تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

ذكر الإسراء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى المسجد الأقصى

قال موسى بن عقبة ، عن الزّهريّ : أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بيت المقدس قبل الهجرة بسنة.

وكذا قال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة (١).

وقال أبو إسماعيل التّرمذيّ (٢) : ثنا إسحاق بن العلاء بن الضّحّاك الزّبيديّ بن زبريق (٣) ، ثنا عمرو بن الحارث ، عن عبد الله بن سالم ، عن الزّبيديّ محمد بن الوليد ، ثنا الوليد بن عبد الرحمن ، أنّ جبير بن نفير قال :

ثنا شدّاد بن أوس قال : قلنا يا رسول الله كيف أسري بك؟

قال : صلّيت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتمّا ، فأتاني جبريل بدابّة بيضاء ، فوق الحمار ودون البغل ، فقال : اركب ، فاستصعب عليّ ،

__________________

(١) المغازي لعروة ١٢٠.

(٢) روى طرفا مختصرا منه في التفسير (٣١٣٠) باب ومن سورة بني إسرائيل.

(٣) في حاشية الأصل : (إسحاق بن إبراهيم بن زبريق ليس بثقة ، عن عمرو بن الحارث).

٢٤١

فرازها (١) بأذنها ، ثمّ حملني عليها ، فانطلقت تهوي بنا ، يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، حتى بلغنا أرض ذات نخل ، فأنزلني فقال : صلّ ، فصلّيت ، ثم ركبنا فقال : أتدري أين صلّيت؟ صلّيت بيثرب ، صلّيت بطيبة ، فانطلقت تهوي بنا ، يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثمّ بلغنا أرضا ، فقال : انزل فصلّ ، ففعلت ، ثمّ ركبنا.

قال : أتدري أين صلّيت؟ قلت : «الله أعلم».

قال : صلّيت بمدين عند شجرة موسى عليه‌السلام.

ثم انطلقت تهوي بنا ، يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثمّ بلغنا أرضا بدت لنا قصور فقال : انزل ، فصلّيت وركبنا.

فقال لي : صلّيت ببيت لحم حيث ولد عيسى ، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليمانيّ ، فأتى قبلة المسجد فربط فيه (٢) دابّته ، ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر ، فصلّيت من المسجد حيث شاء الله ، وأخذني من العطش أشدّ ما أخذني ، فأتيت بإناءين لبن وعسل ، أرسل إليّ بهما جميعا ، فعدلت بينهما ، ثمّ هداني الله فأخذت اللبن ، فشربت حتى قرعت به جبيني ، وبين يدي شيخ متّكئ على مثراة له ، فقال : أخذ صاحبك الفطرة إنّه ليهدى.

ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الّذي في المدينة ، فإذا جهنّم تنكشف عن مثل الزّرابيّ.

قلت : يا رسول الله ، كيف وجدتها؟

قال : مثل الحمأة السّخنة ، ثم انصرف بي ، فمررنا بعير لقريش ،

__________________

(١) اختبرها ، (النهاية).

(٢) كذا. أي ربطه بحلقة المسجد ، كما في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣٨٣.

٢٤٢

بمكان كذا وكذا ، قد ضلّوا بعيرا لهم ، قد جمعه فلان ، فسلّمت عليهم ، فقال بعضهم : هذا صوت محمد.

ثم أتيت أصحابي قبل الصّبح بمكة ، فأتاني أبو بكر فقال : أين كنت اللّيلة ، فقد التمستك في مظانّك؟ قلت : علمت أنّي أتيت بيت المقدس اللّيلة ، فقال : يا رسول الله إنّه مسيرة شهر ، فصفه لي ، قال : ففتح لي صراط كأنّي انظر إليه ، لا يسألني عن شيء إلّا أنبأته عنه ، قال : أشهد أنّك رسول الله ، فقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة ، يزعم أنّه أتى بيت المقدس اللّيلة ، فقال : إنّي مررت بعير لكم ، بمكان كذا ، وقد أضلّوا بعيرا لهم ، فجمعه فلان ، وإنّ مسيرهم ينزلون بكذا ، ثمّ كذا ، ويأتونكم يوم كذا ، يقدمهم جمل آدم ، عليه مسح أسود ، وغرارتان سوداوان ، فلمّا كان ذلك اليوم ، أشرف النّاس ينظرون حتى كان قريب من نصف النّهار ، حين أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل».

قال البيهقيّ (١) : هذا إسناد صحيح.

قلت : ابن زبريق تكلّم فيه النّسائيّ. وقال أبو حاتم : شيخ (٢).

قال حمّاد بن سلمة : ثنا أبو حمزة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أتيت بالبراق فركبته خلف جبريل ، فسار بنا ، فكان إذا أتى على جبل ارتفعت رجلاه ، وإذا هبط ارتفعت يداه ، فسار بنا في أرض فيحاء طيّبة ، فأتينا على رجل قائم يصلّي ، فقال : من هذا معك يا جبريل؟ قال : أخوك محمد ، فرحّب ودعا لي بالبركة ، وقال :

__________________

(١) دلائل النبوّة ٢ / ٢٠٠ ، نهاية الأرب ١٦ / ٣٠٠ ـ ٣٠١.

(٢) الجرح والتعديل ٢ / ٢٠٩ رقم ٧١١ وانظر عنه : التاريخ الكبير ١ / ٣٨٠ رقم ١٢١٣ ، والمعرفة والتاريخ للفسوي ١ / ٢٦٩ و ٣٠٩ و ٣١٥ و ٣٦٠ و ٤١٦ و ٢ / ٢٢٠ و ٣٤٨ و ٤٨٠ و ٣ / ٢٧٨ ـ ٢٨٠ ، تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ٤١٠ ، ميزان الاعتدال ١ / ١٨١ رقم ٧٣٠ ، تهذيب التهذيب ١ / ٢١٥ ـ ٢١٦ رقم ٤٠٦ ، تقريب التهذيب ١ / ٥٤ رقم ٣٧١.

