تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

على سريرة من حين زاغت الشمس يوم الثلاثاء يصلّي النّاس عليه ، وسريره على شفير قبره ، فلمّا أرادوا أن يقبروه ، نحّوا السّرير قبل رجليه ، فأدخل من هناك ، ونزل في حفرته العبّاس وعليّ ، وقثم بن العبّاس ، والفضل بن العبّاس ، وشقران (١).

وقال ابن إسحاق : حدّثني الحسين بن عبد الله ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : كان الذين نزلوا القبر ، فذكرهم سوى العبّاس ، وقد كان شقران حين وضع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حفرته أخذ قطيفة (٢) قد كان النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلبسها ويفترشها ، فدفنها معه في القبر ، وقال : والله لا يلبسها أحد بعدك ، فدفنت معه (٣).

وقال أبو جمرة ، عن ابن عبّاس إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا توفّي ألقي في قبره قطيفة حمراء. أخرجه مسلّم (٣).

وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشّعبيّ ، حدّثني أبو مرحب قال : كأنّي انظر إليهم في قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعة أحدهم عبد الرحمن بن عوف (٤).

وقال سليمان التّيميّ : لمّا فرغوا من غسل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتكفينه ، صلّى النّاس عليه يوم الإثنين والثلاثاء ، ودفن يوم الأربعاء (٥).

__________________

(١) انظر : طبقات ابن سعد ٢ / ٣٠٠ وبعدها ، والمعارف لابن قتيبة ١٦٦ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٢١٣ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٥٧٧.

(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢١٤ ، وأنساب الأشراف ١ / ٥٧٦ ، والمعارف ١٦٦.

(٣) في الجنائز (٩٦٧) باب جعل القطيفة في القبر ، وانظر : المعارف لابن قتيبة ١٦٦ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٥٧٦ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٢٩٩.

(٤) طبقات ابن سعد ٢ / ٣٠٠.

(٥) انظر تاريخ الطبري ٣ / ٢١٧.

٥٨١

وقال أبو جعفر محمد بن علي : لبث يوم الاثنين ويوم الثلاثاء إلى آخر النهار.

وقال ابن جريج : مات في الضّحى يوم الإثنين. ودفن من الغد في الضّحى. هذا قول شاذّ ، وإسناده صحيح.

وقال ابن إسحاق : حدّثتني فاطمة بنت محمد ، عن عمرة ، عن عائشة أنّها قالت : ما علمنا بدفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتّى سمعنا صوت المساحي (١) في جوف ليلة الأربعاء (٢).

قال ابن إسحاق : وكان المغيرة بن شعبة يدّعي (أنّه أحدث النّاس عهدا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (٣) قال : أخذت خاتمي فألقيته في قبر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقلت حين خرج القوم : إنّ خاتمي قد سقط في القبر ، وإنما طرحته عمدا لأمسّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأكون آخر النّاس عهدا به. هذا حديث منقطع (٤).

وقال الشافعيّ في «مسندة» (٥) أنا القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين قال : لما توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاءت التعزية ، وسمعوا قائلا يقول : «إنّ في الله عزاء من كلّ مصيبة وخلفا من كلّ هالك ، ودركا من كلّ فائت ، فثقوا ، وإيّاه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثّواب».

__________________

(١) جمع مسحاة : المجرفة.

(٢) طبقات ابن سعد ٢ / ٣٠٥ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢١٧.

(٣) ما بين القوسين ليس في الأصل ، ولا النسخة (ع) ولا نسخة دار الكتب ، وهو من تاريخ الطبري ٣ / ٢١٤.

(٤) انظر طبقات ابن سعد ٢ / ٣٠٢ و ٣٠٣ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٩٤ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٥٧٧.

(٥) ص ٣٦١.

٥٨٢

وأخرج الحاكم في «مستدركه» (١) لأبي ضمرة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : لما توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عزّتهم الملائكة يسمعون الحسّ ، ولا يرون الشخص ، فذكره نحوه (٢).

وقد تقدّم صلاتهم عليه من غير أن يؤمّهم أحد والله تعالى أعلم.

صفة قبره صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال عمرو بن عثمان بن هانئ ، عن القاسم قال : قلت لعائشة : اكشفي لي عن قبر رسول الله وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور ، لا مشرفة ولا لاطئة ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء. أخرجه أبو داود هكذا (٣).

وقال أبو بكر بن عيّاش ، عن سفيان التّمّار أنّه رأى قبر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسنّما. أخرجه البخاريّ (٤).

وقال الواقديّ : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : جعل قبر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسطوحا. هذا ضعيف (٥).

وقال عروة ، عن عائشة قالت : سمعت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول في مرضه الّذي لم يقم منه : «لعن الله اليهود والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

__________________

(١) ج ٣ / ٥٧.

(٢) وبقيّة الحديث : «فقالت السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل فائت ، فبالله فثقوا ، وإيّاه فارجوا ، فإنما المحروم من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. (المستدرك ٣ / ٥٧ ، ٥٨).

(٣) في الجنائز (٣٢٢٠) باب في تسوية القبر.

(٤) في الجنائز ٢ / ١٠٧ باب ما جاء في قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر وعمر رضي‌الله‌عنهما.

(٥) رواه البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٧٦ رقم (١١٦٦).

