كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٩٢) [سورة المؤمنون : ٨٢ ـ ٩٢]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم القمي : ثمّ حكى الله عزوجل قول الدهريّة : (قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ـ إلى قوله ـ (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) يعني أحاديث الأولين ـ وقيل أكاذيب الأوّلين ـ فردّ الله عليهم ، فقال : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ثمّ ردّ الله على الثنوية (١) الذين قالوا بإلهين فقال الله تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) قال : لو كان إلهين ـ كما زعمتم ـ لكانا يختلفان ، فيخلق هذا ولا يخلق هذا ، ويريد هذا ولا يريد هذا ، ويطلب كلّ واحد منهم الغلبة لنفسه ـ وقيل : ولا يستبد كل واحد بخلقه ، وإذا أراد أحدهما خلق إنسان ، وأراد الآخر خلق بهيمة ، فيكون إنسانا وبهيمة في حالة واحدة ، وهذا غير موجود ، فلما بطل هذا ، ثبت التدبير والصنع لواحد ، ودلّ أيضا التدبير وثباته وقوام بعضه ببعض ، على أنّ الصانع واحد ، وذلك قوله : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) إلى قوله : (لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) ثمّ قال آنفا : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ)(٢).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : «الغيب ، ما لم يكن ، والشهادة : ما قد كان» (٣).
__________________
(١) الثّنوية : هم أصحاب الاثنين الأزليين ، يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان «الملل والنحل : ج ١ ، ص ٢٢٤». والثنوية : فرقة من القدريّة (المعتزلة) وهي التي قالت إنّ الخير من الله والشرّ من إبليس. «معجم الفرق الإسلامية : ص ٧٥».
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٩٣.
(٣) معاني الأخبار : ص ١٤٦ ، ح ١.