تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٢٥

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

١
٢

٣

٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الطبقة الرابعة والثلاثون

سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة

[زواج ابن المتّقي ببنت ناصر الدولة الحمدانيّ]

في المحرّم كتب كتاب أبي منصور إسحاق بن المتّقي على بنت الأمير ناصر الدّولة بن حمدان ، والصّداق مائتا ألف دينار ، وقيل : مائة ألف دينار وخمسمائة ألف درهم. وولي العقد أبو عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشميّ ، ولم يحضر أبوها (١).

* * *

[غزو الروم إلى أرزن وغيرها]

وفي صفر وصلت الرّوم إلى أرزن (٢) ، وميّافارقين ، ونصّيبين ، فقتلوا وسبوا ، ثمّ طلبوا منديلا في كنيسة الرّها يزعمون أنّ المسيح مسح به وجهه فارتسمت صورته فيه ، على أنّهم يطلقون جميع من سبوا ، فأرسل إليهم وأطلقوا الأسرى (٣).

* * *

__________________

(١) تكملة تاريخ الطبري للهمداني ١ / ١٣١ ، تجارب الأمم ٢ / ٣٧ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٤ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٠٥ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٨.

(٢) أرزن : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاي ، مدينة مشهورة قرب خلاط ، لها قلعة حصينة ، وكانت من أعمر نواحي أرمينية. (معجم البلدان ١ / ١٥٠).

(٣) الخبر باختصار في : تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٠ وبقيّته في صفحة ١٣٥ ، ١٣٦ ، وهو في :

تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ٤١ ـ ٤٣ ، والعيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٢٣ ، والمنتظم ٦ / ٣٣١ ، والكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٥ ، وتاريخ الزمان ٥٧ ، وتاريخ مختصر الدول ١٦٥ ، ونهاية الأرب ٢٣ / ١٧٢ ، ١٧٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٩١ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٢٧٥ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢٠٥ ، و ٢٠٦ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٤١٧ ، ومآثر الإنافة ٢٩٧ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٨ ، وتاريخ الخلفاء ٣٩٥ ، وأخبار الدول ١٦٩ ، وتاريخ الأزمنة للدويهي ٥٤ ، ٥٥.

٥

[تضييق ناصر الدولة على المتّقي]

وفيها ضيّق الأمير ناصر الدّولة على المتّقي في نفقاته ، وأخذ ضياعه ، وصادر الدّواوين ، وأخذ الأموال ، وكرهه النّاس (١).

[استئمان الديلم لابن بويه]

وفيها وافى الأمير أحمد بن بويه يقصد قتال البريديّ ، فاستأمن إليه جماعة من الدّيلم (٢).

[هروب سيف الدّولة وأخيه]

وفيها هاج الأمراء على سيف الدّولة بواسط ، فهرب في البرّيّة يريد بغداد (٣). ثمّ سار إلى الموصل ناصر الدّولة خائفا ، لهروب أخيه ، ونهبت داره (٤).

[نزوح البغداديّين إلى الشام ومصر]

وفيها نزح خلق كثير من بغداد مع الحجّاج إلى الشّام ، ومصر ، خوفا من اتّصال الفتن ببغداد (٥).

[خلعة المتّقي لابن بويه]

وفيها بعث المتّقي إلى أحمد بن بويه بخلع ، فسرّ بها ولبسها (٦).

[ولادة مولود للقرمطيّ]

وفيها ولد لأبي طاهر القرمطيّ ولد ، فأهدى إليه أبو عبد الله البريديّ هدايا عظيمة ، فيها مهد ذهب مجوهر (٧).

__________________

(١) النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٨.

(٢) تجارب الأمم ٢ / ٣٧ ، تاريخ الأنطاكي ٣٩.

(٣) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٢ و ١٣٤ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٢٥ ، تاريخ حلب للعظيميّ ٢٩٠.

(٤) تجارب الأمم ٢ / ٤١ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٨.

(٥) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٥ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٨.

(٦) البداية والنهاية ١١ / ٢٠٦.

(٧) البداية والنهاية ١١ / ٢٠٦ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٩.

٦

[الحجّ هذا الموسم]

وحجّ بالنّاس القرمطيّ على مال أخذه منهم (١).

[وزارة علي بن مقلة]

واستوزر المتّقي أبا الحسين عليّ بن أبي عليّ محمد بن مقلة (٢).

[دخول توزون بغداد وإمرته]

وسار من واسط توزون ، فقصد بغداد ، وقد هرب منه سيف الدّولة ، فدخل توزون بغداد في رمضان ، فانهزم سيف الدّولة إلى الموصل أيضا ، فخلع المتّقي على توزون ولقّبه أمير الأمراء (٣).

