تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٢٨

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

١
٢

٣

٤

بسم الله الرّحمن الرحيم

الطبقة الحادية والأربعون

سنة إحدى وأربعمائة

[إظهار قرواش الطاعة للحاكم وخطبته]

فيها ورد الخبر أنّ أبا المنيع قرواش بن مقلّد جمع أهل الموصل وأظهر عندهم طاعة الحاكم ، وعرّفهم بما عنده من إقامة الدّعوة له ، ودعاهم إلى ذلك. فأجابوه في الظّاهر ، وذلك في المحرّم. فأعطى الخطيب نسخة ما خطب به ، فكانت : الله أكبر ، الله أكبر ، ولا إله إلّا الله ، وله الحمد الّذي انجلت بنوره غمرات الغضب (١) ، وانقهرت (٢) بقدرته أركان النّصب ، وأطلع بنوره شمس الحقّ من الغرب. الّذي محا (٣) بعدله جور الظّلمة (٤) ، وقصم بقوّته ظهر الفتنة (٥) ، فعاد الحقّ (٦) إلى نصابه ، والحقّ إلى أربابه ، البائن بذاته ، المنفرد بصفاته ، الظّاهر بآياته ، المتوحّد بدلالاته ، لم تفته الأوقات فتسبقه (٧) ، ولم تشبه الصّور فتحويه الأمكنة ، ولم تره العيون فتصفه الألسنة».

إلى أن قال : بعد الصّلاة على الرّسول ، وعلى أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين ، أساس الفضل والرحمة ، وعمار العلم والحكمة ، وأصل الشّجرة الكرام ، النّابتة في الأرومة المقدّسة المطهّرة ، على أغصانه بواسق (٨) من تلك الشجرة.

__________________

(١) في الأصل : «القضية» ، والتصحيح من : المنتظم ٧ / ٢٤٩.

(٢) في المنتظم : «وانقدت».

(٣) في الأصل : «محى».

(٤) في الأصل : «الظلم» ، والتصحيح من : المنتظم.

(٥) في المنتظم : «الغشمة».

(٦) في المنتظم : «الأمر».

(٧) في المنتظم : «فتسبقه الأزمنة».

(٨) في المنتظم : «وعلى خلفائه الأغصان البواسق».

٥

وقال في الخطبة الثانية : بعد الصّلاة على محمّد ، اللهمّ صلّ على وليّك الأكبر (١) عليّ بن أبي طالب أبي الأئمّة الرّاشدين المهديّين (٢) ، اللهمّ صلّ على السّبطين الطّاهرين الحسن والحسين ، اللهمّ صلّ على الإمام المهديّ بك والّذي بلّغ (٣) بأمرك وأظهر حجّتك ، ونهض بالعدل في بلادك ، هاديا لعبادك. اللهمّ صلّ على القائم بأمرك ، والمنصور بنصرك ، اللّذين بذلا نفوسهما في رضاك ، وجاهدا عداك (٤) ، وصلّ على المعزّ لدينك ، المجاهد في سبيلك ، والمظهر لآياتك الحقيّة ، والحجّة العليّة. اللهمّ وصلّ على العزيز بك ، والّذي تهذّبت (٥) به البلاد. اللهمّ اجعل توافي صلواتك على سيّدنا ومولانا ، إمام الزّمان ، وحصن الإيمان ، وصاحب الدّعوة العلويّة والملّة النّبويّة ، عبدك ووليّك المنصور أبي علي الحاكم بأمر الله ، أمير المؤمنين ، كما صلّيت على آبائه الرّاشدين. اللهمّ أعنه ما ولّيته ، واحفظ له ما استرعيته ، وانصر جيوشه وأعلامه (٦).

وكان السّبب أنّ رسل الحاكم وكتبه تكرّرت على قرواش ، واستمالته وأفسد نيّته.

ثمّ انحدر إلى الأنبار ، فأمر الخطيب بهذه الخطبة ، فهرب الخطيب. فسافر قرواش إلى الكوفة ، فأقام بها الدّعوة في ثاني ربيع الأوّل ، وأقيمت بالمدائن ، وأبدي قرواش صفحة الخلاف ، وعاث. فانزعج القادر بالله ، وكاتب بهاء الدّولة ، وأرسل في الرّسليّة أبا بكر محمد بن الطّيّب الباقلّانيّ ، وحمّله قولا طويلا ، فقال : إنّ عندنا أكثر ممّا عند أمير المؤمنين ، وقد كاتبنا أبو عليّ ، يعني عميد الجيوش ، وأمرنا بإطلاق مائة ألف دينار يستعين بها على نفقة العسكر ،

__________________

(١) في المنتظم ٧ / ٢٥٠ : «اللهمّ صلّ على وليّك الأزهر وصديقك الأكبر».