٢٤٣

سل لأمّتك اليسر ، ثمّ سار فذكر أنّه مرّ على موسى وعيسى ، قال : ثمّ أتينا على مصابيح فقلت : ما هذا؟ قال : هذه شجرة أبيك إبراهيم ، تحبّ أن تدنو منها؟ قلت : نعم ، فدنونا منها ، فرحّب بي ، ثمّ مضينا حتى أتينا بيت المقدس ، ونشر لي الأنبياء من سمّى الله ومن لم يسمّ ، وصلّيت بهم إلّا هؤلاء النّفر الثلاثة : موسى ، وعيسى ، وإبراهيم ، فربطت الدّابّة بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ، ثمّ دخلت المسجد قرّبت لي الأنبياء ، من سمّى الله منهم ، ومن لم يسمّ ، فصلّيت بهم.

هذا حديث غريب ، وأبو حمزة هو ميمون. ضعّف (١).

وقال يونس ، عن الزّهريّ ، عن ابن المسيّب ، عن أبي هريرة قال : أتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن ، فنظر إليهما ، فأخذ اللّبن ، فقال له جبريل : الحمد لله الّذي هداك للفطرة ، لو أخذت الخمر غوت أمّتك. متّفق عليه (٢).

قرأت على القاضي سليمان بن حمزة ، أخبركم محمد بن عبد الواحد الحافظ ، أنا الفضل بن الحسين ، أنا عليّ بن الحسن الموازيني ، أنا

__________________

(١) انظر عنه : التاريخ لابن معين ٢ / ٥٩٩ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣٤٣ رقم ١٤٧٧ ، التاريخ الصغير ١٥٠ ، الضعفاء الصغير للبخاريّ ٢٧٧ رقم ٣٥٢ ، الضعفاء والمتروكين للنسائي ٣٠٤ رقم ٥٨١ ، أحوال الرجال للجوزجانيّ ٧٢ رقم ٨٧ ، الضعفاء الكبير للعقيليّ ٤ / ١٨٧ رقم ١٧٦٤ ، والمجروحين لابن حبّان ٣ / ٥ ، الضعفاء والمتروكين للدارقطنيّ ١٦٤ رقم ٥٢٨ ، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ رقم ١٠٦١ ، المعرفة والتاريخ للفسوي ٣ / ٥٦٥ و ٢٣١ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥ رقم ٨٩٦٩ ، المغني في الضعفاء ٢ / ٦٩٠ رقم ١٥٦٢ ، الكاشف ٢ / ١٧١ رقم ٥٨٧١ ، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٦ / ٢٤٠٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦ رقم ٧١١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٩٢ رقم ١٥٦١.

(٢) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة ٦ / ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، وفي تفسير سورة الإسراء ٥ / ٢٢٤ باب قوله أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام. ومسلّم (١٦٨) في كتاب الإيمان ، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٤٤

محمد بن عبد الرحمن ، أنا يوسف القاضي ، أنا أبو يعلى التميميّ ، ثنا محمد بن إسماعيل الوساوسيّ ، ثنا ضمرة ، عن يحيى بن أبي عمرو الشّيبانيّ ، عن أبي صالح مولى أمّ هانئ ، عن أمّ هاني (١) قالت : دخل عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بغلس (٢) وأنا على فراشي فقال : «شعرت أنّي نمت اللّيلة في المسجد الحرام ، فأتى جبريل فذهب بي إلى باب المسجد ، فإذا دابّة أبيض (٣) ، فوق الحمار ، ودون البغل ، مضطرب الأذنين ، فركبته ، وكان يضع حافره مدّ بصره ، إذا أخذ بي في هبوط طالت يداه ، وقصرت رجلاه ، وإذا أخذ بي في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه ، وجبريل لا يفوتني ، حتى انتهينا إلى بيت المقدس ، فأوثقته بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها ، فنشر لي رهط من الأنبياء ، فيهم إبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، فصلّيت بهم وكلّمتهم ، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض ، فشربت الأبيض ، فقال لي جبريل : شربت اللّبن وتركت الخمر ، لو شربت الخمر لارتدّت أمّتك ، ثم ركبته إلى المسجد الحرام ، فصلّيت به الغداة». قالت : فتعلّقت بردائه وقلت : أنشدك الله يا بن عمّ ألّا تحدّث بهذا قريشا فيكذّبك من صدّقك ، فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدي ، فارتفع عن بطنه ، فنظرت إلى عكنة فوق إزاره وكأنّه طيّ القراطيس ، وإذا نور ساطع عند فؤاده ، يكاد يختطف بصري ، فخررت ساجدة ، فلمّا رفعت رأسي إذا هو قد خرج ، فقلت لجاريتي نبعة : ويحك اتبعيه فانظري (٤) ، فلمّا رجعت أخبرتني أنّه انتهى إلى قريش (٥) في الحطيم ، فيهم المطعم بن عديّ ، وعمرو بن هشام ، والوليد بن المغيرة ، فقصّ عليهم مسراه ، فقال عمرو كالمستهزئ : صفهم

__________________

(١) هي بنت أبي طالب. (طبقات ابن سعد ١ / ١٤٤).

(٢) الغلس : ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح.

(٣) أي أبيض اللون ، والتذكير باعتبار المركوب ، كما في «إرشاد السّاري لشرح البخاري».

(٤) زاد في عيون الأثر ١ / ١٤١ : «ما ذا يقول وما ذا يقال له».

(٥) في عيون الأثر : «إلى نفر من قريش».

٢٤٥

لي ، قال : أمّا عيسى ففوق الرّبعة ، عريض الصّدر ، ظاهر الدّم ، جعد الشّعر ، تعلوه صهبة ، كأنّه عروة بن مسعود الثقفيّ ، وأمّا موسى فضخم ، آدم ، طوال ، كأنّه من رجال شنوءة ، كثير الشعر ، غائر العينين ، متراكب الأسنان ، مقلّص الشفتين ، خارج اللّثة ، عابس ، وأمّا إبراهيم ، فو الله لأشبه النّاس بي خلقا وخلقا (١) ، فضجّوا وأعظموا ذلك ، فقال المطعم : كلّ أمرك كان قبل اليوم أمما ، غير قولك اليوم ، أنا أشهد أنّك كاذب! نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس شهرا ، أتيته في ليلة!