[الوحشة بين المتقيّ وتوزون]

وفيها وقعت الوحشة بين المتّقي وتوزون ، فعاد إلى واسط (٤).

[عزل ابن مقلة]

وفيها عزل المتّقي ولد ابن مقلة وأخذ منه مائة ألف دينار ، ثمّ استوزره (٥).

[وفاة بدر الخرشنيّ]

وفيها هلك بدمشق بدر الخرشنيّ. وكان قد جرت له أمور ببغداد ، ثمّ صار إلى الإخشيد محمد بن طغج ، فولّاه إمرة دمشق ، فوليها شهرين ومات (٦).

__________________

(١) في تاريخ حلب للعظيميّ ٢٩٠ : «وحج بالناس ابن ورقاء» ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٩.

(٢) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٤ ، تجارب الأمم ٢ / ٤٣ ، ٤٤ ، مروج الذهب ٤ / ٣٤٠ ، تاريخ الأنطاكي ٤٠ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٥ ، الفخري ٢٨٦.

(٣) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٤ ، تجارب الأمم ٢ / ٤٤ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٢٨ ، تاريخ الأنطاكي ٤٠ ، تاريخ حلب ٢٩٠.

(٤) تجارب الأمم ٢ / ٤٧ ، تاريخ الأنطاكي ٤٥.

(٥) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٤ ، تجارب الأمم ٢ / ٤٢ ، ٤٣ ، تاريخ الأنطاكي ٤٠ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٥ ، الفخري ٢٨٦.

(٦) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٢ ، والعيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٦ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٩ ، أمراء دمشق في الإسلام ١٧ رقم ٥٩.

٧

[وفاة سنان بن ثابت]

وفي ذي القعدة مات ابو سعيد سنان بن ثابت المتطبّب والد مصنّف التاريخ ثابت (١).

وقد أسلم سنان على يد القاهر بالله. وقد طبّب جماعة من الخلفاء وكان متفنّنا.

[وفاة ابن عبدوس الجهشياريّ]

وفيها مات محمد بن عبدوس مصنّف كتاب «الوزراء» ببغداد. وكان من الرّؤساء (٢).

[وزارة الأصبهانيّ]

وفي حدودها استوزر المتّقي غير وزير من هؤلاء الخاملين ، ويعزله ، فاستوزر أبا العبّاس الكاتب الأصبهانيّ وكان ساقط الهمّة بحيث أنّه كان يركب وبين يديه اثنان ، وما ذاك إلّا لضعف دست الخلافة ووهن دولة بني العبّاس (٣).

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٥ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٠٦ وفيه : وفاة «ثابت بن سنان» وهو وهم ، فالمتوفّى هذه السنة هو «سنان» كما في النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٩.

(٢) الكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٥ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٩.

(٣) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣١ و ١٣٣ وفيه : «وكانت مدّة وقوع اسم الوزارة على أبي العباس الأصفهاني أحدا وخمسين يوما» ، تجارب الأمم ٢ / ٣٨ ، مروج الذهب ٤ / ٣٤٠ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٥١ ، وتاريخ الأنطاكي ٣٩ ، تاريخ حلب ٢٩٠ ، الفخري ٢٨٦.

٨

سنة اثنتين وثلاثين

[الحرب بين توزون والمتّقي]

فيها قدم أبو جعفر بن شيرزاد من واسط من قبل توزون إلى بغداد ، فحكم على بغداد وأمر ونهى. فكاتب المتّقي بني حمدان بالقدوم عليه ، فقدم أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان في جيش كثيف في صفر ، ونزل بباب حرب ، فخرج إليه المتّقي وأولاده والوزير. واستتر ابن شيرزاد.

وسار المتّقي بآله إلى تكريت ظنّا منه أنّ ناصر الدولة يلقاه في الطّريق ويعودون معا إلى بغداد. فظهر ابن شيرزاد فأمر ونهى ، فقدم سيف الدّولة على المتّقي بتكريت ، فأشار عليه بأن يصعد إلى الموصل ليتّفقوا على رأي ، فقال : ما على هذا عاهدتموني (١).

فتفلّل أصحاب المتّقي إلى الموصل ، وبقي في عدد يسير مع ابن حمدان. فقدم توزون بغداد واستعدّ للحرب. فجمع ناصر الدّولة عددا كثيرا من الأعراب والأكراد ، وسار بهم إلى تكريت.

