تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ١٥

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

١
٢

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الطبقة الثانية والعشرون

دخلت سنة إحدى عشرة ومائتين

فيها توفّي :

عبد الرّزّاق بن همّام الصّنعانيّ باليمن.

ومعلّى بن منصور الرازيّ الفقيه ببغداد.

وعليّ بن الحسين بن واقد ، بمرو.

وعبد الله بن صالح العجليّ المقرئ.

والأحوص بن جوّاب أبو الجوّاب الضّبّيّ.

وطلق بن غنّام ، ثلاثتهم بالكوفة.

وأبو العتاهية الشاعر ، ببغداد.

[عودة عبد الله بن طاهر من مصر]

وفيها قدم الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعيّ بغداد ، من الدّيار المصريّة ، فتلقّاه العبّاس ، ولد المأمون ، وأبو إسحاق أخو المأمون. وقدم معه من المتغلّبين على الشام وغيرها ابن أبي الجمل ، وابن السّرج (١) ، وابن [أبي] (٢) الصّفر (٣).

[تشيّع المأمون]

وفيها أمر المأمون بأن ينادى : برئت الذّمّة ممّن ذكر معاوية بخير أو فضّله

__________________

(١) في الأصل «ابن السري» والتصحيح عن تاريخ الطبري ٨ / ٦١٨.

(٢) زيادة من تاريخ الطبري.

(٣) في الأصل «الصقر» بالقاف ، والمثبت عن الطبري بالفاء.

والخبر بإيجاز في : الكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٦.

٥

على أحد من الصّحابة (١). وإنّ أفضل الخلق بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه (٢).

وكان المأمون يبالغ في التشيّع ، ولكن لم يتكلّم في الشيخين بسوء ، بل كان يترضّى عنهما ، ويعتقد إمامتهما ، رضي‌الله‌عنهما.

__________________

(١) الخبر إلى هنا في تاريخ الطبري ٨ / ٦١٨ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٦.

(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٦١٩ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٨ ، مآثر الإنافة للقلقشندي ١ / ٢١٢ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٠١ ، ٢٠٢.

٦

سنة اثنتي عشرة ومائتين

فيها توفّي :

أسد السنّة بن موسى ، بمصر.

وأبو عاصم النبيل.

وعبد الرحمن بن حمّاد الشعبيّ.

وعون بن عمارة العبديّ ، بالبصرة.

ومحمد بن يوسف الفريابيّ ، بقيسارية.

ومنبّه بن عثمان ، بدمشق.

وأبو المغيرة عبد القدّوس الخولانيّ ، بحمص.

وزكريّا بن عديّ ، ببغداد.

وعبد الملك بن عبد العزيز الماجشون الفقيه ، بالمدينة.

وعليّ بن قادم ، بالكوفة.

وخلّاد بن يحيى ، بمكّة.

والحسين بن حفص الهمدانيّ ، بأصبهان.

وعيسى بن دينار الغافقيّ الفقيه ، بالأندلس.

* * *

[توجيه الطوسي لمحاربة بابك]

وفيها وجّه المأمون محمد بن حميد الطّوسيّ لمحاربة بابك الخرّميّ.

٧

[الولاية على اليمين]

واستعمل على اليمن : أبا الدّاريّ محمد بن عبد الحميد.

[إظهار المأمون خلق القرآن]

وفيها أظهر المأمون القول بخلق القرآن ، مضافا إلى تفضيل عليّ على أبي بكر وعمر رضي‌الله‌عنهما (١). فاشمأزّت النّفوس منه. ثم سار إلى دمشق فصام بها رمضان.

[الحج هذا الموسم] (٢)

وتوجّه فحجّ بالناس.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٨ / ٦١٩ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٨ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٧ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٠٣.

(٢) تجمع المصادر أنّ الّذي حجّ بالناس في هذا العام هو : عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد.

انظر في ذلك :

تاريخ خليفة ٤٧٤ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ١٩٧ ، وتاريخ الطبري ٨ / ٦١٩ ، ومروج الذهب ٤ / ٤٠٥ (بالحاشية) ، والكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٨ ، ونهاية الأرب ٢٢ / ٢٢٩ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٦٧ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٢٤٦.