وذكر باقي الحديث (٢) ، وهو حديث غريب ، الوساوسي ضعيف تفرّد به (٣)

(م) (٤) ثنا محمد بن رافع ، ثنا حجين بن المثنّى ، نا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد رأيتني في الحجر ، وقريش تسألني عن مسراي ، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبّتها ، فكربت كربا ما كربت مثله قطّ ، فرفعه الله لي ، انظر إليه ، ما يسألوني عن شيء إلّا أنبأتهم به ، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء ، فإذا موسى قائم يصلّي ، فإذا رجل ضرب (٥) جعد ، كأنّه من رجال شنوءة ، وإذا عيسى ابن مريم قائم يصلّي ، أقرب النّاس به شبها عروة بن مسعود الثّقفيّ ، وإذا إبراهيم قائم يصلّي أشبه النّاس به صاحبكم ـ يعني نفسه ، فحانت الصلاة فأممتهم ، فلمّا فرغت من

__________________

(١) في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان) : ورأيت عيسى فإذا هو رجل ربعة احمر ...

وأنا أشبه ولد إبراهيم به ...

(٢) انظر بقيته في عيون الأثر ١ / ١٤٢.

(٣) انظر عنه : الضعفاء الكبير للعقيليّ ٤ / ٢٢ رقم ١٥٧٧ ، المغني في الضعفاء ٢ / ٥٥٥ رقم ٥٢٩٣ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٤٨١ رقم ٧٢٢٢ ، لسان الميزان ٥ / ٧٧ رقم ٢٥٢.

(٤) اختصار للإمام مسلّم.

(٥) أي خفيف اللّحم ممشوق مستدق. على ما في (النهاية).

٢٤٦

الصّلاة قال لي قائل : يا محمد هذا مالك صاحب النّار ، فسلّم عليه ، فالتفتّ إليه فبدأني بالسّلام» (١).

وقد رواه أبو سلمة أيضا ، عن جابر مختصرا (٢).

قال اللّيث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني أبو سلمة قال : سمعت جابر بن عبد الله يحدّث ، أنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لما كذّبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته ، وأنا انظر إليه. أخرجاه (٣).

وقال (٤) إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب : سمعت ابن المسيّب يقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين انتهى إلى بيت المقدس لقي فيه إبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ثم أخبر أنّه أسري به ، فافتتن ناس كثير كانوا قد صلّوا معه. وذكر الحديث ، وهذا مرسل.

وقال محمد بن كثير المصّيصيّ : ثنا معمر ، عن الزّهريّ ، عن عروة ، عن عائشة قالت لمّا أسري بالنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المسجد الأقصى ، أصبح يتحدّث النّاس (٥) بذلك ، فارتدّ ناس ممّن آمن ، وسعوا إلى أبي بكر فقالوا : هل لك

__________________

(١) صحيح مسلّم (١٦٨) في كتاب الإيمان ، باب الإسراء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات ، وأحمد في المسند ٢ / ٥٢٨.

(٢) مسلّم (١٧٢) في كتاب الإيمان ، باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجّال ، ابن سعد في الطبقات ١ / ٢١٥.

(٣) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار ٤ / ٢٤٧ و ٢٤٨ باب حديث الإسراء وقول الله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) ، وفي تفسير سورة الإسراء ٥ / ٢٢٤ باب قوله أسرى بعبده ليلا .. ومسلّم (١٧٠) في كتاب الإيمان ، باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال ، والترمذي (٣١٣٢) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل.

(٤) في حاشية الأصل كتب : «بلغت قراءة في الميعاد الثاني عشر ، على جامعه الحافظ أبي عبد الله الذهبي ، كتب ابن البعلي عفا الله عنه».

(٥) في نهاية الأرب «أصبح الناس يتحدّثون».

٢٤٧

في صاحبك ، يزعم أنّه أسري به اللّيلة إلى بيت المقدس! قال : أو قال ذلك؟ قالوا : نعم ، قال : لئن قال ذلك لقد صدق ، قالوا : وتصدّقه! قال : إنّي لأصدّقه بما هو أبعد من ذلك ، أصدّقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. فلذلك سمّي أبو بكر الصّدّيق (١).

وقال معتمر بن سليمان التّيميّ ، عن أبيه ، سمع أنسا يقول : حدّثني بعض أصحاب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة أسري به مرّ على موسى وهو يصلّي في قبره. وذكر الحديث (٢).

وقال عبد العزيز بن عمران بن مقلاص الفقيه ، ويونس ، وغيرهما : حدّثنا ابن وهب ، حدّثني يعقوب بن عبد الرحمن الزّهريّ ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ، عن أنس بن مالك قال : لمّا جاء جبريل إلى رسول الله صلّى الله عليهما وسلّم بالبراق ، فكأنّها أمرّت ذنبها (٣) ، فقال لها جبريل : مه يا براق ، فو الله إن ركبك (٤) مثله ، وسار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا هو بعجوز على جانب الطريق ، فقال : «ما هذه يا جبريل»؟ قال له : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير. فإذا شيء يدعوه متنحّيا عن الطّريق يقول : هلمّ يا محمد ، فقال جبريل : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير ، قال : فلقيه خلق من الخلق ، فقالوا : السّلام عليك يا آخر ، السلام عليك يا حاشر ، فردّ السلام ، فانتهى إلى بيت المقدس ، فعرض عليه الماء ، والخمر ، واللّبن ، فتناول اللّبن ، فقال له

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٦٢ ـ ٦٣ وقال هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرّجاه.

وتابعه الذهبي في تلخيصه ، ورواه النويري في نهاية الأرب ١٦ / ٣٠٢.

(٢) رواه مسلّم (٢٣٧٥) في الفضائل ، باب من فضائل موسى عليه‌السلام ، والنسائي ٣ / ٢١٥ في قيام الليل ، باب ذكر صلاة نبيّ الله موسى عليه‌السلام ، وأحمد في المسند ٣ / ١٢٠.

(٣) في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣٨٥ «ضربت أذنيها».

(٤) في تهذيب تاريخ دمشق «ما ركبك».

٢٤٨

جبريل : أصبت الفطرة ، ولو شربت الماء لغرقت أمّتك وغرقت ، ولو شربت الخمر لغويت وغوت أمّتك ، ثم بعث له آدم فمن دونه من الأنبياء ، فأمّهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تلك اللّيلة ، ثم قال له جبريل : أمّا العجوز فلم يبق من الدّنيا إلّا ما بقي من عمر تلك العجوز ، وأمّا الّذي أراد أن تميل إليه ، فذاك عدوّ الله إبليس ، أراد أن تميل إليه ، وأمّا الذين سلّموا عليك فإبراهيم ، وموسى ، وعيسى (١) (٢).