(٢) في المنتظم : «المهتدين».

(٣) في الأصل : «بالغ».

(٤) في المنتظم : «أعداءك».

(٥) في المنتظم : «مهدت».

(٦) في المنتظم ٧ / ٢٥١ : «وأحفظه فيما استرعيته ، وبارك له فيما أتيته ، وانصر جيوشه وأعل أعلامه».

٦

وإن دعت الحاجة إلى مسيرنا سرنا.

ثمّ نفد إلى قرواش في ذلك ، فاعتذر ووثّق من نفسه في إزالة ذلك ، وأعاد الخطبة للقادر.

وكان الحاكم قد وجّه إلى قرواش هدايا بثلاثين ألف دينار ، فسار الرسول فتلقّاه قطع بالرّقّة فردّ (١).

[ولاية دمشق]

وفي ربيع الأول منها عزل عن إمرة دمشق منير بالقائد مظفّر (٢) ، فولّي أشهرا.

ثمّ عزل بالقائد بدر العطّار ، ثمّ عزل بدر في أواخر العام أيضا (٣).

وولي القائد منتجب الدّولة لؤلؤ (٤) ، وكلّهم من جهة الحاكم العبيديّ.

ثمّ قدم دمشق أبو المطاع بن حمدان متولّيا عليها من مصر يوم النّحر (٥).

[انقضاض كوكب]

وفي صفر انقضّ وقت العصر كوكب من الجانب الغربيّ إلى سمت دار الخلافة ، لم ير أعظم منه (٦).

__________________

(١) الخبر بطوله مع الخطبة في : المنتظم ٧ / ٢٤٨ ـ ٢٥١ ، وباختصار في : الكامل في التاريخ ٩ / ٢٢٣ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٣٢٠ ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٧٨ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٩ ، ١٤٠ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٣٢٢ ، والدرّة المضيّة (كنز الدرر) ٢٨٣ ، ودول الإسلام ١ / ٢٤٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٤٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ٢ ، والبداية والنهاية ١١ / ٣٤٣ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٨٨ ، والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٢٥ ـ ٢٢٧ ، وشذرات الذهب ٣ / ١٦٠.

(٢) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٦٦ ، أمراء دمشق في الإسلام ٨٣ رقم ٢٥٣ (في ولاية مطهّر بن بزال).

(٣) ذيل تاريخ دمشق ٦٦ ، أمراء دمشق ١٧ رقم ٦١.

(٤) ذيل تاريخ دمشق ٦٦ ، ٦٩ ، أمراء دمشق ٧٣ رقم ٢٢٥ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٢٧ وفيه : «منتخب الدولة».

(٥) تهذيب تاريخ دمشق ٥ / ٢٦٢ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٦٩ ، وفيات الأعيان ١ / ١٨٣ ، أمراء دمشق ٣٣ رقم ١٠٧ ، شذرات الذهب ٣ / ٢٣٨ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٢٨.

(٦) المنتظم ٧ / ٢٥١.

٧

[زيادة دجلة]

وفي رمضان بلغت زيادة دجلة إحدى وعشرين ذراعا وثلثا ، ودخل الماء إلى أكثر الدّور الشّاطيّة ، وباب التّبن ، وباب الشّعير. وغرقت القرى (١).

[خروج أبي الفتح العلويّ الملقّب بالراشد بالله]

وفيها خرج أبو الفتح الحسن بن جعفر العلويّ ، ودعي إلى نفسه ، وتلقّب بالراشد بالله. وكان حاكما على مكّة ، والحجاز ، وكثير من الشّام. فإنّ الحاكم بعث أمير الأمراء ياروخ نائبا إلى الشّام ، فسار بأمواله وحرمه ، فلقيهم في غزّة مفرّج بن جرّاح ، فحاز جميع ما معهم وقتل ياروخ (٢).

وسار مفرّج إلى الرملة فنهبها ، وأقام بها الدّعوة للراشد بالله ، وضرب السّكّة له. واستحوذت العرب على الشّام من الفرما إلى طبريّة ، وحاصروا الحصون (٣).

[امتناع ركب العراق]

ولم يحجّ ركب من العراق (٤).

[وفاة عميد الجيوش]

وفيها توفّي عميد الجيوش أبو عليّ الحسين بن جعفر عن إحدى وخمسين سنة. وكان أبوه من حجّاب الملك عضد الدّولة ، فجعل أبا عليّ برسم خدمة ابنه صمصام الدّولة ، فخدمه ، وخدم بعده بهاء الدّولة.

ثمّ ولّاه بهاء الدّولة تدبير العراق ، فقدم في سنة اثنتين وتسعين والفتن

__________________

(١) المنتظم ٧ / ٢٥١ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٤.

