قلت : فالرجل يتزوّج المرأة ، ويشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا ، أيجوز ذلك؟ قال : «إنّ موسى علم أنه يتمّ له شرطه ، فكيف لهذا أن يعلم أنه يبقى حتى يفي» (١).
قلت له : جعلت فداك ، أيّهما زوّجه شعيب من بناته؟ قال : «التي ذهبت إليه فدعته ، وقالت لأبيها : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).
«فلمّا قضى موسى الأجل ، قال لشعيب : لا بد لي أن أرجع إلى وطني ، وأمي ، وأهل بيتي ، فما لي عندك؟ فقال شعيب : ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق (٢) فهو لك؟ فعمد موسى عند ما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصا ، فشقّ منها بعضا ، وترك بعضا ، وغرزها في وسط مربض الغنم ، وألقى عليها كساء أبلق ، ثم أرسل الفحل على الغنم ، فلم تضع الغنم في تلك السنة إلّا بلقا.
فلمّا حال عليه الحول ، حمل موسى امرأته ، وزوّده شعيب من عنده ، وساق غنمه ، فلمّا أراد الخروج ، قال لشعيب : أبغي عصا تكون معي ، وكانت عصي الأنبياء عنده ، قد ورثها مجموعة في بيت ، فقال له شعيب : ادخل هذا البيت ، وخذ عصا من بين العصي. فدخل ، فوثبت إليه عصا نوح وإبراهيم عليهماالسلام ، وصارت في كفّه ، فأخرجها ، ونظر إليها شعيب ، فقال : ردّها ، وخذ غيرها. فردّها ليأخذ غيرها ، فوثبت إليه تلك بعينها ، فردّها ، حتى فعل ذلك ثلاث مرّات ، فلمّا رأى شعيب ذلك ، قال له : اذهب ، فقد خصّك الله بها.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٩٠.
(٢) البلق : سواد وبياض ، وبلق الدابة : ارتفاع التحجيل إلى الفخذين. «لسان العرب ـ بلق ـ ج ١٠ ، ص ٢٥».