وانفردت النسخة المطبوعة من مروج الذهب للمسعوديّ ، بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد بأن الّذي حجّ بالناس هذا العام هو المأمون ، فلعلّ المؤلّف الذهبيّ ـ رحمه‌الله ـ اطّلع على هذه النسخة واعتمدها دون سائر المصادر الأخرى ، ونقل عنه ذلك ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة ٢ / ٢٠٣.

٨

سنة ثلاث عشرة ومائتين

فيها توفّي :

عبيد الله بن موسى العبسيّ.

وخالد بن مخلد القطوانيّ ، بالكوفة.

وعبد الله بن داود الخريبيّ.

وعمرو بن عاصم الكلابيّ ، بالبصرة.

وأبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ، بمكة.

وعمرو بن أبي سلمة التّنّيسيّ ، بها.

والهيثم بن جميل الحافظ ، بأنطاكيّة.

[خروج القيسية واليمانية في مصر وولاية المعتصم مصر والشام]

وفيها خرج عبد السلام (١) وابن حليس (٢) بمصر في القيسيّة واليمانيّة.

فاستعمل المأمون على مصر والشام أخاه أبا إسحاق المعتصم (٣).

[ولاية الجزيرة]

واستعمل على الجزيرة ولده العباس.

__________________

(١) هو : عبد السلام بن أبي الماضي الجذامي الجروي ، زعيم اليمانية.

(٢) هو : عبد الله بن حليس الهلالي ، زعيم القيسية ، وفي الكامل لابن الأثير ٦ / ٤٠٩ «ابن جليس» وكذا في نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣٠.

(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٤ ، ٤٦٥ ، الولاة والقضاة للكندي ١٨٥ ، ١٨٦ ، ولاة مصر ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١٢ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٩ ، وخطط المقريزي ١ / ٣١١ ، والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٠٧ ، وحسن المحاضرة ٢ / ٦٢.

٩

[تفريق المأمون للأموال]

وأمر لكلّ واحد منهما بخمسمائة ألف دينار ، وأمر بمثل ذلك لعبد الله بن طاهر ، فقيل إنّه لم يفرّق ملك في يوم من المال مثل ذلك أبدا (١).

[استعمال غسّان بن عبّاد على السّند]

واستعمل على السّند الأمير غسّان بن عبّاد ، وكان غسّان ذا رأي وحزم ودهاء وخبرة تامّة ؛ وقد ولّي إمرة خراسان قبل طاهر بن الحسين (٢).

__________________

(١) المحاسن والمساوئ للبيهقي ١٩٣.

(٢) الكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٩.

١٠

سنة أربع عشرة ومائتين

فيها توفّي :

حسين بن محمد المروزيّ ، ببغداد.

وأحمد بن خالد الذهبيّ ، بحمص.

وعبد الله بن عبد الحكم الفقيه ، بمصر.

وسعيد بن سلام العطّار ، بالبصرة.

ومحمد بن حميد الطّوسيّ (١) الأمير ، قتل في حرب الخرّميّة.

وأبو الدّاري أمير اليمن ، قتل أيضا.

وعمير الباذغيسي (٢) نائب مصر خلافة عن المعتصم قتل بالحوف (٣) في حرب ابن حليس ، وعبد السّلام ، فسار أبو إسحاق المعتصم بنفسه إليهما فظفر بهما وقتلهما (٤).

[خروج بلال الشاري ومقتله]

وفيها خرج بلال الشاري وقويت شوكته ، فسار لحربه هارون بن أبي خلف

__________________

(١) تاريخ خليفة ٤٧٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٥٨.

(٢) هو : عمير بن الوليد.

(٣) الحوف : بالفتح وسكون الواو. بمصر حوفان : الشرقي والغربي ، وهما متّصلان ، أول الشرقيّ من جهة الشام وآخر الغربي قرب دمياط يشتملان على بلدان وقرى كثيرة. (معجم البلدان ٢ / ٣٢٢).