(٢) تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ٢٩٠ ، ٢٩١ ، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٤٩ ، اتّعاظ الحنفا ٢ / ٨٧ (المتن والحاشية) ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٤.

(٣) تاريخ الأنطاكي ٢٩١ ، المنتظم ٧ / ٢٥٢ ، وقد خلط ابن الأثير في تاريخ هذه الحوادث بين سنتي : ٣٨٦ و ٤٠١ ه‍. انظر : الكامل في التاريخ ٩ / ١٢٢ و ٣٣١ ، ٣٣٢.

(٤) المنتظم ٧ / ٢٥٢ ، دول الإسلام ١ / ٢٤٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٤ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٢٧. ولم يحجّ أحد من مصر أيضا. (اتعاظ الحنفا ٢ / ٨٨).

٨

شديدة ، واللّصوص قد انتشروا ، ففتك (١) بهم ، ثمّ غرّق طائفة. وأبطل ما تعمله الشّيعة يوم عاشوراء.

وقيل : إنّه أعطى غلاما له دنانير في صينيّة ، فقال : خذها على يدك.

وقال : سر من النّجمى إلى الماصر الأعلى ، فإن عرض لك معترض فدعه يأخذها ، واعرف الموضع.

فجاء نصف اللّيل فقال : قد مشيت البلد كلّه ، فلم يلقني أحد. ودخل مرّة الرّخّجيّ وأحضر مالا كثيرا ، وقال : مات نصرانيّ مصريّ ولا وارث له.

فقال : نترك هذا المال ، فإن حضر وارث وإلّا أخذ.

فقال الرّخّجيّ : فيحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يتيقّن المال؟

فقال : لا يجوز ذلك.

ثمّ جاء أخو الميّت فأخذ التّركة (٢).

وكان مع هيبته الشّديدة عادلا. ولي العراق ثمان سنين وسبعة أشهر ، وتولّى الشريف الرضيّ أمره ، ودفنه بمقابر قريش (٣). وولي بعده العراق فخر الملك.

وفيه يقول الببّغاء الشاعر :

سألت زماني : بمن أستغيث؟

فقال : استغث بعميد الجيوش (٤)

فناديت : ما لي من حرفة

فجاوب : حوشيت من هذا وحوشي

رجاؤك إيّاه يدنيك منه

ولو كنت بالصّين أو بالعريش

نبت بي داري وفرّ القريب

وأودت ثيابي وبيعت فروشي

 __________________

(١) في المنتظم ٧ / ٢٥٢ : «فقتل».

(٢) المنتظم ٧ / ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، الكامل في التاريخ ٩ / ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، سير أعلام النبلاء ١٧ / ٢٣٠ ، ٢٣١ رقم ١٣٧ ، تاريخ حلب للعظيميّ ٣٢٠ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٢٤٢ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٤٠ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٢٣ ، دول الإسلام ١ / ٢٤٠ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٤٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ٢ ، ٣ ، والبداية والنهاية ١١ / ٣٤٤ ، والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٢٨ ، وشذرات الذهب ٣ / ١٦٠ ، ١٦١.

(٣) المنتظم ٧ / ٢٥٣.

(٤) هذا البيت فقط في : المنتظم ٧ / ٢٥٣ ، وسير أعلام النبلاء ١٧ / ٢٣١.

٩

وكنت ألقّب بالببّغا قديما

فقد مزق الدّهر ريشي

وكان غداءي نقيّ الأرزّ

فها أنا مقتنع بالحشيش

[القحط بخراسان]

وفيها كان القحط الشّديد بخراسان ، لا سيما بنيسابور ، فهلك بنيسابور وضواحيها مائة ألف أو يزيدون. وعجزوا عن غسل الأموات وتكفينهم. وأكلت الجيفة والأرواث ولحوم الآدميّين أكلا ذريعا ، وقبض على أقوام بلا عدد كانوا يغتالون بني آدم ويأكلونهم (١).

وفي ذلك يقول أبو نصر الذّهليّ :

قد أصبح النّاس في بلاء

وفي غلاء تداولوه

من يلزم البيت مات جوعا

أو يشهد النّاس يأكلوه

وقد أنفق محمود بن سبكتكين في هذا القحط أموالا لا تحصى حتّى أحيى النّاس ، وجاء الغيث.

[الفتنة بالأندلس]

وفيها وقبلها جرت بالأندلس فتنة عظيمة ، وبذل السّيف بقرطبة ، وقتل خلق كثير. وتمّ ما لا يعبّر عنه ، سقناه في تراجم الأمراء.

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٩ / ٢٢٥ ، تاريخ حلب للعظيميّ ٣٢٠.

