تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٤

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

١
٢

٣

٤

كلمة المحقق

أود أن ألفت نظر القاريء الكريم إلى أمرين في بداية هذه الطبقة من الكتاب :

١ ـ إن القسم المتعلق بالحوادث منسوخ عن مخطوطة مدرسة المرجانية النعمانية ببغداد سنة ه.

ـ إن المؤلف الذهبي ـ رحمه الله ـ لم يراع في بعض تراجم الوفيات على السنين ترتيب الحروف، فقدم في بعضها من يبدا اسمه بحرف التاء على من يبدأ بحرف الألف، أو الكاف على الصاد ، أو الميم على الكاف .. وغيره ، وبما أنها كانت قليلة نسبيا ً، فقد قمت بإعادة ترتيب تراجم السنين حسبما تقتضيه حروف المعجم، ونبهت في الحاشية إلى ذلك عند كل ترجمة تغير موقعها عما كان عليه في الأصل.

أما في تراجم والمتوفين تقريبا ، فقد جاء ترتيب التراجم عشوائية في الأصل. ولما كان مجموعها يبلغ (٤٠) ترجمة، فقد رأيت الإبقاء عليها كما وضعها المؤلف ـ رحمه الله ـ حتى لا يكون التغيير قد طال قسمة كبيراً من هذه الطبقة، وبالتالي تتغير معالم الأصل. على أن ضبط ترتيب التراجم على الحروف في فهرس الأعلام الآتي في فهارس الكتاب.

والله الموفق

٥
٦

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سنة إحدى وتسعين وأربعمائة

[ابتداء دولة الإفرنج]

قال ابن الأثير : (١) ابتداء دولة الإفرنج ، لعنهم الله ، في سنة ثمان وسبعين (٢) فملكوا طليطلة وغيرها من الأندلس. ثمّ قصدوا صقلّيّة في سنة أربع وثمانين فملكوها ، وأخذوا بعض أطراف إفريقية.

[بدء حملات الإفرنج إلى بلاد الشام]

وخرجوا في سنة تسعين إلى بلاد الشّام ، فجمع ملكهم بردويل جمعا كثيرا ، وبعث إلى الملك رجار (٣) صاحب صقلّيّة يقول : أنا واصل إليك وسائر من عندك إلى إفريقية أفتحها ، وأكون مجاورا لك. فاستشار رجار (٣) أكابر دولته ، فقالوا : هذا جيّد لنا وله ، وتصبح البلاد بلاد النّصرانيّة. فضرط ضرطة (٤) وقال :وحقّ ديني هذا خير من كلامكم.

قالوا : ولم ذلك؟

قال : إذا وصل احتاج إلى كلفة كبيرة ومراكب وعساكر من عندي ، فإن فتحوا إفريقية كانت لهم ويأخذون أكثر مغلّ بلادي ، وإن لم يفتحوا رجعوا إلى بلادي وتأذّيت. ويقول تميم ، يعني ابن باديس : غدرت ونقضت العهد. ونحن إن وجدنا قوّة أخذنا إفريقية.

ثمّ أحضر الرسول ، إذا عزمتم على حرب المسلمين فالأفضل فتح بيت

__________________

(١) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٢.

(٢) في الأصل : «سبعون» ، وهو غلط.

(٣) في الأصل : «رجال».

(٤) في الكامل ١٠ / ٢٧٢ «فرفع رجله وحبق حبقة عظيمة» ، ومثله في : نهاية الأرب ٢٨ / ٢٤٩.

٧

المقدس ، تخلّصونه من أيديهم ، ويكون لكم الفخر. وأمّا إفريقية فبيني وبين صاحبها عهود وأيمان.

فتركوه وقصدوا الشّام (١).

وقيل : إنّ صاحب مصر لمّا رأى قوّة (٢) السّلجوقيّة واستيلائهم على الشّام ودخول أتسز إلى القاهرة وحصارها ، كاتب الإفرنج يدعوهم إلى المجيء إلى الشّام ليملكوه (٣).

[عبور الإفرنج خليج القسطنطينية إلى أنطاكية]

وقيل : إنّهم عبروا خليج القسطنطينيّة وقدموا بلاد قليج (٤) أرسلان بن سلمان بن قتلمش السّلجوقيّ ، فالتقاهم ، فهزموه في رجب سنة تسعين. واجتازوا ببلاد ليون الأرمنيّ فسلكوها. وخرجوا إلى أنطاكية فحاصروها (٥) ، فخاف ياغي سيان (٦) من النّصارى الّذين هم رعيّته ، فأخرج المسلمين خاصّة لعمل الخندق أيضا ، فعملوا فيه إلى العصر ، ومنعهم من الدخول ، وأغلق الأبواب ، وأمن غائلة النّصاري (٧).