وقال النّضر بن شميل ، وروح ، وغندر : أنا عوف ، ثنا زرارة بن أوفى قال : قال ابن عبّاس : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لمّا كانت ليلة أسري بي ، ثمّ أصبحت بمكة ، فظعت بأمري (٣) ، وعلمت بأنّ النّاس يكذّبوني ، قال : فقعد معتزلا حزينا ، فمرّ به أبو جهل ، فجاء فجلس فقال كالمستهزئ : هل كان من شيء؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم» ، قال : ما هو؟ قال : «إنّي أسري بي اللّيلة» ، قال : إلى أين؟ قال : «إلى بيت المقدس» ، قال : ثمّ أصبحت بين أظهرنا! قال : «نعم» ، قال : فلم ير أنّه يكذّبه مخافة أن يجحده الحديث ، فقال : أرأيت إن دعوت إليك قومك أتحدّثهم بما حدّثتني؟ قال : «نعم» ، فدعا قومه فقال : يا معشر بني كعب بن لؤيّ هلمّ ، فانتقضت المجالس ، فجاءوا حتى جلسوا إليهما ، فقال : حدّثهم ،

__________________

(١) روي هذا الحديث بالسند المذكور عن أنس في تفسير الطبري ، وتفسير ابن مردويه ، ودلائل البيهقي ٢ / ١١٣ ـ ١١٤ ، وتهذيب تاريخ دمشق ١ / ٣٨٥ ، وانظر الخصائص الكبرى للسيوطي ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦.

(٢) كتب هنا في حاشية الأصل «أنبأنا عن ابن كليب ، عن ابن بيان ، أنا بشر ابن القاضي ، ثنا محمد بن الحسن اليقطيني ، نا محمد بن الحسن بن قتيبة ، ثنا أبو عمير بن النحاس ، ثنا الوليد ، حدثني الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة قال : رئي عبادة بن الصامت على حائط بيت المقدس يبكي فقيل : ما يبكيك؟ فقال : من هاهنا حدّثنا رسول الله أنه رأى ملكا يقلّب جمرا كالقطف. إسناده جيّد».

(٣) أي اشتدّ عليّ وهبته. (النهاية).

٢٤٩

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّي أسري بي اللّيلة» ، قالوا : إلى أين؟ قال : «إلى بيت المقدس» ، قالوا : ثمّ أصبحت بين ظهرينا (١)! قال : «نعم» ، قال : فمن بين مصفّق وواضع يده على رأسه مستعجب للكذب زعم ، قال : وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد ، فقال : هل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فذهبت أنعت ، فما زلت حتى التبس عليّ بعض النّعت ، قال : فجيء بالمسجد حتى وضع دون دار عقيل أو عقال. قال : فنعتّه وأنا انظر إليه» ، فقالوا : أمّا النّعت فقد والله أصاب (٢).

ورواه هوذة (٣) عن عوف.

مسلّم بن إبراهيم : ثنا الحارث بن عبيد ، ثنا أبو عمران ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بينما أنا قاعد ذات يوم ، إذ دخل جبريل (٤) ، فوكز (٥) بين كتفيّ ، فقمت إلى شجرة فيها مثل وكري الطّائر ، فقعد في واحدة ، وقعدت في أخرى ، فارتفعت (٦) حتى سدت الخافقين ، فلو شئت أن أمسّ السماء لمسست ، وأنا أقلّب طرفي فالتفتّ إلى جبريل ، فإذا هو لاطئ (٧) ، فعرفت فضل علمه بالله (٨) ، وفتح لي باب السماء ورأيت النّور

__________________

(١) كذا في الأصل و (ع) وفي مسند أحمد : (ظهرانينا).

(٢) أخرجه أحمد في مسندة ١ / ٣٠٩.

(٣) في الأصل «هودة» ، والتصويب من تهذيب التهذيب ١١ / ٧٤ رقم ١١٦ وهو هوذة بن خليفة بن عبد الله البكراوي البصري الأصمّ.

(٤) في دلائل النبوّة ، ونهاية الأرب «دخل عليّ جبريل».

(٥) الوكز : الضّرب بجمع الكفّ ، وهنا ضرب تلطّف ومحبّة ، أو سبب قيام وخفّة ، كما في شرح الشفا.

(٦) في دلائل النبوّة «فسمت وارتفعت» ، وفي نهاية الأرب «فنمت».

(٧) أي لاصق بالأرض من هيبة الله تعالى وشدّة الخشية من كمال عظمته. وفي دلائل النبوّة ونهاية الأرب : «حلس لاطئ».

(٨) في دلائل النبوّة ، ونهاية الأرب «بالله عليّ».

٢٥٠

الأعظم (١) ، ثمّ أوحى الله إليّ ما شاء أن يوحي (٢).

إسناده جيّد حسن ، والحارث من رجال مسلّم (٣).

سعيد بن منصور : ثنا أبو معشر ، عن أبي وهب مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة قال : لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة أسري به قال : «يا جبريل إنّ قومي لا يصدّقوني» ،

قال : يصدّقك أبو بكر وهو الصّدّيق.

رواه إسحاق بن سليمان ، عن يزيد (٤) بن هارون ، أنا مسعر ، عن أبي وهب هلال بن خبّاب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : فحدّثهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعلامة بيت المقدس ، فارتدّوا كفّارا ، فضرب الله رقابهم مع أبي جهل. وقال أبو جهل : يخوّفنا محمد بشجرة الزّقّوم ، هاتوا تمرا وزبدا ، فتزقّموا. ورأى الدّجّال في صورته رؤيا عين ، ليس برؤيا منام ، وعيسى ، وموسى ، وإبراهيم. وذكر الحديث (٥).

__________________

(١) في الدلائل والنهاية بعد الأعظم «وإذا دوني الحجاب وفرجه الدرّ والياقوت».

(٢) دلائل النبوّة للبيهقي ، نهاية الأرب ١٦ / ٢٩١.