١٠

سنة اثنتين وأربعمائة

[عمل عاشوراء بالعراق]

أذن فخر الملك أبو غالب بن حامد الوزير الّذي قلّد العراق عام أول في عمل عاشوراء والنّوح (١).

[محضر الطعن في صحة نسب الخلفاء بمصر]

وفي ربيع الآخر كتب من الدّيوان محضر في معنى الخلفاء الّذين بمصر والقدح في أنسابهم وعقائدهم. وقرئت النّسخة ببغداد. وأخذت فيها خطوط القضاة والأئمّة والأشراف بما عندهم من العلم والمعرفة بنسب الديصانيّة ، وهم منسوبون إلى ديصان بن سعيد الخرّميّ ، إخوان (٢) الكافرين ، ونطف الشّياطين ، شهادة يتقرّب بها إلى الله. ومعتقد ما أوجب الله تعالى على العلماء أن يبيّنوه للنّاس. شهدوا جميعا أنّ الناجم بمصر وهو منصور بن نزار الملقّب بالحاكم حكم الله عليه بالبوار ، والخزي والنّكال ، ابن معدّ بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن سعيد ، لا أسعده الله.

فإنّه لما صار سعيد إلى الغرب تسمّى بعبيد الله وتلقّب بالمهديّ. وهو ومن تقدّم من سلفه الأرجاس الأنجاس ، عليه وعليهم اللّعنة ، أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه. وأنّ ذلك باطل وزور. وأنتم لا تعلمون أنّ أحدا من الطّالبيّين توقّف عن إطلاق القول في هؤلاء الخوارج أنّهم أدعياء.

وقد كان هذا الإنكار شائعا بالحرمين ، وفي أوّل أمرهم بالمغرب ، منتشرا

__________________

(١) المنتظم ٧ / ٢٥٤ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٥.

(٢) في المنتظم ٧ / ٢٥٥ : «أحزاب».

١١

انتشارا يمنع من أن يدلّس (١) على أحد كذبهم ، أو يذهب وهم إلى تصديقهم. وأنّ هذا النّاجم بمصر هو وسيلة كفار وفسّاق فجّار زنادقة. ولمذهب الثّنويّة والمجوسيّة معتقدون ، قد عطّلوا الحدود ، وأباحوا الفروج ، وسفكوا الدماء ، وسبّوا الأنبياء ولعنوا السّلف ، وادّعوا الربوبيّة.

وكتب في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعمائة.

وكتب خلق كثير في المختصر منهم الشّريف الرضيّ ، والشريف المرتضى أخوه ، وابن الأزرق الموسويّ ، ومحمد بن محمد بن عمر بن أبي يعلى (٢) العلويّون ، والقاضي أبو محمد عبد الله بن الأكفانيّ ، والقاضي أبو محمد أبو القاسم الجزريّ (٣) ، والإمام أبو حامد الأسفرائينيّ ، والفقيه أبو محمد الكشفليّ ، والفقيه أبو الحسين القدوريّ الحنفيّ ، والفقيه أبو عليّ بن حمكان ، وأبو القاسم بن المحسّن التّنوخيّ ، والقاضي أبو عبد الله الصيمريّ (٤).

[إنفاق فخر الملك الأموال في العراق]

وفيها فرّق فخر الملك أموالا عظيمة في وجوه البرّ ، وبالغ في ذلك حتّى كثر الدّعاء له ببغداد ، وأقام دارا هائلة أنفق عليها أموالا طائلة (٥).

[نصرة يمين الدولة على الكفّار]

وفيها ورد كتاب يمين الدّولة أبي القاسم محمود بن سبكتكين إلى القادر بالله بأنّه غزا قوما من الكفّار ، وقطع إليهم مفازة ، وأصابه عطش كادوا يهلكون ، ثمّ تفضّل الله عليهم بمطر عظيم رواهم ، ووصلوا إلى الكفّار. وهم خلق معهم ستّمائة فيل ، فنصر عليهم وغنم وعاد (٦).

__________________

(١) في المنتظم ٧ / ٢٥٥ : «يتدلّس».

(٢) في الكامل في التاريخ ٩ / ٢٣٦ : «والزكيّ أبو يعلى عمر بن محمد».

(٣) في المنتظم ٧ / ٢٥٦ : «الخرزي». وكذا في : الكامل في التاريخ ٩ / ٢٣٦.

(٤) المنتظم ٧ / ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٤٢ ، ١٤٣ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٢٥ ، مرآة الجنان ٣ / ٤ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٢٩ ، شذرات الذهب ٣ / ١٦٢ ، ١٦٣.

(٥) المنتظم ٧ / ٢٥٦ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٦.

(٦) المنتظم ٧ / ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٦ ، ٣٤٧.