وكان الملتقى بينه وبين توزون بعكبرا ، واقتتلوا أيّاما ، ثمّ انهزم بنو حمدان والمتّقي إلى الموصل. وراسل ناصر الدّولة توزون في الصّلح على يد أبي عبد الله بن أبي موسى الهاشميّ ، وكان توزون على تكريت ، فتسلّل بعض أصحابه إلى ابن حمدان ، وردّ توزون إلى بغداد (٢).

وجاء سيف الدّولة إلى تكريت فردّ إليه توزون ، فالتقوا في شعبان على حربي (٣) ، فانهزم سيف الدّولة إلى الموصل ، وتبعه توزون ، ففرّ بنو حمدان

__________________

(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٦ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٠.

(٢) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٦ ، تجارب الأمم ٢ / ٤٨ ، مروج الذهب ٤ / ٣٤١.

(٣) في الأصل : «حربا» ، والمثبت يتفق مع : معجم البلدان ٢ / ٢٣٧ وفيه : حربي : مقصور والعامة

٩

والخليفة إلى نصّيبين ، فدخل توزون الموصل ومعه ابن شيرزاد ، فاستخلص من أهلها مائة ألف دينار (١).

[مصالحة المتّقي وتوزون]

وراسل المتّقي توزون في الصّلح وقال : ما خرجت من بغداد بأهلي إلّا بلغني أنّك اتّفقت مع البريديّ عليّ. والآن آثرت رضاي فصالح ابني حمدان ، وأنا أرجع إلى داري.

وأشار ابن شيرزاد على توزون بالصّلح.

وتواترت الأخبار أنّ أحمد بن بويه نزل واسطا وهو يريد بغداد. فأجاب توزون إلى الصّلح ، ورجع إلى بغداد (٢).

وكان السّفير بينهم يحيى بن سعيد السّوسيّ ، فحصل له مائة ألف دينار (٣).

[عقد البلد لناصر الدولة]

وعقد توزون للبلد على ناصر الدّولة ثلاث سنين بثلاثة آلاف ألف درهم (٤).

__________________

= تلفّظ به ممالا ، بليدة في أقصى دجيل بين بغداد وتكريت مقابل الحظيرة.

(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٦ ، ١٣٧ ، تجارب الأمم ٢ / ٤٩ ، مروج الذهب ٤ / ٣٤١ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٢٦ ـ ١٣٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٠٧.

(٢) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٧ و ١٤١ ، تجارب الأمم ٢ / ٤٩ و ٦٧ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٠ ، ١٣١ و ١٤٢ ، تاريخ الأنطاكي ٤٥ ، المنتظم ٦ / ٣٣٤ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٦ ، أخبار الدولة الحمدانية ١٨ ، زبدة الحلب ١ / ١٠٤ ، تاريخ الزمان ٥٧ ، تاريخ مختصر الدول ١٦٥ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧١ ـ ١٧٣ ، نهاية الأرب ٢٣ / ١٦٤ ، خلاصة الذهب المسبوك ٢٥٤ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٩١ ، دول الإسلام ١ / ٢٠٤ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٢٧٦ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٠٧ ، مرآة الجنان ٢ / ٣١٠ ، ٣١١ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤١٤ ، مآثر الإنافة ٢٩٦ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٧٨ ، تاريخ الخلفاء ٣٩٥ ، تاريخ الأزمنة ٥٥.

(٣) في : تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٧ «وحصل لابن شيرزاد مائتا ألف دينار».

(٤) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٧ وفيه : ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف درهم ، ومثله في : تجارب الأمم ٢ / ٥٠ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢٠٧.

١٠

[موت البريديّ]

وفيها قتل أبو عبد الله البريديّ أخاه أبا يوسف (١) ، ثمّ مات بعده بيسير (٢).

[ولاية ابن لؤلؤ إمرة دمشق]

وفيها ولّى الإخشيد الحسين بن لؤلؤ إمرة دمشق ، فبقي عليها سنة وأشهرا (٣).

[إمرة المؤنسيّ على دمشق]

ثمّ نقله إلى حمص ، وأمّر عليها يأنس المؤنسيّ (٤).

[ولاية الحسين بن حمدان قنّسرين والعواصم]

وفيها ولّى ناصر الدولة ابن عمه الحسين بن سعيد بن حمدان قنّسرين والعواصم ، فسار إلى حلب (٥).

[وصول الإخشيد إلى المتّقي]

وفيها كتب المتّقي إلى صاحب مصر الإخشيد أن يحضر إليه ، فخرج من مصر وسار إلى الرّقّة ، وبها الخليفة ، فلم يمكّن من دخولها لأجل سيف الدّولة ، فإنّه كان مباينا له. فمضى إلى حرّان ، واصطلح مع سيف الدّولة ، وبان للمتّقي من بني حمدان الملل والضّجر منه ، فراسل توزون واستوثق منه (٦).