٥٨٣

قالت : ولو لا ذلك لأبرز قبره ، غير أنّه خاف أو خيف أنّه يتّخذ مسجدا. أخرجه البخاريّ (١).

باب أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يستخلف

ولم يوص إلى أحد بعينه بل نبّه على الخلافة بأمر الصّلاة

قال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا : جزاك الله خيرا ، فقال : راغب وراهب. قالوا : استخلف ، فقال : أتحمّل أمركم حيّا وميّتا ، لوددت أنّ حظّي منكم (٢) الكفاف لا عليّ ولا لي ، فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي ـ يعني أبا بكر ـ وإن أترككم فقد ترككم من هو خير منّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال عبد الله : فعرفت أنّه غير مستخلف حين ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. متّفق عليه (٣). واتّفقا عليه من حديث سالم بن عبد الله ، عن أبيه.

وقال الثّوريّ ، عن الأسود بن قيس ، عن عمرو بن سفيان قال : لمّا ظهر عليّ يوم الجمل قال : أيّها النّاس إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر ، فأقام واستقام حتى مضى لسبيله ، ثمّ إنّ أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر ، فأقام واستقام حتّى ضرب الدّين بجرانه (٤) ، ثمّ إنّ أقواما طلبوا الدّنيا فكانت أمور يقضي الله

__________________

(١) في الجنائز ٢ / ٩١ باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور.

(٢) في صحيح مسلّم «منها».

(٣) رواه البخاري في الأحكام ٨ / ١٢٦ باب الاستخلاف ، ومسلّم في الإمارة (١٨٢٣) باب الاستخلاف وتركه ، وأبو داود في الخراج والإمارة (٢٩٣٩) باب في الخليفة يستخلف ، والترمذي في الفتن (٢٣٢٧) باب ما جاء في الخلافة ، وأحمد في المسند ١ / ١٣ و ٤٣ و ٤٦ و ٤٧.

(٤) يعني استقام وقرّ في قراره ، كما أنّ البعير إذا برك واستراح مد جرانه على الأرض ، أي عنقه.

(لسان العرب).

٥٨٤

فيها. إسناده حسن (١).

وقال أحمد في «مسندة» (٢) : ثنا أبو معاوية ، ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : لمّا ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر : ائتني بكتف أو لوح حتّى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه. فلمّا ذهب عبد الرحمن ليقوم قال : أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر.

ويروى عن أنس نحوه.

وقال شعيب بن ميمون ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن الشّعبيّ ، عن أبي وائل قال : قيل لعليّ ألا تستخلف علينا؟ قال : ما استخلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأستخلف. تفرّد به شعيب ، وله مناكير (٣).

وقال شعيب بن أبي حمزة ، عن الزّهريّ ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، أنّ ابن عبّاس أخبره ، أنّ عليّا خرج من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في وجعه الّذي توفّي فيه ، فقال النّاس : يا أبا حسن كيف أصبح النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : أصبح بحمد الله بارئا ، فأخذ بيد العبّاس فقال : أنت والله بعد ثلاث عبد

__________________

(١) رواه أحمد في المسند ١ / ١١٤.

(٢) ج ٦ / ٤٧.

(٣) هو الواسطي البزار. قال أبو حاتم : مجهول ، وكذا قال العجليّ. وقال البخاري : فيه نظر ، وقال ابن حبّان : يروي المناكير عن المشاهير على قلّته لا يحتجّ به إذا انفرد.

انظر عنه :

التاريخ الكبير للبخاريّ ٤ / ٢٢٢ رقم (٢٥٧٧) ، والضعفاء الكبير للعقيليّ ٢ / ١٨٢ ، ١٨٣ رقم (٧٠٣) ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٤ / ٣٥٢ رقم (١٥٤٢) ، والكامل في الضعفاء لابن عديّ ٤ / ١٣١٨ ، والمجروحين لابن حبّان ١ / ٣٦٢ ، وميزان الاعتدال للذهبي ٢ / ٢٧٨ رقم (٣٧٢٨) ، والمغني في الضعفاء له ١ / ٢٩٩ رقم (٢٧٨٣). وتهذيب التهذيب لابن حجر ٤ / ٣٥٧ رقم (٥٩٨) ، وتقريب التهذيب له ١ / ٣٥٣ رقم (٨٥).

والحديث رواه : العقيلي ، وابن عديّ ، والذهبي في الميزان ، وابن حجر في التهذيب.

٥٨٥

العصا ، وإنّي والله لأرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سوف يتوفّاه الله من وجعه هذا ، إنّي أعرف وجوه بني عبد المطّلب عند الموت ، فاذهب بنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلنسأله فيمن هذا الأمر ، فإن كان فينا علمنا ذلك ، وإن كان في غيرنا كلّمناه فأوصى بنا ، قال عليّ : إنّا والله لئن سألناها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمنعناها لا يعطيناها النّاس بعده أبدا ، وإنّي والله لا أسألها رسول الله ، أخرجه البخاري (١). ورواه معمر وغيره.