(٣) هو الحارث بن عبيد الإيادي البصري ، أبو قدامة. انظر عنه : التاريخ لابن معين ٢ / ٩٣ ، التاريخ الكبير للبخاريّ ٢ / ٢٧٥ رقم ٢٤٤١ ، الجرح والتعديل ٣ / ٨١ رقم ٣٧١ ، الكاشف ١ / ١٣٩ رقم ٨٧١ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩ رقم ١٦٣٢ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٤٩ ـ ١٥٠ رقم ٢٥٤.

(٤) في نسخة دار الكتب المصرية «زيد» وهو تصحيف.

(٥) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٣٧٤ وبقيّته : «صلوات الله عليهم ، فسئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الدّجّال فقال أقمر هجّانا ، قال : حسن ، قال : رأيته فيلمانيا أقمر هجّانا ، إحدى عينيه قائمة كأنّها كوكب درّيّ كان شعر رأسه أغصان شجرة ، رأيت عيسى شابا أبيض جعد الرأس حديد البصر مبطّن الخلق ، ورأيت موسى أسحم آدم كثير الشعر ، قال : حسن الشعرة شديد الخلق ، ونظرت إلى إبراهيم فلا انظر إلى أرب من آرابه إلا نظرت إليه مني ، كأنّه صاحبكم ، فقال جبريل عليه‌السلام : سلّم على مالك ، فسلّمت عليه».

٢٥١

وقال حمّاد بن سلمة ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن حذيفة : أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتي بالبراق ، وهو دابّة أبيض فوق الحمار ودون البغل ، فلم يزايلا ظهره هو وجبريل ، حتى انتهيا به إلى بيت المقدس ، فصعد به جبريل إلى السماء ، فاستفتح جبريل ، فأراه الجنّة والنّار ، ثم قال لي (١) : هل صلّى في بيت المقدس؟ قلت : نعم ، قال : اسمك يا أصلع ، قلت : زرّ بن حبيش ، قال : فأين تجده صلّاها؟ فتأوّلت الآية : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (٢) قال : فإنّه لو صلّى لصلّيتم كما تصلّون في المسجد الحرام ، قلت لحذيفة : أربط الدّابّة بالحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء؟ قال : أكان يخاف أن تذهب منه وقد أتاه الله بها ، كأنّ حذيفة لم يبلغه أنّه صلّى في المسجد الأقصى ، ولا ربط البراق بالحلقة (٣).

وقال ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس (وَما جَعَلْنَا

__________________

(١) القائل هو حذيفة ، والمسؤل هو زرّ بن حبيش كما سيأتي.

(٢) سورة الإسراء ـ الآية ١.

(٣) أخرجه أحمد في مسندة ٥ / ٣٨٧ بأطول من هذا «عن زرّ بن حبيش قال : أتيت على حذيفة بن اليمان وهو يحدّث عن ليلة أسري بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقول : فانطلقت أو انطلقنا فلقينا حتى أتينا على بيت المقدس فلم يدخلاه. قال : قلت بل دخله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلتئذ وصلّى فيه. قال : ما اسمك يا أصلع فإنّي أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك؟ قال : قلت : أنا زرّ بن حبيش. قال : فما علمك بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى فيه ليلتئذ؟ قال : قلت : القرآن يخبرني بذلك. قال : من تكلّم بالقرآن فلج اقرأ. قال : فقرأت : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). قال : فلم أجده صلّى فيه. قال : يا أصلع هل تجد صلّى فيه؟ قال : قلت : لا. قال : والله ما صلّى فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلتئذ لو صلّى فيه لكتب عليكم صلاة فيه كما كتب عليكم صلاة في البيت العتيق والله ما زايلا البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء فرأيا الجنة والنار ووعد الآخرة أجمع ، ثم عادا عودهما على بدئهما. قال : ثم ضحك حتى رأيت نواجذه.

قال : ويحدّثون أنه لربطه ليفرّ منه وإنّما سخّره له عالم الغيب والشهادة. قال : قلت : يا أبا عبد الله أيّ دابّة البراق؟ قال : دابّة أبيض طويل هكذا خطوه مدّ البصر» ، وانظر خصائص السيوطي ١ / ١٥٨.

٢٥٢

الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (١) قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة أسري به. (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) (١) قال : هي شجرة الزّقّوم أخرجه البخاري (٢).

ذكر معراج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى السّماء

قال الله تعالى : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (٣) وقال (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) (٤). تفسير ذلك : قال زائدة وغيره ، عن أبي إسحاق الشّيبانيّ قال : سألت زرّ بن حبيش عن قوله تعالى : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) فقال : ثنا عبد الله بن مسعود ، أنّه رأى جبريل له ستّمائة جناح. أخرجاه (٥).

وروى شعبة ، عن الشّيبانيّ هكذا ، لكن قال : سألته عن قوله تعالى : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (٦) فذكر أنّه رأى جبريل له ستّمائة جناح (٧).

__________________

(١) سورة الإسراء ـ الآية ٦٠.

(٢) في مناقب الأنصار ٤ / ٢٥٠ باب المعراج ، وفي تفسير سورة الإسراء ٥ / ٢٢٧ باب وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلّا فتنة للناس ، وأخرجه أحمد في المسند ١ / ٣٧٤.

(٣) سورة النجم ـ الآية ٥.

(٤) سورة النجم ـ الآية ١٣.

(٥) أخرجه البخاري في تفسير سورة النجم ٦ / ٥١ باب قوله فأوحى إلى عبده ما أوحى ، ومسلّم (١٧٤ ـ ٢٨٠) في كتاب الإيمان ، باب في ذكر سدرة المنتهى.

(٦) سورة النجم ـ الآية ١٨.

(٧) أخرجه البخاري في تفسير سورة النجم ٦ / ٥٠ ـ ٥١ باب فكان قاب قوسين أو أدنى حيث الوتر من القوس ، ومسلّم (١٧٤) في كتاب الإيمان ، باب في ذكر سدرة المنتهى.

٢٥٣

وقال (خ) قبيصة : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة عن عبد الله (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) قال : رأى رفرفا أخضر قد ملأ الأفق (١).

وقال حمّاد بن سلمة : ثنا عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : رأيت جبريل عند سدرة ، عليه ستّمائة جناح ، ينفض من ريشه التهاويل (٢) الدّرّ والياقوت. عاصم بن بهدلة القارئ ، ليس بالقويّ (٣).