واجتمع الإخشيد بالمتّقي على الرّقّة ، وأهدى إليه تحفا وأموالا (٧). وبلغه

__________________

(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٨ ، تجارب الأمم ٢ / ٥١ و ٥٣ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٢ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٢ ، المنتظم ٦ / ٣٣٦ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤٠٩ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٠.

(٢) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤٠ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٢ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤١٠.

(٣) أمراء دمشق في الإسلام ٢٨ رقم ٩٢.

(٤) أمراء دمشق ٩٧ رقم ٢٨٦.

(٥) انظر : تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤١ ، ومروج الذهب ٤ / ٣٤١ ، زبدة الحلب ١ / ١٠٥ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٠.

(٦) تجارب الأمم ٢ / ٦٧ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٤١ ، ١٤٢.

(٧) مروج الذهب ٤ / ٣٤١ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٤٤ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٢ ، زبدة الحلب ١ / ١٠٦ ، ١٠٧ ،

١١

مراسلته لتوزون فقال : يا أمير المؤمنين أنا عبدك وابن عبدك ، وقد عرفت الأتراك وغدرهم وفجورهم ، فالله الله في نفسك. سر معي إلى الشّام ومصر ، فهي لك ، وتأمن على نفسك. فلم يقبل. فقال : أقم هاهنا وأمدّك بالأموال والرجال. فلم يقبل (١).

فعدل الإخشيد إلى الوزير ابن مقلة وقال : سر معي. فلم يفعل مراعاة للمتّقي. فكان ابن مقلة يقول : يا ليتني قبلت نصح الإخشيد. ورجع الإخشيد إلى بلاده (٢).

[مقتل حمدي اللّصّ]

وفيها قتل حمدي (٣) اللّصّ ، وكان فاتكا. ضمّنه ابن شيرزاد اللّصوصيّة ببغداد في الشهر بخمسة وعشرين ألف دينار (٤). فكان يكبس بيوت النّاس بالمشعل والشّمع ، ويأخذ الأموال. وكان أسكورج الدّيلميّ قد ولي شرطة بغداد ، فأخذه ووسّطه (٥).

[دخول ابن بويه واسط]

وفيها دخل أحمد بن بويه واسطا ، وهرب أصحاب البريديّ إلى البصرة (٦).

__________________

(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤١ ، تجارب الأمم ٢ / ٦٧ ، ٧٨ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٤٢ ـ ١٤٤ ، الولاة والقضاة ٢٩٢ ، ولاة مصر ٣٠٩ ، مروج الذهب ٤ / ٣٤١ ، تاريخ الأنطاكي ٤٦ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٢ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤١٨ ، زبدة الحلب ١ / ١٠٧ ، نهاية الأرب ٢٣ / ١٧٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٩١ ، العبر ٢ / ٢٢٩ ، دول الإسلام ١ / ٢٠٥ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٢٧٦ ، البداية والنهاية ١١ / ٢١٠ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤١٨ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، تاريخ الخلفاء ٣٩٦.

(٢) تجارب الأمم ٢ / ٦٨.

(٣) هكذا في الأصل بالجيم المنقوطة ، وفي : تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٧ «ابن حمدي» ، ثم «ابن حمدان» (١ / ١٣٨) وفي : تجارب الأمم ٢ / ٥١ «ابن حمدي» ، ومثله في : العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ١٣١ ، والكامل ٨ / ٤١٦ ، ٤١٧.

(٤) في تجارب الأمم ٢ / ٥١ «خمسة عشر ألف دينار» ، ومثله في : العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٢ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.

(٥) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٧ و ١٣٨ ، تجارب الأمم ٢ / ٥١ و ٥٤ ، ٥٥ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣١ ، ١٣٢ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.

(٦) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٨ ، تجارب الأمم ٢ / ٥٥ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤١٧ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.

١٢

[إصابة توزون بالصرع]

وفي شوّال كان توزون ببغداد على سرير الملك ، فعرض له صرع ، فوثب ابن شيرزاد فأرخى بينه وبين القوّاد سترا وقال : قد حدثت للأمير حمّى (١).

[امتناع الحجّ]

ولم يحجّ في هذه السّنة أحد لموت القرمطيّ (٢).

[ترجمة أبي طاهر القرمطيّ]

وهو أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنّابيّ بهجر في رمضان بالجدريّ (٣). وهو الّذي قتل الحجيج واشياخهم مرّات ، واقتلع الحجر الأسود ، وبقي بعده أبو القاسم سعيد (٤).