١٢

[هياج الريح على الحجّاج]

وفي آخر السّنة ورد كتاب أمير الحاجّ محمد بن محمد بن عمر العلويّ بأنّ ريحا سوداء هاجت عليهم بزبالة (١) ، وفقدوا الماء ، فهلك خلق. وبلغت مزادة الماء مائة درهم. وتخفّر جماعة بني خفاجة وردّوا إلى الكوفة (٢).

[الاحتفال بعيد الغدير]

وعمل الغدير. ويوم الغدير معروف عند الشّيعة ، ويوم الغار لجهلة السّنّة في شهر ذي الحجّة بعد الغدير بثمانية أيّام اتّخذته العامّة عنادا للرافضة. فعمل الغدير في هذه السّنة والغار في ذي الحجّة ، لكن بطمأنينة وسكون. وأظهرت القينات من التعليق شيئا كثيرا ، واستعان السّنّة بالأتراك ، فأعاروهم القماش المفتخر والحليّ والسّلاح المذهّب (٣).

[هرب ناظر الزّمام بمصر]

وفي هذه الحدود هرب من الدّيار المصريّة ناظر ديوان الزّمام بها ، وهو الوزير أبو القاسم الحسن بن عليّ المغربيّ حين قتل الحاكم أباه وعمّه ، وبقي إلبا على الحاكم يسعى في زوال دولته بما استطاع. فحصل عند المفرّج بن جرّاح الطّائي أمير عرب الشام ، وحسّن له الخروج على الحاكم ، وقتل صاحب جيشه ، فقتله كما ذكرناه سنة إحدى وأربعمائة.

[إمامة صاحب مكة الراشد بالله]

ثمّ قال أبو القاسم لحسّان ولد المفرّج بن الجرّاح ، إنّ الحسن بن جعفر العلويّ صاحب مكّة لا مطعن في نسبه ، والصّواب أن تنصّبه إماما. فأجابه ،

__________________

(١) زبالة : بضمّ أوله. من أعمال المدينة ، سمّيت بضبطها الماء ، وأخذها منه كثيرا ، من قولهم إنّ فلانا لشديد الزّبل للقرب. قال ابن الكلبي عن أبيه : سمّيت بزبالة بنت مسعود من العماليق ، نزلت موضعها ، فسمّيت بها. (معجم ما استعجم ٢ / ٦٩٤).

وفي المنتظم ٧ / ٢٥٧ : «زبالى».

(٢) المنتظم ٧ / ٢٥٧ ، الكامل في التاريخ ٩ / ٢٣٦ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣١.

(٣) المنتظم ٧ / ٢٥٧ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٧ ، اتّعاظ الحنفا ٢ / ٩١ ، شذرات الذهب ٣ / ١٦٣.

١٣

ومضى أبو القاسم إلى مكّة ، واجتمع بأميرها وأطمعه في الإمامة ، وسهّل عليه الأمور وبايعه ، وجوّز أخذ مال الكعبة وضربه دراهم ، وأخذ أموالا من رجل يعرف بالمطوّعيّ ، عنده ودائع كثيرة للنّاس. واتّفق موت المطّوّعيّ ، فاستولى على الأموال ، وتلقّب بالراشد بالله. واستخلف نائبا على مكّة ، وسار إلى الشّام ، فتلقّاه المفرّج وابنه وأمراء العرب ، وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين. وكان متقلّدا سيفا زعم أنّه ذو الفقار ، وكان في يده قضيب زعم أنّه قضيب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحوله جماعة من العلويّين ، وفي خدمته ألف عبد. فنزل الرّملة ، وأقام العدل ، واستفحل أمره ، فراسل الحاكم ابن جرّاح ، وبعث إليه أموالا استماله بها. وأحسّ الراشد بالله بذلك ، فقال لابن المغربي : غررتني وأوقعتني في أيدي العرب ، وأنا راض من الغنيمة بالإياب والأمان. وركب إلى المفرّج بن جرّاح وقال : قد فارقت نعمتي ، وكشفت القناع في عداوة الحاكم سكونا إلى ذمامك ، وثقة بقولك ، واعتمادا على عهودك ، وأرى ولدك حسّانا قد أصلح أمره مع الحاكم ، وأريد العود إلى مأمني.

فسيّره المفرّج إلى وادي القرى ، وسيّر أبا القاسم المغربيّ إلى العراق.

فقصد أبو القاسم فخر الملك أبا عليّ ، فتوهّموا فيه أنّه يفسد الدّولة العبّاسيّة ، فتسحّب إلى الموصل ونفق على قرواش ، ثمّ عاد إلى بغداد (١).

[أمراء دمشق]

وفي جمادى الأولى عزل أبو المطاع بن حمدان عن إمرة دمشق ، وأعيد إليها بدر العطّار. ثمّ صرف بعد أيّام بالقائد بن بزال ، فوليها نحوا من أربعة أعوام (٢).

