعطيه عسكرا يقاتل به المسلمين ، وإن امتنعت قال : نقضت. والرأي أن نخرج بالأهل والولد ، ونترك البلد ، فمن أراد أن ينزح فلينزح.
وخرج لوقته ، فخرج الخلق على وجوههم ، وبقي من احتمى بالكنائس عند أهلها ، وأخذت الفرنج المهديّة بلا ضربة ولا طعنة ، وفإنّا لله وإنّا إليه راجعون. فوقع النّهب نحو ساعتين ، ونادوا بالأمان.
وسار الحسن إلى عند أمير عرب تلك النّاحية ، فأكرمه. وصار الإفرنج من طرابلس الغرب إلى قرب تونس.
وأمّا الحسن ، فعزم على المسير إلى مصر ، ثمّ عزم على المصير إلى عبد المؤمن هو وأولاده ، وهو التّاسع من ملوك بني زيري. وكانت دولتهم بإفريقية مائتين وثمان سنين (٢).
__________________
(١) انظر عن قضاء الدامغانيّ في : المنتظم ١٠ / ١٣٤ (١٨ / ٦٦) ، وذيل تاريخ دمشق ٣٠٣ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٣.
(٢) انظر خبر المهديّة في : الكامل في التاريخ ١١ / ١٢٥ وما بعدها ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ١٩ ، والعبر في خبر من غبر ٤ / ١١٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٧ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٣ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٨٧ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ١٨٨.
سنة أربع وأربعين وخمسمائة
[ارتفاع الغلاء عن بغداد]
في المحرّم ارتفع عن النّاس ببغداد الغلاء ، وخرج أهل القرى (١).
[مقتل صاحب أنطاكية]
وغزا نور الدّين محمود بن زنكي فكسر الفرنج ، وقتل صاحب أنطاكية. وكانت وقعة عظيمة ، قتل فيها ألف وخمسمائة من الفرنج ، وأسر مثلهم ، وذلّ دين الصّليب (٢).
[فتح فامية]
ثمّ افتتح نور الدّين حصن فامية ، وكان على أهل حماة وحمص منه غاية الضَّرر (٣).
__________________
(١) انظر عن ارتفاع الغلاء في : المنتظم ١٠ / ١٣٧ (١٨ / ٧١) ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٤٦.
(٢) انظر عن مقتل صاحب أنطاكية في : ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، والمنتظم ١٠ / ١٣٧ (١٨ / ٧١) ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٤٤ ، والتاريخ الباهر ٩٨ ، ٩٩ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٧ ، وزبدة الحلب ٢ / ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، وتاريخ مختصر الدول ٢٠٧ ، وتاريخ الزمان ١٦٤ ، وكتاب الروضتين ١ / ١٥٠ ـ ١٥٩ ، وديوان ابن منير الطرابلسي ٦٤٢ ، ٢٩٢ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ١٥٥ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٢ ، والعبر ٤ / ١٢٠ ، ١٢١ ، ودول الإسلام ، ٢ / ٥٩ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٢١ ، والدرّة المضيّة ٥٥٤ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٨ ، ٤٩ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٥ ، والكواكب الدرّية ١٣٠ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٩١ ، ٩٢ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٤٠.
(٣) انظر عن فتح فامية في : الكامل في التاريخ ١١ / ١٤٩ ، (حوادث سنة ٥٤٥ ه) ، والتاريخ الباهر ١٠٠ ، وزبدة الحلب ٢ / ٣٠١ ، وذيل تاريخ دمشق ٣٠٥ ، وتاريخ الزمان ١٦٣ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ١٥٦ (حوادث سنة ٥٤٥ ه) ، والروضتين ١ / ١٥٩ ، ١٦٠ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٢ ، والعبر ٤ / ١٢١ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٢٠٢ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٥٠ (حوادث
[وقوع جوسلين في الأسر]
وكان جوسلين ، لعنه الله ، قد ألهب الخلق بالأذيّة والغارات ، وهو صاحب تلّ باشر ، وإعزاز ، وعينتاب (١) ، والرّاوندان ، وبهسنا (٢) والبيرة ، ومرعش ، وغير ذلك ، فسار لحربه سلحدار نور الدّين ، فأسره جوسلين ، فدسّ نور الدّين جماعة من التّركمان : من جاءني بجوسلين أعطيته مهما طلب. فنزلوا بأرض عنتاب ، فأغار عليهم جوسلين ، وأخذ امرأة مليحة فأعجبته ، وخلا بها تحت شجرة ، فكمن له التّركمان وأخذوه أسيرا حقيرا ، وأحضروه إلى نور الدّين ، فأعطى الّذي أسره عشرة آلاف دينار.