وحاصرته الإفرنج تسعة أشهر ، وهلك أكثر الإفرنج قتلا وموتا بالوباء وظهر من شجاعة ياغي سيان وحزمه ورأيه ما لم يشاهد من غيره ، وحفظ بيوت رعيّته النّصارى بما فيها (٨).

__________________

(١) نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٠.

(٢) في الأصل : «قوت».

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٤٩ ، ٢٥٠.

(٤) في الكامل ١٠ / ٢٧٤ : «قلج».

(٥) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٤ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥١.

(٦) في الأصل : «سنان» ، والصحيح كما أثبتناه.

(٧) الخبر هنا ناقص ، وهو في الكامل ١٠ / ٢٧٤ : «خاف من النصارى الذين بها ، فأخرج المسلمين من أهلها ، ليس معهم غيرهم ، وأمرهم بحفر الخندق ، ثم أخرج من الغد النصارى لعمل الخندق أيضا ، ليس معهم مسلم ، فعملوا فيه إلى العصر ، فلما أرادوا دخول البلد منعهم ، وقال لهم : أنطاكية لكم تهبونها لي حتى انظر ما يكون منّا ومن الفرنج ..».

وانظر الخبر في : تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، والإعلام والتبيين للحريري ٨ ، والحروب الصليبية لوليم الصوري ١ / ٣٤٩ ، ٣٥٠.

(٨) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٤ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٣ ، زبدة الحلب ٢ / ١٣٣ ، نهاية=

٨

ثمّ إنّ الإفرنج راسلوا الزّرّاد أحد المقدّمين ، وكان متسلّما برجا من الوادي ، فبذلوا له مالا ، فعامد على المسلمين يطلعوا إلى أن تكاملوا خمسمائة ، فضربوا البوق وقت السّحر ، ففتح ياغي سيان (١) الباب ، وهرب في ثلاثين فارسا ، ثمّ هرب نائبة (٢) في جماعة (٣).

[استباحة الإفرنج أنطاكية]

واستبيحت أنطاكية ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وذلك في جمادى الأولى من سنة إحدى وتسعين. وأسقط في يد يغيسيان (٤) صاحبها ، وأكل يديه ندما حيث لم يعد ويقاتل عن حرمه حتّى يقتل. فلشدّة ما لحقه سقط مغشيّا عليه ، وأراد أصحابه أن يركبوه ، فلم يكن فيه حيل يتماسك به ، بل قد خارت قوّته ، فتركوه ونجوا. فاجتاز به أرمنيّ حطّاب ، فرآه بآخر رمق ، فقطع رأسه ، وحمله إلى الإفرنج (٥).

[رواية سبط ابن الجوزيّ]

وقال صاحب «المرآة» : وكثر النّفير على الإفرنج ، وبعث السّلطان بركياروق إلى العساكر يأمرهم بالمسير إلى عميد الدّولة للجهاد.

وتجهّز سيف الدّولة ، فمنعه ابن مزيد. فجاءت الأخبار إلى بغداد بأنّ

__________________

= الأرب ٢٨ / ٢٥١ ، دول الإسلام ٢ / ١٩ ، تاريخ ابن الوردي ٣ / ١٠ ، الإعلام والتبيين ٩.

(١) في الأصل : «سنان» ، والتصحيح من : زبدة الحلب ٢ / ١٣٠.

(٢) في الأصل : «هرب في أمية».

(٣) تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٩ و (تحقيق سويّم) ٢٥ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٥ و ١٣٦ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٤ ، زبدة الحلب ٢ / ١٣٣ ، ١٣٤ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٢ ، دول الإسلام ٢ / ١٩ ، الإعلام والتبيين ٩ ، الحروب الصليبية لوليم الصوري ١ / ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، أعمال الفرنجة (لمؤرّخ مجهول) ٦٦ وما بعدها ، الألكسياد لأنّا كومينا ١٥٦.

(٤) في الأصل : «يغيسنان» ، وفي البداية والنهاية ١٢ / ١٥٥ «باغيسيان».

(٥) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٥ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٤ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٠ ، العبر ٣ / ٣٣٠ ، دول الإسلام ٢ / ١٩ ، ٢٠ ، مرآة الجنان ٣ / ١٥٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٥٥ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٠ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٦ و ١٤٧ ، الإعلام والتبيين ٩ ، تاريخ الأزمنة ٨٥ ، الحروب الصليبية لوليم الصوري ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، أعمال الفرنجة (لمؤرّخ مجهول) ٧٠.

٩

أنطاكية أخذت ، وأنّ الإفرنج صاروا إلى المعرّة. وكانوا في ألف ألف إنسان ، فنصبوا عليها السّلالم ، ودخلوها ، وقتلوا منها مائة ألف إنسان ، وسبوا مثل ذلك ، وفعلوا بكفرطاب كذلك.

قلت : دافع أهل المعرّة عنها ، وقاتلوا قتال الموت حتّى خذلوا ، فقتل بها عشرون ألفا ، فهذا أصحّ.