__________________

(١) تاريخ الأنطاكي ٢٩١ ، ٢٩٢ ، تاريخ حلب للعظيميّ ٣٢١ (حوادث سنة ٤٠٣ ه‍.) ، أخبار الدول المنقطعة ٤٩ ، المنتظم ٧ / ١٦٤ ، عيون الأخبار وفنون الآثار (السبع السادس) ٢٧٣ ـ ٢٧٥ ، وفيات الأعيان ٢ / ١٧٤ ، البيان المغرب ١ / ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، مآثر الإنافة ١ / ٣٢٦ ، ٣٢٧ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٩٥ ، وانظر : خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام لأحمد زيني دحلان ، المطبعة الخيرية بمصر ١٣٠٥ ه‍. ـ ص ١٧.

(٢) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٦٩ ، أمراء دمشق ٣٣ رقم ١٠٧ و ٧٦ رقم ٢٣٤ وفيه اسمه : «محمد بن بزال».

١٤

سنة ثلاث وأربعمائة

[تقليد الشريف الرضيّ نقابة الطالبيين]

فيها قلّد الشّريف الرضيّ أبو الحسن الموسويّ نقابة الطّالبيّين في سائر الممالك ، وخلعت عليه خلعة سوداء. وهو أوّل طالبيّ خلع عليه السّواد (١).

[عمارة رستاق العراق]

وفيها عمّر رستاق العراق فخر الملك الوزير ، فجاء الارتفاع لحقّ السّلطان بضعة عشر ألف كرّ (٢).

[اعتداء فليتة الخفاجي على ركب الحاجّ]

وفيها ، في أوّلها ، بل في صفر ، وقعة القرعاء. جاء الخبر أنّ فليتة الخفاجيّ سبق الحاجّ إلى واقصة في ستمائة من بني خفاجة ، فغوّر الماء ، وطرح في الآبار الحنظل ، وقعد ينتظر الرّكب. فلمّا وردوا العقبة حبسهم ومنعهم العبور ، وطالبهم بخمسين ألف دينار. فخافوا وضعفوا ، وأجهدهم العطش ، فهجم عليهم ، فلم يكن عندهم منعة ، فاحتوى على الجمال والأحمال ، وهلك الخلق. فقيل : إنّه هلك خمسة عشر ألف إنسان ، ولم يفلت إلّا العدد اليسير.

وأفلت أميرهم محمد بن محمد بن عمر العلويّ في نفر من الكبار في أسوأ حال بآخر رمق. فورد على فخر الملك الوزير من هذا أعظم ما يكون ، وكتب إلى عامل الكوفة بأن يحسن إلى من توصّل ويعينهم. وكاتب عليّ بن مزيد وأمره أن يطلب العرب ، وأن يوقع بهم. فسار ابن مزيد ، فلحقهم بالبرّيّة وقد قاربوا

__________________

(١) تاريخ حلب للعظيميّ ٣٢١ ، المنتظم ٧ / ٢٦٠ ، الكامل في التاريخ ٩ / ٢٤٢ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٧.

(٢) المنتظم ٧ / ٢٦٠.

١٥

البصرة ، فأوقع بهم وقتل كثيرا منهم ، وأسر القوي والد فليتة ، والأشتر ، وأربعة عشر رجلا من الوجوه. ووجد الأموال والأحمال قد تمزّقت وتفرّقت ، فانتزع ما أمكنه وعاد إلى الكوفة ، وبعث الأسرى إلى بغداد ، فشهّروا وسجنوا ، وجوّع بعضهم ، ثمّ أطعمهم المالح ، وتركوا على دجلة يرون الماء حتّى ماتوا عطشا (١).

[انقضاض كوكب ببغداد]

وفي رمضان انقضّ كوكب من المشرق ببغداد ، فغلب ضوؤه على ضوء القمر وتقطّع قطعا (٢).

[جنازة بنت أبي نوح الطبيب والفتنة بسببها]

وفي شوّال أخرجت جنازة بنت أبي نوح الطبيب امرأة ابن إسرائيل كاتب النّاصح أبي الهيجاء. ومع الجنازة النّوائح والطّبول والزّمور والرّهبان والصّلبان والشّموع. فأنكر هاشميّ ذلك ورجم الجنازة ، فوثب بعض غلمان النّاصح فضرب الهاشميّ بدبّوس فشجّه ، وهربوا بالجنازة إلى بيعة هناك ، فتبعتهم العامّة ، ونهبوا البيعة وما جاورها من دور النّصاري.