وقال أبو حمزة السّكريّ ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشّعبيّ قال : قال العبّاس لعليّ رضي‌الله‌عنهما : إنّي أكاد أعرف في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الموت ، فانطلق بنا نسأله ، فإن يستخلف منّا فذاك ، وإلّا أوصى بنا ، فقال عليّ للعبّاس كلمة فيها جفاء ، فلمّا قبض النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال العبّاس لعليّ : أبسط يدك فلنبايعك ، قال : فقبض يده ، قال الشّعبيّ : لو أنّ عليّا أطاع العبّاس ـ في أحد الرأيين ـ كان خيرا من حمر النّعم ، وقال : لو أنّ العبّاس شهد بدرا ما فضله أحد من النّاس رأيا ولا عقلا.

وقال أبو إسحاق عن أرقم بن شرحبيل ، سمعت ابن عبّاس يقول : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يوص.

وقال طلحة بن مصرّف : سألت عبد الله بن أبي أوفى هل أوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : لا ، قلت : فلم أمر بالوصيّة؟ قال : أوصى بكتاب الله. قال طلحة : قال هزيل بن شرحبيل : أبو بكر يتأمّر على وصيّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ودّ أبو بكر أنّه وجد عهدا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخزم أنفه بخزام. متّفق عليه (٢).

__________________

(١) في الاستئذان ٧ / ١٣٦ ، ١٣٧ باب المعانقة وقول الرجل : كيف أصبحت ، وأحمد في المسند ١ / ٢٦٣.

(٢) أخرجه ابن ماجة في الوصايا (٢٦٩٦) باب هل أوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأحمد في المسند ٤ / ٣٨٢.

٥٨٦

وقال همّام ، عن قتادة ، عن أبي حسّان إنّ عليّا قال : ما عهد إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا خاصّة دون النّاس إلّا ما في هذه الصحيفة. الحديث.

وأمّا الحديث الّذي فيه وصيّة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعليّ : يا عليّ إنّ للمؤمن ثلاث علامات : الصّلاة ، والصّيام ، والزّكاة ، فذكر حديثا طويلا ، فهو موضوع (١) ، تفرّد به حمّاد بن عمرو ـ وكان يكذب (٢) ـ عن السّريّ بن خالد ، عن جعفر الصّادق ، عن آبائه ، وعند الرافضة أباطيل في أنّ عليّا عهد إليه.

وقال ابن إسحاق : حدّثني صالح بن كيسان ، عن الزّهريّ ، عن عبيد الله ابن عبد الله قال : لم يوص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند موته إلّا بثلاث : أوصى للرّهاويّين بجادّ (٣) مائة وسق ، وللداريّين بجادّ مائة وسق ، وللشيبيّين بجادّ مائة وسق ، وللأشعريّين بجادّ مائة وسق من خيبر ، وأوصى بتنفيذ بعث

__________________

(١) (فهو موضوع) هو نصّ المنتقى لابن الملّا. وفي الأصل (موضوعا) ، وفي (ع) (موضوع).

(٢) هو أبو إسماعيل النصيبي. قال عنه الجوزجاني : كان يكذب ، وقال البخاري. منكر الحديث ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال ابن حبّان : كان يضع الحديث وضعا ، وقال ابن معين : ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : واهي الحديث ، وقال أبو حاتم : منكر الحديث ضعيف الحديث جدا ، وقال الحاكم : يروي عن جماعة من الثقات أحاديث موضوعة وهو ساقط بمرّة ، وقال ابن الجارود : منكر الحديث شبه لا شيء لا يدري ما الحديث ، وقال أبو أحمد الحاكم : ليس حديثه بالقائم ، وقال أبو سعيد النقاش : يروي الموضوعات عن الثقات.

انظر عنه :

التاريخ الكبير للبخاريّ ٣ / ٢٨ رقم ١١٧ ، والتاريخ الصغير له ٢١٦ ، والضعفاء الصغير له ٢٥٧ رقم ٨٥ ، والضعفاء والمتروكين للنسائي ٢٨٨ رقم ١٣٦ ، وأحوال الرجال للجوزجانيّ ١٧٩ رقم ٣٢١ ، والضعفاء الكبير للعقيليّ ١ / ٣٠٨ رقم ٣٧٦ ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٣ / ١٤٤ رقم ٦٣٤ ، والضعفاء والمتروكين للدارقطنيّ ٧٧ رقم ١٦٤ ، والمجروحين لابن حبّان ١ / ٢٥٢ ، والكامل في الضعفاء لابن عديّ ٢ / ٦٥٧ ، وتاريخ بغداد للخطيب ٨ / ١٥٣ رقم ٤٠٥٥ ، والمغني في الضعفاء للذهبي ١ / ١٨٩ رقم ١٧٢٠ ، وميزان الاعتدال له ١ / ٥٩٨ رقم ٢٢٦٢ ، والكشف الحثيث لبرهان الدين الحلبي ١٥٨ رقم ٢٥٧ ، ولسان الميزان لابن حجر ٢ / ٣٥٠ ، ٣٥١ رقم ١٤٢٠.

(٣) الجادّ : بمعنى المجدود ، أي نخل يقطع منه ما يبلغ مائة وسق. (النهاية لابن الأثير).

٥٨٧

أسامة ، وأوصى أن لا يترك بجزيرة العرب دينان. مرسل.

وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن جرير بن عبد الله قال : كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو ، فجعلت أحدّثهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالا لي : إن كان ما تقول حقّا مضى صاحبك على أجله منذ ثلاث ، قال : فأقبلت وأقبلا معي ، حتّى إذا كنّا في بعض الطّريق رفع لنا ركب من قبل المدينة ، فسألناهم فقالوا : قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واستخلف أبو بكر والنّاس صالحون ، فقالا لي : أخبر صاحبك أنّا قد جئنا ولعلّنا إن شاء الله سنعود ، ورجعا إلى اليمن ، وذكر الحديث. أخرجه البخاريّ (١).

__________________

(١) في المغازي ٥ / ١١٣ باب ذهاب جرير إلى اليمن ، وأحمد في المسند ٤ / ٣٦٣.

٥٨٨

باب تركة رسول الله (١) صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال أبو إسحاق ، عن عمرو بن الحارث الخزاعيّ أخي جويرية (٢) قال : والله ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلّا بلغته البيضاء وسلاحه وأرضا تركها صدقة. أخرجه البخاري (٣).

وقال الأعمش ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشيء. (مسلّم) (٤).

وقال مسعر ، عن عاصم ، عن زرّ ، قالت عائشة : تسألوني عن

__________________

(١) العنوان في نسخة دار الكتب هو : «باب في ميراثه وزوجاته».

(٢) في المنتقى لابن الملّا «أم المؤمنين جويرية».

(٣) في كتاب الوصايا ٣ / ١٨٦ باب الوصايا ، وفي الجهاد والسير ٣ / ٢٢٠ باب بغلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم البيضاء ، و ٣ / ٢٢٩ باب من لم ير كسر السلاح عند الموت ، وفي المغازي ٥ / ١٤٤ باب مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووفاته ، والنسائي في الأحباس ٦ / ٢٢٩ باب الإحباس ، وأحمد في المسند ٤ / ١٧٦ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ٣١٦.

(٤) أخرجه في الوصايا (١٦٣٥) باب ترك الوصيّة لمن ليس له شيء يوصي فيه ، وأبو داود في الوصايا (٢٨٦٣) باب ما جاء في ما يؤمر به من الوصيّة ، والنسائي ٦ / ٢٤٠ في الوصايا باب هل أوصى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ ، وابن ماجة في الوصايا (٢٦٩٥) باب هل أوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ ، وأحمد في المسند ٦ / ٤٤.

٥٨٩

ميراث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة (١).

وقال عروة ، عن عائشة قالت : لقد مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما في بيتي إلّا شطر شعير ، فأكلت منه حتّى ضجرت ، فكلته ففني ، وليتني لم أكله. متّفق عليه (٢).

وقال الأسود ، عن عائشة : توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودرعه مرهونة بثلاثين صاعا من شعير. أخرجه البخاري (٣).

وأمّا البرد الّذي عند الخلفاء آل العبّاس ، فقد قال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (٤) في قصّة غزوة تبوك إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطى أهل أيلة برده مع كتابه الّذي كتب لهم أمانا لهم ، فاشتراه أبو العبّاس عبد الله بن محمد ـ يعني السّفّاح ـ بثلاثمائة دينار.

وقال ابن عيينة ، عن الوليد بن كثير ، عن حسن بن حسين ، عن فاطمة بنت الحسين ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبض وله بردان في الحفّ يعملان. هذان مرسلان ، والحفّ (٥) هي الخشبة التي يلفّ عليها الحائك وتسمّى المطواة.

__________________

(١) رواه أحمد في المسند ١ / ٢٠٠ ، ٢٠١ والوليدة : الأمة ، أو الجارية ، كما في النهاية. وانظر طبقات ابن سعد ٢ / ٣١٦ ، ٣١٧.

(٢) أخرجه البخاري في الرقاق ٧ / ٧٩ باب فضل الفقر ، ومسلّم في الزهد (٢٩٧٣) ، وابن ماجة في الأطعمة (٣٣٤٥) باب خبز الشعير ، وأحمد في المسند ٦ / ١٠٨.

(٣) في الجهاد ٣ / ٢٣١ باب ما قيل في درع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقميص في الحرب ، وفي المغازي ٥ / ١٤٥ وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والترمذي في البيوع (١٢٣٢) باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل ، والنسائي في البيوع ٧ / ٣٠٣ باب مبايعة أهل الكتاب ، وابن ماجة في الرهون (٢٤٣٦) أول الباب ، وأحمد في المسند ١ / ٢٣٦ و ٣٠٠ و ٣٠١ و ٣٦١ و ٣ / ١٠٢ و ١٣٣ و ٢٠٨ و ٢٣٨ و ٦ / ٤٥٣ و ٤٥٧ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ٣١٧.

(٤) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ١٧٨.

(٥) الحفّ : المنسج.

٥٩٠

وقال زمعة بن صالح ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وله جبّة صوف في الحياكة. إسناده صالح.

وقال الزّهريّ : حدّثني عروة ، أنّ عائشة أخبرته أنّ فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ممّا أفاء الله على رسوله ، وفاطمة حينئذ تطلب صدقة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي بالمدينة وفدك ، وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا نورث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال ـ يعني مال الله ـ ليس لهم أن يزيدوا على المأكل» ، وإنّي والله لا أغيّر صدقات النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولأعلمنّ فيها بما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها ، وأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ، فوجدت فاطمة على أبي بكر من ذلك ، وذكر الحديث. رواه البخاري (١).