[تتمّة أخبار القرمطيّ كما أثبتها

الناسخ استجابة لأمر المؤلّف الذهبيّ]

هذه تتمة أخبار أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنّابي القرمطي ذكرها المصنّف في غير موضعها وأمر أن تلحق هنا ، فألحقتها حسب مرسومه.

الناسخ

قال : وكان أبوه يحبّه ويرجّحه للأمر من بعده ، وأوصى : إن حدث بي موت ، فالأمر إلى ابني سعيد إلى أن يكبر أبو طاهر ، فيعيد سعيد اليه الأمر.

وكان أبو سعيد قد عتا وتمرّد ، وأخاف العباد ، وهزم الجيوش ، وكان قد أسر فيمن أسر خادما ، فحسنت منزلته عنده حتّى صار على طعامه وشرابه. وكان

__________________

(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٩ ، تجارب الأمم ٢ / ٦١ ، ٦٢ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٤ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.

(٢) في تاريخ حلب ٢٩٠ : «وحج بالناس جعفر بن ورقاء» ، والخبر في : المنتظم ٦ / ٣٣٦ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.

(٣) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٩ ، تجارب الأمم ٢ / ٥٥ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٢ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤١٥.

(٤) المنتظم ٦ / ٣٣٦.

١٣

الخادم ينطوي على إسلام ، قلم ير أبا سعيد يصلّي صلاة ، ولا صام شهر رمضان. فأبغضه وأضمر قتله ، فخلّاه وقد دخل حمّاما في الدّار ووثب عليه بخنجر فذبحه ، ثمّ خرج ودعا بعض قوّاد أبي سعيد فقال له : كلّم أبا سعيد. فلمّا حصل ذبحه. ثمّ استدعى آخر ، ففعل به كذلك حتّى فعل ذلك بجماعة من الكبار ، وكان شجاعا قويّا جلدا.

ثمّ استدعى في الآخر رجلا ، فدخل في أوّل الحمّام ، فإذا الدّماء تجري ، فأدبر مسرعا وصاح ، فتجمّع النّاس. وقد مرّ ذلك في سنة إحدى وثلاثمائة.

وأخذ سعيد ذلك الخادم ، فقرض لحمه بالمقاريض إلى أن مات. فلمّا كان في سنة خمس وثلاثمائة سلّم سعيد الأمر إلى أخيه أبي طاهر ، فاستجاب لأبي طاهر خلق وافتتنوا به ، بسبب أنّه دلّهم على كنوز كان والده أطلعه عليها وحده ، فوقع لهم أنّه علم غيب ، وتخيّر موضعا من الصّحراء وقال : أريد أن أحفر هاهنا عينا. فقيل له : هنا لا ينبع ماء. فخالفهم وحفر فنبع الماء فازدادت فتنتهم به.

ثمّ استباح البصرة ، وأخذ الحجيج ، وفعل العظائم ، وأرعب الخلائق وكثرت جموعه ، وتزلزل له الخليفة.

وزعم بعض أصحابه به أنّه إله (١) المسيح ، ومنهم من قال هو نبيّ. وقيل هو المهديّ ، وقيل : هو الممهّد للمهديّ.

وقد هزم جيش الخليفة المقتدي غير مرّة ، ثمّ إنّه قصد بغداد ليأخذها فدفع الله شرّه.

وقد قتل بحرم الله تعالى مقتلة عظيمة لم يتمّ مثلها قطّ في الحرم. وأخذ الحجر الأسود. ثمّ لم يمهله الله بعد ذلك. فلمّا أشفى على التّلف سلّم ملكه إلى أبي الفضل بن زكريّا المجوسيّ العجميّ.

قال محمد بن عليّ بن رزام الكوفيّ : قال لي ابن حمدان الطّبيب : أقمت بالقطيف أعالج مريضا فقال لي رجل : انظر ما يقول النّاس. يقولون إنّ ربّهم قد ظهر.

__________________

(١) في الأصل : «إلاه».

١٤

فخرجت ، فإذا النّاس يهرعون ، إلى أن أتينا دار أبي طاهر سليمان القرمطيّ ، فإذا بغلام حسن الوجه ، درّيّ اللّون ، خفيف العارضين ، له نحو عشرين سنة ، وعليه عمامة صفراء تعميم العجم ، وعليه ثوب أصفر ، وفي وسطه منديل وهو راكب فرسا شهبا (١) ، والنّاس قيام ، وأبو طاهر القرمطيّ وإخوته حوله. فصاح أبو طاهر بأعلى (٢) صوته : يا معشر النّاس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو طاهر سليمان بن الحسن. اعلموا أنّا كنّا وإيّاكم حمير ، وقد منّ الله علينا بهذا ، وأشار إلى الغلام ، هذا ربّي وربّكم ، وإلهي وإلهكم ، وكلّنا عباده والأمر إليه ، وهو يملكنا كلّنا.

