غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) (٦٤) [سورة القصص : ٦١ ـ ٦٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي (رحمهالله تعالى) : لما تقدم ذكر ما أوتوا من زينة الحياة الدنيا ، عقبه سبحانه بالفرق بين من أوتي نعيم الدنيا ، وبين من أوتي نعيم الآخرة ، فقال : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) من ثواب الجنة ونعيمها ، جزاء على طاعته (فَهُوَ لاقِيهِ) أي : فهو واصل إليه ، ومدركه لا محالة. (كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) من الأموال وغيرها. (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) للجزاء والعقاب. وقيل : من المحضرين في النار.
والمعنى : أيكون حال هذا ، كحال ذلك أي : لا يكون حالهما سواء ، لأن نعم الدنيا مشوبة بالغموم ، وتعرض للزوال والفناء. ونعم الآخرة خالصة صافية ، دائمة لا تتكدر بالشوب ، ولا تنتقص بالانقضاء.
أقول ـ قال أبو عبد الله عليهالسلام ، في قوله عزوجل : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ) : «الموعود : علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا ، ووعده الجنّة له ولأوليائه في الآخرة» (١) ـ.
قال : قوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) أي : واذكر يوم ينادي الله الكفار ، وهو يوم القيامة ، وهذا نداء تقريع وتبكيت. (فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أي : كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركاء في الإلهية ، وتعبدونهم ، وتدعون أنهم ينفعونكم. (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي : حق عليهم الوعيد بالعذاب ، من الجن والشياطين ، والذين أغووا الخلق من الإنس. (رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا) يعنون أتباعهم (أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) أي :
__________________
(١) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٤٤٢ ، ح ١٨.