(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٤ ، ٤٦٥ ، ولاة مصر ٢٠٩ ـ ٢١١ ، الولاة والقضاة للكندي ١٨٥ ـ ١٨٧ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٠٩ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣٠ ، خطط المقريزي ١ / ٣١١ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٠٨ ، حسن المحاضرة ٢ / ١٢.

١١

فظفر به هارون وقتله (١).

[ولاية أصبهان وآذربيجان والجبال]

وفيها ولي أصبهان وآذربيجان والجبال وحرب بابك عليّ بن هشام ، فواقع بابك غير مرّة (٢). والله أعلم.

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٤ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٥ ، وفيهما أن الّذي تولّى حرب الشاري هو العباس بن المأمون الّذي ولّي الجزيرة.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٣.

١٢

سنة خمس عشرة ومائتين

فيها توفّي :

أبو زيد الأنصاريّ ، صاحب العربية ، بالبصرة ، واسمه سعيد بن أوس.

والعلاء بن هلال الباهليّ ، بالرّقّة.

ومحمد بن عبد الله الأنصاريّ ، القاضي بالبصرة.

ومكيّ بن إبراهيم الحنظليّ ، ببلخ.

وعليّ بن الحسن بن شقيق ، بمرو.

ومحمد بن المبارك الصّوريّ ، بدمشق.

وإسحاق بن عيسى الطّبّاع ، ببغداد.

وقبيصة بن عقبة السّوائيّ ، بالكوفة.

[غزوة المأمون إلى الروم]

وفيها سار المأمون لغزو الروم في أول العام ، واستخلف على بغداد الأمير إسحاق بن إبراهيم بن مصعب. وقدم عليه محمد بن عليّ بن موسى الرّضا ، فأكرمه وأجازه بمال عظيم ، وأمره بالدخول بأهله ، وهي أمّ الفضل ابنة المأمون ، فدخل بها ببغداد (١).

ثم سار المأمون إلى دابق وأنطاكية ، ثم دخل المصّيصة ، وخرج منها إلى طرسوس (٢) ، ثم دخل الروم في نصف جمادى الأولى ، فنازل حصن قرّة (٣) حتّى

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٧ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٩.

(٢) في كتاب بغداد لابن طيفور ١٤٤ «طرطوس» وهو غلط.

(٣) هكذا في : المعرفة والتاريخ ١ / ١٩٩ ، وبغداد لابن طيفور ١٤٤ ، والعيون والحدائق ٣ / ٣٧٤ ، =

١٣

فتحه عنوة وهدمه ، وافتتح حصن ماجدة ، وتسلّم حصنين بالأمان (١).

[تهذيب قواعد الديار المصرية]

وأمّا أخوه أبو إسحاق فإنّه هذّب قواعد الدّيار المصريّة ، ورجع فقدم واجتمع بأخيه المأمون بنواحي الموصل (٢).

[قدوم المأمون إلى دمشق]

وقدم المأمون دمشق بعد غزوته المذكورة (٣).

__________________

= وتاريخ الطبري ٨ / ٦٢٣ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٤١٧ ، ونهاية الأرب ٢٢ / ٢٣١.

وفي تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٥ : «أنقرة» وأنه افتتحها نصفا بالصلح ونصفا بالسيف ، وأخربها ، وهرب منويل البطريق منها.

(١) المعرفة والتاريخ ١ / ١٩٩ بغداد لابن طيفور ١٤٤ ، ١٤٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٥ ، تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٣ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٧٤ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٧ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٣٠ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٩.

(٢) الولاة والقضاة ١٨٩ ، ولاة مصر ٢١٣ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٨ ، وانظر تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٥.

(٣) بغداد لابن طيفور ١٤٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٥ ، تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٤ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٩ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣١ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٩ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢١٣.

١٤

سنة ستّ عشرة ومائتين

فيها توفّي :

حبّان بن هلال.

وعبد الملك بن قريب الأصمعيّ.

وهوذة بن خليفة.

ومحمد بن كثيّر المصّيصيّ الصّنعانيّ.

والحسن بن سوّار البغويّ.

وعبد الله بن نافع المدنيّ الفقيه.

وعبد الصّمد بن النّعمان البزّار.

ومحمد بن بكّار بن بلال قاضي دمشق.