ثمّ أخذ هو والجماعة التّراب ، ووضعوه على رءوسهم ، ثمّ قال أبو طاهر :

اعلموا يا معشر النّاس ، إنّ الدّين قد ظهر ، وهو دين أبينا آدم ، وكلّ دين كنّا عليه فهو باطل. وجميع ما توصّلت به الدّعاة إليكم فهو باطل وزور من ذكر موسى ، وعيسى ، ومحمد. إنّما الدّين دين آدم الأوّل ، وهؤلاء كلّهم دجّالون محتالون فالعنوهم. فلعنهم النّاس.

وكان أبو الفضل المجوسيّ ، يعني الغلام الأمرد ، قد سنّ لهم اللّواط ونكاح الأخوات ، وأمر بقتل الأمرد الممتنع. وكان أبو طاهر يطوف هو والنّاس عراة به ويقولون : إلهنا عزوجل.

قال ابن حمدان الطّبيب : أدخلت على أبي الفضل فوجدت بين يديه أطباقا عليها رءوس جماعة ، فسجدت له كعادتهم والنّاس حوله قيام وفيهم أبو طاهر ، فقال لأبي طاهر : إنّ الملوك لم تزل تعدّ الرءوس في خزائنها فسلوه ، وأشار إليّ ، كيف الحيلة في بقائها بغير تغيير؟

فسألني أبو طاهر فقلت : إلهنا أعلم ، ويعلم أنّ هذا الأمر ما علمته. ولكن أقول على التّقدير إنّ جملة الإنسان إذا مات يحتاج إلى كذا وكذا صبر وكافور. والرّأس جزء من الإنسان ، فيؤخذ بحسابه. فقال أبو الفضل : ما أحسن ما قال.

قال ابن حمدان : وما زلت أسمع النّاس تلك الأيام يلعنون إبراهيم ،

__________________

(١) في الهامش : ث. اسمه أبو الفضل المجوسي.

(٢) في الأصل : بأعلى.

١٥

وموسى ، ومحمدا ، وعليّا ، وأولاده ، ورأيت المصحف يمسح به الغائط.

وقال أبو الفضل لكاتبه ابن سنبر : اكتب كتابا إلى الخليفة فصلّ لهم على محمد ، وكل لهم من جراب النّورة.

قال ابن سنبر : والله ما تنبسط يدي لذلك.

وكان لأبي طاهر أخت فاقتنصها أبو الفضل ، وذبح ابنا لها في حجرها ، وقتل زوجها ، ثمّ عزم على قتل أبي طاهر ، فبلغ ذلك أبا طاهر ، فأجمع رأيه ورأي ابن سنبر ووالدة أبي طاهر على أن يمتحنوه ويقتلوه.

فأتياه فقالا : يا إلهنا ، إنّ مرجة أمّ أبي طاهر قد ماتت ، ونشتهي أن تحضر لنشقّ جوفها ونحشوه جمرا ، وكان قد شرع لهم ذلك. فمضى معهما ، فوجد مرجة مسجّاة ، فأمر بشقّ بطنها. فقال أبو طاهر : يا إلهي أنا أشتهي أن تحييها لي.

قال : ما تستحقّ ، فإنّها كافرة (١).

فعاوده مرارا ، فاستراب وأحسّ بتغيّرهما عليه ، فقال : لا تعجلا عليّ ودعاني أخدم دوابّكما إلى أن يأتي أبي ، فإنّي سرقت منه العلامة ، فيرى فيّ رأيه.

فقال له ابن سنبر : ويلك هتكت أستارنا وحريمنا ، وكشفت أمرنا ، ونحن نرتّب هذه الدّعوة من ستّين سنة ، لا يعلم ما نحن فيه. فأنت لو رآك أبوك على هذه الحالة لقتلك ، قم يا أبا طاهر فأقتله.

قال : أخشى أن يمسخني.

فقام إليه سعيد أخو أبي طاهر فقتله وأخرج كبده ، فأكلتها أخت أبي طاهر (٢).

ثمّ جمع ابن سنبر النّاس وذكر حقّه فيهم ، لأنّه كان شيخهم ، وقال لهم :

إنّ هذا الغلام ورد بكذب سرقه من معدن حقّ ، وعلامة موّه بها ، فأطعناه لذلك.

