فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ)(١).
٢ ـ وقال أنس بن مالك : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مصدّقا إلى قوم ، فعدوا على المصدّق فقتلوه ، فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبعث إليهم عليّا عليهالسلام ، فقتل المقاتلة ، وسبى الذرّيّة ، فلمّا بلغ عليّ عليهالسلام أدنى المدينة ، تلقّاه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والتزمه ، وقبل ما بين عينيه ، وقال : «بأبي أنت وأمّي ، من شدّ الله به عضدي ، كما شدّ عضد موسى بهارون» (٢).
وقال البرسيّ : روي أن فرعون (لعنه الله) لمّا لحق هارون بأخيه موسى ، دخلا عليه يوما فأوجسا خيفة منه ، فإذا فارس يقدمهما ، ولباسه من ذهب ، وبيده سيف من ذهب ، وكان فرعون يحبّ الذّهب ، فقال لفرعون : أجب هذين الرّجلين ، وإلا قتلتك. فانزعج فرعون لذلك ، وقال : عودا إليّ غدا. فلمّا خرجا ، دعا البوّابين وعاقبهم ، وقال : كيف دخل عليّ هذا الفارس بغير إذن؟ فحلفوا بعزّة فرعون أنه ما دخل إلا هذان الرّجلان. وكان الفارس مثال علي عليهالسلام ، هذا الذي أيّد الله به النبيّين سرّا ، وأيّد به محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم جهرا ، لأنّه كلمة الله الكبرى التي أظهرها الله لأوليائه فيما شاء من الصّور ، فنصرهم بها ، وبتلك الكلمة يدعون الله فيجيبهم وينجيهم ، وإليه الإشارة بقوله : (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا).
قال ابن عباس : كانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس (٣).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٣٥.
(٢) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٤١٥ ، ح ٦ ، شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ٤٣٥ ، ح ٥٩٨.
(٣) مشارق أنوار اليقين : ص ٨١ ، وفيه زيادة : والسلطان.