وقال أبو بردة : دخلت على عائشة فأخرجت إلينا إزارا غليظا ممّا يصنع باليمن ، وكساء من هذه التي تدعونها الملبّدة ، فأقسمت بالله لقد قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذين الثّوبين. متّفق عليه (٢).

__________________

(١) في الفرائض ٨ / ٣ باب

قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا نورث ما تركنا صدقة ،

وفي الوصايا ٣ / ١٩٧ باب نفقة القيّم للوقف ، وفي فضائل الصحابة ٤ / ٢٠٩ ، ٢١٠ باب مناقب قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومنقبة فاطمة عليها‌السلام .. ، وفي المغازي ٥ / ٢٣ باب حديث بني النضير ، ومسلّم في الجهاد والسير (١٧٥٨) باب

قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لا نورث ما تركنا فهو صدقة ،

و (١٧٥٩) و (١٧٦١) ، وأبو داود في الخراج والإمارة (٢٩٧٥) باب في صفايا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأموال ، والترمذي في السير ٣ / ٨١ (١٦٥٨) باب ما جاء في تركة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والنسائي في الفيء ٧ / ١٣٢ في كتاب قسم الفيء ، ومالك في الموطأ ٧٠٢ رقم (١٨٢٣) باب ما جاء في تركة النبيّ ، وأحمد في المسند ١ / ٤ و ٦ و ٩ و ١٠ و ٢٥ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ و ٦٠ و ١٦٤ و ١٧٩ و ١٩١ و ٦ / ١٤٥ و ٢٦٢ ، وابن جميع الصيداوي (بتحقيقنا) ـ ص ٣٧٤ رقم ٣٦٥ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ٣١٥.

(٢) رواه مسلّم في اللباس (٢٠٨٠) باب التواضع في اللباس .. ، وأبو داود في اللباس (٤٠٣٦) باب لباس الغليظ ، وابن ماجة في اللباس (٣٥٥١) باب لباس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأحمد في المسند ٦ / ١٣١.

٥٩١

وقال الزّهري : حدّثني عليّ بن الحسين أنّهم حين قدموا المدينة مقتل الحسين لقبه المسور بن مخرمة فقال له : هل لك إليّ من حاجة تأمرني بها؟ قلت : لا ، قال : هل أنت معطيّ سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنّي أخاف أن يغلبك القوم عليه ، وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أحد حتى يبلغ نفسي. اتّفقا عليه (١).

وقال عيسى بن طهمان : أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين (٢) لهما قبالان ، فحدّثني ثابت بعد عن أنس أنّهما نعلا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. رواه البخاري (٣).

عدد أزواجه (٤) صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تزوّج خمس عشرة امرأة (٥) ، ودخل بثلاث عشرة منهنّ ، واجتمع عنده منهنّ إحدى عشرة ، وقبض عن تسع (٦).

__________________

(١) رواه البخاري في الخمس ، الباب الخامس ، ومسلّم في فضائل الصحابة (٢٤٤٩ / ٩٥) باب فضائل فاطمة بنت النبيّ عليها الصلاة والسلام ، وأبو داود في النكاح (٢٠٦٩) باب ما يكره أن يجمع بينهنّ من النساء ، وأحمد في المسند ٤ / ٣٢٦.

(٢) أي لا شعر عليهما. (النهاية لابن الأثير).

(٣) في الخمس ، الباب الخامس.

(٤) العنوان عن المنتقى لابن الملا.

(٥) انظر عن أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأسمائهنّ : تسمية أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأبي عبيدة معمر بن المثنّى ـ ص ٤٤ وما بعدها ، وطبقات ابن سعد ٨ / ٥٢ وما بعدها ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٦٠ وما بعدها ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٣٩٦ وما بعدها ، ونهاية الأرب للنويري ١٨ / ١٧٠ وما بعدها ، وعيون الأثر لابن سيّد الناس ٢ / ٣٠٠ وما بعدها ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٥٤ ، وتهذيب الكمال للمزّى ١ / ٢٠٣ ، والاستيعاب لابن عبد البرّ ١ / ٤٤ وما بعدها ، وصفة الصفوة لابن الجوزي ١ / ٧٧ ، والسبط الثمين للمحبّ الطبري ١٣٩ وما بعدها ، وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ١ / ٢٩٣ ، وذيل المذيل للطبري ٦٠٠ وما بعدها.

(٦) تسمية أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأبي عبيدة بن المثنّى ـ ص ٧٧ ، والمحبّر لابن حبيب ٩٨.

٥٩٢

فأمّا اللّتان لم يدخل بهنّ فأفسدتهما النّساء فطلّقهما ، وذلك أنّ النّساء قلن لإحداهما : إذا دنا منك فتمنّعي ، فتمنّعت ، فطلّقها ، وأمّا الأخرى فلمّا مات ابنه إبراهيم قالت : لو كان نبيّا ما مات ابنه ، فطلّقها (١).

وخمس منهنّ من قريش : عائشة ، وحفصة ، وأمّ حبيبة ، وأمّ سلمة ، وسودة بنت زمعة (٢).

وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وجويرية بنت الحارث الخزاعية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وصفيّة بنت حييّ بن أخطب الخيبريّة (٣). قبض صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن هؤلاء رضي‌الله‌عنهنّ.

روى داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تزوّج قتيلة أخت الأشعث بن قيس ، فمات قبل أن يخبرها ، فبرّأها الله منه (٤).

وقال إبراهيم بن الفضل : ثنا حمّاد بن سلمة ، عن داود بن أبي هند ، عن الشّعبيّ أنّ عكرمة بن أبي جهل تزوّج قتيلة بنت قيس ، فأراد أبو بكر أن يضرب عنقه (٥) ، فقال له عمر : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يعرض لها ولم يدخل بها ، وارتدّت مع أخيها فبرئت من الله ورسوله ، فلم يزل به حتى كفّ عنه (٦).

وأمّا الواقديّ فروى عن ابن أبي الزّناد (٧) عن هشام ، عن أبيه ، أنّ

__________________

(١) انظر : تسمية أزواج النبي لأبي عبيدة ٧٠ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ١٤١ وما بعدها.

(٢) رواية سعيد عن قتادة في تسمية أزواج النبيّ لأبي عبيدة ٧٧.

(٣) وهي من بني إسرائيل. انظر تسمية أزواج النبيّ ٧٧.

(٤) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٧ ، ١٤٨ ، تسمية أزواج النبيّ لأبي عبيد ٧٢ ، ٧٣.

(٥) في تسمية أزواج النبيّ لأبي عبيد أن أبا بكر رضي‌الله‌عنه همّ أن يحرّق عليهما.

(٦) تسمية أزواج النبيّ ٧٢ ، ٧٣ ، طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٨.

(٧) في (ع) «عن أبي الزناد» وهو وهم.

٥٩٣

الوليد بن عبد الملك كتب إليه يسأله : هل تزوّج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قتيلة أخت الأشعث؟ فقال : ما تزوّجها قطّ ، ولا تزوّج كنديّة إلّا أخت بني الجون ، فلمّا أتى بها وقدمت المدينة نظر إليها فطلّقها ولم يبن بها (١).

ويقال إنّها فاطمة بنت الضّحّاك : فحدّثني محمد بن عبد الله ، عن الزّهريّ قال : هي فاطمة بنت الضّحّاك ، استعاذت منه فطلّقها ، فكانت تلقط البعر وتقول : أنا الشقية. تزوّجها في سنة ثمان وتوفّيت سنة ستّين (٢).

وقال ابن إسحاق : تزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسماء بنت كعب الجونيّة ، فلم يدخل بها حتى طلّقها (٣).

وتزوّج عمرة بنت يزيد ، وكانت قبله عند الفضل بن العبّاس بن عبد المطّلب.

كذا قال ، وهذا شيء منكر. فإنّ الفضل يصغر عن ذلك.

وعن قتادة قال : تزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من اليمن أسماء بنت النّعمان الجونيّة ، فلمّا دخل بها دعاها ، فقالت : تعال أنت ، فطلّقها (٤).

وقال الواقديّ : حدّثني عبد الله بن جعفر ، عن عمرو بن صالح ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال : استعاذت الجونيّة منه ، وقيل لها : «هو أحظى لك عنده» وإنّما خدعت لما روي من جمالها وهيئتها ، ولقد ذكر له

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٨.

(٢) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤١ ، وفي اسمها خلاف ، انظر : تسمية أزواج النبيّ ٧٠ ، وذيل المذيّل للطبري ٦١١ و ٦١٢.

(٣) ذيل المذيّل ٦١٤ ، الاستيعاب ٤ / ١٨٧٥ ، ١٨٧٦ ، تسمية أزواج النبيّ ٧٠ ، طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٥.

(٤) تسمية أزواج النبيّ ٧٠ ، طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٥ ، ذيل المذيّل ٦١٤ ، السمط الثمين ١٢٦.

٥٩٤

صلى‌الله‌عليه‌وسلم من حملها على ما قالت له ، فقال : «إنّهنّ صواحب يوسف». وذلك سنة تسع (١).

وقال هشام بن الكلبيّ ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس قال : لمّا استعاذت أسماء بنت النّعمان من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج مغضبا ، فقال له الأشعث بن قيس : لا يسوءك الله يا رسول الله ، ألا أزوّجك من ليس (٢) دونها في الجمال والحسب؟ فقال : «من»؟ قال : أختي قتيلة ، قال : «قد تزوّجتها» ، فانصرف الأشعث إلى حضرموت ثم حملها ، فبلغه وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فردّها وارتدّت معه (٣).

ويروى عن قتادة وغيره ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تزوّج سناء بنت الصّلت السّلميّة ، فماتت قبل أن يصل إليها (٤).

وعن ابن عمر من وجه لا يصحّ قال : كان في نساء النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سناء (٥) بنت سفيان الكلابيّة.

وبعث أبا أسيد السّاعديّ يخطب عليه امرأة من بني عامر ، يقال لها عمرة بنت يزيد ، فتزوّجها ، ثم بلغه أنّ بها بياضا فطلّقها (٦).

قال الواقديّ : وحدّثني أبو معشر أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تزوّج مليكة بنت كعب ، وكانت تذكر بجمال بارع ، فدخلت عليها عائشة فقالت : أما تستحين أن

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٤ ، ١٤٥.

