من القرآن في المدينة ، ومات أبو طالب في عنفوان الإسلام والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكّة؟!
وإنّما نزلت هذه الآية في الحارث بن النعمان بن عبد مناف (١) ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحبّه ، ويحبّ إسلامه ، فقال يوما للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّا لنعلم أنك على الحقّ ، وأن الذي جئت به حقّ ، ولكن يمنعنا من اتّباعك أن العرب تتخطّفنا من أرضنا ، لكثرتهم وقلّتنا ، ولا طاقة لنا بهم ، فنزلت الآية ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يؤثر إسلامه لميله إليه (٢).
وقال ابن طاوس أيضا : وكيف استجاز أحد من المسلمين العارفين مع هذه الروايات ، ومضمون الأبيات (٣) أن ينكروا إيمان أبي طالب عليهالسلام؟ وقد تقدّمت رواياتهم بوصيّة أبي طالب عليهالسلام أيضا لولده عليّ عليهالسلام بملازمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقوله : إنّه لا يدعو إلا إلى خير. وقول نبيّهم : «جزاك الله خيرا ، يا عمّ». وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو كان حيا قرّت عيناه».
ولو لم يعلم نبيّهم أن أبا طالب مات مؤمنا ما دعا له ، ولا كانت تقرّ عينه بنبيّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو لم يكن إلّا شهادة عترة نبيّهم له بالإيمان لوجب تصديقهم لما شهد نبيّهم أنّهم لا يفارقون كتاب الله ، ولا ريب أنّ العترة أعرّف بباطن أبي طالب من الأجانب ، وشيعة أهل البيت عليهمالسلام مجمعون على ذلك ، ولهم فيه مصنّفات (٤).
__________________
(١) في مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٤٠٦ : الحارث بن نوفل بن عبد مناف.
(٢) الطرائف : ص ٣٠٦.
(٣) في «ط ، ي» : الآيات.
(٤) الطرائف : ص ٣٠٦.