المحسن ، فكأن قائلا قال : ما الحسنة؟ وكيف العبادة؟ فقال : إنما أمرت (١).
٢ ـ المعنى : هناك معاني وروايات عديدة في معنى هذه الآية نذكر منها :
١ ـ قال علي بن إبراهيم القمي : قوله : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها). قال : مكّة وله كلّ شيء.
قال الله عزوجل : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ـ إلى قوله تعالى ـ (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها) قال : الآيات : أمير المؤمنين والأئمّة عليهمالسلام ، إذا رجعوا ، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم ، والدليل على أنّ الآيات هم الأئمّة ، قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «والله ، ما لله آية أكبر منّي» فإذا رجعوا إلى الدنيا ، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا (٢).
٢ ـ قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : ثم قال سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم قل لهم : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ) يعني مكة ، وقال أبو العالية : هي منى. (الَّذِي حَرَّمَها) أي : جعلها حرما آمنا يحرم فيها ما يحل في غيرها ، لا ينفر صيدها ، ولا يختلى خلاها ، ولا يقتص فيها. (وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) أي : وهو مالك كل شيء مما أحله وحرمه ، فيحرم ما شاء ، ويحل ما شاء.
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي : من المخلصين لله بالتوحيد (وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ) عليكم يا أهل مكة ، وأدعوكم إلى ما فيه (فَمَنِ اهْتَدى) إلى الحق ، والعمل بما فيه (فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) لأن ثواب ذلك وجزاءه ، يصل إليه دون غيره.
(وَمَنْ ضَلَ) عنه ، وحاد ولم يعمل بما فيه ، ولم يهتد إلى الحق. (فَقُلْ) له يا محمد (إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) الذين يخوفون بعقاب الله من
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٤١١.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٣١.