وعاد ابن إسرائيل إلى داره ، فهجموا عليه ، فهرب واستجار بمخدومه. وثارت الفتنة بين العامّة وبين غلمان النّاصح ، وزادت ورفعت المصاحف في الأسواق ، وغلّقت الجوامع ، وقصد النّاس دار الخليفة ، فركب ذو السّعادتين إلى دار النّاصح ، وتردّدت رسالة الخليفة بإنكار ذلك ، وطلب ابن إسرائيل ، فامتنع النّاصح من تسليمه. فغضب الخليفة وأمر بإصلاح الطّيّار للخروج من البلد. وجمع الهاشميّين في داره ، واجتمعت العامّة يوم الجمعة ، وقصدوا دار النّاصح ، ودفعهم غلمانه عنها ، فقتل رجل قيل إنّه علويّ ، فزادت الشّناعة ، وامتنع الناس من صلاة الجمعة. وظفرت العامّة بقوم من النصارى فقتلوهم. ثمّ بعث النّاصح

__________________

(١) المنتظم ٧ / ٢٦٠ ، ٢٦١ ، الكامل في التاريخ ٩ / ٢٣٦ ، و ٢٤٥ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٤٣ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٢٥ ، دول الإسلام ١ / ٢٤١ ، مرآة الجنان ٣ / ٥ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، شذرات الذهب ٣ / ١٦٥ ، ١٦٦.

(٢) المنتظم ٧ / ٢٦١ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٨.

١٦

ابن إسرائيل إلى دار الخليفة ، فسكنت العامّة. وألزمت النّصارى بالغيار ، ثمّ أطلق ابن إسرائيل (١).

[إلزام النصارى واليهود بحمل شارات في رقابهم]

وفيها ألزم الحاكم صاحب مصر النّصارى بحمل صلبان خشب ، ذراع في ذراع في أعناقهم ، وزن الصّليب خمسة أرطال ، وفي رقاب اليهود أكر خشب بهذا الوزن ، فأسلم بسبب هذا الذّلّ طائفة (٢).

[النهي عن تقبيل الأرض]

ونهى الأمراء عن تقبيل الأرض وبوس اليد ، ورسم أن يقتصروا على السّلام عليكم ورحمة الله ولبس الصّوف على جسده ورأسه ، واقتصر على ركوب الحمار بغير حجّاب ولا طرّادين (٣).

[كتاب الحاكم بأمر الله إلى ابن سبكتكين]

وفيها بعث محمود بن سبكتكين كتابا إلى القادر بالله. وقد ورد إليه من الحاكم صاحب مصر ، يدعوه فيه إلى الطّاعة والدّخول في بيعته ، وقد خرّقه وبصق عليه (٤).

[ولاية ابن مزيد على آمد وديار بكر]

وفيها قرئ عهد أبي نصر بن مزيد (٥) الكرديّ على آمد وديار بكر ، وطوّق وسوّر ، ولقّب «نصير الدولة» (٦).

__________________

(١) المنتظم ٧ / ٢٦٢ ، تاريخ الزمان لابن العبري ٧٧ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٨.

(٢) تاريخ الأنطاكي ٢٩٥ ـ ٢٩٧ ، الدّرّة المضيّة ٢٨٦ ، اتّعاظ الحنفا ٢ / ٩٣ ، ٩٤.

(٣) تاريخ الأنطاكي ٣٠٠ ، تاريخ حلب للعظيميّ ٣٢١ ، اتّعاظ الحنفا ٢ / ٩٦ ، وانظر : وفيات الأعيان ٥ / ٢٩٤ ، والدّرّة المضيّة ٢٩٣ (حوادث سنة ٤٠٨ ه‍).

(٤) المنتظم ٧ / ٢٦٢ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٢.

(٥) في المنتظم ٧ / ٢٦٢ «مروان» وهو وهم.

(٦) المنتظم ٧ / ٢٦٢ ، وفي : (الكامل في التاريخ ٩ / ٢٤٢) : «وفي هذه السنة خلع سلطان الدولة على أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي ، وهو أول من تقدّم من أهل بيته».

١٧

[إبطال الحاجّ]

ولم يحجّ أحد من العراق. وردّ حاجّ خراسان (١).

[وفاة أيلك خان صاحب ما وراء النهر]

وفيها مات أيلك الخان صاحب ما وراء النّهر الّذي أخذها من آل سامان بعد التّسعين وثلاثمائة. وكان ملكا شجاعا حازما ظالما ، شديد الوطأة. وكان قد وقع بينه وبين أخيه الخان الكبير طغان ملك التّرك ، فورث مملكته أخوه طغان ، فمالأ السّلطان محمود بن سبكتكين ووالاه وهادنه ، وتودّد له ، فجاست من جهة الصّين جيوش تقصد جيوش طغان وبلاد الإسلام من ديار التّرك وما وراء النّهر يزيدون على مائة ألف خركاه ، لم يعهد الإسلام مثلها في صعيد واحد ، فجمع طغان جمعا لم يسمع بمثله ونصره الله تعالى (٢).