وقال مالك بن مغول ، عن الزّبير بن عديّ ، عن طلحة بن مصرّف ، عن مرّة الهمدانيّ ، عن ابن مسعود قال : لمّا أسري بالنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فانتهى إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة ـ كذا قال ـ وإليها ينتهي ما يصعد به ، حتى يقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها ، حتى يقبض منها

__________________

(١) أخرجه البخاري ٦ / ٥١ في تفسير سورة النجم ، باب لقد رأى من آيات ربّه الكبرى.

(٢) أي الأشياء المختلفة الألوان. (النهاية لابن الأثير).

(٣) انظر عنه : تاريخ خليفة ٣٧٨ ، طبقات خليفة ١٥٩ ، التاريخ الكبير ٦ / ٤٨٧ رقم ٣٠٦٢ ، التاريخ الصغير ١٣٧ ، طبقات ابن سعد ٦ / ٢٢٤ ، مراتب النحويين ٢٤ ، المعارف ٥٣٠ ، ذيل المذيّل ٦٤٧ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٤٠ رقم ١٨٨٧ ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ١٢١ ، مشاهير علماء الأمصار لابن حبّان ١٦٥ رقم ١٣٠٦ ، تاريخ العلماء النحويين ٢٣١ ، الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٨٤ ، تهذيب تاريخ دمشق ٧ / ١٢٢ ، الضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٣٣٦ رقم ١٣٥٨ ، وفيات الأعيان ٣ / ٩ ، تهذيب الكمال للمزّي ٢ / ٦٤٠ ، الكامل في التاريخ لابن الأثير ٥ / ٣٥٢ ، تاريخ الإسلام ٥ / ٨٩ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٥٦ ـ ٢٦١ ، العبر ١ / ١٦٧ ، الكاشف ٢ / ٤٩ رقم ٢٥١٩ ، معرفة القراء الكبار ١ / ٨٨ ـ ٩٤ رقم ٣٥ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ رقم ٤٠٦٨ ، المغني في الضعفاء ١ / ٣٢٢ رقم ٢٩٩٥ ، مرآة الجنان ١ / ٢٧١ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٩ وفيه «عبدلة» بدل «بهدلة» وهو تصحيف ، غاية النهاية ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٩ ، الوافي بالوفيات ١٦ / ٥٧٢ رقم ٦٠٨ ، جامع التحصيل ٢٤٧ رقم ٣١٧ ، الوفيات لابن قنفذ ١٢١ رقم ١٢٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٨ ـ ٤٠ رقم ٦٧ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٨٣ رقم ٣ ، خلاصة تذهيب التهذيب ١٨٢ ، شذرات الذهب ١ / ١٧٥.

٢٥٤

(إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) (١) قال : غشيها فراش من ذهب ، وأعطي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصّلوات الخمس ، وخواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لا يشرك بالله من أمّته المقحمات (٢). أخرجه مسلّم (٣).

وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (٤) قال : رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جبريل عليه حلّة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض (٥).

وقال عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن أبي هريرة : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) قال : رأى جبريل عليه‌السلام. أخرجه مسلّم (٦).

وقال زكريّا بن أبي زائدة ، عن ابن أشوع ، عن الشّعبيّ ، عن مسروق قال : قلت لعائشة : فأين قوله تعالى : (دَنا فَتَدَلَّى)؟ قالت : إنّما ذاك جبريل ، كان يأتيه في صورة الرجل ، وإنّه أتاه في هذه المرّة في صورته التي هي صورته ، فسدّ أفق السّماء. متّفق عليه (٧).

__________________

(١) سورة النجم ـ الآية ١٦.

(٢) معناه الذنوب العظام الكبائر التي تهلك أصحابها وتوردهم النار وتقحمهم إيّاها ، والتقحّم : الوقوع في المهالك.

وسقط من الأصل و (ع) والمنتقى لابن الملا : «من أمّته» ، والاستدراك من صحيح مسلّم.

(٣) صحيح مسلّم (١٧٣) في كتاب الإيمان ، باب في ذكر سدرة المنتهى ، وأخرجه الترمذي (٣٣٣٠) في سورة النجم ، وقال هذا حديث حسن صحيح.

(٤) سورة النجم ـ الآية ٥.

(٥) أخرجه الترمذي (٣٣٣٧) في سورة النجم ، وأحمد في المسند ١ / ٣٩٤ و ٤١٨ و ٤٤٩.

(٦) صحيح مسلّم (١٧٥) في كتاب الإيمان ، باب معنى قول الله عزوجل : ولقد رآه نزلة أخرى ، وهل رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ربه ليلة الإسراء؟

(٧) أخرجه البخاري في بدء الخلق ٤ / ٨٤ باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدّم من ذنبه ، ومسلّم (١٧٧ / ٢٩٠) في كتاب الإيمان ، باب معنى قول الله عزوجل : ولقد رآه نزلة أخرى ، والترمذي (٣٣٣٢) في سورة النجم ، وأحمد في المسند ١ / ٣٩٥ و ٤٠٧ و ٤٤٩.

٢٥٥

وقال ابن لهيعة : حدّثني أبو الأسود ، عن عروة ، عن عائشة ، أنّ نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان أوّل شأنه يرى المنام ، فكان أوّل ما رأى جبريل بأجياد (١) ، أنّه خرج لبعض حاجته ، فصرخ به : يا محمّد يا محمّد ، فنظر يمينا وشمالا ، فلم ير شيئا ، ثمّ نظر ، فلم ير شيئا ، فرفع بصره ، فإذا هو ثانيا إحدى رجليه على الأخرى في الأفق ، فقال : يا محمّد جبريل جبريل ، يسكّنه ، فهرب حتى دخل في النّاس ، فنظر فلم ير شيئا ، ثم رجع فنظر فرآه ، فذلك قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) (٢).

محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن ابن عبّاس (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) قال : دنا ربّه منه فتدلّى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى. قال ابن عبّاس قد رآه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. إسناده حسن (٣).