وكان أسره فتحا عظيما. واستولى نور الدّين على أكثر بلاده (٣).
[وزارة ابن هبيرة]
وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا المظفر بن هبيرة ، ولقبه : عون الدّين (٢).
[قصد ألبقش العراق وطلب السلطنة لملكشاه]
وفي رجب جمع البقش وقصد العراق ، وانضمّ إليه ملك شاه بن السّلطان محمود ، وعليّ بن دبيس ، وطرنطاي ، وخلق من التّركمان. فلمّا صاروا على بريد من بغداد ، بعثوا يطلبون أن يسلطن ملك شاه ، فلم يجبهم الخليفة ، وجمع
__________________
= سنة ٥٤٥ ه) ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٤٠ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٢٣١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٢٨٥.
(١) في الأصل : «عيزاب» ، والتصحيح من المصادر.
(٢) تحرّفت إلى «بهستا» في : مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٢٠٢.
(٣) انظر عن أسر جوسلين في : ذيل تاريخ دمشق ٣١٠ ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٤٤ ، والتاريخ الباهر ٩٩ ، و ١٠١ ، ١٠٢ ، وتاريخ الزمان ١٦٥ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٧ ، وكتاب الروضتين ١ / ١٥٢ و ١٨٤ ، وزبدة الحلب ٢ / ٢٩٩ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٢ ، والعبر ٤ / ١٢٧ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٢٠١ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٩ ، ٥٠ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ١٥٥ وفيه يسمّيه : «جوستكين» ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٩٢ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٤١ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٢١ ، والدرّة المضيّة ٥٥٥ ، ٥٥٦.
انظر عن وزارة ابن هبيرة في : المنتظم ١٠ / ١٣٧ (١٨ / ٧١) ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٢ ، والعبر ٤ / ١٢١ ، وزبدة التواريخ ٢٢٦ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٥ ، والجوهر الثمين =
العسكر وتهيّأ وبعث البريد إلى السّلطان مسعود يستحثّه ، فلم يتحرّك ، فبعث إليه عمّه سنجر يقول له : قد أخربت البلاد في هوى [ابن] (١) البلنكريّ ، فنفّذه هو ، والوزير ، والجاوليّ ، وإلّا ما يكون جوابك غيري.
فلم يلتفت لسنجر ، فأقبل سنجر حتّى نزل الرّيّ ، فعلم مسعود ، فسار إليه جريدة ، فترضّاه وعاد. ثمّ قدم بغداد في ذي الحجّة واطمأنّ النّاس (٢).
[الحجّ العراقيّ]
وفيها حجّ بالعراقيّين نظر الخادم ، فمرض من الكوفة فردّ ، واستعمل مكانه قيماز الأرجوانيّ. ومات نظر بعد أيّام (٣).
[الزلزلة ببغداد]
وفي ذي الحجّة جاءت زلزلة عظيمة ، وماجت بغداد نحو عشر مرّات ، وتقطّع بحلوان جبل من الزّلزلة. وهلك عالم من التّركمان (٤).
[وفاة صاحب الموصل]
وفيها مات صاحب الموصل سيف الدّين غازي بن زنكيّ ، وملك بعده أخوه مودود. وعاش غازي أربعا وأربعين سنة. مليح الصّورة والشّكل ، وخلّف ولدا توفّي شابّا ، ولم يعقب (٥).
__________________
(١) / ٢٠٨ ، ووفيات الأعيان ، الترجمة رقم ٢٤٥ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١٦٨ ، ١٦٩ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٥١٦ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٤٢١.
(١) إضافة من المنتظم ١٠ / ١٣٨ (١٨ / ٧١).
(٢) انظر عن ألبقش في : المنتظم ١٠ / ١٣٧ ، ١٣٨ (١٨ / ٧١ ، ٧٢) ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٥ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٥١٦.
(٣) انظر عن الحج العراقي في : المنتظم ١٠ / ١٣٨ (١٨ / ٧٢) ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٢٠٠ و ٢٠١ (٥٤٣ و ٥٤٤ ه) و ٢٠٥ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٦.
(٤) انظر عن الزلزلة في : المنتظم ١٠ / ١٣٨ (١٨ / ٧٢) ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٤٦ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٢٠١ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٢ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤٩ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٢٥ ، والكواكب الدرّية ١٣١ ، وكشف الصلصلة عن وصف الزلزلة للسيوطي ١٨٤.
(٥) انظر عن وفاة صاحب الموصل في : الكامل في التاريخ ١١ / ١٣٨ ، والتاريخ الباهر ٩٢ ـ ٩٤ ،