[رواية ابن القلانسي]

وقال أبو يعلى بن قلانسيّ (١) : وأمّا أنطاكية فقتل بها (٢) وسبي بها من الرجال والنّساء (٣) والأطفال ما لم (٤) يدركه حصر. وهرب إلى القلعة تقدير ثلاثة آلاف تحصّنوا (٥).

قال أبو يعلى : (٦) وبعد ذلك أخذوا المعرّة في ذي الحجّة (٧).

[رواية ابن الأثير]

قال ابن الأثير : ولمّا سمع قوام (٨) الدّولة كبربوقا (٩) صاحب الموصل بذلك ،

__________________

(١) في ذيل تاريخ دمشق ١٣٥.

(٢) في ذيل تاريخ دمشق : «منها وأسر».

(٣) في ذيل تاريخ دمشق : «النسوان».

(٤) في ذيل تاريخ دمشق : «ما لا».

(٥) في ذيل تاريخ دمشق : زيادة : «بها وسلم من كتب الله سلامته».

(٦) في ذيل تاريخ دمشق ١٣٥.

(٧) لم يكن أخذ الإفرنج للمعرّة في شهر ذي الحجّة كما ذكر المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ هنا نقلا عن «ابن القلانسي» ، فرواية ابن القلانسي تقول إنّ أخذهم لها كان في شهر المحرّم :

«وفيها توجّه الإفرنج إلى معرّة النعمان بأسرهم ، ونزلوا عليها في اليوم التاسع والعشرين من ذي الحجّة ، وقاتلوها ونصبوا عليها البرج والسلالم .. وأهلّت سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة في المحرّم منها زحف الإفرنج إلى سور معرّة النعمان من الناحية الشرقية والشمالية ، وأسندوا البرج إلى سورها وهو أعلى منه فكشفوا المسلمين عن السور. ولم يزل الحرب عليه إلى وقت المغرب من اليوم الرابع عشر من محرّم ، وصعدوا السور ، وانكشف أهل البلد عنه وانهزموا بعد أن تردّدت إليهم رسل الإفرنج في التماس التقرير والتسليم وإعطاء الأمان على نفوسهم وأموالهم ودخول الشحنة إليهم ، فمنع من ذلك الخلف بين أهلها وما قضاه الله تعالى وحكم به ، وملكوا البلد بعد صلاة المغرب ...».

(٨) في الأصل : «تواما».

(٩) في الكامل ١٠ / ٢٧٦ «كربوقا» ، ومثله في نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٣ ، وفي المختصر في أخبار

١٠

جمع الجيوش ، وسار إلى الشّام ، ونزل بمرج دابق. فاجتمعت معه عساكر الشّام ، تركها وعربها ، سوى جند حلب. فاجتمع معه دقاق وطغتكين أتابك ، وجناح الدّولة صاحب حمص ، وأرسلان صاحب سنجار ، وسليمان بن أرتق وغيرهم ، فعظمت المصيبة على الإفرنج ، وكانوا في وهن وقحط (١) وسارت الجيوش فنازلتهم. ولكن أساء السّيرة كبربوقا (٢) في المسلمين ، وأغضب الأمراء وتحامق ، فأضمروا له الشّرّ. وأقامت الإفرنج في أنطاكية بعد أن ملكوها ثلاثة (٣) عشر يوما ، وليس لهم ما يأكلونه ، وأكل ضعفاؤهم (٤) الميتة (٥) وورق الشّجر ، فبذلوا البلد بشرط الأمان ، فلم يعطهم كبربوقا (٦).

[حربة المسيح عليه السّم المزعومة]

وكان بردويل (٧) ، وصنجيل ، وكندفري ، والقمّص صاحب الرّها وبيمنت (٨) صاحب أنطاكية ، ومعهم راهب يراجعون إليه ، فقال : إنّ المسيح كانت له حربة مدفونة بأنطاكيّة ، فإن وجدتموها نصرتم. ودفن حربة في مكان عفّاه ، وأمرهم بالصّوم والتّوبة ثلاثة أيّام ، ثمّ أدخلهم في مكان ، وأمر بحفره ، فإذا بالحربة ، فبشّرهم بالظّفر (٩).

__________________

= البشر ٢ / ٢١٠ : «كربوغا».

(١) النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٧ ، تاريخ الأزمنة ٨٥ ، تاريخ الرهاوي (نشره الدكتور سهيل زكار) ٢ / ٤٥٧.

(٢) في الكامل ١٠ / ٢٧٦ : «كربوقا».

(٣) في الكامل : «اثني».

(٤) في الأصل : «ضعفائهم».

(٥) في الأصل : «الميتت».

(٦) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٦ وفيه : «كربوقا» ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٠ ، ٢١١ ، دول الإسلام ٢ / ٢٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٠ ، الإعلام والتبيين ٩ ، تاريخ الأزمنة ٨٦.