(٢) في نسخة دار الكتب «ليست» ، والمثبت عن الأصل ، وطبقات ابن سعد.

(٣) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٧.

(٤) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٩ ، وتسمية أزواج النبي ٧٣ ، ٧٤ ، أسد الغابة ٥ / ٤٨٢ ، الإصابة ٤ / ٣٢٨ ، المحبّر ٩٣.

(٥) وقيل «سبا» طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٩.

(٦) تسمية أزواج النبيّ ٦٩ ، طبقات ابن سعد ٨ / ١٤١ ، المحبّر ٩٦ ، أسد الغابة ٥ / ٥٦٤ ، عيون الأثر ٢ / ٣١١ ، الإصابة ٤ / ٤١١.

٥٩٥

تنكحي قاتل أبيك ، فاستعاذت منه ، فطلّقها ، فجاء قومها فقالوا : يا رسول الله إنّها صغيرة ، ولا رأي لها ، وإنّها خدعت فارتجعها ، فأبى عليهم ، فاستأذنوه أن يزوّجوها ، فأذن لهم. وأبوها قتله خالد يوم الفتح (١). وهذا حديث ساقط كالذي قبله (٢). وأوهى منهما ما روى الواقديّ ، عن عبد العزيز الجندعيّ (٣) ، عن أبيه ، عن عطاء الجندعي قال : تزوّج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مليكة بنت كعب اللّيثيّ في رمضان سنة ثمان ، ودخل بها ، فماتت عنده. قال الواقديّ : وأصحابنا ينكرون ذلك (٤).

وقال عقيل ، عن الزّهريّ أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تزوّج امرأة من بني كلاب ، ثمّ فارقها. قال أحمد بن أبي خيثمة : هي العالية بنت ظبيان فيما بلغني.

وقال هشام بن الكلبيّ. تزوّج بالعالية بنت ظبيان ، فمكثت عنده دهرا ثمّ طلّقها ، حدّثني ذلك رجل من بني كلاب (٥).

روى المفضّل الغلابيّ ، عن عليّ بن صالح ، عن عليّ بن مجاهد قال : نكح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خولة بنت هذيل الثّعلبيّة (٦) ، فحملت إليه من الشام ، فماتت في الطّريق ، فنكح خالتها شراف بنت فضالة ، فماتت في الطّريق أيضا (٧).

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات ٨ / ١٤٨ وفيه «قتله خالد بن الوليد بالخندمة».

(٢) قال ابن سعد : «قال محمد بن عمر : ممّا يضعف هذا الحديث ذكر عائشة أنّها قالت لها : ألا تستحين. وعائشة لم تكن مع رسول الله في ذلك السفر».

(٣) الجندعيّ : بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر العين المهملة. نسبة إلى جندع ، وهو بطن من ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. (اللباب ١ / ٢٩٥).

(٤) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٨ ، ١٤٩ وفيه زيادة : «ويقولون : لم يتزوّج كنانيّة قطّ».

(٥) طبقات ابن سعد ٨ / ١٤٣.

(٦) في نسخة دار الكتب «التغلبية» وهو تصحيف ، والمثبت عن الأصل ، وطبقات ابن سعد ، ونهاية الأرب.

(٧) طبقات ابن سعد ٨ / ١٦٠ ، ١٦١ ، نهاية الأرب للنويري ١٨ / ١٩٨.

٥٩٦

ويروى عن سهل بن زيد الأنصاريّ قال : تزوّج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم امرأة من بني غفار ، فدخل بها ، فرأى بها بياضا من برص ، فقال : الحقي بأهلك ، وأكمل لها صداقها (١).

هذا ونحوه إنّما أوردته للتعجّب لا للتقرير (٢).

(ومن سراريّه) : مارية أمّ إبراهيم (٣).

وقال الواقديّ : حدّثني ابن أبي ذئب ، عن الزّهريّ ، قال : كانت ريحانة (٤) أمة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأعتقها وتزوّجها (٥) ، فكانت تحتجب في أهلها ، وتقول : لا يراني أحد بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال الواقديّ : وهذا أثبت عندنا وكان زوج ريحانة قبل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحكم. وهي من بني النّضير (٦) ، فحدّثها عاصم بن عبد الله بن الحكم ، عن عمر بن الحكم قال : أعتق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة ، وكانت ذات جمال ، قالت : فتزوّجني وأصدقني اثنتي عشرة أوقيّة ونشّا (٧) وأعرس بي وقسم لي. وكان

__________________

(١) نهاية الأرب ١٨ / ١٩٨.

(٢) قال ابن عبد البرّ في الاستيعاب ١ / ٣٤ : «وأمّا اللواتي اختلف فيهنّ ممّن ابتنى بها وفارقها ، أو عقد عليها ولم يدخل بها ، أو خطبها ولم يتمّ له العقد معها ، فقد اختلف فيهنّ وفي أسباب فراقهنّ اختلافا كثيرا ، يوجب التوقّف عن القطع بالصحّة في واحدة منهنّ».

