وقال علي بن إبراهيم القميّ : وقوله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) ـ إلى قوله ـ (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما) ، وهم الذين غصبوا آل محمد عليهمالسلام حقّهم.
وقوله : (مِنْهُمْ) ، أي من آل محمد (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) ، أي من القتل والعذاب. ولو كانت هذه الآية نزلت في موسى وفرعون ، لقال : ونري فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون ـ أي من موسى ـ ولم يقل (مِنْهُمْ) ، فلما تقدّم قوله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) ، علمنا أن المخاطبة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما وعد الله به رسوله فإنّما يكون بعده ، والأئمّة يكونون من ولده ، وإنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى وبني إسرائيل ، وفي أعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما ، فقال : إنّ فرعون قتل بني إسرائيل ، فأظفر الله موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله ، وكذلك أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصابهم من أعدائهم القتل والغصب ، ثمّ يردّهم الله ، ويردّ أعداءهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.
وقد ضرب أمير المؤمنين عليهالسلام في أعدائه مثلا ، مثل ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان ، فقال : «يا أيها الناس ، إنّ أول من بغى على الله عزوجل على وجه الأرض عناق بنت آدم عليهالسلام ، خلق لها عشرين إصبعا ، لكلّ إصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين ، وكان مجلسها في الأرض موضع جريب (١) ، فلمّا بغت ، بعث الله لها أسدا كالفيل ، وذئبا كالبعير ، ونسرا كالحمار ، وكان ذلك في الخلق الأول ، فسّلطهم الله عليها ، فقتلوها. ألا وقد قتل الله فرعون وهامان ، وخسف الله بقارون ، وإنّما هذا مثل لأعدائه الذين غصبوا حقّه ، فأهلكهم الله».
__________________
(١) الجريب من الأرض : مقدار معلوم. «الصحاح ـ جرب ـ ج ١ ، ص ٩٨».