(٧) هكذا في الأصل ، وهو «بلدوين» أمير الرها.

(٨) هكذا. وهو «بوهيموند».

(٩) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٧ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٤ ، دول الإسلام ٢ / ٢٠ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٧ ، ١٤٨ ، الإعلام والتبيين ١٠ ، تاريخ الأزمنة ٨٦ ، الحروب الصليبية لوليم الصوري ١ / ٣٩٦ ، أعمال الفرنجة ٨٢ ، ٨٣ ، تاريخ الرهاوي ٢ / ٤٥٧.

وقال ابن العبري : ورأى أحد ملوك الفرنج حلما فحفروا موضعا في بيعة القسيان عثروا فيه=

١١

وخرجوا للّقاء ، وعملوا مصافّا ، فولّى بعض العساكر حرب كبربوقا ، لما في قلبهم منه. وما كان ذا وقت ذا ، فاشتغل بعضهم ببعض ، ومالت عليهم الإفرنج ، فهزمتهم ، وهربوا من غير أن يقاتلوا ، فظنّت الإفرنج أنّها مكيدة ، إذ لم يجر قتال يوجب الهزيمة. وثبت جماعة من المجاهدين ، وقاتلوا خشية ، فحطّمتهم الإفرنج ، واستشهد يومئذ ألوف ، وغنمت الإفرنج من المسلمين معظم ثقلهم ، ودوّختهم (١).

[دخول الإفرنج المعرّة]

ثمّ ساروا إلى المعرّة ، فحاصروها أيّاما ، ثمّ دخل المسلمين فشل وهلع ، وظنّوا أنّهم إذا تحصّنوا بالدّور الكبار امتنعوا بها ، فنزلوا من السّور إلى الدّور ، فرآهم طائفة أخرى ، ففعلوا كفعلهم ، فخلا مكانهم من السّور ، فصعدت الإفرنج على السّلالم ، ووضعوا فيهم السّيف ثلاثة أيّام ، وقتلوا ما يزيد على مائة ألف ، وملكوا جميع ما فيها (٢).

__________________

= على مسامير صليب ربّنا يسوع ، فصاغوا منها صليبا وسنان رمح واتخذوهما بمثابة راية وزحفوا إلى الأتراك. (تاريخ الزمان ١٢٤).

وقال في موضع آخر : وكان مع الإفرنج راهب مطاع فيهم وكان داهية من الرجال ، فقال لهم :إن فطروس السليح كان له عكازة ذات زجّ مدفونة بكنيسة القسيان ، فإن وجدتموها فإنكم تظفرون ، وإلا فالهلاك متحقّق ، وأمرهم بالصوم والتوبة ففعلوا ذلك ثلاثة أيام. فلما كان اليوم الرابع أدخلهم الموضع جميعهم ومعهم عامّتهم وحفروا عليها في جميع الأماكن فوجدوها كما ذكر. (تاريخ مختصر الدول ١٩٦).

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٥ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، العبر ٣ / ٣٣١ ، دول الإسلام ٢ / ٢٠ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٥٥ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٨.

(٢) تاريخ حلب للعظيميّ ٣٦٠ (تحقيق زعرور) و ٢٦ (بتحقيق سويّم) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٨ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٤ ، تاريخ مختصر الدول ، له ١٩٧ ، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٨٢ ، زبدة الحلب ٢ / ١٤١ ، ١٤٢ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، العبر ٣ / ٣٣٠ ، دول الإسلام ٢ / ٢٠ ، مرآة الجنان ٣ / ١٥٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٥٥ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٠ وفيه : وفي ذلك يقول بعض المعرّيّين ، وأما أحسن ما جاءت تورية الإثنين والخميس والأحد :

معرّة الأذكياء قد مردت

عنّا وحقّ المليحة الحرد

في يوم الإثنين كان موعدهم

فما نجا من خميسهم أحد

الدرّة المضيّة ٤٥٢ ، مآثر الإنافة ٢ / ١٥ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٣ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٦ =

١٢

[محاصرة الإفرنج عرقة]

وساروا إلى عرقة ، فحصروها أربعة أشهر ، ونقّبوا أماكن. ثمّ صالحهم عليها صاحب شيزر (١) ابن منقذ (٢).

[منازلة الإفرنج حمص]

فساروا ونازلوا حمص ، ثمّ صالحهم جناح الدّولة على طريق إلى عكّا (٣).

[شغب الجند على السلطان بركياروق]

وفيها شغب الجند على السّلطان بركياروق (٤) وقالوا : لا نسكت لك حتّى تسلّم لنا مجد الملك القمّيّ المستوفي (٥) ـ وكان قد أساء السّيرة ، وضيّق الأرزاق ـ.

فقال : والله لا أمكّنهم منك.