ومحمد بن عبّاد بن عبّاد المهلّبيّ ، أمير البصرة.

ومحمد بن سعيد بن سابق نزيل قزوين.

وزبيدة زوجة الرشيد وابنة عمّه.

[عودة المأمون لغزو الروم]

وفيها كرّ المأمون راجعا إلى غزو الروم ، لكونه بلغه أنّ ملك الروم قتل خلقا (١) من أهل طرسوس والمصّيصة ، فدخلها في جمادى الأولى ، وأقام بها إلى نصف شعبان ، وجهّز أخاه أبا إسحاق ، فافتتح عدّة حصون (٢).

__________________

(١) قيل بلغوا ألفا وستمائة. (بغداد لابن طيفور ١٤٥ ، تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٥).

(٢) بغداد لابن طيفور ١٤٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٥ ، تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٥ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٧٤ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٩ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣١ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٠ ، =

١٥

ثمّ وجّه يحيى بن أكثم فأغار وقتل وسبى ، ثم رجع (١).

[دخول المأمون الديار المصرية]

وفي آخر السنة توجّه المأمون من دمشق إلى الدّيار المصريّة ودخلها (٢) ، فهو أوّل من دخلها من الخلفاء العبّاسيّين.

__________________

= النجوم الزاهرة ٢ / ٢١٦ ، ٢١٧.

(١) تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٥ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٩ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣١ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢١٧.

(٢) بغداد لابن طيفور ١٤٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٦ ، ولاة مصر للكندي ٢١٦ ، الولاة والقضاة له ١٩٢ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٠١ ، تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٥ و ٦٢٧ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٧٦ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤١٩ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣١ ، ٢٣٢ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧١ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢١٧.

١٦

سنة سبع عشرة ومائتين

فيها توفّي :

حجّاج بن منهال الأنماطيّ ، بالبصرة.

وشريح بن النّعمان الجوهريّ.

وموسى بن داود الضّبّي الكوفيّ ، ببغداد.

وهشام بن إسماعيل العطّار العابد ، بدمشق.

وعمرو بن مسعدة ، أبو الفضل الصّولي كاتب الإنشاء للمأمون.

وإسماعيل بن مسلمة أخو القعنبيّ ، بمصر.

[قتل عبدوس الفهري بمصر]

وفيها دخل المأمون مصر ، فأحضر بين يديه عبدوس الفهريّ فضربت عنقه (١).

قال المسعوديّ (٢) : وكان قد تغلّب عليها.

[عودة المأمون إلى دمشق وغزو الروم]

وعاد إلى دمشق ، ثمّ سار إلى أذنة (٣) ، ودخل أرض الروم ، فنزل على لؤلؤة وحاصرها مائة يوم ، ثمّ رحل عنها ، وخلّف عليها عجيفا ، فخدعه أهلها وأسروه ،

__________________

(١) تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٧ ، ولاة مصر ٢١٦ ، الولاة والقضاة ١٩٢ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٢١ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣٢.

(٢) في مروج الذهب ٤ / ٤٢.

(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٦ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٣.

١٧

ثمّ أطلقوه بعد جمعة (١).

وأقبل الملك توفيل في جيوش الروم ، لعنهم الله ، إلى حصن لؤلؤة فأحاط بعجيف. فبلغ ذلك المأمون ، فجهّز الجنود لحربه ، فارتحل توفيل وكتب كتابا إلى المأمون يطلب الصّلح ؛ فبدأ بنفسه وأغلظ في المكاتبة. فاستشاط المأمون غضبا وقصد الروم ، وعزم على المسير إلى قسطنطينية ، ثم فكّر في هجوم الشتاء فرجع (٢).

[حريق البصرة]

وفيها وقع حريق عظيم بالبصرة يقال إنّه أتى على أكثرها ، وكان أمرا مزعجا يفوق الوصف (٣).

__________________

(١) المعرفة والتاريخ ١ / ٢٠١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦٧ ، تاريخ الطبري ٨ / ٦٢٨ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٢١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٣٠ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، أخبار الزمان لابن العبري ٢٧ ، تاريخ مختصر الدول له ١٣٥ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧١ ، وفي تاريخ اليعقوبي أن عجيفا مكث في أيدي الروم أسيرا مدّة شهر. (٢ / ٤٦٧).