[وفاة السلطان بهاء الدولة]

ومات السّلطان بهاء الدولة أحمد بن عضد الدّولة ، وكان مصافيا للسلطان محمود بن سبكتكين مداريا له ، موثرا لمصافاته لحكم الجوار (٣).

والله أعلم.

__________________

(١) المنتظم ٧ / ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٢.

(٢) الكامل في التاريخ ٩ / ٢٤٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٤٣ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٢٦ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٨.

(٣) الكامل في التاريخ ٩ / ٢٤١ ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٧٩ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٢٤٢ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٤٣ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٣٢٦ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٨٥ ، دول الإسلام ١ / ٢٤١ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٨ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، شذرات الذهب ٣ / ١٦٦.

١٨

سنة أربع وأربعمائة

[تلقيب فخر الملك بسلطان الدولة]

في ربيع الأول انحدر فخر الملك إلى دار الخلافة ، فلما صعد من الزّبزب تلقّاه أبو الحسن عليّ بن عبد العزيز بن حاجب النّعمان ، وقبّل الأرض بين يديه ، وفعل الحجّاب كذلك. ودخل الدّار والحجّاب بين يديه ، وأجلس في الرّواق ، وجلس الخليفة في القبّة. ودعي فخر الملك. ثمّ كثر النّاس وازدحموا ، وكثر البوس واللّغط ، وعجز الحجّاب عن الأبواب ، فقال الخليفة : يا فخر الملك ، امنع من هذا الاختلاط. فردّ بالدّبّوس الناس ، ووكّل النّقباء بباب القبّة.

وقرأ ابن حاجب النّعمان عهد سلطان الدّولة بالتّقليد والألقاب. وكتب القادر بالله علامته عليه ، وأحضرت الخلع والتّاج والطّوق والسّواران واللّواءات ، وتولّى عقدهما الخليفة بيده ، ثمّ أعطاه سيفا وقال للخادم : اذهب قلّده به ، فهو فخر له ولعقبه ، يفتح به شرق الدّنيا وغربها. وبعث ذلك إلى شيراز مع جماعة (١).

[إبطال الحاكم للمنجّمين]

وفيها أبطل الحاكم المنجمين من بلاده ، وشدّد في ذلك ، وأعتق أكثر مماليكه وأحسن إليهم (٢).

__________________

(١) المنتظم ٧ / ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٨٥ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٥٢ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ١٠٠ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٥.

(٢) تاريخ الأنطاكي ٣٠٤ ، اتّعاظ الحنفا ٢ / ١٠٠ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٥ ، الدرّة المضيّة ٢٨٨.

١٩

[ولاية عهد الحاكم]

وجعل وليّ عهده ابن عمّه عبد الرحيم بن الياس ، وخطب له بذلك (١).

[حبس الحاكم للنساء]

وأمر بحبس النساء في البيوت. فاستمرّ ، وكذلك في سنة ستّ (٢).

[ملحمة الترك والصين]

وفي حدود هذه السّنة كانت الملحمة الهائلة بين ملك التّرك طغان ، رحمه‌الله ، وبين جيش الصّين ، فقتل فيها من الكفّار نحو من مائة ألف (٣) ، ودامت الحرب أيّاما ، ثمّ نزل النّصر ، (٤) ولله الحمد.

__________________

(١) تاريخ الأنطاكي ٣٠٦ ، المغرب في حلى المغرب ٦٤ و ٧٤ ، البيان المغرب ١ / ٢٦٠ ، الدرّة المضيّة ٢٨٨ ، اتعاظ الحنفا ٢ / ١٠٠ ، ١٠١.

(٢) تاريخ الأنطاكي ٣٠٧ ، المغرب في حلى المغرب ٦٥ ، تاريخ مختصر الدول ١٨٠ ، المنتظم ٦ / ٢٦٨ ـ ٢٧٠ ، وفيات الأعيان ٥ / ٢٩٤ ، اتّعاظ الحنفا ٢ / ١٠٢ ، ١٠٣ ، بدائع الزهور ج ١ ق ١ / ١٩٩ ، تاريخ الأزمنة للدويهي ٧٨ ، دول الإسلام ١ / ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٥.

(٣) في الكامل في التاريخ ٩ / ٢٩٧ : قتل منهم زيادة على مائتي ألف رجل ، وأسر نحو مائة ألف.

(٤) تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٧٩ (حوادث سنة ٤٠٨ ه‍) ، وكذا في : المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٥٠ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٣٣١ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٤٣ ، والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٣٥.

٢٠