وعزم على إخفائه ، فقيل له : متى خرج عنك قتلوه ، ولكن اشفع فيه.

فبعثه وقال للأمراء : السّلطان يشفع إليكم فيه. فثاروا به وقتلوه. ثمّ جاءوا وقبّلوا الأرض بين يدي بركياروق ، فسكت (٦).

__________________

= و ١٦١ ، الإعلام والتبيين ٩ ، شذرات الذهب ٣ / ٣٩٦ ، تاريخ الأزمنة ٨٧ وفيه : قتلوا منهم نحو عشرة آلاف.

(١) في الأصل : «شيراز» وهو وهم.

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٨ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٤ ، نهارية الأرب ٢٨ / ٢٥٦ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٣ الإعلام والتبيين ١٠ ، تاريخ الأزمنة ٨٧ ، أعمال الفرنجة ١١٠.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٨ وفيه : «على طريق النواقير» ، تاريخ الزمان ١٢٤ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١١ ، مآثر الإنافة ٢ / ١٥ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٣ ، الإعلام والتبيين ١٠ ، شذرات الذهب ٣ / ٣٩٦ ، أعمال الفرنجة ١٠٩.

(٤) بركياروق : بفتح الباء الموحّدة ، وسكون الراء والكاف ، وفتح الياء المثناة من تحتها ، وبعد الألف راء مضمومة وواو ساكنة وقاف. (وفيات الأعيان ١ / ٢٦٨ ، ٢٦٩).

(٥) في الكامل : «مجد الملك البلاساني».

(٦) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٩ ، ٢٩٠.

١٣

[خروج بيت المقدس من يد ابن أرتق]

وقال أبو يعلى : (١) سار أمير الجيوش أحمد حتّى نازل بيت المقدس وحاصره ، وأخذه من سقمان بن أرتق (٢).

__________________

(١) في ذيل تاريخ دمشق.

(٢) والخبر في : أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٣٨ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٢ ، ٢٨٣ ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٧ ، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٨٢ ، ووفيات الأعيان ١ / ١٧٩ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ و ٢٥٦ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٩ (حوادث سنة ٤٨٩ ه‍.) ، ودول الإسلام ٢ / ٢٠ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٩ (حوادث سنة ٤٨٩ ه‍.) ،

الدرّة المضيّة ٤٥٠ ، تاريخ سلاطين المماليك ٢٢٩ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٢ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٥٩ (٤٨٩ ه‍). ، تاريخ الأزمنة ٨١ (حوادث سنة ٤٨٩ ه‍.) ، تاريخ الرهاوي (نشر في الحروب الصليبية للدكتور سهيل زكار) ٢ / ٤٥٣.

وقال ابن خلّكان : «وكان الأفضل شاهنشاه المنعوت بأمير الجيوش قد تسلّمه من سكمان بن أرتق في يوم الجمعة لخمس بقين من شهر رمضان سنة إحدى وتسعين ، وقيل : في شعبان سنة تسع وثمانين ، والله أعلم بالصواب ، وولي فيه من قبله ، فلم يكن لمن فيه طاقة بالفرنج فتسلّموه منه ، ولو كان في يد الأرتقية لكان أصلح للمسلمين. (وفيات الأعيان ١ / ١٧٩).

١٤

سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة

[مقتل أنر عامل بركياروق]

لمّا سار السّلطان بركياروق إلى خراسان ، استعمل (١) أنر (٢) على فارس وبلادها ، وكان قد تغلّب عليها خوارج الأعراب ، واعتضدوا بصاحب كرمان ابن قاروت (٣) ، فالتقاهم أنر ، فهزموه وجاء مفلولا.

ثمّ ولي إمارة العراق ، يعني قبل بركياروق ، فأخذ يكاتب الأمراء المجاورين له ، وعسكر بأصبهان ، ثمّ سار منها إلى إقطاعه بأذربيجان ، وقد عاد ، وانتشرت دعوة الباطنيّة بأصبهان ، فانتدب لقتالهم ، وحاصر قلعة لهم بأرض أصبهان. واتّصل به مؤيّد الملك ابن نظام الملك ، وجرت له أمور.

ثمّ كاتب غياث الدّين محمد بن ملك شاه ، وهو إذ ذاك بكنجة ، ثمّ سار إلى الرّيّ في نحو عشر آلاف ، وهمّ بالخروج على بركياروق ، فوثب عليه ثلاث فقتلوه في رمضان بعد الإفطار. فوقعت الصّيحة ، ونهبت خزائنه ، وتفرّق جمعه.

ثمّ نقل إلى أصبهان ، فدفن في داره (٤).

[استيلاء الإفرنج على بيت المقدس]

وفيها أحدق الإفرنج ببيت المقدس.

لمّا كسرت الإفرنج ، خذلهم الله ، المسلمين على أنطاكية في العام

__________________

(١) في الأصل : «واستعمل».