(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٦٣١ و ٦٣٢ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٧٥ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٢١ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧١ ، ٢٧٢ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٣.

(٣) النجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٣.

١٨

سنة ثمان عشرة ومائتين

فيها توفّي :

أبو مسهر الغسّانيّ شيخ الشام.

ومعلّى بن أسد العمّيّ.

ويحيى بن عبد الله البابلتّيّ على الصحيح.

ومحمد بن الصّلت الأسديّ الكوفيّ.

وعبد الله بن يوسف التّنّيسيّ.

وحجّاج بن أبي منيع الرّصافيّ.

وإسحاق بن بكر بن مضر المضري.

ومحمد بن نوح العجليّ.

والخليفة المأمون.

وحبيب كاتب مالك.

وبشر المريسيّ.

* * *

[بناء طوانة]

وفيها اهتم المأمون ببناء طوانة من أرض الروم ، وحشد لها الرجال والصّنّاع ، وأمر ببنائها ميلا في ميل. وقرّر ولده العبّاس على بنائها ، ولزمه عليها أموال لا يحصيها إلّا الله تعالى (١) ، وهي على فم الدّرب ممّا يلي طرسوس.

وافتتح عدّة حصون (٢).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٨ / ٦٣١ ، مروج الذهب ٤ / ٤٢.

(٢) الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٠٢ ، مروج الذهب ٤ / ٤٢ و ٤٣ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٤.

١٩

ذكر المحنة

في أثناء السنة كتب المأمون إلى نائبة على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخزاعيّ ، ابن عمّ طاهر بن الحسين ، في امتحان العلماء ، كتابا يقول فيه : «وقد عرف أمير المؤمنين أنّ الجمهور الأعظم والسّواد الأكبر من حشو الرّعيّة ، وسفلة العامّة ، ممّن لا نظر له ولا رويّة ولا استضاءة بنور العلم وبرهانه ، أهل جهالة بالله تعالى وعمى عنه ، وضلالة عن حقيقة دينه ، وقصور أن يقدروا الله حقّ قدره ، ويعرفوه كنه معرفته ، ويفرّقوا بينه وبين خلقه. وذلك أنّهم ساووا بين الله وبين خلقه ، وبين ما أنزل من القرآن. فأطبقوا على أنّه قديم لم يخلقه الله ويخترعه. وقد قال تعالى : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (١) فكلّ ما جعله الله فقد خلقه كما قال : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (٢) ؛ وقال : (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) (٣) فأخبر أنّه قصص لأمور أحدثه بعدها. وقال : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) (٤) ، والله محكم كتابه ومفصّله ، فهو خالقه ومبتدعه. ثم انتسبوا إلى السّنّة ، وأنّهم أهل الحقّ والجماعة ، وأنّ من سواهم أهل الباطل والكفر. فاستطالوا بذلك وغرّوا به الجهّال ، حتّى مال قوم من أهل السّمت الكاذب والتّخشّع لغير الله إلى موافقتهم ، فنزعوا الحقّ إلى باطلهم ، واتّخذوا دون الله وليجة إلى ضلالهم».

إلى أن قال : «فرأى أمير المؤمنين أنّ أولئك شرّ الأمّة ، المنقوصون من التّوحيد حظا ، أوعية الجهل وأعلام الكذب ، ولسان إبليس الناطق في أوليائه ؛ والهائل على أعدائه من أهل دين الله ، وأحقّ أن يتّهم في صدقه ، وتطرح شهادته ، ولا يوثق به ؛ ذلك أعمى وأضلّ سبيلا. ولعمرو أمير المؤمنين ، إنّ أكذب النّاس من كذب على الله ووحيه. وتخرّص الباطل ، ولم يعرف الله حقيقة معرفته. فاجمع من بحضرتك من القضاة ، فاقرأ عليهم كتابنا وامتحنهم فيما

__________________

(١) سورة الزخرف ، الآية ٣.

(٢) سورة الأنعام ، الآية ١.

(٣) سورة طه ، الآية ٩٩.

(٤) سورة هود ، الآية ٢.

٢٠