__________________

(١) انظر الحكاية برواية مختلفة في : تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٩ ، وتجارب الأمم ٢ / ٥٥ ، والعيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٤.

(٢) الخبر باختصار في : تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٣٩.

١٦

وإنّا وجدنا فوقه غلاما ينكحه فقتلناه.

وقد كنّا نسمع أنّه لا بدّ للمؤمنين من فتنة عظيمة يظهر بعدها الحقّ ، وهذه هي. فارجعوا عن نكاح المحرّمات ، وأطفئوا بيوت النّيران ، واتركوا اتّخاذ الغلمان ، وعظّموا الأنبياء عليهم‌السلام.

فضجّ النّاس بالصّياح وقالوا : كلّ يوم تقولون لنا قولا. فأنفق أبو طاهر أموالا ، كان جمعها أبو الفضل ، في أعيان النّاس فسكتوا.

قال ابن حمدان الطّبيب : وبعد قتل أبي الفضل اتّصلت بخدمة أبي طاهر ، فأخرج إليّ يوما الحجر الأسود وقال : هذا الّذي كان المسلمون يعبدونه.

قلت : ما كانوا يعبدونه.

قال : بلى.

فقلت : أنت أعلم.

وأخرجه إليّ يوما وهو ملفوف بثياب ديبقيّ ، وقد طيّبه بالمسك ، فعرّفنا أنّه معظّم له.

ثمّ إنّه جرت بين أبي طاهر وبين المسلمين حروب وأمور ، وضعف جانبه ، وقتل من أصحابه في تلك الوقعات خلق وقلّوا ، فطلب من المسلمين الأمان على أن يردّ الحجر الأسود وأن لا يتعرّض : للحجّاج أبدا. وأن يأخذ على كلّ حاجّ دينارا ويخفرهم. فطابت قلوب النّاس وحجّوا آمنين. وحصل له أضعاف ما كان ينتهبه من الحاجّ.

وقد كان هذا الملعون بلاء عظيما على الإسلام وأهله ، وطالت أيّامه.

ومنهم من يقول إنّه هلك عقيب أخذه الحجر الأسود. والظّاهر خلاف ذلك

[تسمية أمير الأندلس بأمير المؤمنين]

فلمّا ضعف أمر الأمّة ، ووهت أركان الدّولة العبّاسيّة ، وتغلبت القرامطة والمبتدعة على الأقاليم ، قويت همّة صاحب الأندلس الأمير عبد الرحمن بن محمد الأمويّ المروانيّ ، وقال : أنا أولى النّاس بالخلافة. وتسمّى بأمير

١٧

المؤمنين. وكان خليقا بذلك. فإنّه صاحب غزو وجهاد وهيبة زائدة استولى على أكثر الأندلس ، ودانت له أقطار الجزيرة.

«انتهى ما ألحقه المؤلّف بخطّه من أخبار أبي طاهر القرمطي في غير موضعه فألحقته هنا. ولا قوة إلا بالله ، ففي كتابة مثل هذا مضض. ونسأل الله العفو والسلامة».

الناسخ (١)

* * *

[سبب قتل البريديّ لأخيه]

فأمّا أبو يوسف البريديّ فكان يتكبّر على أخيه أبي عبد الله ، ويطلق لسانه فيه ، ويعامل عليه أحمد بن بويه وتوزون ، وينسبه إلى الغدر والظّلم والجبن والبخل ، فاستدعاه أخوه أبو عبد الله إلى الدّار بالبصرة ، وأقعد له جماعة في الدّهليز ليقتلوه. فلمّا دخل ضربوه بالسّكاكين ، فلامه بعض إخوته فقال : اسكت وإلّا ألحقتك به (٢).

ثمّ مات بعده بثمانية أشهر (٣) ، ووجد له ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار ، وعشرة آلاف ألف درهم. ومن الفرش وغيرها ما قيمته ألف ألف دينار. وألف رطل ندّ ، وألفا رطل هنديّ ، وعشرون ألف رطل عود.

وقد تقدّم من أخباره. وسيذكر في العام الآتي.

__________________

(١) هذه التتمّة عن أخبار القرمطيّ بطولها أثبتها كاملة المستشرق ه. ف. آمدروز في حاشية كتاب تجارب الأمم لمسكويه ٢ / ٥٧ ـ ٦٠ بما فيها قول الناسخ بداية الخبر ونهايته.

(٢) تجارب الأمم ٢ / ٥٣.

(٣) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤٠ ، تجارب الأمم ٢ / ٥٨ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٣٤ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٠٨.