(٢) في الأصل : «أنز» بالزاي ، وفي نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٢ «أتسن».

(٣) في الكامل ١٠ / ٢٨١ «إيران شاه بن قاورت».

(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨١ ، ٢٨٢ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، ٢١.

١٥

الماضي ، قووا وطغوا ، وكان تاج الدّولة تتش قد استولى على فلسطين وغيرها ، وانتزع البلاد من نوّاب بني عبيد ، فأقطع الأمير سقمان بن أرتق التّركيّ بيت المقدس ، فرتّبه وحصّنه ، فسار الأفضل بن بدر أمير الجيوش ، فحاصر الأمير سقمان وأخاه إيلغازي (١) ، ونصبوا على القدس نيّفا وأربعين منجنيقا ، فهدموا في سوره.

ودام الحصار نيّفا وأربعين يوما ، وأخذوه بالأمان في شعبان سنة تسع (٢) وثمانين (٣).

وأنعم الأفضل على سقمان وأخيه ، وأجزل لهم الصّلات (٤). فسار سقمان واستولى على الرّها ، وذهب أخوه إلى العراق. وولّي على القدس افتخار الدّولة ، فدام فيه إلى هذا الوقت.

وسارت جيوش النّصرانيّة من حمص ، ونازلت عكّا أيّاما ، ثمّ ترحّلوا وأتوا القدس ، فحاصروه شهرا ونصف ، ودخلوا من الجانب الشّماليّ ضحوة نهار الجمعة لسبع بقين من شعبان ، واستباحوه ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

واحتمى جماعة ببرج داود ، ونزلوا بعد ثلاث بالأمان ، وذهبوا إلى عسقلان (٥).

[رواية ابن الأثير عن دخول الإفرنج بيت المقدس]

قال ابن الأثير : (٦) قتلت الإفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين

__________________

(١) في الأصل : «بلغازي» ، والتصحيح من الكامل ١٠ / ٢٨٣.

(٢) في الأصل : «تسعة».

(٣) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٦٠ (وتحقيق سويّم) ٢٦ ، أخبار مصر لابن ميسر ٢ / ٣٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٢ ، ٢٨٣ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١.

(٤) في الأصل : «الصلاة».

(٥) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٧ ، تاريخ الفارقيّ ٧٢٦٨ الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٣ ، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٨٢ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، دول الإسلام ٢ / ٢١ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢١ ، تاريخ سلاطين المماليك ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٤.

(٦) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٣ ، ٢٨٤.

١٦

ألفا (١) ، منهم جماعة من العلماء والعبّاد والزّهّاد ، وممّا أخذوا : أربعين قنديلا من الفضّة ، وزن القنديل ثلاثة آلاف وستّمائة درهم. وأخذوا تنّورا من فضّة ، وزنه أربعون رطلا بالشّاميّ ، وغنموا ما لا يحصى (٢).

وورد المستنفرون من الشّام إلى بغداد صحبة القاضي أبي (٣) سعد الهرويّ (٤) ، فأوردوا في الدّيوان كلاما أبكى العيون وجرح القلوب. وبعث الخليفة رسلا ، فساروا إلى حلوان ، فبلغهم قتل مجد الملك الباسلانيّ (٥) ، فردّوا من غير بلوغ أرب ، ولا قضاء حاجة. واختلف السّلاطين ، وتمكّنت الإفرنج من الشّام (٦).

وللأبيورديّ :

__________________

(١) في الأصل : «ألف». والخبر في : المنتظم ٩ / ١٠٥ (١٧ / ٤٧) ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٧ ، ووفيات الأعيان ١ / ١٧٩ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، والعبر ٣ / ٣٣٢ ، ودول الإسلام ٢ / ٢١ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٥٤ و ١٥٨ ، والجوهر الثمين ١٩٩ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢١ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ١١ ، مآثر الإنافة ٢ / ١٥ وفيه «تسعين ألف نفس» ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٣ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٧ ، الإعلام والتبيين ١١ وفيه إنهم قتلوا من المسلمين في الحرم مائة ألف وسبوا مثلهم ، شذرات الذهب ٣ / ٣٩٧ ، أخبار الدول ٢ / ١٦٧ ، تاريخ الأزمنة ٨٩ ، ويعترف مؤرّخ صليبيّ مجهول شهد احتلال الإفرنج لبيت المقدس ، فيقول : «فلما ولج حجّاجنا المدينة جدّوا في قتل الشرقيين ومطاردتهم حتى قبة عمر ، حيث تجمعوا واستسلموا لرجالنا الذين أعملوا فيهم أفظع القتل طيلة اليوم بأكمله ، حتى لقد فاض المعبد كله بدمائهم». (أعمال الفرنجة ١١٨ ، ١١٩) وانظر : الألكسياد لأنّا كومينا ١٦٦ ، وفي تاريخ الرهاوي ٢ / ٤٥٩ : «قتل في المدينة ثلاثون ألف مسلم».