(٣) قال أبو عبيدة : كان المقوقس صاحب الإسكندرية بمصر قد بعث بها إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فولدت له إبراهيم ، فأوصى بالقبط خيرا ، وقال : لو بقي إبراهيم ما سبيت قبطيّة». (تسمية أزواج النبيّ ـ ص ٧٥) ، وقال ابن سعد في الطبقات ٨ / ٢١٦ : «كان أبو بكر ينفق على مارية حتى توفّي ، ثم كان عمر ينفق عليها حتى توفّيت في خلافته» ، وتوفّيت مارية أم إبراهيم ابن رسول الله في المحرّم سنة ستّ عشرة من الهجرة ، فرئي عمر بن الخطاب يحشر الناس لشهودها وصلّى عليها ، وقبرها بالبقيع». وانظر : نهاية الأرب للنويري ١٨ / ٢٠٧.

(٤) انظر طبقات ابن سعد ٨ / ١٣٠ : «ريحانة بنت زيد بن عمرو بن حناقة قرظيّة». ويقال «ربيحة». (تسميه أزواج النبيّ لأبي عبيدة ٧٥).

(٥) في طبقات ابن سعد : «ثم طلّقها».

(٦) طبقات ابن سعد ٢ / ١٢٩.

(٧) النّشّ : نصف الأوقيّة ، وهو عشرون درهما. (السمط الثمين).

٥٩٧

معجبا بها ، توفّيت مرجعه من حجّة الوداع ، وكان تزويجه بها في المحرّم سنة ستّ (١).

وأخبرني (٢) عبد الله بن جعفر ، عن ابن الهاد ، عن ثعلبة بن أبي مالك قال : كانت ريحانة من بني النّضير ، فسباها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأعتقها وتزوّجها وماتت عنده (٣).

وقال ابن وهب : أنا يونس ، عن ابن شهاب أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم استسر ريحانة ثم أعتقها ، فلحقت بأهلها. قلت : هذا أشبه وأصحّ.

قال أبو عبيدة : (٤) كان للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربع ولائد ، مارية ، وريحانة من بني قريظة وجميلة فكادها نساؤه ، وكانت له جارية نفيسة وهبتها له زينب بنت جحش.

وقال زكريّا بن أبي زائدة ، عن الشّعبيّ (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) (٥) قال : كان نساء وهبن أنفسهنّ للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فدخل ببعضهنّ وأرجى بعضهنّ ، فلم ينكحن بعده ، منهنّ أمّ شريك ، يعني الدّوسيّة (٦).

وقال هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كنّا نتحدّث أنّ أمّ شريك كانت وهبت نفسها للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكانت امرأة صالحة (٧).

__________________

(١) الطبقات لابن سعد ٨ / ١٢٩ ، ١٣٠.

(٢) القائل هو الواقديّ.

(٣) الطبقات لابن سعد ٨ / ١٢٩.

(٤) لم يرد قوله المذكور هنا في كتابه المطبوع (تسمية أزواج النبيّ) ، والموجود قوله : «كانت له صلى‌الله‌عليه‌وسلم وليدتان : إحداهما مارية القبطية .. وكانت له ريحانة بنت زيد بن شمعون ..» ـ ص ٧٥.

(٥) سورة الأحزاب ـ الآية ٥١.

(٦) طبقات ابن سعد ٨ / ١٥٤ و ١٥٥ ، نهاية الأرب للنويري ١٨ / ٢٠١ ، وأخرج ابن ماجة بعضه في النكاح (٢٠٠٠) باب التي وهبت نفسها للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٧) انظر : طبقات ابن سعد ٨ / ١٥٦.

٥٩٨

وقال هشام بن الكلبيّ ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس : أقبلت ليلى بنت الخطيم إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تعرض نفسها عليه ، قال : قد فعلت ، فرجعت إلى قومها فقالت : قد تزوّجني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالوا : أنت امرأة غيري تغارين من نسائه فيدعو عليك ، فرجعت فقالت : أقلني ، قال : «قد أقلتك» (١).

وقد خطب صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمّ هانئ بنت أبي طالب ، وضباعة بنت عامر ، وصفيّة بنت بشامة (٢) ولم يقض له أن يتزوّج بهنّ. والله سبحانه وتعالى أعلم (٣).

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٨ / ١٥٠ ، ١٥١.

(٢) في الأصل «بسامة» ، والتصويب من المحبّر لابن حبيب ـ ص ٩٦ ، وأسد الغابة لابن الأثير ٥ / ٤٩٠ ، ونهاية الأرب للنويري ١٨ / ٢٠٥.

(٣) في حاشية الأصل : (بلغت قراءة خليل بن أيبك في الميعاد الثاني عشر على مؤلفه فسح الله في مدّته ، وسمع الجميع فتاه طيدمر بن عبد الله الرّوميّ ، فلله الحمد والمنّة).

٥٩٩

آخر التّرجمة النّبويّة

حققها وضبط نصّها وخرّج أحاديثها طالب العلم ، الفقير إليه تعالى ، عبده «عمر بن عبد السلام التدمريّ الطرابلسيّ» ، الأستاذ الدكتور ، وانتهى من ذلك في يوم السبت العاشر من ذي القعدة سنة ١٤٠٥ ه‍ ـ. الموافق للسابع والعشرين من تموز ١٩٨٥ ، بمنزله بساحة النجمة بطرابلس الشام ، والحمد لله ربّ العالمين.

٦٠٠