أخبرنا التّاج عبد الخالق ، أنا ابن قدامة ، أنا أبو زرعة ، أنا المقدّمي ، أنا القاسم بن أبي المنذر ، أنا ابن سلمة ، أنا ابن ماجة ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا الحسن بن موسى ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد ، عن أبي الصّلت ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أتيت ليلة أسري بي على قوم ، بطونهم كالبيوت ، فيها الحيّات ، ترى من خارج بطونهم ، فقلت : «من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء أكلة الرّبا». رواه أحمد في «مسندة» (٤) عن الحسن ، وعفّان ، عن حمّاد وزاد فيه : رأيت ليلة أسري بي

__________________

(١) أجياد : موضع بمكة يلي الصفا. (معجم البلدان ١ / ١٠٥).

(٢) أول سورة النجم.

(٣) أخرجه الترمذي (٣٣٣٤) في سورة النجم ، وقال : هذا حديث حسن. وفيه «محمد بن عمر» وهو تصحيف ، والصحيح «عمرو» كما أثبتناه. انظر : تهذيب التهذيب.

(٤) ج ٢ / ٣٦٣ ، ورواه ابن ماجة في التجارات (٢٢٧٣) باب التغليظ في الربا ، وقال في :

مجمع الزوائد : في إسناده عليّ بن زيد بن جدعان ، ضعيف.

٢٥٦

لمّا انتهينا إلى السماء السابعة.

أبو الصّلت مجهول (١).

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي ، أنبأ أبو محمد عبد الله بن أحمد الفقيه ، أنبأ هبة الله بن الحسن بن هلال ، أنبأ عبد الله بن عليّ بن زكري سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، أنبأ عليّ بن محمد بن عبد الله ، أنبأ أبو جعفر محمد بن عمرو ، ثنا سعدان بن نصر ، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاريّ ، عن ابن عون قال : أنبأنا القاسم بن محمد ، عن عائشة أنّها قالت : من زعم أنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى ربّه فقد أعظم الفرية على الله ، ولكنّه رأى جبريل مرّتين في صورته وخلقه ، سادّا ما بين الأفق. أخرجه البخاريّ عن محمد بن عبد الله بن أبي الثّلج ، عن الأنصاريّ (٢).

قلت : قد اختلف الصّحابة في رؤية محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ربّه (٣) ، فأنكرتها

__________________

(١) انظر عنه : الكاشف للذهبي ٣ / ٣٠٨ رقم ٢٢٧ ، ميزان الاعتدال له ٤ / ٥٤٠ رقم ١٠٣٢١ : تهذيب التهذيب ١٢ / ١٣٥ رقم ٦٤٢.

(٢) البخاري رقم (١٥٢٨) في بدء الخلق ٤ / ٨٣ باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدّم من ذنبه ، ومسلّم (١٧٧) في الإيمان ، باب معنى قول الله عزوجل : ولقد رآه نزلة أخرى ، والترمذي (٥٠٦٣) في سورة الأنعام ، من طريق الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة.

(٣) راجع في ذلك : الشفاء للقاضي عياض ١ / ١٥٨ وما بعدها ، نهاية الأرب للنويري ١٦ / ٢٩٥ وما بعدها.

وانظر ما كتبه الكوثريّ في مقالاته ، ففي قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) فقد فسّره ابن عبّاس برؤية العين ، كما أخرجه البخاريّ بسنده إليه في تفسير تلك الآية ، على أنّ تلك الرؤيا لو كانت مناميّة لما اشتد إنكار قريش لها. وقد تأتي الرؤيا بمعنى الرؤية في اللغة.

قال المتنبّي :

ورؤياك أحلى في العيون من الغمض

يعني رؤية البصر ، فلا بدّ من ترجيح بعض الروايات على بعض ، وحمل الباقي على وهم بعض الرواة في ألفاظها ، والثقة قد يهمّ ولا سيّما في الأخبار الطويلة ، فينبذ موضع وهمه فقط ، كما وقع في رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عند البخاري ، ففيها نحو اثني عشر

٢٥٧

عائشة ، وأمّا الروايات عن ابن مسعود ، فإنّما فيها تفسير ما في النّجم ، وليس في قوله ما يدلّ على نفي الرّؤية لله. وذكرها في الصحيح وغيره.

قال يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس قال : كان أبو ذرّ يحدّث أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل ففرج صدري ، ثم غسّله من ماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ، ثمّ أفرغها (١) في صدري ، ثمّ أطبقه ، ثمّ أخذ بيدي فعرج بي إلى السّماء الدنيا ، فقال لخازنها : افتح ، قال : من هذا؟ قال : جبريل ، قال : هل معك أحد؟ قال : نعم محمد ، قال : أرسل إليه؟ قال : نعم ، ففتح ،

__________________

= وهما ، بيانها في شروح البخاري .... وقد اشتدّ نكير المحقّقين على رواية شريك ، من أمثال مسلّم والخطّابيّ.

والجمهور على أنّ الإسراء والمعراج في ليلة واحدة ، وأنّهما بالروح والجسد معا ، يقظة ، ولا مجيد عن ذلك بعد صحّة الخبر ، وتمام الاعتقاد بقدرة القادر الحكيم الشاملة لكل ممكن ، وردّ ذلك كلّه إلى عالم المثال الّذي يتخيّله صاحب «حجّة الله البالغة» على عادته في المشاكل ـ خروج عن الجادّة بدون أيّ حجّة ناهضة. وأمّا ما يروى عن عائشة رضي‌الله‌عنها من قولها : ما فقد جسد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لكنّه أسري بروحه ، فغير ثابت عنها البتّة ، لأنّه من رواية ابن إسحاق المتوفّى في منتصف القرن الثاني من إدراك زمن عائشة ، وأمّا ما يروى عن معاوية من أنّ الإسراء رؤيا صادقة ، فغير ثابت عنه أيضا ، للانقطاع بين شيخ ابن إسحاق يعقوب بن عتبة ، وبين معاوية ، لأنّه توفّي سنة ١٢٨ ، واين هذا التاريخ من وفاة معاوية. فلا يصحّ التعويل على مثل تلك الأخبار المنقطعة في ادّعاء أنّ الإسراء روحانيّ فقط ، أو في حالة النّوم فقط. وقد اختلف في ليلة المعراج متى كانت ، والّذي رجّحه النّوويّ في «الروضة» أنّها الليلة السابعة والعشرون من رجب ، وإليه ذهب ابن الأثير والرافعيّ ، ومن قال إنّها قبل سنة ونصف من الهجرة ، يكون يرى هذا الرأي مثل ابن قتيبة ، وابن عبد البرّ ، لأنّ الهجرة كانت في ربيع الأول ، فالسنة قبلها من صفر إلى صفر تراجعا ، والستّة الأشهر قبلها من المحرّم إلى شعبان بالتراجع ، فتكون الأيام الثلاثة من آخر رجب غير مذكورة تركا للكسر في الطرفين ، وعلى ذلك عمل الأمّة.