١٨

سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة

[قتل المتّقي]

قد ذكر أنّ توزون حلف وبالغ في الأيمان للمتّقي ، فلمّا كان رابع محرّم توجّه المتّقي من الرّقّة إلى بغداد ، فأقام بهيت ، وبعث القاضي أبا الحسين الخرقيّ إلى توزون وابن شيرزاد ، فأعاد الأيمان عليهما. وخرج توزون وتقدّمه ابن شيرزاد ، فالتقي المتّقي بين الأنبار وهيت (١).

[رواية المسعودي عن مقتل المتّقي]

وقال المسعوديّ (٢) : لمّا التقى توزون بالمتّقي ترجّل وقبّل الأرض ، فأمره بالركوب ، فلم يفعل ، ومشى بين يديه إلى المخيّم الّذي ضربه له.

فلمّا نزل قبض عليه وعلى ابن مقلة ومن معه. ثمّ كحّله ، فصاح المتّقي ، وصاح النّساء ، فأمر توزون بضرب الدّبادب (٣) حول المخيّم. وأدخل بغداد مسمول العينين ، وقد أخذ منه الخاتم والبردة والقضيب.

وبلغ القاهر فقال : صرنا اثنين ، ونحتاج إلى ثالث ، يعرّض بالمستكفي ، فكان كما قال ، سمل بعد قليل (٤).

__________________

(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤١ ، ١٤٢ ، تجارب الأمم ٢ / ٦٩ ـ ٧١ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٤٦ ، ١٤٧ ، تاريخ الأنطاكي ٤٦ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٣ ، ١٧٤ ، المنتظم ٦ / ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤١١ ، ٤١٢.

(٢) في مروج الذهب ٤ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ والمؤلّف ينقل عنه بتصرّف.

(٣) الدبادب : الطبول ، وانظر : العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٤٩ ، ١٥٠ ففيه رواية مفصّلة عن كيفية القبض على المتّقي وسمله ، والإنباء في تاريخ الخلفاء ١٧٤ ، والكامل في التاريخ ٨ / ٤١٩ ، والفخري ٢٨٧ ، والبداية والنهاية ١١ / ٢١٠ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٢.

(٤) النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٢ ، عيون الأخبار وفنون الآثار ، السبع الخامس ١٩٣ ، والسبع السادس ١٢١.

١٩

[خلافة المستكفي]

وقال ثابت : أحضر توزون عبد الله بن المكتفي وبايعه بالخلافة ، ولقّبه بالمستكفي بالله ، ثمّ بايعه المتّقي لله المسمول ، وأشهد على نفسه بالخلع لعشر بقين من المحرّم سنة ثلاث وثلاثين.

ثمّ أخرج المتّقي إلى جزيرة مقابل السّنديّة ، وسمل حتّى سالت عيناه (١).

وقيل : إنّما خلع لعشر بقين من صفر (٢).

ولم يحل الحول على توزون حتّى مات (٣).

[صفة المستكفي بالله]

وكنية المستكفي : أبو القاسم ، من أمّ ولد. بويع وعمره إحدى وأربعون سنة (٤).

وكان مليحا ، ربعة ، معتدل الجسم ، أبيض بحمرة ، خفيف العارضين.

* * *

وعاش المتّقي لله بعد خلعه خمسا وعشرين سنة. (٥).

[الحرب بين ابن بويه وتوزون]

وفيها استولى أحمد بن بويه على الأهواز ، والبصرة ، وواسط ، فخرج إليه توزون فالتقيا ، ودام الحرب بينهما أشهرا ، وهي كلّها على توزون ، والصّرع يعتريه (٦). فقطع الجسر الّذي بينه وبين أحمد بن بويه عند ديالى ، وضاق بابن بويه الحال وقلّت الأقوات ، فرجع إلى الأهواز (٧). وصرع توزون يومئذ ، وعاد إلى بغداد مشغولا بنفسه (٨).

__________________

(١) العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٥٠.

(٢) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤٣.

(٣) المنتظم ٦ / ٣٣٩ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨٣.

(٤) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٤٤.

(٥) توفي في خلافة المطيع في شعبان سنة خمسين وثلاثمائة وله ستون سنة. (العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٥٠).

(٦) انظر عن سبب إصابة توزون بالصرع في : العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٥٢.

(٧) تجارب الأمم ٢ / ٧٦ ، ٧٧.

(٨) تجارب الأمم ٢ / ٧٨ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ٢ / ١٥٨ ، ١٥٩ و ١٦٠ ، البداية والنهاية =

٢٠