(٢) المنتظم ٩ / ١٠٨ (١٧ / ٤٧) ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٤ ، ١٢٥ ، تاريخ مختصر الدول ، له ١٩٧ ، وفيات الأعيان ١ / ١٧٩ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، مرآة الجنان ٣ / ١٥٨ (حوادث سنة ٤٩٥ ه‍.) ، البداية والنهاية ١٢ / ١٥٦ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢١ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٣ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٩ ، الإعلام والتبيين ١١ ، شذرات الذهب ٣ / ٣٩٧ ، بدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٢٠.

(٣) في الأصل : «أبو» وهو غلط.

(٤) في نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٨ «القروي». والصحيح ما أثبتناه.

(٥) في الكامل : «البلاساني» و «البلاسلاني».

(٦) نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، ودول الإسلام ٢ / ٢١ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢١ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٥٠ ، أخبار الدول ٢ / ١٦٧.

١٧

مزجنا دماء (١) بالدّموع السّواجم

فلم يبق (٢) منّا عرضة (٣) للمراحم (٤)

وشرّ سلاح المرء دمع يفيضه (٥)

إذا الحرب شبّت نارها بالصّوارم

فإيها بني الإسلام ، إنّ وراءكم

وقائع يلحقن الذّرى (٦) بالمناسم

أتهويمة في ظلّ أمن وغبطة

وعيش كنوّار الخميلة ناعم

وكيف تنام العين ملء جفونها

على هفوات (٧) أيقظت كلّ نائم؟

وإخوانكم بالشّام يضحي مقيلهم

ظهور المذاكي أو بطون القشاعم

تسومهم الرّوم الهوان وأنتم (٨)

تجرّون ذيل الخفض فعل المسالم

فكم (٩) من دماء قد أبيحت ، ومن دمي

توارى (١١) حياء حسنها بالمعاصم(١٠)

بحيث السّيوف البيض محمرّة الظّبا

وسمر العوالي داميات اللهاذم

يكاد (١٢) لهنّ المستجنّ (١٣) بطيبة

ينادي بأعلى الصّوت : يا آل هاشم

أرى أمّتي لا يشرعون إلى العدي

رماحهم ، والدّين واهي الدّعائم

ويجتنبون النّار خوفا من الرّدى

ولا يحسبون العار ضربة لازم

أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ،

وتغضي (١٤) على ذلّ كماة الأعاجم

 __________________

(١) في البداية والنهاية ١٢ / ١٥٦ : «دمانا».

(٢) في الأصل : «يبقى» وهو غلط.

(٣) في الأصل : «عوضه» ، والمثبت عن : الكامل ١٠ / ٢٨٤ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١١ ، وفي المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ : «عرصة».

(٤) في النجوم الزاهرة ٥ / ١٥١ : «للمراجم».

(٥) في البداية والنهاية : «يريقه».

(٦) في الأصل : «الردى» ، والتصحيح من الكامل.

(٧) في الأصل : «هوان». وفي المنتظم : «هنوات». والمثبت في الكامل ١٠٠ / ٢٨٥ ، والمختصر ٢ / ٢١١ ، وفي تاريخ ابن الوردي ٢ / ١١ : «هبوات».

(٨) في الأصل : «وأنتموا».

(٩) في الكامل : «وكم» ومثله في المختصر.

(١٠) في المختصر : «ومن دم».

(١١) في الأصل : «تواري».

(١٢) في المنتظم : «وكاد» ، ومثله في النجوم الزاهرة ٥ / ١٥١.

(١٣) في البداية والنهاية ١٢ / ١٥٦ «المستجير».

(١٤) في الكامل ١٠ / ٢٨٥ : «ويفضي» ، وكذا في البداية والنهاية. وفي تاريخ ابن الوردي ٢ / ١١ «تقضي».

١٨

فليتهم إن لم يردّوا (١) حميّة

عن الدّين ، ضنّوا غيرة بالمحارم (٢)

[رواية سبط ابن الجوزيّ]

قال أبو المظفّر سبط ابن الجوزيّ (٣) : سارت الإفرنج ومقدّمهم كندفريّ (٤) في ألف ألف ، بينهم خمسمائة ألف مقاتل ، عملوا برجين من خشب مطلّين على السّور ، فأحرق المسلمون البرج الّذي كان بباب صهيون ، وقتلوا من فيه. وأمّا الآخر فزحفوا به حتّى ألصقوه بالسّور وحكموا به على البلد ، وكشفوا من كان بإزائهم ، ورموا بالمجانيق والسّهام رمية رجل واحد ، فانهزم المسلمون من السّور.

قلت : هذه مجازفة بيّنة ، بل قال ابن منقذ : إنّ جزءا كان بخيل ، وإنّ قوما وقفوا على سورها بأمر الوالي في مضيق لا يكاد يعبر منه إلّا واحد بعد واحد.