وهذا العروج ليس للتقرّب منه تعالى ، لأنّ القرب منه لا يكون بالمسافة ، قال تعالى : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد».

(١) في حاشية الأصل هنا : (فأقره) بدلا من (أفرغها) الواردة في صلب الأصل ، وصحيح مسلّم والبخاري.

٢٥٨

فلمّا علونا السّماء الدنيا ، إذا رجل عن يمينه أسودة (١) ، وعن يساره أسودة ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ، فقال : مرحبا بالنّبيّ الصّالح ، والابن الصّالح ، قلت : «يا جبريل من هذا»؟ قال : آدم ، وهذه الأسودة نسم بنيه (٢) ، فأهل اليمين أهل الجنّة والتي (٣) عن شماله أهل النّار (٤) ، ثمّ عرج بي جبريل حتى أتى السّماء الثانية ، فقال لخازنها : افتح ، فقال له خازنها. مثل ما قال خازن السماء ، الدنيا ، ففتح.

فقال أنس : فذكر أنّه وجد في السّماوات : آدم ، وإدريس ، وعيسى ، وموسى ، وإبراهيم ، ولم يثبت ـ يعني أبا ذرّ ـ كيف منازلهم ، غير أنّه ذكر أنّه وجد آدم في السماء الدنيا ، وإبراهيم ، في السماء السادسة ، فلمّا مرّ جبريل ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإدريس ، قال : مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح ، قال : ثمّ مرّ ، قلت : من هذا؟ قال : إدريس ، قال : ثمّ مررت بموسى فقال : مرحبا بالنّبيّ الصّالح ، والأخ الصّالح ، قلت : من هذا؟ قال : موسى ، ثم مررت بعيسى فقال : مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح ، قلت : من هذا؟ قال : عيسى ، ثمّ مررت بإبراهيم فقال : مرحبا بالنّبيّ الصّالح ، والابن الصّالح ، قلت : من هذا؟ قال : إبراهيم.

قال ابن شهاب : وأخبرني ابن حزم (٥) أن ابن عباس وأبا حبّة الأنصاري

__________________

(١) أي أشخاص.

(٢) نسم بنيه : النّسم جمع نسمة ، وهي كل شيء فيه روح ، وقيل النّسمة : النفس والروح.

(٣) في صحيح البخاري «والأسودة التي».

(٤) في الصحيح بعد «النار» ، «فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى».

(٥) في حاشية الأصل : «هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وأبو حبّة ، بالموحّدة ، أوسيّ شهد بدرا. قال الواقديّ : أبو حنة بن عمرو بن ثابت ، اسمه مالك. وقال محمد بن عبد الله بن نمير : اسمه عامر بن عبد عمرو. وقال ابن إسحاق : قتل بأحد ، وهو أخو سعد بن خيثمة لأمّه. وقال أحمد بن البرقيّ : أبو حبّة البدري اسمه ثابت بن النّعمان بن امرئ القيس الأوسيّ. وقال سيف بن عمر : فيمن قتل من الأنصار يوم اليمامة أبو حبّة بن =

٢٥٩

كانا يقولان : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ثمّ عرج بي حتّى ظهرت لمستوفى أسمع فيه صريف الأقلام (١).

قال ابن شهاب : قال ابن حزم ، وأنس بن مالك : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ففرض الله على أمّتي خمسين صلاة كلّ يوم ، قال : فرجعت بذلك حتى أمرّ بموسى ، فقال : ما ذا فرض ربّك على أمّتك؟ قلت : فرض عليهم خمسين صلاة ، قال موسى : فراجع ربّك فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك ، قال : فراجعت ربّي ، فوضع عنّي شطرها ، فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال : فراجع ربّك ، فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك ، فراجعت ربّي فقال : هي خمس وهي خمسون لا يبدّل القول لديّ. فرجعت إلى موسى فقال : ارجع إلى ربّك ، فقلت : قد استحييت من ربّي ، قال : ثم انطلق بي حتّى أتى سدرة المنتهى ، فغشيها ألوان لا أدري ما هي ، قال : ثم دخلت الجنّة ، فإذا فيها جنابذ (٢) اللّؤلؤ ، وإذا ترابها المسك (٣).

أخبرنا بهذا الحديث يحيى بن أحمد المقري بالإسكندرية ، ومحمد بن حسين الفوّي بمصر ، قالا : أنا محمد بن عماد ، أنا عبد الله بن رفاعة ، أنا عليّ بن الحسن الشافعيّ ، أنا عبد الرحمن بن عمر البزّار ، ثنا أبو الطّاهر

__________________

غزيّة بن عمرو. وكذا قال الطّبري ، وسمّاه زيدا ، وساق نسبه إلى مازن بن النّجّار وقال : شهد أحد. وقال الواقديّ : ليس فيمن شهد بدرا أحد يقال له أبو حبّة ، وإنّما هو أبو حنّة مالك بن عمرو بن عوف. وأما أبو حبّة بن غزيّة بن عمرو المازنيّ فلم يشهد بدرا ، وكذلك أبو حبّة بن عبد عمرو الّذي كان مع عليّ بصفّين».

(١) صحيح مسلّم (١٦٣) في كتاب الإيمان ، باب الإسراء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات.

(٢) الجنابذ : القباب. ووقع في «صحيح البخاري» في كتاب الأنبياء وغيره (حبائل) بدل (جنابذ). قال الخطابي وغيره : هو تصحيف. (كما في شرح صحيح مسلّم للنووي).

(٣) رواه البخاري ١ / ٩١ ـ ٩٣ في كتاب الصلاة ، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء ، وفي الأنبياء ، باب ذكر إدريس عليه‌السلام ، ومسلّم (١٦٣) في الإيمان ، باب الإسراء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات.

٢٦٠