قال : فكان عدد خيلهم ستّة آلاف (٥) ومائة فارس ، والرّجّالة ثمانية وأربعون ألفا. ولم تزل دار الإسلام منذ فتحها عمر رضي‌الله‌عنه.

وكان الأفضل لمّا بلغه نزولهم على القدس تجهّز وسار من مصر في عشرين ألف ، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح ، ولم يعلم. وراسل الإفرنج (٦).

__________________

(١) في المنتظم : «يذودوا» ، وكذا في : الكامل ١٠ / ٢٨٥ ، وفي المختصر : «فليتهم إذا لم يذودوا» ، وكذا في البداية والنهاية ١٢ / ١٥٧ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٥١ وفيه «وليتهم».

(٢) وردت الأبيات : الخامس والسادس والسابع ، والعاشر إلى آخرها ما عدا الأخير في : المنتظم ، ٩ / ١٠٨ (١٣ / ٤٧ ، ٤٨) ، وكلها في : الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٤ ، ٢٨٥ وفيه أبيات أخرى ، وفي المختصر في أخبار البشر ٢ / ١١ سبعة أبيات ، ومثله في تاريخ ابن الوردي ٢ / ١١ ، وفي النجوم الزاهرة ٥ / ١٥١ ستة أبيات ، وزيادة بيت لم يذكره المؤلّف ، وكلّها في : تاريخ الخلفاء للسيوطي ٤٢٧ ، ٤٢٨.

(٣) في مرآة الزمان.

(٤) في الأصل : «كندهري» ، وهو تصحيف. وهو «غودفري دي بويّون».

(٥) في الأصل : «ألف».

(٦) دول الإسلام ٢ / ٢١ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٩ و ١٥٠ ، الإعلام والتبيين ١١ ، تاريخ الأزمنة ٨٩.

١٩

قال ابن الأثير (١) : فأعادوا الرّسول بالجواب ، ولم يعلم المصريّون بشيء ، فبادروا السّلاح والخيل ، وأعجلتهم الإفرنج فهزموهم ، وقتلوا منهم من قتل ، وغنموا خيامهم بما فيها. ودخل الأفضل عسقلان ، وتمزّق أصحابه. فحاصرته الإفرنج بعسقلان ، فبذل لهم ذهبا كثيرا ، فردّوا إلى القدس (٢).

قال أبو يعلى ابن القلانسيّ (٣) : قتلوا بالقدس خلقا كثيرا ، وجمعوا اليهود في الكنيسة وأحرقوها عليهم (٤) ، وهدموا المشاهد.

[ابتداء دولة محمد بن ملك شاه]

وفيها ابتداء دولة محمد بن ملك شاه. لمّا مات أبوه ببغداد سار مع أخيه محمود والخاتون تركان إلى أصبهان. ثمّ إنّ أخاه بركياروق أقطعه كنجة (٥) ، وجعل له أتابكا ، فلمّا قوي محمد قتل أتابك قتلغ تكين ، واستولى على مملكة أرّان ، وطلع شهما شجاعا مهيبا ، قطع خطبة أخيه ، واستوزره مؤيّد الملك عبد الله ابن نظام الملك (٦). فإنّه التجأ إليه بعد قتل مخدومه أنر (٧).

واتّفق قتل مجد الملك الباسلانيّ (٨) ، واستيحاش العسكر من بركياروق ، ففارقوه وقدموا على محمد ، وكثر عسكره ، فطلب الرّيّ. وعرّج أخوه إلى أصبهان ، فعصوا عليه ، ولم يفتحوا له. فسار إلى خوزستان.

وأمّا محمد فاستولى على الرّيّ وبها زبيدة والدة السّلطان بركياروق ،

__________________

(١) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٦.

(٢) تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٥ ، الجوهر الثمين ١٩٩ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٩ ، الإعلام والتبيين ١٢ ، أعمال الفرنجة ١٢٤.

(٣) في ذيل تاريخ دمشق ١٣٧.

(٤) دول الإسلام ٢ / ٢١ ، الإعلام والتبيين ١٢.

(٥) في المنتظم : «جنزة» وهما واحد. وفي الطبعة الجديدة «كنجة» دون الإشارة إلى ما ورد في الطبعة الأولى.

(٦) المنتظم ٩ / ١٠٩ (١٧ / ٤٨) ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٢ ، العبر ٣ / ٣٣٣ ، دول الإسلام ٢ / ٢١ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٢.

(٧) في الأصل : «أنز» ، وفي نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٢ : «أتسز».

(٨) في الكامل ١٠ / ٢٨٨ «البلاساني» ، والمثبت يتفق مع : نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٢ ، والأصل. وفي تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٢ «البارسلاني» ، و ٥ / ٢٢ كما هو مثبت أعلاه.

٢٠